samedi 26 mai 2012

دار الفلك من بعد طول العِشرة


نعرف الّي دنيتي قاعدة تتسرسب من بين يديّ و الّي مديدة  أخرى ماعاد يقعد منها كان حفنة تصاور و بعض البوبينات بالغبرة في أرشيف التلفزة و حيوط خايخة خارجة من تحتهم ريحة السَّرب و بيبان قشّرتهم الشمس و الشتا و يدين الهوير. هذاك علاش حبّيت نكتب دنيتي بكلماتي و بدموع العين، و قبل ما ياكلنا الحافر نخلّي شهادة للجايين



هذه تونس الّي عرفتها و حبّيتها  


الدار العربي و بابها بالقبجة و الكذال، الرخام و نقشة حديدة ، البير و الماجن، السقيفة و وسط الدّار و العلي، الشبابك بالقنّاريّة، القبوّ و المقاصر و السدّة، محابس الحبق و قفص الكنالو معلّق، ياسمينة مديّحة كي تهبّ عليها النسمة في عشيّة صيف الحجر يعشق، ماكينة الغنا في قاع البيت تخرخش و من بعد يصفى الصوت و تولعج حبيبة مسيكة ، كواتروات رجال الدّار، في شوكة وسط الدار منشر النواصر قاعد يبرد مالقايلة قبل ما تتحطّ في القزدريّة و تتخبّى، في بيت المونة شكاك الثوم و الشريحة و القناويّة و الفلفل الشايح و خوابي القدّيد و زيت الزيتونة و الانشوّة و الزيتون و الليمون و حكك الدبابش و قزادر الكسكسي و المحمّص المزلوقة و البرغل و الحلالم و دبابز الهروس و القسطل و الفاكية و الفـّاحات، كلّ شيء مرصّف في بقعته. الزنقة بالزّرص و سفساري الحرير و الكرّوسة، الحمّام و ريحة الطفَل و البردقانة، و نكتة الحرقوص على خدّ المزيانة، الحلفاوين و باب سويقة التاكسي بيبي و بيّاع التكوة و زنقة الكبدة و باب الخضرا و سيدي محرز و التبّانين و باب العسل و سيدي البحري و باردو و باب بحر و النواوريّة و الترينو الابيض و حلق الواد و صلامبو و قرطاج و سيدي بوسعيد و المرسى، البريك و البنبلوني و قازوز السّيدر و العومة في الفجر و صالة الاسيندا و سهريات الشتاء و عشويات الصيف، اللّعب و الضحك و الهيجة و الدّبَر و عمايل الغشاشر المشومة و كورة الكلاسط، البلفدير و دار العجايب و دار الحوت، جمِع سيدي بلحسن و السلاميّة و النّبيتة  و رديف البنادر، الجبّة و الشاشية و الكشطة الخضرا ، المشايخ وجوههم باشرة رطبة و ريحتهم بالكونوليا... جا المكتب و بدا الغرام و تحلّت دنيا جديدة، الكرطابة و المنديلة، الجفـّاف و المحبرة و البلومة بظفرها السوري و ظفرها العربي، المقلمة اللوح و الطباشير و اللوحة و قلمّات الزيّانة و الصلصال و الاقراص و الاعواد و النقود المزيّفة، السحّار و تنبري العصا البيضا، جزء "عَمَّ " و قصص لامارتين و نصوص جبران و شعر الشابي، الحساب الدمغي، الخطيّة، و الكَرني و الجوايز، نتيجة السيزيام في الجرايد و الناس جاية تهنّي بدبابز الروزاطا و باكوات السكّر و التاي و بسكويت "طوم". جَمعتنا حكايات العروي، والبلاغات المحليّة و بوديدح والفريق القومي كي يلعب لبرّة و مظلـّة البشير المنّوبي، الرياحي و الجويني و صليحة و نعمة و عليّة و الجموسي و التميمي و القلال و مصطفى الشرفي، جمعنا صوت عبد الحليم و غنايات فيروز في الرّاديو كلّ صباح، جمعتنا بياف و برال و براسانس و أزنفور و غيرهم، جمعنا مسلسل "الحاج كلوف" و "امّي تراكي" و "كمّوشة"، سُفرة رمضان، حوايج العيد الّي ما نفطنوش وقتاش تشراو، المَهبَة و الدراجح و الدورة على ديار العايلة، و في كلّ دار يغصّبو عليك الحلوّ ماكانش يتغشّشو، و يتختم النهار بواحد منّا مكدّر، وجهه ملخلخ، عنده غرض الردّان و لاخر لعبته تكسّرت و ماباتش عليها ليل، و لاخر فـَيَّا مهبته و شرى بيها بسكويت في نهار عيد و الديار باش تبرك بالحلوّ، و النّاس الكلّ تضحك عالنّاس الكلّ و نرقدو وحنا نحلمو بغدوة. كبرنا و تغرمنا بافكار جديدة ماليمين لليسار و هجنا بالقراية، في الجامعة الميني جوب بجنب اللحيّ و الدساترة و القوميين و الناصريين و الشيوعيين، كلّ مرّة الطريحة ترصّي عند جماعة، و كان يعجبنا منظر الشوارع مستّفة بالبوليسيّة و الكيران مقصوصة علينا و البلاد محيّرة، لكن الغنا و السينما و السّكرة و القهاوي و الجوامع موجودين و العيشة في العايلة ما تتغيّرش، و "الزّعيم" مايتمسّش...

تونس الّي ما عقلتهاش و ما نحبّهاش


الوسخ و الوجوه المغوّفة و الكونوليا المضروبة، لباس الشلايك في الشارع، و الحوايج المكمّشة، النيلون و البلاستيك و العيريّة، التقوعير و السلبيّة، الرّاس المطبّس و العين الذليلة و الترهدين، القباحة و سبّان الدين و الكلام الزايد و الوسخ، براوط العضم المروّب و الفول الطايب و الكسكروتات بجنب اكوام الزبلة، المجاري الفايضة، الفريب، الملاوي، الهمّاجية، النّصُب و الوسخ، الزطلة، ضرب التاليفون العمومي بالبونية و المشطة باش يرجّع الباقي، السّبادري نهار العيد، راجل يسبّ مرته في الشارع، مرا تفوح في راجلها في الشارع زادة، صغار يبيعو في الشكلي في المحطات، تكسير الملاعب و الترينوات، البراكجات، بيّاعة الكاساتات و الغنا العالي، المكتبات الفارغة، التصفير في حفلات الطرب، الجرايد المعبّية بالتصاور، طواول القسم المكسّرة، بيبان المدينة الّي تعلقت عليها سلعة ليبيا، و الوسخ، التلامذة القالقين و الّي يضحكو عالقراية، دروس التدارك، الباكلوريا غير ربع، اللـّـحيّ و الجلابب و الخمار و عطر الموتى، الجهل و العقول الّي تفنى عالخرافة، و الوسخ، العرّافات، الفتاوي، السّلاح الابيض و السلاح الحيّ، القنوات الوطنيّة و الّي موش وطنيّة، الكذب، تجّار الدين، الوجوه المكشبرة و السنّين الصّفر، و الكيران الصّفر زادة و الوسخ، السّرقة و القلبة و الغدر و قلّة المعروف و نكران الجميل، البنوك و فاتورات الضوّ، الديار الواقفين عالياجور من غير ليقة، و الديار الواقفين عالليقة من غير تبييض، المساكن الشعبيّة الّي صحابها يحلمو يردّوها فيلات و يزيدو يضيّقوها، الكيّاسات المحفـّـرة و الوسخ، إمام الجامع الّي يبكي في الخطبة، المواطن الّي كيف يرى كاميرا يلقّي لها وجهه، الطبيب الّي يكلّمك بالنّطرة، الهنا و الغيار و الاستدعاء بالتاليفون، العبد الّي أنت تكلّم فيه و هو لاهي يلعب بجوّاله، الشخص الّي تتناقش معاه يقلّك " أنت ماكش فاهم" و الّي كي تفسّر له يقصّ عليك بكلمة "نعرف"، الزويّ المعبّية بالبنات الّي يحبّو يعرّسو، النّاس الّي ماعادش يحلّو كتاب، الناس الّي يحلفو بالكذب و ما طلب منهم حدّ باش يحلفو، عقليّة " أخطى راسي و اضرب، و يستاهلو، و نشا الله تخلى..." العنف و الحرايق و التكسير و العياط و العرك و عبد يكلمك في الشارع و هو ما يعرفكش، و الوسخ

9 commentaires:

bacchus a dit…

تدوينة رائعة ولادة

WALLADA a dit…

شكرا باخوس المبدع

و مرّة أخرى ولاّدة و باخوس على موعد تدويني في ذات التاريخ و التوقيت دون سابق اتفاق ههههه بدأت الظاهرة تحيّرني و لابدّ من تدخّل شيخك أبي فأرة الكيبودي

Lotfi Aïssa a dit…

j'apprécie énormément le contraste, même si ça vire parfois à l’exagération voir à la nostalgie. En tout cas une chose est sûre, votre plume est bien inspirée. Pourvu que ça dure pour le bon plaisir de vos lectrices et de vos lecteurs.

WALLADA a dit…

مرحبا بك سي لطفي

هل تصدّقني إن قلت لك إنّ الجزء الأوّل من النصّ خال تماما من كلّ مبالغة؟ لأنّه و ببساطة ذكريات طفولة و شباب نقلتها كما عشتها

أمّا الجزء الثاني فهو واقع يعيشه التونسيّون جميعا و لا قدرة لي على المبالغة فيه

شكرا لك على الإطلالة و التعليق

سامي رحموني a dit…

مقابلة تدمي العين حرقة على زمن تقدمت أعوامه ليتخلف ناسه. أبدعت وأبكيت

WALLADA a dit…

مرحبا بك سامي صديقا عزيزا، حبوت مدوّنتي المتواضعة بفاتحة زيارات كانت مدعاة لسروري وسط هذا الكمّ من الأحزان

أنا آسفة على ما كتبت و أثرت يا صديقي، فعلا آسفة من أجلك و أجلي و أجل كلّ الأصدقاء و الأحرار و الشرفاء، و من أجل تونس

دمت

الحلاج الكافي a dit…

حيّرت الكثير من الأوجاع ولاّدة... هل هذه تونس التي أحببناها ؟؟؟؟

WALLADA a dit…

الحلاج

قطعا لا يا صديقي، حقيقة لست أدري هل العيب فينا أم فيهم أم فيها أم لا وجود لعيب أساسا، إن هو إلاّ مكر الزمن و سيرورة التاريخ

Entrümpelung wien a dit…

شكرا لكم