أيّها الغرباء الذين يبدأون عاما جديدا بعيدا عن الأوطان أيًّا كانت الأسباب ، بعيدا عن أصدقاء الطفولة و الصّبا ، بعيدا عن البيت العتيق الأليف اللامنسي ، بجذور عارية ترتجف بردا في شوارع الغربة المثلجة . أيّها الغرباء الذين يستقبلون سنة جديدة بالغصّة السرِّيّة مثل فراشات معَلّقة بالدّبابيس على جدران الوحشة ، أينما كنتم تذكّروا أنّ شرياني المفتوح على الورقة المُلقَّب بالكتابة هو منكم و معكم ، تذكّروا أنّني أشاطركم ذلك الدّمع العصيّ ، تلك الأصوات الخافتة عند منتصف الليل و انشطار الرّوح إلى شخصيّتين واحدة تتابع سهرتها في الغرب و أخرى تمشي في شوارع الذاكرة
أيّها الغريب ، تذكّر أنّني أشاطرك نزف القلب خلف ابتسامات الكبرياء ، أشمّ رائحة غليون التجلّد و أنت تدخّن ما تتوهّم ، أستحمّ معك تحت شلاّل التّوق المستحيل و أضمّك إلى قلب أبجديّتي بدفء المحبّة كطفلين في ميتم كوكب الأرض يتدفأ كلٌّ منهما بالآخر في كهف الصّقيع و المجهول
ها أنا أركض في ممشَى قطار منتصف الليل الماطر عكس الاتّجاه و أحاول أن أجفّف عن وجهك قطرات المطر ، أم تراه دمعك؟
أعرف أنّها تمطر سرّا بين قميصك و عنقك و بين جلدك و عظامك ، أعرف أنّك ترمّم أزمنة مهلهلة في الوطن و تنسب إليها فضائل لم تكن لها كلّها
ميلادا مجيدا أيّها الرّجل الوحيد و سنة جديدة قدر الإمكان
غادة السمّان
كتاب الأبديّة
لحظة حبّ
ها أنا أركض في ممشَى قطار منتصف الليل الماطر عكس الاتّجاه و أحاول أن أجفّف عن وجهك قطرات المطر ، أم تراه دمعك؟
أعرف أنّها تمطر سرّا بين قميصك و عنقك و بين جلدك و عظامك ، أعرف أنّك ترمّم أزمنة مهلهلة في الوطن و تنسب إليها فضائل لم تكن لها كلّها
ميلادا مجيدا أيّها الرّجل الوحيد و سنة جديدة قدر الإمكان
غادة السمّان
كتاب الأبديّة
لحظة حبّ