يُوجَدُ في العالم ملايين الجائعين أو ممّن يُعانون من سوء التغذية و هذه حقيقة لا مِرَاءَ فيها ، و لكنّ تشخيص الجوع بأنّه نتيجة لنـُدْرَة الغذاء و الأرض و لوْمٌ للطبيعة فهذا من صُنع البشر.فالجوع يُوجَدُ غالبًا مع الوَفرَة و لا أساسَ لفكرة أنّه لا يُوجَدُ من الغذاء ما يكفي للجميع. فالموارد موجودة بشكل كافٍ و لكنّها تعاني دائما من قلـّة الاستخدام ممّا يجعل الجوع قدَرَ الأغلبيّة و التـُّخمة حظّ الأقليّة . فطبقا لدراسة أعدّها علماء بجامعة إييُوَا ، فإنّه لا يُزرَعُ سوى 44 في المائة من الأراضي الصّالحة للزراعة في العالم . و في إفريقيا و أمريكا اللاتينيّة ، لا يُزرَعُ سوى أقلّ من 25 بالمائة من الأراضي التي يمكن زراعتها . و العقبات أمام تحرير الطاقة الإنتاجيّة للأرض ليست في معظم الحالات طبيعيّة بحتة ، بل سياسيّة و اجتماعيّة بالأساس . ففي 38 بلدا من البلدان التي تعاني من الجوع يسيطر كبار المُلاّك على نحو 79 بالمائة من الأرض المزروعة دون حسن استخدام الثروة الناتجة .إذ كثيرا ما يُسَاءُ توزيعها بتحويل مَسَارها من تلبية احتياجات الغذاء الأساسيّة للفقراء إلى إشبَاع المُتـْرَفين . و أمام تفاقم الغلاء و انهيار المقدرة الشرائيّة ، تتحوّل الاستثمارات إلى خدمة القادرين على الدّفع أي الطّبقات العُليَا المَحَليَّة و الأسواق الخارجيّة
و هكذا ، فحين تخضعُ طاقة الأرض الإنتاجيّة الهائلة لسوء الاستخدام و لتوزيع غير عادل للثروات، و حين يُسْتنزَفُ الإنتاج بصورة متزايدة لإطعام جَيـِّدِي التغذية أصْلا ، فلا يمكن اعتبار النـُّدْرَة سببًا للجوع ، فالجوعُ حقيقيٌّ أمَّا النـُّدرَة فـوَهـْمٌ
و في الختام ، أقدِّم رقميْن فقط
فقد فاق عدد الجائعين في العالم 845 مليون شخص أغلبهم من الأطفال
و يموت كلّ يوم 6 آلاف طفل من الجوع بمعدّل طفل كلّ خمس ثوان
و السؤال الذي يعود مجدّدا إلى السطح هو: هل المديونيّة حلّ ؟ هل يمكنّنا التداين من القضاء على البطالة و يفتح آفاق استثمار جديدة؟
يمكن أن يجوز هذا لو كانت السياسة الماليّة و الاقتصاديّة عموما سياسة وطنيّة تخدم صالح البلاد و الشعب ، أمّا و الدولة تثقل كاهل البلاد عاما بعد عام ليزداد الفقر و البطالة و تتردّى المقدرة الشرائيّة للمواطن إلى الحضيض و تتّسع الهوّة بين المُترَفين و المُعدَمين، فمديونيّة جديدة لن تكون سوى ضربا من الاغتيال الجماعي للشعب
بقيت مسألة أخيرة، إنّ أيّ هيكل مؤقّت غيرُ مؤهَّل لاتّخاذ قرارات مصيريّة و طويلة المدى حيث يتوجّب على الهيكل المنتَخَب بعده أن يلتزم بها ضدّ إرادته. و عليه فإنّ الحكومة المؤقتة مدعوّة إلى عدم إغراق البلاد في تداين جديد لن تكون حاضرة طيلة السنوات القادمة لتحمّل تبعات سداده و فضّ المشاكل المترتّبة عنه، و إنّ تتسلّم الحكومة المنتخَبة الجديدة بلدًا غارقا في الدَّيْن و شعبا مُرْهَقا فقيرا عاطلا فذلك سيكون أولى أسباب إجهاض نجاحها و هذا ما لا يرجوه أيّ تونسي حُرّ
و السؤال الذي يعود مجدّدا إلى السطح هو: هل المديونيّة حلّ ؟ هل يمكنّنا التداين من القضاء على البطالة و يفتح آفاق استثمار جديدة؟
يمكن أن يجوز هذا لو كانت السياسة الماليّة و الاقتصاديّة عموما سياسة وطنيّة تخدم صالح البلاد و الشعب ، أمّا و الدولة تثقل كاهل البلاد عاما بعد عام ليزداد الفقر و البطالة و تتردّى المقدرة الشرائيّة للمواطن إلى الحضيض و تتّسع الهوّة بين المُترَفين و المُعدَمين، فمديونيّة جديدة لن تكون سوى ضربا من الاغتيال الجماعي للشعب
بقيت مسألة أخيرة، إنّ أيّ هيكل مؤقّت غيرُ مؤهَّل لاتّخاذ قرارات مصيريّة و طويلة المدى حيث يتوجّب على الهيكل المنتَخَب بعده أن يلتزم بها ضدّ إرادته. و عليه فإنّ الحكومة المؤقتة مدعوّة إلى عدم إغراق البلاد في تداين جديد لن تكون حاضرة طيلة السنوات القادمة لتحمّل تبعات سداده و فضّ المشاكل المترتّبة عنه، و إنّ تتسلّم الحكومة المنتخَبة الجديدة بلدًا غارقا في الدَّيْن و شعبا مُرْهَقا فقيرا عاطلا فذلك سيكون أولى أسباب إجهاض نجاحها و هذا ما لا يرجوه أيّ تونسي حُرّ