vendredi 24 décembre 2010

ميلادا مجيدا أيّها الغرباء

أيّها الغرباء الذين يبدأون عاما جديدا بعيدا عن الأوطان أيًّا كانت الأسباب ، بعيدا عن أصدقاء الطفولة و الصّبا ، بعيدا عن البيت العتيق الأليف اللامنسي ، بجذور عارية ترتجف بردا في شوارع الغربة المثلجة . أيّها الغرباء الذين يستقبلون سنة جديدة بالغصّة السرِّيّة مثل فراشات معَلّقة بالدّبابيس على جدران الوحشة ، أينما كنتم تذكّروا أنّ شرياني المفتوح على الورقة المُلقَّب بالكتابة هو منكم و معكم ، تذكّروا أنّني أشاطركم ذلك الدّمع العصيّ ، تلك الأصوات الخافتة عند منتصف الليل و انشطار الرّوح إلى شخصيّتين واحدة تتابع سهرتها في الغرب و أخرى تمشي في شوارع الذاكرة
أيّها الغريب ، تذكّر أنّني أشاطرك نزف القلب خلف ابتسامات الكبرياء ، أشمّ رائحة غليون التجلّد و أنت تدخّن ما تتوهّم ، أستحمّ معك تحت شلاّل التّوق المستحيل و أضمّك إلى قلب أبجديّتي بدفء المحبّة كطفلين في ميتم كوكب الأرض يتدفأ كلٌّ منهما بالآخر في كهف الصّقيع و المجهول
ها أنا أركض في ممشَى قطار منتصف الليل الماطر عكس الاتّجاه و أحاول أن أجفّف عن وجهك قطرات المطر ، أم تراه دمعك؟
أعرف أنّها تمطر سرّا بين قميصك و عنقك و بين جلدك            و عظامك ، أعرف أنّك ترمّم أزمنة مهلهلة في الوطن و تنسب إليها فضائل لم تكن لها كلّها

ميلادا مجيدا أيّها الرّجل الوحيد و سنة جديدة قدر الإمكان




غادة السمّان
كتاب الأبديّة
لحظة حبّ 

lundi 20 décembre 2010

ميــــزيـريــا 5

كثر الهمّ و ماعادش تفيد فيه تخبية و الّي كان مستور بالجراتل ظهر و تكشف ، الواحد يبدا قاعد يغزّل و في باله بروحه ضحيّة أما كيف يشوف العجب و الدمّار ينسى نفسه

يقولو الأدب يزدهر في عصور الانحطاط ، يظهرلي هالفكرة موش صحيحة و إلاّ توصل عندنا أحنا و تولّي غالطة على خاطر في عوض الانسان يفتّق حريّة فكره باش يبدع و يبني معرفة ، يتلهى يكتب في الهموم اليوميّة هذا إذا ما طارتلوش النّفحة جملة وحدة و إلاّ ما مرجوشي عمّار و ولادُه بالتبنّي هاك الّي يبداو يستنّاو فيك في الدّورة عالتنفيسة باش يأوّلو كيما يشتهيو و يكفّرو كلّ فكرة ما تجيش على قرقوش قلوبهم

نبدا بخبيّر صغير قريته البارح في موقع صحيفة أجنبيّة ، قالّك يا سيدي في إسبانيا خرجت مسيرات في كامل أنحاء البلاد احتجاجا على سياسة التقشّف الّي تسلك فيها الحكومة . أي من حيني نصبت العسّة على قناة الجزيرة ، ما نكذبش عليكم قعدت نراصد نسمعشي خبر يقول إلّي قوات الأمن في اسبانيا اتدخّلت باستعمال العنف مع المتظاهرين . شيء ، يظهر فيهم الجماعة غادي غسلو صابونهم الدخلاني وحّدهم و مضمضو لهاك النّاس الّي تفنى على زيادة الماء و الدّقيق . من شيرة أخرى أنا الخبر هذا وقّفلي مخّي بصراحة ، كان السبنيور الّي يفشّخو في طرانط طماطم كلّ عام قال شنوّة مهرجان و يدوّشو بيها و هي سايلة سواقي في شوارع المدينة ، يحتجّو على التقشف و غلاء المعيشة مالا شتقول الشعوب الّي حكّة طماطم بورطل و قارصة و مخلّطة بالموادّ الكيميائيّة وصلت عنهم للدّينار ؟ من غير ما نحكي على السكّر
و الزيت و النّعمة و المحروقات و الاتّصالات ... و الليستة طويلة

ما نعرفش علاش هالايّامات الكلّ يجيو بين عينيّ هاك النّاس الّي خدمو السُّخرة ؟ هكاكة من عند ربّي ساعات نتفكّر صفحات كحلا مالتاريخ . عندي تلامذة قلت لهم شمعناها " خَمَّاس " قالولي إلّي يخدم نهار الخميس ... لا علينا

عندي جاري على باب الله ، عنده نصبة متاع فريب حتّى حانوت و إلاّ مخزن وين يحطّ سلعته ما يكسابهاش و زيد كاري في الضيق ، من مدّة مات ولده الكبير في جرّة غلطة طبيّة ، و ولده هذا كان هو الوحيد الّي يخدم على العايلة الكلّ ، المهمّ الرّاجل تلهى في حزنه و في الهوكش الّي تصبّ عليه في الدّار حتّى توفى مرقة المرقة ، مانا زعام أحنا في البركة فرح و إلاّ غيار نشدّو وجه العبد في عوض نخلّيوه لاهي في مصيبته و ما نخمّموش بالكشي ما في حالوش باش يقيم بهاك العرش الّي بايت صابح عنده، المهمّ الرّاجل بطّل نصبة الفريب مدّة من زمان حتّى تعدّات فترة الحزن و تفرقت الحضبة من داره ، نهار السبت حبّ يرجع يصوّر خبزة رغم الّي موت ولده هدّه المسكين و لكن وليداته صغار و يقراو يلزمهم مصروف و ماعندهم حتّى ذنب و هو توّا قعد موردهم الوحيد ، أي الرّاجل جا باش يحطّ برويطته في بقعته متاع العادة و بدا يحلّ في بالات الفريب و تهبط له الطامّة          و العامّة ، لا " البركة فيك " لا " الله لا يعاود عليك غيار " .. شيء . طول قالو له : شتعمل هنا ؟ أنت غبت برشة و بقعتك خذاها واحد آخر و دفع كراها ، عاود جدّد رخصتك و إلاّ هزّ نصبتك من هوني ... و خلّيتهم فكّ ايدي من شوشتك
و قعدت في قلبي خايفة لا الرّاجل في لحظة يأس يضرب لها بيدون قاز و يقلّها العرب رحلت





samedi 18 décembre 2010

معلم في الذاكرة 2: أبواب مدينة تونس العتيقة 2

باب البحر

بُنِيَ في عهد الأغالبة في السّور الشرقي للمدينة العتيقةقبالة بحيرة تونس ممّا سهّل الحركة بين المدينة و المرفأ ، و تنقل الرّوايات أنّ البحر كان يصل إليه إلاّ أنّها تبقى روايات ضعيفة لا تستند إلى أيّة وثيقة تاريخيّة . في 1860 و بعد تهديم الأسوار فكِّك الباب و أعيد تركيبُه في مدخل شارع البحريّة بطلب من قنصل فرنسا ليون روشي الذي أقام في 1857 مقرّ القنصليّة خارج الأسوار على شارع البحريّة و أخذ بابُ البحر اسمَ باب فرنسا خلال الاستعمار و مازال الاسمُ مستعملا إلى اليوم . في 23 نوفمبر 1925 أهدى المقيم العام لوسيان سان تمثال الكاردنال شارل مارسيال لافيجري حاملا الصّليب ، فقرّرت بلديّة تونس وضعه في الساحة المطلّة على باب البحر ، ثمّ فكِّكَ التمثال سنة 1952 بقرار من العمدة علي البلهوان و نُقِل إلى حديقة متحف قرطاج


باب عليوة

بناه السّلطان الحفصي أبو اسحاق ابراهيم المستنصر في الجهة الشرقيّة من أسوار مدينة تونس . سُمّي بباب عليوة نظرا للعِليّة التي كانت فوقه . دخل منه خير الدين بربروس مدينةَ تونس    سنة 1534 م ، و كان يُسمَّى أيضا باب القوافل نسبة للقوافل التي كانت تصله محمَّلة بالحبوب و الزيت من السّاحل و الوطن القبلي

باب الفـَـلّة

سُمِّيَ كذلك لأنّه كان مجرّد ثلمة أو "فلّة" في سور المدينة استُعمِل لفرار السكّان عندما احتلّ الإسبانُ المدينة في القرن السادس عشر. سُمّيَ أيضا باب السرداب ، و بُنيَ سنة 1350م و له دور اقتصادي هامّ فهو يفتح على الطرق المؤدّية إلى زغوان و القيروان . و هُدِّمَ الباب قبل عام 1890م

باب القرجاني

و الأصحّ باب الغرجيني أو سيدي علي الغرجيني الذي عاش في القرن 13 م و هو أحد التلاميذ الأربعين لأبي الحسن الشاذلي. بُنيَ الباب خلال الحكم التركي و استُعمِل لمراقبة سهول مرناق         و السيجومي بفضل البرج الذي يحاذيه

باب المنارة

هو أحد أقدم الأبواب بُنيَ عام 1276م على السور الغربي للمدينة في عهد الحفصيين و سُمّيَ بباب المنارة نسبة إلى مشكاة كانت بجداره لهداية المارّة

باب سيدي عبد الله الشريف

كان قد بُنيَ في الجانب الجنوبي الغربي للقصبة و سُمِّيَ على اسم الوليّ الصّالح حيث يقع ضريحه ، و كانت للباب وظيفة عسكريّة لذلك سُمّيَ أيضا باب الغَدْر في القرن 14م ، كما سُمّيَ باب علي الزواوي في القرن 18م  

معلم في الذّاكرة : ابواب مدينة تونس العتيقة

هي أبوابٌ نمرّ بها كلّ يوم تقريبا و قلّما نرفع رؤوسنا لتأمّلها      و استقراء تاريخها ، أبوابٌ واقفة شاهدة ، لم يترك منها الزمنُ الكثير ، بعضُها تمّ ترميمُه و بعضُها الآخر هُدِّم بالكامل كما حدث للأسوار التي كانت تصلها . هذا نصّ للوفاء و الذكرى ، و لأجيال لم يعد الواقعُ يُلهمها و لا متونُ الكتب تستهويها
لمدينة تونس ثمانية عشر بابا هي على التوالي : باب الأقواس - باب البحر - باب بنات - باب الجديد - باب الجزيرة - باب الخضراء -باب سعدون - باب سويقة - باب سيدي عبد السّلام - باب سيدي عبد الله الشريف - باب سيدي قاسم - باب العسل - باب العلوج - باب عليوة - باب الفلّة - باب القرجاني - باب قرطاجنّة -باب منارة
سنقسّم التعريف بها إلى تدوينتين أو ثلاث تجنّبا للإطالة و الإملال

dimanche 5 décembre 2010

من بيت أحد السمّاكين في قرقنة إلى مجلس الأمن في نيويورك

سأترك لكم السّياسة و التّأريخ ، سأترك لكم البحث في القوانين الدوليّة و سأترك لكم التوثيق بالوقائع و الأرقام و الصّور ، فلستُ من هواة الكلام على الكلام و أدرك أنّي لن آتِيَ بجديد .
في المقابل ، اسمحوا يا سادة أن تَدَعُوا لي ساحة العاطفة. فلن أفشيَ سرّا إذا قلت ، و بعد كلّ ما درَست و دَرَّستُ عن الشّهيد فرحات حشّاد ، شاهدت الشّريط الذي بثّته عنه قناة " الجزيرة الوثائقيّة " عشر مرّات . نعم عشر مرّات . و في كلّ مرّة لا أقوى على منع قشعريرة تكتنفني و دمعة تترقرق في المآقي فيمنعها الإباء . سيقول بعضهم: الإباء ؟ لِمَ العبارات الفضفاضة؟ نعم الإبَاء ، و لستُ أرى غيره يقينًا بأنّ الرّجل كان أكبر من الدّموع.
رجلٌ حمل قدَرَه على كتفيه منذ انخرط في النّضال، رجل أدرك أنّه ميّت لا محالة و كان يقول " لابدّ أن يموت أحدنا كي يُفتَحَ طريق للحريّة " و تقبّل دور القربان عن طيب خاطر ، لم يهرب ، لم يختبئ ، لم يترك البلاد و لم يهادن . و مات مناضلا . كلّ الزّعماء نالهم النّفي و الاعتقال و التعذيب إلاّ حشّاد ، كان زعيما في حجم الاغتيال ، ما كان لشيء أن يوقفه سوى التّصفية الجسديّة .
رجل لم يشترط الإمكانيّات ليحقّق الإنجاز ، كلّ عدّته كانت مائدة و قنديلا و قلما و بضع أوراق و عزما كبيرا و حبّا للشّعب أكبر ، ضاقت به الضّلوع ففاض عنها إلى ساحات النّضال . فجاءت الإنجازات في حجم العزائم : نقابات للجنوب ، فنقابات لعمّال الشّمال ، ثمّ اتّحاد عامّ تونسيّ للشّغل هو الأوّل على الإطلاق في شمال إفريقيا بل في العالم العربي كلّه ، غوص في أعماق الطبقة الشّغيلة و تجذّر في التجربة الاشتراكيّة و تفطّن لأهميّة دور شيوخ الإسلام ، كلّ هذا مع اتّصالات و علاقات وثيقة بالنقابات الفرنسيّة و العالميّة و تبليغ صوت تونس في المؤتمرات الدوليّة، ثمّ اقتران النّضال النقابي بالكفاح السّياسي يقينا بأنّ كرامة الوطن و حريّته كلّ لا يتجزّأ . حتّى صار الرّجل أحد الزّعماء إن لم يكن أبرزهم و أخطرهم حضورا و إقناعا و إشعاعا و حماسا و مثابرة .
ثمّ كان صباح يوم الجمعة 5 ديسمبر 1952 . و في الطّريق الفاصلة بين "رادس" و "نعسان" سالت دماء روَتْ .. و روَتْ ، رَوَت الأرض الضمأى للتضحيات و رَوَتْ فصلا من فصول الإقدام. أربع و عشرون طلقة ناريّة على السيّارة و بضع طلقات على الجسد : في القلب و الرّئة و الجنب و رصاصة أخيرة استقرّت في الرّأس.
ليس غريبا أن يكون موت حشّاد شرارة البداية و شحنة دافعة لاندلاع المقاومة في الدّاخل و الخارج . كم كانت غبيّة تلك الأيدي الإجراميّة التي امتدّت إليه في صلف و غدر حين ظنّت أنّها بقتله قد أخرست صوتا و غفلت أنّها أطلقت ملايين الحناجر ، فتفاعلا مع اغتياله خرجت مظاهرات في الولايات المتّحدة و روسيا و عدّة عواصم أوروبيّة ، و أقيمت عليه صلاة الغائب في مصر ، و انتظمت إضرابات و مظاهرات هي الأشدّ من نوعها في المغرب الأقصى و التي أدّت إلى اندلاع الحركة المسلّحة ضدّ الاستعمار

و بعدُ ... يُفتَحُ قبر الشّهيد لتُنقَلَ رفاته إلى العاصمة بعد ثلاث سنوات من دفنه فإذا به كما تركوه إلى حدّ إغماء أحد الحاضرين . و كأنّ دود الأرض أدرك أنّ الميّت من طينة العظماء فاستحى و أخلى المكان.
ألم أقل لكم إنّه أكبر من الدّموع؟

lundi 22 novembre 2010

أكلُّ من ينتقد هذه الوضعيّات المُهينة يُعتَبَر فرونكو علماني خارجا عن الملّة ؟؟؟

أقدمت سيّدة سعوديّة على حركة طريفة بعد أن منعتها السلّطات من قيادة سيّارتها بحجّة أنّها مخلوقة ضعيفة قد يعتدي عليها أحدهم أو قد يُغمَى عليها و بناء عليه فلا يمكنها أن تقود سيّارة بدون مرافق و طلبت منها شرطة المرور أن تغادر السيّارة و تتّصل بمن يقِلّها إلى بيتها ، إلاّ أنّ السيّدة و بعد أيّام أعادت قيادة سيّارتها و كان سائقها يجلس في الخلف ، لكنّ شرطة المرور أعادت إيقافها بدعوى أنّها في خلوة مع رجل ليس قريبها 
فما كان من هذه السيّدة رغم ثرائها إلاّ أن خرجت إلى الشارع و هي تمتطي ظهر حمار ، نعم حمار و كانت حجّتها أنّ النّساء في الإسلام و من قبله في الجاهليّة كنّ يمتطين الجمال و الجياد
و سائر الدوابّ ، و لم يكن بيد السّلطات السّعوديّة أن تمنعها . بل طالبت هذه السيّدة بإنشاء مآوي للحمير و الجياد على غرار مآوي السيّارات للسّادة الرّجال

مرحَى ،  إنّها الألفيّة الثالثة 

mardi 2 novembre 2010

أمّةٌ ليتها أجهضت نهضتها

آلام المخاض تشتدّ بالسيّدة .. تعصف بمن في البيت .. كلّ البيت في حالة استنفار ، أخيرا يحِلّ مولود يبدّد سنوات اليأس . السيّد في هلع و اشتياق .. يذرع الأروقة .. و ينتظر . وصل الطّبيب .. صراخ السيّدة يمزّق أرجاءَ البيت و اللّيل .. طال الانتظار .. تبدو الولادة متعسِّرة . فجأة سمع صوتَ رضيع .. دمعتْ عيناه .. تسارع نبضُه ، " تهانينا .. صرتَ أبا لتوأم .. " قال الطّبيبُ ثمّ أضاف بتردّد " لكنّهما .. ملتصقتان في مستوى الرّأس و الكتف .. أنا آسف . "  دخل السيّد مكتبه ، أغلق الباب بالمفتاح .. و أطلق رصاصة في فمه كيْ لا يَشهدَ انهيار المدارس الفنيّة

lundi 1 novembre 2010

مِن وحي مَن ركب الحدث

أشار إلى سيّارة أجرة ، و صعد . نسي إلى أين يتّجه .. السيّارة تجوب شوارع لم يعد يتذكّرها .. نسيَ مِن أين ركب .. و لماذا . ظلَّ صامتا .. استغربَ أنّ السّائقَ لا يسأله عن مقصده .. أراد أن يتذكّر عنوان بيته .. لم تسعفه الذاكرة .. السّائق صامتٌ .. السيّارة تجوب شوارعَ قذرة .. لافتاتٌ كثيرة لرجل واحد .. لم يُذكِّره بأحد ..  قال  للسّائق : " سيّدي ، أيُمكنُكَ إعادتي  إلى  حيث
أخذتَني ؟" أجابه : " عذرا سيّدي ، ما عدتُ أذكر." 





samedi 25 septembre 2010

مـيزيــريــا 4 : مُــثَـقَّــف ... حتّى يـصُـبُّــو

عينين ضيّقين ورا مرايات نظر بلاّرهم قزاز مشريّين بدينارين من نَصبة في باب دزيرة ، غوفة تشبّه للّحية نابتة كالشّوك في وجهه ، مارسَياز فوق راسه صيف و شتا و عكّاز في يدّه رغم الّي يظهر ما يفوتش الثلاثين سنة / الله يهديك يا توفيق الحكيم وْخَيْ /.. من صباح ربّي و هو شادد طاولة عالمادَّة في قهوة من قهاوي لافنو قدّامُه صْبُعْ كابوسان في قعمورة كاس و هو يبشّق في الماشي و الجايْ و ساعة ساعة يخنتب كلمتين على ورقة و يعصر في روحه و يتغصور كايِنّه عنده القبض ، قعدت ناس و مشات ناس و جات ناس اخرين و هو في كرسيه و هاك عقاب القهوة قدّامه و الطقطوقة تفغم ببّانِتْ دًخّان مْنِدِّي من سوق ليبيا .

مع بْدُو العشيّة جاه القرصون " خويا ، خلّصني في القهوة . "

غزَرْله ، هزّه .. حطّه ، و قالّه : " علاش ؟ ياخي القهوة باش تسكّر ؟ "

ـ لا خويا القهوة محلولة أما أنا كمّلتْ سرفيسي و يلزمني نحاسب عَرفي .

ـ أيْ برّا حاسب شكون شدّك ، شنوّا هالتخلّف هذا ؟ ما في بالكش الّي الحريف مَلَك و إلاّ ما قرّاوهالكش هذه ؟

ـ يا سيدي أنا ما قريتش ، عقوبة الله ، خلّيتلكم القراية ، و اقعُد أنت مَلكْ ربّي يزيدك أما أنا صانع نِسْلتْ علِّي خلاّني ، خلّصني يرحم والديك .

ـ آآآه أما أنت قليل تربية ياسر ، ماكش عارف مع شكون تتكلّم ، أنا متـثَـقَّف ما نضيّعش وقتي مع وبْش كيفك ، برّا ناديلي لعَرفك .

ـ هههه متثقّف ؟ متثقّف على روحك موش عليّ أنا ، خلّصني قالُّه متثقّف ، شوف هاك الحبيب ميغالو الّي نحكي معاه .

قامتْ خوضة و فكّ ايدي من شوشتك هذاك يقول " كيفاش تطيّحلي قدري و أنا من النّخبة الّي قايمة عليها ثقافة البلاد ؟ " و لاخر يقلّه" خلّص القهوة الّي شربتها و من بعد قيّم الدنيا و إلاّ قعّدها هذيكة أمورك . "و مولى القهوة كشاكشه طالعة و هو يسبّ في من كان آسطة و سبب في هالخدمة الكلبة ، في النّهار لازم ثلاثة أربعة يشربو قهاويهم هناني بناني و قيّد على إنسان مهمّ قايمة عليه البلاد .. أي هوما هكّاكة و جَا واحد من اصحاب السيّد خلّص عليه القهوة باش قَصّ الصّدَع و مَنّعُه من هاك الخَنّاقيّة ، و تلفّت قالّه : " بالله آش قاعد تعمل هنا ، توّا اليوم نهار فصعَة مالخدمة ؟ كَركِرْ على طول الشهر لا مِن يرُدّك إلاّ اليوم يا راس اللّحم ، ما في بالكش الشهارِي تصبّو ؟ و سمعت زادة فمّة تفتوفة متاع إنتاجيّة جاية هالنّهارين ، برَّا وَرِّي وجهك و اكتب كلمتين على مهرجان و إلاّ بربش حكاية على مسرحيّة والا فنّان ، و إلاّ برّا افرز طرف مقالات قدُم و خوذ من كلّ واحد شويّة و زيد لغّمهم بتْناوِش على العولمة والا التطبيع ، تحرّك . "

أيْ أكاهو ، لاخر مهبولة و زغرطولها في وذنها ، من حينه يجري للبانكا ساقيه أعلى من راسه ، يجبد الحثيّلة الّي فضلت بعد ما تقضمر قصاص القرض الّي ماخذه باش يشري برتمان أكبر شويّة من حُكّة الوقيد ، مَرْتُه قالت له لازم نضمنو قبر الحيا ، قاللها وقتها " يابنتي كيف نموتو ، الّي قعد حيّ يدكّنا في قبر بالسّيف عليه ياخي باش يخلّيونا ملوّحين جيفة ؟ أما أنا مازلت حيّ نرزق و نعمل في قبَرْ علاش ؟ " قاتله " ما نفهم شيء ، توّا نخلّيك مالا الّي جايبه النّهار مِدِّيه اللّيل . " و تسبّبت له في خنّاقيّة على عشرين سنة ، حَقّ السيقارو ساعات يحير فيه .

حَطّ الحنيّنات في مكتوبه و من حينُه لشارع كرتاج ، شرَى زادُه  و زوّادُه و هبط دبّة دبّة لباب الفلّة ، طَلِّعْ الستيلوات الّي في مكتوب فيستُّه باش يظهرو خير ، هاك العكّاز في يدّه يْدادِي بيه   و في اليد لخرى ساكْ تقربع ، وقف على بيّاع غلّة و قالّه هكّة كيف الّي ما عينوش : " بقدّاش النّبَقْ ؟ " البيّاع كان يعقل ، هزّه   و حطّه كيفاش مخَبّل في بعضه و قالّه : " خويا ما نبيعوش للمتثقّفين . " الرّاجل بهِتْ ، لا عرَف يتغشّش و إلاّ يفرح و قالّه " ياخي عرفتني شكون ؟ لازم شفتني قبل في التلفزة . " نتِّشْ البيّاع عُرف النّعناع الّي كان مرشوق فوق وذنه و مضغُه بين زروصُه بالغنزريّة و جاوبه : " لا لَعْزيزْ من غير محقرانيّة ،أوّل مرّة نشوفك . " زاد صاحبنا بهتْ و قال " ما لا كيفاش عرفتْ إلّي أنا متثقّف ؟ " قالّه : " على خاطر الّي قدّامك موش نْـبَقْ ، هذاك حاشاك مِالسَّـوْ يقولو له حَبّ المْلوكْ . "

mercredi 22 septembre 2010

هـــــــــذيـــــــــان


المشربُ ليس بعيدا ؟

ما جدوى ذلك .. فأنتَ كالإسفنجة تمتصّ الحانات

و لا تسكر

و أنا يقتلني نصفُ الدّفء .. و نصفُ الموقف

و الدّينُ الكاذِب .. و الفِكرُ الكاذِب

فالبعضُ يُدافع عن كلّ قضايا الأرض .. و يهرب

من وجه قضيّته

المشرَبُ غَـصَّ بجيل لا تعرفه .. بلغةٍ لا تفهمها

بثقوب ترمقك من أسفل و لا تتسلّق قامتَك .. فرارًا 

من عينيك

بعد الكأس السّادسة تصير الشفاهُ المترهّلةُ مناقير .. و يستحيل

الأنصافُ غِيلانا مُثـقَّـفة .. تتجـشَّـأ .. فيعلو لها

تصفيق

طاولاتُ المشرب أخشابٌ باردة

هذه للخمر .. و تلك لصنع نعش .. و أخرى

للإعلان عن مولد فنّان

املأ كأسي .. فما يُدريكَ ما يُسكِرُني ..

يُسكِرُني أصغرُ شيء في هذا الكون

فكيف بشبه إنسان .. يخلط بين الإبداع

و الهذيان

samedi 18 septembre 2010

مـــومِــــــــس الثّـــقــافــة

تــؤثّثُ الجدرانَ لوحاتٌ تشكيليّة لرسّام عاش مُعدما مغمورا و لم يحصل على عنقوده إلاّ بعد أن قضى نحبه ـ احتراما لصدق الرّؤيا ـ .. بهوٌ ضيّق يحتلّه معرض للأواني القديمة و القطع الفنيّة النّادرة .. نغمٌ أصيلٌ ينبعث في فضاء المكان يُـثقل الرّؤوس        و يُحرّر ما وعَدَه النّبيذ .. أصواتٌ متحشرجة ثملة تشدو بلحن ملتزم .. مسرحيّون و أدباء في نقاشات محتدمة ، مشهد تمثيليّ دون ركح أو تذاكر .. شاعرٌ يجلس وحيدا هناك إلى طاولة في الرّكن وحيدة يحتسي كأسا تعدّدتْ في وحدتها القوارير .. تعلو حوارات عن واقع الثقافة ..



و الخمرُ تسخر ...



" هذا مطعم المثقّـفين كما يروق للبعض تسميته . " يستطرد مُخاطِبي . فلا أفهم كيف لهذا المكان أن يسَعَ المثقفين إذا اجتمعوا أم تراهم لا يفعلون ، و لماذا لا يرتاده إلاّ المثقفون ؟ ألا حقَّ فيه لكلّ عَييٍّ ساذج داخل في الرّعاع ؟ أنتبه إلى ثـقبٍ أسْودَ في منديلي ، لا شكّ أنّ سيجارة أحدهم سفّهتْ بياضَه .. لا أطلب من النّادل تغييره و أثني المنديل أخفي الثقب و أحفظ للثقافة هيبتَها .. يبوءُ مسعايَ بالفشل حين يضع النادل أمامي كأسا مشروخة ، فأوقنُ أنّه مطعم المثـقفين .. عقارب الساعة الحائطيّة تُـنبئ بزحف المساء على المدينة و لا أحد يهتـمّ .. شرذمة المنبوذين من عالم الصّحْو لا يزالون بين كأس و حوار .. لا همسَ ، لا عُشّاق .. لا عيون تسترق من الزمن نظرة حالمة .. لا أيدي تتشابك في رعشة وعد ..



و الخمرُ تلعن ...



فجأة ينفتح البابُ عن سيّدة في إثرها أخرى فتستيقظ العيونُ        و تستدير الرِّقاب .. تتقدّمان دون ترحيب من النادل و تنتبذان طاولة قصيّة . الأولى ، كرَّ عليها خيلُ الزمن فأحرق و دمّر       و نهب و لم يُخلّف سوى التجاعيد و هيكلا يبابا ، و الثانية ربيعٌ لا زهرَ فيه .. وجهٌ شاحب و جسد صامت يلفّه ثوبٌ بسيط .. تتركّز عليهما الأنظار و يخفتُ الصّخب ، و أضيق بالعقل الشرقيّ لا يزال يعجب لموعد بين امرأتين في مكان عامّ و يحوك حوله المشبوه . يهمس مخاطِبي و قد أدرك ثورتي " لا تلتفتي .. تلك مومس و الكبرى مُشغِّـلتها . " يسقط فَـكّي السّفلي و يزيغ بصري ... طالما تخيّلتُ المومسَ بمساحيق فاقعة و رموش مستعارة و ملابس فاضحة و ضحكة رقيعة ، أو ذاك ما احتفظتْ به ذاكرتي من السينما و الروايات القديمة .. يوم قرأتُ للسيّاب " المومس العمياء " عرفتُ أنّ للتعاسة وجهًا و كفرتُ بالأحكام المسبقة . لكنّ المشهد هنا فوق كلّ حكم و ما تخيّلتُ ... يتقدّم الليل ، و أنشغل بنقاش رفيقي .. ينسحب بعضُ الزبائن بعد أن صار ما في جيوبهم عاجزا عن أداء الكأس زكاتَـَها ..



و الخمرُ تمتعض ...



يمرُّ وقتٌ ما قـدّرتُه و ألتـفتُ فجأة فلا أرى الفتاة .. أبحث عنها بين الموجودين فيُـعييني البحث .. أشاهد مرافِـقتها في طاولة أخرى تنعم بالأنس و الطعام و قارورة خمر رخيص .. أهرع ببصري إلى صديقي فتجيبني إيماءة رأسه دون كلام تُـؤكّد ما ذهب إليه ظنّي .. ما أقبح اليقين . هكذا إذن يُـباعُ فروُ الدُبّ ليَحْضَى السَّـفَـلةُ بالدّفء ؟ الفكرُ هنا مصلوبٌ و الثقافة يتيمة فمَنْ ذا يرفع قميص القتيل على رؤوس الرّماح و يستصرخ " وا ذُلاّه " .. يُسعفني مُخاطِبي " الثّـأرُ مغامرة غبيّة و وَهْم الأوّلين . " يدفع الحساب    و نغادر المطعم ...



و الخمرُ تتبدّد ...



في الشارع حرارة خانقة .. أطفالٌ عُراة يسبحون في نافورة صُمِّمَتْ لتزيين المدينة .. رجلٌ ينبش عن عشاء في حاوية القمامة .. و ثانٍ يصوّبُ ذكَرَه إلى جدار مكتبة و يقضي حاجتَه .. و آخران يتقاذفان بكلّ ما احتواه معجمُ الجنس بل لعلّهما يُحقّـقان فتحا جديدا في اللغة تسجّله الأجيالُ حين تُـنَقّحُ المعاجم . يُشيرُ صديقي إلى سيّارة أجرة .. أركبها في إعياء .. يُطلّ من النافذة     و يقول لي في ابتسام قبل أن نفترق " لا تنزعجي ، نحن في الألفيّة الثالثة .. هي ثقافة الجسد . " أودّعه و تمضي بي السيّارة .. إنّها المرّة الأولى التي لا أقبّـلُـه فيها لحظة الوداع . أغمض عينيَّ عن الطريق مخافة أن أفتحهما على ماخور كبير .

jeudi 19 août 2010

ميــزيريا 3 : رمضان .. و الأخطاء التقنيّة

توّا كيف مناسباتنا ولاّت طافية و ماعادش فيها رونق بكري ، لا ريحة لا فيحة ، كي رمضان كي الأعياد كي دخول المكتب كي نتايج الامتحانات ، برّا قلنا ميسالش ، هذاك هو ، يلزم الواحد يتأقلم و ما يقعدش ينين عالماضي و الدنيا ما ترجعش بالتوالي ، أما كيف نزيدو على غياب الرونق الكُبّي و الجهل و الميزيريا يولّي ياسر عالجْحَيِّش .

بالله قولو لي شهر رمضان آش فيه زايد على بقيّة الأشهرة باش البلاد كلّها تاقف فيه على صبع و ربع ؟ و إلاّ شاهيين الدعازق و الخوضة ؟ الزيت في بعض البقايع مقطوع و شفت بعيني عباد يتضاربو بالبّادن ، حوانت الحليب بالصّفوف ، مالنّهار الأوّل تحَطّتْ نصُبْ الزلابية و المخارق و ذبّان مقنقن عليهم و حالة مُكربَة ، ثمّة واحد موقّف 404 باشي ( موش متاع عمّار ) يبيع في مخارق باجة ، هكّة قال ، و معلّق طرف كرضونة كاتب عليها " تشري كيلو مخارق معاه كيلو بلاش ، تشري خمسة كيلو تاخذ بيس تونيزيانا بلاش " ، بالعشرين كميونة هندي الجنَبْ للجنب ما يمغربش عليهم المغرب .. في النهار الثاني من رمضان مشيت للمغازة العامّة و لقضية خاطية رمضان ، قلت خلّي هاك الفوعة تتعدّى ، و أنا ندور في المغازة نلقى الطّارمات متاع الشُّربة فارغين ، الشُّربَة بركة ، موش لازم نعدّد السّلعْ لخرة ، في نهار ؟ السيّد الّي لاهي غادي قالّي "ماعندك ما ريت يا مَدام ، كان تشوف الخاطر الّي دزّ علينا شيء من ورا العقل ، و هذا الكلّ حتّى شيء ، عندنا فرع في منطقة شعبيّة عمل ليلة رمضان روساتْ بقرابة ثلاثة مليارات . " يعني تخيّلو الحافر الّي نجّم يجيب الرّقم هذا .. علاش البلاد تولّي في رمضان تستورد أكثر كاينّا منكوبين بمجاعة و إلاّ فياضانات ، ياخي العباد المفروض صايمين ينقّصو وجبة و إلاّ يولّيو ياكلو أكثر ؟ التلفزة تِهْبِل في رمضان ، ثلاثة ميا واشْ و ثمانين ومضة إشهاريّة في نهار واحد ؟ علاش ؟ قادمين على حرب ؟ زعمة قدّاش من عايلة متذكّرة إلّي العيد يجي ليلة دخول المكتب ؟  آش حضّرنا ؟ و التحضير هوني موش مادّي بركة ، قال شنوّة توّا نشريو للصغيّرات حوايج جدد حاجة          و حويجة منهم للعيد و منهم للمكتب ، و التحضير المعرفي        و النفسي و البيداغوجي وينو ؟ إذا كان ولادنا عايشين بين بُو يقسم نهار رمضان بين الخدمة و النّوم و في الليل يا يشدّ الجامع يا يسكن في القهوة و بين أمّ يا تقضي يا لابسة وجه التلفزة تتبّع في هاك المسلسلات الطيطري ، كيفاش نحبّو ولادنا ما يهملوش في الشارع و إلاّ في أحسن الحالات يشدّو الانترنيت من غير رعاية ، يزّي فيه البركة توّا كي يتحلّ باب الوكالة الّي كانو يسمّيوها مكتب توّا تدخل النّاس الكلّ و الحضور الذهني في عقله ياخي قالّه يكبّر سعدك قالّه توّا ؟

الماكلة مانتفكّروها كان في رمضان ، و العَسَّة على بعضنا ما نتفكّروها كان في رمضان ،و الدّين ما نتفكّروه كان في رمضان ، واش يكثر تمثيل و ترهدين و تقوى بالطّلوق ، ندخل للفايسبوك ساعات باش نشوف آش فمّة جديد نلقى البعض بقدرة قادر ولاّو أوْليَة صالحين بسناجقهم و هوما نفسهم إلّي في الرّيفيون و في عيد الحبّ يقطعوا يدين الحزّازة ، و ما تقرى كان صحّة شريبتك ، آش عمل فيك الصّيام ... تي فمّة شكون حاطط في البروفيل متاعه تصويرة بْريكة .. توّا هذا ريق ؟ واش تغرمنا بلمّان التصحاح     و المقاطعة ، تقول عندنا عضو دايم في مجلس الأمن و إلاّ عِرْقو علينا الشيوخة متاع الفتاوي و التكفير ، الممثّل و إلاّ المغنّي و إلاّ المثقّف إلّي ما يعجبناش ننزلو عليه بالصفحات و الثلب و توّا ولاّت عندنا موضة جديدة ، ولّينا نطالبو بسحب الجنسيّة على خاطرها  والا أحنا أوصياء عليها ، أما إذا كان نحبّو نحكيو على شكون يستحقّ الجنسيّة و شكون ما يستحقّهاش وقتها مضطرّين نثبّتو مليح فلّي سرق و الّي قلِبْ و الّي خان و الّي طَبَّعْ و الّي باع من الآثار حتّى للمبادئ ...

أيْ أحنا هكّاكة و تكمّل علينا النّكتة الّي فيّضتْ الكاس ، في ليلة نلقى الأحباب و الاصحاب يجريوْ عالطّياح و افزع يالّي تفزع راهي المدوّنات و المواقع المحجوبة تحلّت .. و بدينا نبشّرو       و نهنّيو في بعضنا و قلنا هذا ما يكون كان شهر رمضان على بَركة عظيمة ، فمّة شكون حتّى بدا يخمّم يبدّل الإخراج متاع مدوّنته ، إيْ ما دارتش الساعة و الأمور رجعت كيف ما كانت ، تي أنا بالفرحة نشرت في " عبّر إنّها تونس " تهنئة لاصحابي الّي كانت مدوّناتهم محجوبة ياخي تدوينتي خذات مقصّ جابها تدحس .. قالو .. و العهدة على من روى إنّه خطأ تقني . قالّك عمّار يبدّل في الفيلتر ههههه كلمة فيلتر ما نعرفش علاش ذكّرتني في هاكلّي عندو حويرة أرينبات حاصرهم و حَبّ يبدّل القرِييَاجْ بواحد ما أجْود باش ما يزرف حدّ ... قالّه خطأ تقني ، مازلنا في الألفيّة الثالثة  بالأخطاء التقنيّة ، مالا وارد غدوة يصير عطب في الكهرباء و إلاّ في الغاز الطبيعي يحرق البلاد و العباد و قيّد على الخطأ التقني ، و إلاّ تتعطّل حواسيب البنك المركزي و تاقف الشّهارِي و النّاس تحلّ افّامها للرّيح و قيّد على الخطأ التقني ،     و ينجّم يحدث أي شيء في جُرّة الخطأ التقني ، مانا جودة و امتياز و أمور كبيرة على مخاخنا كيفاش عاد تصير عندنا أخطاء تقنيّة ؟ ما يخرجش علينا .. هذا الكلّ و جماعة عاملين عريضة يطالبو بوقف بثّ المسلسلات الّي تجسّد في الأنبياء و ضاغطين عالرّاجل نفس مومنة ما عندو في العام كان كلمة من ثنين يا " تبيّنَ " يا تعذَّرَ " ... أكاهو ؟ وفات مشاكلنا الكلّ ؟ .

صديقنا باخوس عمل سلسلة تدوينات بعنوان " وين ماشيين " ، أنا نقول منين جايين ؟ أما هو فَجّ خْلا مُخْلي سيّبنا ؟ الأمم تقدّم و أحنا هاو وين وصلنا .

هذه ماهاش ميزيريا ؟؟؟


dimanche 8 août 2010

الأصوليّة الخفيفة كوكاكولا لايتْ

مقالٌ لحميد زناز نُشر في موقع الأوان بتاريخ 7 أوت الجاري تحت عنوان " أضاليل الأصوليّة الجديدة " و أثار جدلا كثيرا   هذا نصّه
أمام الضربات العقلانية المتتالية التي يتلقّاها الفكر الأصوليّ (أو بالأحرى اللافكر)، فإنّه يحاول أن يلجأ اليوم إلى أساليب وخدع جديدة كيلا يندثر نهائيا من على وجه الأرض. مثلما هناك كوكا كولا خفيفة (لايت)، يحاول كثيرون تسويق أصولية لايت أو إسلاموية بقناع إنسانيّ.

 
حلق البعض لحاهم واستبدلوا جلابيبهم ببدلات وربطات عنق وتحوّلوا إلى باحثين يقدّمون الخرافة والتخلّف في ثوب جامعيّ مزيّف. خفّفوا من لهجتهم القتالية السلفية السالفة مطهّرين خطاباتهم من كلمات العنف والجهاد وما "ملكت إيمانكم"، فلم تعد الغاية "في سبيل الله" جهرا بل من "أجل حقوق الإنسان" وباسم "القوانين الدولية" و"الموضوعية والبحث العلميّ"!
لا يقدّم هؤلاء أنفسهم كإسلاميين يعملون من أجل إقامة الدولة الإسلامية بل كأناس يملكون معرفة ويدافعون عن حرية العقيدة، وقد ذهب بعضهم حتى إلى القبول التكتيكيّ بالعلمانية لكن العلمانية المنفتحة كما يقولون، والكلّ يعرف أنّها مجرّد تقيّة يتستّرون خلفها في انتظار توفّر شروط فرض شريعتهم بحدّ السيف.

 
تمكّن بعضهم من التسلّل إلى بعض المواقع العقلانية مقدّمين أنفسهم كباحثين وأساتذة، وهم أساتذة فعلا ولكن يعرف المتابعون قيمة الشهادات الموزّعة في معظم البلدان العربية وبعض الجامعات الغربية. تمكّنوا من زرع بلبلة وإسماع صوت النيو-أصولية تحت يافطة البحث والتدقيق في المصطلح والدعوة لمعارف تراثية لا مجدية على منوال : هل قال الرسول ذلك فعلا وإن قال ما قصده؟ الخ من المعارف العبثية التي لا تهدف سوى إلى تهميش السؤال النقديّ الحقيقيّ حول الدين بوصفه إيديولوجيا.

 
أراد بعضهم نفي كلمة الأصولية من قاموس اللغة العربية وحاول آخرون مثل محمد عابد الجابري نفي كلمة "العلمانية" وهكذا.

 
تقاسموا الأدوار وإن لم يشعروا، فمنهم من يفجّر، ومنهم من يدعو إلى الدين الأوحد، والبعض ينتحل الفكر والموضوعية والاعتدال ويحاول جعل مجرّد إيمان معرفة. باسم الموضوعية وتجنّب التطرّف يحاولون جاهدين تأبيد فقه قتلته الحياة وغدا مضحكا، يجتهدون لاصطناع الأعذار له.

 
لا يعتمد الأصوليون الجدد على إرثهم الفكري الإسلامي بل على المواثيق الدولية المتعارضة تماما مع شريعتهم والتي لا يؤمنون بها أصلا.

 
حقوق الإنسان! تلك فريتهم الأخيرة..لا حقوق للإنسان في الإسلام وخصوصا إذا كان إنسانة، حقوق الله هي المنطلق والنهاية، وهو ما يردّده القرضاوي على قناة الجزيرة دوما إذا يقول إنّ واجب وحقّ الإنسان هو عبادة الله، لا أكثر ولا أقلّ وكلّ ما خرج عن ذلك فهو باطل لا فائدة من ورائه. فلا قيمة لفنّ البشرية ولا آدابها ولا علومها! والشيخ محقّ في ذلك فهذا هو الإسلام. ومهما ادّعى حاملو حقائب الإسلاموية في تهويماتهم وإعادة قراءتهم للنص المقدّس فإنّ الإنسان في الإسلام هو خادم الدين وليس الدين هو الذي يجب أن يكون في خدمة الإنسان..

 
لم تعد محاربة القانون الوضعيّ بالشريعة الربّانية مجدية بل انتقل النيو-أصوليّون إلى مرحلة الدفاع عن الشريعة بالقانون الوضعيّ. محاربة الديمقراطية بالديمقراطية ذاتها، كما نراه جليّا كلّ يوم في الغرب. تحت يافطة حرية الفرد يريدون تلويث الفضاء الأوروبي العامّ بنقاب لا يعني سوى أنّه سجن متنقّل للمرأة ومحو لهويّتها وإنسانيتها باسم حقوق الإنسان! لنترك الغرب جانبا فأنا متأكّد أنّ الأمر ذاهب إلى حرب ضدّ كلّ ما ومن له علاقة بالإسلام إذ لا يُقوِّي كلّ هذا سوى التيارات العنصرية العنيفة ويقدّم لها أوروبا على طبق من ذهب، فلا أحد يبهجه ما يرتكبه بعض المسلمين من حماقات مثل الفاشيين الجدد، ولا أحد يستطيع أن ينكر بأنّ صعود النازية الجديدة وانتصاراتها الانتخابية في كلّ دول أوروبا هو نتيجة أيضا للغزو الإسلاميّ للقارّة العجوز وردّ فعل طبيعيّ على هجومها الفجّ. فهل يتصوّر عاقل أن تبقى أوروبا الحرية والعقلانية وحقوق الإنسان التي قدّمت كلّ التضحيات من أجل تفتّحها والخروج من ظلام المسيحية- مكتوفة الأيدي أمام ظلام الإسلام.

 
وسواء كانت أصولية مبتذلة أو عرفانوية، فالأمر سيان فهي ضد الإنسان وتعبّر في كلّ الأحوال عن جوهر الدين الإسلامي الذي يسبّق حقوق الله على حقوق الإنسان و يرى أنّ العبادة أثمن من الحياة بل إنّ الحياة عبادة لا أكثر، وأنّ كلّ الحكاية الميتافيزيقية خوف من سعير جهنّم وتلهّف لفضّ الأبكار في الجنّة. ولكنّ الأخطر أن يستمرّ هؤلاء في فرض إيديولوجية الغيب وتحويلها إلى برنامج سياسيّ دنيويّ بل إلى ثقافة عامة.

 
تعاني فكرة المواءمة بين العلم والإيمان، الدين والدنيا، الشريعة والحياة، التراث والحداثة، وغيرها من الخزعبلات…أعظم محنها اليوم فلم يعد أحد يستطيع إخفاء عوراتها ولا فرضها بالقوّة البوليسية والإعلامية والمالية كما كان الأمر جاريا. لقد دقّ الأنترنيت أوّل مسمار في نعش تلك "المواءمة" المزعومة وسيحفر الواقع قبرها حتما. فليس من الممكن أن يبقى العربيّ متمسّكا بوهم لم يجنِ منه ولن يجني سوى المآزق والخيبات المتتالية ومزيدا من الاحتباس العقلاني

lundi 26 juillet 2010

المــهنــة : كائِــنة حَــيَّـــة

ماذا لقيتُ من الدنيا ، و أعجَبُهُ    أنّي بما أنا شاكٍ منه مَحسودُ


بيتٌ للمتـنبّي ردّدتُـه العمرَ كلّه و اعتـنقتُــه حتى كدتُ أراني قائلته ، و اليوم كفرت . كفرتُ بالشكوى و دور الضحيّة و أفعال التعجّب و الأسئلة الإنكاريّة
 .

وحيدة أتّــخِذُ مقعدَ صِدقٍ بين بحرٍ و سماءٍ و جبل . أقلّـبُ النـظرَ في العتمة فإذا البصرُ يرتـدُّ إليَّ حسيرا يُغري بالدُّوار ، أنتظرُ انفصالَ الخيط الأبيض عن الأسْوَد و يُثيرُني شروقُ الشمس دون أن يطلبَ منها ذلك أحد
 .

بين بحرٍ و سماءٍ و جبل ، أتبعثرُ أتناثر أتشتّـتُ أتبدّدُ أتهاوَى أندثر أمّـحي .. أذوبُ في روعة التكوين و يأخذني هذا الزاخرُ اللامعُ الممتـد في كبرياء يتحدّى العين و يُـعْيِـي كلَّ خيالٍ فيَقصُرُ عنه مَدحورا .. حُسْنٌ شامخٌ ظالِم يترفّعُ عن كلّ مناظرة و لا تعنيه شهادات التقدير
 .

مَـنْ للجَمالِ إذا تجَـشَّـأتْ الطبيعةُ شتاءَها ؟ حين تَـكُـرُّ مياهُ السّماء تتقدمُها كتائبُ الريح فتعبثُ بصفحة العملاق تصفعُه تجلدُه تلطمه تخرّبُ صفاءَه ، تستأصلُ أحشاءَه تمثيلا و تنكيلا و تُلقي بها على الشاطئ . و هو صامدٌ لا يشكو . ثمّ ينجلي الصيفُ و يستعيدُ القرصُ الذهبيُّ عرشَه و يصير الكَـدَرُ بَدَدًا .. فــمَجْــدًا للكون الذي صَدَقَ وَعدَه و نصَرَ بَحرَه و هزَمَ الأنْــواءَ وَحدَه


عُـذرًا يا شاعِري ، ما كفرتُ بشِعرك بل بالشكوى الضعيفة . هذا بيتٌ آخرُ لك و إنّي لمُـتخذةٌ إيّاهُ فلسفةً
 :

كلُّ ما لم يكنْ،من الصّعب في    الأنفُسِ سَهلٌ فيها إذا هوَ كانا

mardi 13 juillet 2010

سِـــفْــرُ التَّــمالك




سترفع نخب الألوهيّة ... و تسكر بأبديّة اللّحظة

وحدَها الآلهة ، تغرف من رحيق الخلق و تسبح في شفق الأصيل .. وحدها الآلهة ، لا تقدّس بعضها .. فيصير من الحمق أن تؤلّه الفاعلَ بإرادتها

سترفع نخب الألوهيّة .. عاليا ، و تهتف " هذا يوم التجلّي .. هذا سِــفرُ خروجي
هيِّـئوا لي عرشا عظيما .. أعِـدّوا التاج لخالق جديد .. يومًا ما سأصير إلهة .. و إلى ذلك الموعد ، لن أرضَى بأقلّ من النِـدِيَّة 


يوما ما ، لن تمسك كتابها بيمينها و تعرض ما قدّمت يداها .. ستتمرّد على الصّراط

سيأتي اليوم الذي تحذق فيه خلق الكلمات .. و ستبارك فعلَها اللغةُ أمُّ الآلهة



عن الأوان من أجل ثقافة علمانية



اللّوحة للرسّام الرّوسي فلاديمير كوش 

mercredi 30 juin 2010

الغناء رُقيَة إبليس و بَريدُه

صدر بموقع الأوان مقال بتاريخ 29 جوان 2010 عنوانه : الغناء رقيَة إبليس و بريدُه جاء فيه
أسقط في أيدي طلاّب إحدى الثانويّات السعوديّة، وخيّم عليهم شعور غالب بأنّهم راسبون لا محالة ماداموا أجابوا بأنّ الغناء جائز في امتحان مادّة الحديث. ومبعث هذا الفشل المؤكّد أنّهم بذلك التجويز قد وافقوا آخر اجتهادات الموقّعين باسم اللّه، ولكنّهم، في الآن ذاته، خالفوا منهج وزارة التربية والتعليم التي تعتبر الغناء حراما.

ونشرت صحيفة "الحياة" الاثنين 28 – 6 – 2010 أنّ طلاّب ثانويّة شرق العاصمة السعوديّة الرياض فوجئوا بسؤال في اختبار الحديث للصفّ الأوّل الثانوي عن حكم الغناء في ظلّ الجدل الدائر، أخيرا ، على حكم الغناء والمعازف والملاهي. وممّا يخشى منه أن تكون الكثرة من الطلاّب تحت تأثير فتوى الشيخ عادل الكلباني الأخيرة قد أجابوا – لسوء حظّهم – بأنّ الغناء جائز والعياذ باللّه، رغم أنّه محرّم – بحسب منهج وزارة التربية – في القرآن والسنّة والإجماع !!

 
وكان السؤال الخطير الذي يراعي، بلا ريب، مستوى الطلاّب العمريّ والذهنيّ يقول: " ما حكم الغناء مع الدليل؟"

وأجاب المدرّس الذي طرح السؤال العبقريّ عن سؤال ما العمل إذا أجاب الطلاّب بأنّ الغناء مباح؟ فقال : " لو أجاب طالب فأنا ملزم بنصّ المنهج، وهو أنه محرّم، ونحن وطلابنا غير ملزمين بالاختلافات، بل ملزمون بالمنهج، وهو ما اعتمده العلماء ومدعوم بآيات، وأحاديث نبوية، وإجماع أهل العلم.." وأضاف بأنّ "منهج الحديث للصفّ الأوّل الثانويّ قامت عليه جهة إشرافية معتمدة ومسؤولة في وزارة التعليم، وهي التي ألّفت الكتاب ووافقت عليه، ولا يحقّ لنا الافتئات عليها.." واستطرد، بثبات ويقين : "منهجنا معروف لكلّ من لديه تلميذ يدرس بالصفّ الأوّل الثانويّ، وحكم الغناء معروف للصغير والكبير في مجتمعنا.."

 

وكان الشيخ عادل الكلباني إمام الحرم المكّي السابق قد أجاز الغناء مستشهداً بالنووي وابن كثير، واشترط أن يكون بقصد الترويح، وألاّ يكون الكلام فاحشاً حسب قول "ابن حزم"، وقال، كما نقلت عنه جريدة "الوطن" بتاريخ 24 – 6 – 2010 : "يجب ألاّ يكون الغناء الهمّ الأوحد للشخص، وأنّه لا مانع من الأغاني إذا كانت بدون نساء ولم يكن كلامها فاحشاً". واتّهم الشيخ الكلباني زميله الشيخ عائض القرنيّ بـ"غفلة الصالحين"، لأنّه يحرّم الغناء من جهة، ويكتب لمحمّد عبده من جهة ثانية !!

 
هذا الاجتهاد "الخطير" كلّف الشيخ انتقادات طبقة "علماء" الدين ليس آخرها انتقادات الشيخ صالح اللّحيدان صاحب الفتوى الشهيرة بقتل ملاّك الفضائيّات ( مجمع البيان في نصرة صالح اللحيدان وبذيله الفشوش في حرب الدشوش ) الذي أكّد أنّ الكلباني إمام مسجد ومقرئ وليس عالماً مؤهلاً لتقديم الفتاوى. ثمّ قطع مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ الخلاف بردّه على من يجيز الغناء والعياذ باللّه فقال: "إنّ العلماء لا يحرّمون بأهوائهم وإنّما يحرّمون بالدليل من الكتاب والسنة، فلمّا رأوا أنّ نصوص السنّة على ذمّ الغناء، والقرآن في ظاهره كذلك، كما قال ابن مسعود: والله الذي لا إله غيره إنّ لهو الحديث هو الغناء، فهذه أمور واضحة وجليّة، فالعلماء الذين حرّموا الغناء ما حرّموه عبثاً. ولابن القيم في إغاثة اللّهفان أصول متعدّدة ذكر فيها شبهة المبيحين وأدلّتهم جميعاً وبيّن الحق من الباطل، والمسلم الذي يؤمن بالله لا يسمع ألفاظاً وقحة شنيعة فيها من الفحش والقبح ما يصد الإنسان عن سماعها، فالمسلم إذا سمع الأغاني وألفاظها لا يتصور أن الإسلام يجيز هذا.."

 
وفي أثناء كلّ ذلك، تستمرّ مأساة هؤلاء الطلاّب وغيرهم من المتعلّمين الواقعين بيْن فكّي كمّاشة، فهم يشاهدون الفضائيّات التي يمتلكها أبناء جلدتهم ودينهم ومذهبهم تبثّ الغناء صباح مساء، ويرون ولاة أمورهم يحضرون الحفلات الغنائيّة، وفي صدارتها أوبريت "الجنادريّة" التي يجتمعون عليها كلّ عام، ويدرّسون، في المقابل، بأنّ الغناء رُقْية إبليس وبريده، وبمثل ذلك يخبّرهم خطباء المساجد والمفتون وممثّلو "الوان مان شو" في فضائيّات "العفّة".

 
وضع صعب لا يرجوه أحدٌ لهذا الجيل الذي نعدّه للمستقبل بمثل هذه المناهج التعليميّة المرتبكة والمتناقضة والمتخلّفة، وبمثل هذه الترّهات التي صارت شغل الناس في أيّامهم ولياليهم و كأنّنا فضضنا كلّ مشاكلنا و لم يبق سوى البتُّ في شرعيّة الغناء






lundi 21 juin 2010

اعــتـــــــــــــذار

حين أستعيرك من ذاتك

تحطّ أجنحة كلماتي على أوتار صوتك

و يختبئ خجلي تحت جلدك

و يذوب قلقي عند حنايا حنانك

و تلتفّ رجفتي بلحاف ذراعيك

أفضّل أن أبقى في العتمة على أن أشبّهك

بالشمعة التي تنير ليلي

فأنا أخاف عليك من الانطفاء

و أفضّل ألاّ أكتب على أن تكون الحبر

الذي يتدفّق في شراييني

خشية أن تجفّ يوما

تبكيني الكلمات التي أكتبها

فأنا لم أكن أعرف أنّني حزينة

إلى حدّ الكتابة

و وحيدة إلى درجة أن أعيد قراءة

ما كتبت

عند الحديقة الليليّة

أرحل مع المساء إليك

أنا و القارب و المجداف

و مقعد مهجور

يشكو إلى النوارس يُتمَه

يقطف الليل ألف نجمة و نجمة

و يرصّع بها رأسي الثقيل

يا ليلُ خذ نجومك

و ردّ للرأس مفرشه اللذيذ

dimanche 13 juin 2010

مقبـــول

بعد انقباض و ألم قال طبيبي : " إبنكِ مقبولُ الجمال ، مقبول التجاوب .. مقبول القبول. "

و نسي حتّى أن يُهنّئ بالمولود الجديد و يطمئنّ على صحّة الوالدة . قالت .

من الغد شرعتْ في تهذيب الموهبة و قراءة كتب نقد كثيرة لتحسين السّلالة .

mardi 1 juin 2010

قمّة عربيّة طارئة

انعقد يوم أمس اجتماع طارئ لقادة الدول العربيّة تناول تداعيات الوضع الرّاهن في الأراضي المحتلّة ( و ما أكثرها .. الأراضي و أنواع الاحتلال ) . فمنذ ساعات الصّباح الأولى شهد مطار عاصمة البلد المُضيف حركيّة غير عاديّة إذ ازدحم بفرق الرّاقصين و المنشدين و اصطفّت أمام قاعة الاستقبال ثلّة من أطفال المدارس يحملون باقات الورود في جوّ احتفاليّ ، كما تجري الاستعدادات في الملاهي الليليّة على قدم و ساق لاستقبال الوفود حسب القائمة الرسميّة الصّادرة عن وزارة الخارجيّة الأمريكيّة . و قد أفاد مراسلنا تخلّف تسعة قادة بين ملوك و أمراء و رؤساء عن القمّة الطّارئة بينما أرسل الآخرون وزراء الخارجيّة لينوبوهم ، هذا و قد سجّلنا تعذّر الحضور على رئيس الدّولة المضيفة بسبب رحلة علاجه إلى ضفاف الكاراييبي. في حين قاطع القمّة ثلاثة قادة كاحتجاج على غياب هيفاء وهبي من برنامج السّهرة .

و ظلّ مجلس الجامعة منعقدا طيلة عشرين دقيقة كاملة تدارس خلالها كلّ النّقاط المدرجة بجدول الأعمال و على رأسها القضيّة العجوز ألا وهي توفير ياغرطة لكلّ فم، كما تباحث القادة سُبُلَ التعاون المشترك و تبادل الخبرات في مجال قَلْيانْ البْريكْ و أكّدوا على عزمهم الدّائم في دفع عمليّة السّلام أو دفع أيّ شيء قابل للدَّفع .

و قد عَلِمنا منذ لحظات بعض التوصيات التي جاءت في مسَوَّدة اللاّئحة العامّة نتلوها على حضراتكم في انتظار صدور البيان الختامي لمجلس الجامعة .

من هذه النّقاط :

ـ إذا كان التعليم باهظ الثمن ، فجرّب الجهل .. قد يكون أقلّ كلفة

ـ لا تخاطِبْ شعبَك إذا كان جائعا و لا عندما يكون شبعانا

ـ هناك صنفان من النّاس : الصنف الأوّل الذين يقولون إنّ النّاس صنفان ، و القسم الثاني الذين لا يقولون ذلك

ـ إذا أردتَ أن لا يسمعك شعبك فاخطُبْ فيه

ـ في كلّ جهاز دولة شخصٌ يفهم تحديدا ما الذي يحدث ، ذلك الشخص يجب أن يُفصَل

ـ مجموع محصّلات الذكاء في العالم العربي رقم ثابت و عدد السكّان هو الذي يزداد

ـ على النّاس الذين يحبّون النّقانق (المرقاز) و يحترمون القانون أن لا يروا مطلقا كيف يتمّ صنع الإثنين



هذا و سنوافيكم بالتفاصيل في محطّات إخباريّة لاحقة

samedi 29 mai 2010

راكْ ما تعرفنيش شكون

آلاف العباد يكلّمو بعضهم كلّ يوم

و فيهم الّي يعرفو بعضهم من سنين

يكفي باش يتعاركو زوز باش واحد منهم يقول للاخر : ماكش عارف مع شكون تتكلّم راك

المصيبة أنّه يعرفه مليح أما هو شادد صحيح إلّي صاحبه ما يعرفش مع شكون قاعد يتكلّم

يزيد يقدّم معاه خطوة في العركة و يسبّه

وقتها يقلّه : آه ردّ بالك هاك بديت تغلط ، راك ما تعرفنيش شكون

يوخّر و يقدّم لاخر و يضربه

يولّي صاحبنا يتذوبل و يشهّد في العباد

و هو يقول : تضرب فيّ ماو ؟ إشهدو عليه ، و الله ما تمشيلك مانعة . / و يقف غادي / و يبدا يلوّج في شكون يسامحهم على بعضهم

كان ما يلقاش ، يمشي ، و كيف يبعد ، إذا كانو معاندي أهوك يقول سَبَّة والا زوز

............................................

كاينّي سمعت شيْ قديم يشبّه لهذا ، الحكاية عندها قرون و الّي يقولو فيها مازالو ما أيّسوش

ملّي بدات تظهر الأطماع الاستعماريّة ، جماعة يَضربو و جماعة يقولولهم : و الله لا تمشيلكم مانعة ، ما تعرفوناش أحنا شكون ، كان ندعيو عليكم توّا تمشيو غَـبْرَة .

خَــــرِّفْ

mercredi 26 mai 2010

رحلوا في صمت 1 : خليل حاوي .. شاعر المنفى الحزين

    بيروت 1919 - 1982
درس في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشرة حين مرض والده فاضطر إلى
احتراف مهنة البناء ورصف الطرق، وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف كان كثير القراءة والكتابة ونَظَم الشعر الموزون والحرّ بالفصحى والعامية.

علَّم حاوي نفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية حتى تمكن من دخول المدرسة ثم الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج منها بتفوق مكنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية فنال منها شهادة الدكتوراه. وعاد بعدها إلى لبنان ليعمل أستاذا في الجامعة التي تخرج فيها واستمر في هذا العمل حتى وفاته.

منذ بداياته بدا شعر خليل حاوي وكأنه قد (أدخل رعشة جديدة على الشعر)العربي، كما قال فكتور هيغو عن شعر بودلير.

فقد ابتعد حاوي عن ارتياد الموضوعات الوصفية والمعاني والصور المستهلكة في شعره واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره.



كانت الرموز قوام شعره ، وهي رموز حسية ونفسية وأسطورية وثقافية. كما عرف شعره الرموز المشهدية التي ضمت في قلبها رموزًا متعددة ومتوالدة. ومع دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت لم يتحمل الشاعر خليل حاوي ما رآه فأطلق النار على راسه في منزله في شارع الحمرا في بيروت فتوفي منتحراً.

نشرت سيرته الذاتية بعنوان رسائل الحب والحياة وذلك بعام 1987.

 من دواوينه

نهر الرماد عام1987

الناي والريح عام 1961

بيادر الجوع عام 1965

ديوان خليل حاوي عام 1972

الرعد الجريح عام 1979

من جحيم الكوميديا عام 1979

ما زال انتحار الشاعر خليل حاوي غداة الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982 سراً يتوّج حياته وشعره في آن واحد. قيل الكثير عن هذا الانتحار وأعاده بعضهم الى الهزيمة العربية الجديدة بُعيد الاجتياح، لكنّه لا يزال عصياً على التفسير وغامضاً أو ملغزاً. وما يزيد من غموضه أن الشاعر حاول الانتحار مرتين أو ثلاثاً في سنواته الأخيرة وفشل. وكان في تلك السنوات وحيداً جداً، خائباً خيبات عدة، شخصية وقومية، متوتراً ومتألماً لأسباب شبه مجهولة. وكان بدأ يلمح طيف الشيخوخة يلوح في الأفق المغلق، مهدداً إياه، هو الشاعر النبيل والمترفّع.

قد يُظلم خليل حاوي إن فُسّر انتحاره تفسيراً سياسياً وقومياً فقط. الخيبة السياسية سبب ضئيل من أسباب أخرى تراكمت حتى أغلقت كلّ المنافذ في وجهه. وجاء الاجتياح ذريعة أخيرة لينهي شاعر «نهر الرماد» حياته. خرج الى الشرفة وأطلق النار على نفسه. طبعاً لم يكن خليل حاوي قادراً على أن يبصر جيش العدو «يختال» في شوارع بيروت. كانت تلك اللحظة بمثابة الشرارة التي ألهبت النار في تلك الروح المهيضة.

كتبت القاصة العراقية ديزي الأمير التي كانت حبيبة خليل حاوي خلال سنوات، إنه كان يعاني مرض «الصرع». بعض الأهل والأقارب كانوا يقولون إن ورماً في الرأس كان يوقعه في حالات من التوتر والألم، وكان من الصعب إزالته بجراحة. مثل هذه الأقاويل لم تكن إشاعات مع أن الشاعر العزيز النفس لم يكن يبوح بها لأحد مؤثراً مواجهة المرض وحيداً ومكابراً. لكنّ قصائده القصيرة التي كتبها قبيل سنة أو سنتين من رحيله المأسويّ تشهد على ما كان يلمّ به من أزمات نفسية وقلق وأرق وكآبة وخيبة… وأولى تلك الأزمات تمثلت في عجزه عن الكتابة وكأنه كان يشعر في طويته ان الشعر خانه واللغة خانته: «فاتني الإفصاح/ أدركت محاله…» يقول. أزمة الورقة «البيضاء» التي آلمت كثيراً شاعراً فرنسياً هو ستيفان مالارمي عاشها خليل حاوي في أيامه الأخيرة، هو الذي كان شديد الإعجاب بهذا الشاعر ودرّس في الجامعة نظريته «الخلق من عدم». وحلّت هذه الأزمة في مرحلة مأزومة من حياته. فالشاعر الذي أضحى سريره «من إبر» كما يقول، بات «يبلو طوال الأمسيات السود/ صمتاً يتلوّى، صرعة تطول». يا لهذه الليالي التي عاشها خليل حاوي وحيداً، مهيضاً، خائباً، صامتاً… حتى صراخه أصبح كتوماً، أخرس، لا يسمعه أحد، لا من قريب ولا من بعيد: «طال صمتي/ مَن تُرى يسمع صوتاً صارخاً/ في صمته/ يسمع صوتي؟»، يقول أيضاً في إحدى القصائد الأخيرة. وكان من الطبيعي أن يهجس الشاعر بالانتحار، في غمرة هذه المأساة المتعددة الوجوه، مأساة الجسد والروح، مأساة الشعر والوجود، مأساة الحياة والقدر… لم يبق لدى الشاعر ما يحلم به، لم يبق من أمل ولو ضئيل. خانته المبادئ العليا، خانته العروبة وخانه الشعر وخانه الوطن والجسد والروح. ولم يبق أمامه إلا ليقول: «فلأمت غير شهيد/ مفصحاً عن غصّة الإفصاح/ في قطع الوريد…». كم تعبّر هذه الأسطر الشعرية عن مأسوية الحال التي بلغها الشاعر، ذلك «السندباد» الذي خذله العبث والعدم بعد جولته الطويلة في ليل النفس والوجود. الشاعر التموزي خذلته أيضاً «شمس الحصيد» وحطمت الريح نايه الحزين. وها هو «العازر» يرفض الحياة والقيامة ويسقط في قبره يائساً وموحشاً: «عمّق الحفرة يا حفار…».

في الذكرى الثامنة والعشرين لرحيل خليل حاوي لا بد من طرح سؤال ملحّ: ماذا بقي من شاعر «نهر الرماد»؟ هذا السؤال طُرح كثيراً من قبل وكانت بعض الأجوبة عليه قاسية. الشعراء العرب الشباب نادراً ما يقرأون خليل حاوي، بل إن بعضاً من هؤلاء يعتبرون أنّه دخل «متحف» الحداثة والعروبة منذ أن انطوت «صفحة» القومية العربية وغدت نتفاً من الذكريات. شعراء آخرون ينتقدون مشروعه الشعري «الحضاري» الذي طالما ناءت به قصائده، حتى أمست قصائد أفكار ومواقف لا علاقة لها بالحياة والذات الانسانية. ويأخذ شعراء «تفعيليون» على شعر خليل حاوي رتابته الايقاعية وثقله الموسيقي وخلوه من الرقة والغنائية… هذه آراء يصعب تجاهلها اليوم خصوصاً بعدما أصبح حاوي بلا مريدين ولا تلامذة وبعد أن يكاد أثره يختفي من المعترك الشعري الراهن. أضحى حاوي حاضراً في أذهان فئة من النقاد الأكاديميين، وبعضهم درسوا عليه جامعياً، أكثر من حضوره في وجدان الشعراء الشباب.

لكن انحسار ظلّ خليل حاوي شاعراً قد لا يكون مأخذاً عليه، فهو واحد من الشعراء الذين رسخوا ثورة الشعر الحديث، وقد ابتدع لغته ورموزه ومشروعه الشعري – الحضاري الخاصّ متأثراً بشعراء عالميين كبار. ويجب عدم تناسي وجهه الآخر المضيء وجه الناقد الحصيف والعميق والمثقف. وأعماله النقدية التي أفاد منها طلابه الكثر تندّ عن وجهه هذا. ودراسته الأكاديمية عن جبران هي من أهم المراجع النقدية في الحقل الجبراني.

إلا أن أجمل قصيدة كتبها خليل حاوي قد تكون انتحاره. هذه القصيدة الرهيبة التي كتبها بالدم والنار جعلت منه رمزاً بل جعلت منه ذلك «البطل» الذي كثيراً ما تغنى به في شعره وكثيراً ما حنّ اليه، «البطل» الذي لا ينتصر فقط على عاهات الحلم القومي العربي بل على عاهات الزمن نفسه. ولعل خليل حاوي انتصر في انتحاره حقاً على كل العاهات التي اعترته واعترت الوطن الذي حلم به. وقصيدة الانتحار هذه لا تقلّل من قوة قصائده الأخرى، بل تزيدها متانة ونزقاً.

يقول الشاعر الألماني نوفاليس: «الفعل الفلسفي الحقيقي هو الانتحار». وانتحار خليل حاوي لا يمكن أن يُقرأ إلا فعلاً فلسفياً حقيقياً، فعلاً شعرياً حقيقياً.


دَاري التي أَبحرتِ غرَّبتِ معي,



وكنتِ خيرَ دارْ



في دوخةِ البحارْ



وغربةِ الديارْ,



والليلُ في المدينهْ



تمتصُّني صحراؤُه الحزينهْ



وغرفتي ينمو على عَتْبَتِها الغبارْ



فأَبتغي الفرارْ,



أَمضى على ضوءٍ خفيٍّ



لا أَعي يقينَهْ



فتزهر السكينهْ



وأَرتمي والليلَ في القطارْ



***



رِحلاتيَ السبعُ وما كنَّزْتُهُ



مِنْ نعْمةِ الرحمانِ والتجارَهْ



يومَ صرعت الغُولَ والشيطَانَ



يومَ انشقَّتِ الأكفانُ عنْ جسمي



ولاحَ الشقُّ في المغارهْ,



رَوَيْتُ ما يَرْوُونَ عنِّي عادةً



كَتَمْتُ ما تعْيَا لهُ العِبارَهْ



ولم أَزَلْ أَمضى وأَمضى خلْفَهُ



أُحسُّهُ عندي ولا أَعيهِ



وكيفَ أَنساقُ وأَدري أَنني



أَنساقُ خلف العري والخسارَهْ



أودُّ لو أَفرغتُ داري عَلّهُ



إن مرَّ تُغْويه وتدَّعيهِ



أُحسُّه عندي ولا أَعيهِ.



( 2 )



وكان في الدارِ رواقٌ



رَصَّعَتْ جدرانَهُ الرسومْ



موسى يَرى



إزميل نارٍ صاعقَ الشرَرْ



يحفرُ في الصخْرِ



وصايا ربِّهِ العَشَرْ:



اَلزفتُ والكبريتُ والملحُ على سَدُومْ.



هذَا على جدارْ



على جدارٍ آخرٍ إطارْ:



وكاهنٌ في هيكلِ البعْلِ



يُرَبِّي أُفعُوَانًا فاجرًا وَبُومْ



يَفْتَضُّ سرَّ الخصبِ في العَذَارى



يهلِّلُ السكارى



وتُخصبُ الأرحامُ والكرومْ



تُفَوِّرُ الخمرةُ في الجِرَارْ.



على جدارٍ آخرٍ إطارْ:



هذا المعَرِّي,



خلف عينَيْهِ



وفي دهليزِهِ السحيقْ



دنياهُ كيدُ امرأَةٍ لم تغْتسِلْ



من دمِها, يشتمُّ ساقَيْها وما يُطِيقْ



شطَّي خليجِ الدنسِ المطليِّ بالرحيقْ



تكويرةُ النهدينِ من رغوتِهِ



وسوسنُ الجباهْ,



اَلمجرمُ العتيقْ



والثمرُ المرُّ الذي اشتهاهْ.



***



من هذه الرسومْ



يرشحُ سيلٌ



مثقلٌ بالغَازِ والسمومْ



تمتصُّهُ الحيَّةُ في الأنثى



وما في دمها من عنصر الغَجَرْ



والنِمرُ الأعمى وحمَّى يدهِ



في غَيرةِ الذكَرْ:



"لوركا" و"عُرسُ الدمِ" في إسبانيا



وسيْفُ ديكِ الجِنِّ يوم ارتدَّ من حماهْ



اَلعُنُقُ العاجِيُّ نهْرٌ أَحْمَرٌ



يا هولَ ما جمَّدَهُ الموتُ على الشفاه.



هذا الدمُ المحتقنُ الملغُومُ في العُروقْ



تعضُّهُ, تكويهِ ألفُ حُرْقَهْ



وفي حنايا دَرَجٍ



في عَتْمَةِ الأَزقَّهْ



حشرجةٌ مخنوقةٌ وشهقَهْ.



***



عاينتُ في مدينةٍ



تحترفُ التمويهَ والطهاره



كيف استحالتْ سمرةُ الشمسِ



وزهوُ العمرِ والنضارهْ



لغصَّةٍ, تشنُّجٍ, وضيقْ



عبرَ وجوهٍ سُلختْ من



سورها العتيقْ,



عاينتُ في الوجوهْ



وجهَ صبيٍّ ناءَ بالعمرِ



الذي أتلفَهُ أبوهْ



وأَطعمَ الجوعَ من الأفيونِ



رؤْيا خلَّفتهُ يعلكُ اللِّجامْ



وبعدَ حينٍ يحمدُ الصيامْ.



مدينةُ التمويهِ والطهارهْ



مدينةُ (...) تستفيقْ



فتبصرُ الأدغالَ تغْزو سورَها العتيقْ



وتبصرُ الحجارَهْ



تفرُّ في الطريقْ



ومن كهوفٍ شبعتْ مرارَهْ



تفورُ قطعانٌ جياعٌ



ليسَ يرويها سوى التدمير والحريقْ



***



هذا الدمُ المحتقنُ الملغومُ في العروقْ



( 3 )



بَلَوتُ ذلك الرِّوَاقْ



طِفلاً جَرَتْ في دمهِ الغازاتُ والسمومْ



وانْطَبَعتْ في صدرِهِ الرسومْ



وكنتُ فيه والصحابَ العتاقْ



نرفِّهُ اللؤْمَ, نحلِّي طعْمَهُ بالنفاقْ



بجُرْعةٍ من "عَسَلِ الخليفَهْ"



"وقهوة البشيرْ"



أُغَلِّفُ الشفاهَ بالحريرْ



بطانةِ الخناجرِ الرهيفَهْ



لحلوتي لحيَّةِ الحريرْ



***



سلَختُ ذاكَ الرِّواقْ



خلَّيتْهُ مأْوى عتيقًا للصحابِ العِتاقْ



طهّرْتُ داري من صدى أشباحِهِمْ



في الليل والنهارْ



من إلِّ نفسي, خنجري,



لِيني, ولينِ الحيَّةِ الرشيقَه,



عشتُ على انتظارْ



لعَلّهُ إن مَرَّ أُغويهِ,



فما مرَّ



وما أرسلَ صوبي رعدَهُ, بروقَهْ.



طلبتُ صحوَ الصبح والأمطَارَ, ربِّي,



فلماذا اعتكرتْ داري



لماذا اختنقَتْ بالصمتِ والغُبارْ



صحراءَ كلسٍ مالحٍ بَوَارْ.



وبعدَ طعْمِ الكلسِ والبَوَارْ



اَلعَتْمَةُ العَتْمَةُ فارَتْ مِنْ



دهاليزي, وكانت رَطْبةً



مُنْتِنَةً سخينَهْ



كأَنَّ في داري التقَتْ



وانسكبَت أَقنيةُ الأوساخِ في المدينَهْ,



تَفُورُ في الليلِ وفي النهارْ



يعُود طعْمُ الكلس والبَوَارْ



وذاتَ ليلٍ أرْغَتِ العَتمةُ



واجترَّتْ ضلوعَ السقفِ والجدَارْ,



كيف انطوى السقفُ انطوى الجدارْ



كالخرقةِ المبتلَّةِ العتيقَهْ



وكالشراعِ المرتمي



على بحارِ العَتْمَةِ السحِيقَهْ,



حفُّ الرياحِ السودِ يُحْفيهِ



وموجٌ أَسودٌ يعلِكُهُ,



يرميهِ للرياحْ,



أغلقتِ الغَيْبوبةُ البَيْضاءُ عَيْنَيَّ



تركتُ الجَسدَ المطحونَ



والمعْجونَ بالجراحْ



للموجِ والرياحْ



( 4 )



في شاطىءٍ من جُزُرِ الصَّقيعْ



كنتُ أَرى فيما يَرَى المُبَنَّجُ الصريعْ



صحْراءَ كلْسٍ مالحٍ, بَوارْ,



تمرجُ بالثلجِ وبالزهرِ وبالثِّمارْ



داري التي تحطَّمَتْ



تنهضُ من أَنقاضِها,



تختلِجُ الأخشابُ



تلْتمُّ وتحيا قُبَّةً خضراءَ في الرَّبيعْ



لن أَدَّعي أَنَّ ملاكَ الربِّ



ألقى خمرةً بكرًا وجمرًا أخضرًا



في جسدي المغْلُولِ بالصقيعْ



صفَّى عروقي من دمٍ



محتقنٍ بالغَازِ والسمومْ



عن لوحِ صدري مسحَ



الدمغَاتِ والرسومْ,



صحوٌ عميقٌ موجُهُ أُرجوحةُ النجومْ.



لن أَدَّعي, ولستُ أَدري كيفَ,



لا, لعَلَّها الجراحْ,



لعلَّهُ البحرُ وحفُّ الموجِ والرياحْ



لعلَّها الغَيْبوبةُ البيضاءُ والصقيعْ



شدَّا عروقي لِعُروقِ الأرضِ



كانَ الكفنُ الأبيضُ درعًا



تحتَهُ يختمرُ الربيعْ,



أَعشبَ قلْبي,



نبضَ الزنبقُ فيهِ,



والشراعُ الغَضُّ والجناحْ,



طفل يغَنّي في عروقي الجهلُ,



عريانٌ وما يُخلجني الصباحْ,



اَلنبضةُ الأولى,



ورؤْيا ما اهتدت للَّفظِ



غصَّتْ, أَبرقتْ وارتعَشَتْ دموعْ



هلْ دعوةٌ للحُبِّ هذا الصوتُ



والطيفُ الذي يلْمعُ في الشمس



تجسَّدْ واغْترفْ من جَسَدي



خبزًا وملْحًا,



خمرةً ونارْ,



وحدي على انتظارْ



أفرغتُ داري مرة ثانيةً



أَحيا على جمرٍ طريٍّ طَيبٍ وجوعْ



كأَنَّ أَعضائي طيُورٌ



عَبَرَتْ بحارْ



وحدي على انتظَارْ



( 5 )



في ساحة المَدينهْ



كانَتْ خُطَاها



زورقًا يجيءُ بالهزيجْ



من مَرَحِ الأمواجِ في الخلِيجِ



كانَتْ خُطَاها تكسرُ الشمسَ



على البلَّورِ, تسقيهِ الظلالَ



الخضرَ والسكينهْ,



لمْ يَرَها غيري تُرَى



في ساحةِ الْمدينَهْ?



لم تَرَها عينٌ من العُيونْ.



اَلعُمرُ لن يقولْ



يا ليتَ من سنينْ



ملءُ دمي وساعدي



أَطيَبُ ما تزهو به الفصولْ



في الكرم والينْبوعِ والحقولْ,



اَلعُمرُ لن يقولْ



يا ليتَ من سنينْ.



( 6 )



داري تعاني آخرَ انتظارْ



وقعُ الخطى الجَريئهْ



تُفتِّقُ المرجانَ والمرجَ



بأَرض الدارِ والجدارْ,



مرآةَ داري اغتسلي



من همِّكِ المعْقودِ والغُبارْ



واحتفلي بالحلوةِ البريئهْ



كأَنها في الصبحِ



شُقَّتْ من ضلُوعي



نبتتْ من زنبقِ البحارْ



ما عكَّرَ الشَّلالَ في ضحكتها



والخمرَ في حلْمَتِها



رعبٌ من الخطيئهْ



وما دَرَتْ كيْفَ تروغُ الحيَّةُ



الملْساءُ في الأقبيَةِ الوَطيئهْ,



اِحتفلي بالحلوَةِ البريئهْ



بالصحوِ في العيْنَيْنِ,



ما صحوُ الشعاعِ الغَضِّ



عَبْرَ النبعِ والثلوجْ,



بالصدرِ والخصرِ,



ترى ما تربةُ المسكِ



طريًّا دافئًا



ما بيْدرُ الحنطةِ والمروجْ



ما سُمْرةُ الصَّيْفِ على الثمارْ



ما نكهةُ البهارْ



ما كلُّ ما رَوَيْتْ



خلَّيْتُ للغَيرِ كنوزَ الأرضِ



يكفيني شبِعْتُ اليومَ وارتَوَيْتْ,



اَلحلوة البريئهْ



تُعْطي وتدري كلَّما أَعطَتْ



تَفُورُ الخمْرُ في الجِرَارْ



بريئةٌ جريئهْ



جريئةٌ بريئهْ



في شفَتيْها تُزبدُ الخمْرُ



وتصفُو الخمرُ في القَرارْ



لن يتخَلَّى الصُّبحُ عنا



آخِرَ النَهارْ.



( 7 )



وليلُ أَمسِ كانَ ليلَ الجنِّ



والزوبعَةِ السوداءِ



في الغَاباتِ والدروبْ



مال إليْنا الزنبقُ العريانُ



أَدفأناهُ باللمسِ وزودْناهُ بالطيُوبْ



أَوَتْ إليْنا الطيرُ



من أعشاشِها المخرَّبَهْ



رُحْنا مع القافلَةِ المغَرِّبَهْ



في أرخبيلِ "الجُزُرِ الحِيتانِ"



حوَّلْنا استرحنَا والتحَفْنَا الليْلَ والغُيُوبْ,



غريبةٌ ومثلُها غريبْ



حيْثُ نَزلْنا ارتفعَتْ



دارٌ لنا ودَارْ



خَفَّ إليْنا ألفُ جارٍ مُتعَبٍ وجارْ



في دَوْخةِ البحارْ



وغُرْبةِ الديَارْ



( 8 )



ولم أزَلْ أَمضى وأَمضى خلْفَهُ



أُحسُّهُ عنْدي ولا أَعيهِ



أَودُّ لو أفرغتُ داري علَّهُ



إنْ مرَّ تُغْويهِ وتدَّعيهِ



أُحسُّهُ عنْدي ولا أَعيهِ.



***



تمضي إلى غُرفتها



تعْثرُ في وَحْشتي,



وحدي,



مَدى عَتْمَتي



مَدى ليالى السهَادْ



دقَّاتُ قلْبي مثلُ دَلْفٍ أَسودٍ



تحفِّرُ الصمتَ



تزيدُ السوادْ,



وكانَ ما عاينتُ ممَّا ليْسَ



يُروى عادةً أَو يُعَادْ:



بئرٌ جفافٌ فوَّرَتْ,



وفورَتْ من عَتْمتى منارَهْ



أُعاينُ الرؤيا التي تصرعني حينًا,



فأَبكي,



كيْفَ لا أَقوي على البشارَهْ?



شهرانِ, طالَ الصمتُ,



جفَّتْ شَفَتي,



مَتَى مَتَى تُسعِفُني العبارَهْ?



وطالما ثُرْتُ, جلدتُ الغُولَ



والأَذنابَ في أَرضي



بصقتُ السم والسبابْ,



فكانتِ الأَلفاظُ تجري من فمي



شلاَّلَ قطْعَانٍ مِن الذئابْ,



واليَومَ, والرؤيا تغَنِّي في دمي



برعشَةِ البرق وصحو الصباحْ



وفطرةِ الطيرِ التي تَشْتَمُّ



ما في نيَّةِ الغاباتِ والرياحْ



تُحِسُّ ما في رَحِمِ الفَصْلِ



تَرَاهُ قبلَ أن يولدَ في الفُصُولْ,



تُفَوِّرُ الرؤْيا, وماذَا,



سوف تأتي ساعةٌ,



أَقول ما أَقولْ:



( 9 )



تحتلُّ عَيْنيَّ مروجٌ, مُدْخَناتٌ



وإلَهٌ بَعْضُهُ بَعْلٌ خصِيبٌ



بعْضُهُ جبَّارُ فحْمٍ ونارْ,



ملْيُونُ دارٍ مثلُ داري ودارْ,



تزهو بأَطفالٍ غصُونِ الكرمِ



والزيتونِ, جمرِ الربيعْ



غبَّ ليَالى الصَّقيعْ



يحتلُّ عيْنيّ رِواقٌ شمختْ



أَضلاعُهُ وانعَقَدَتْ عَقْدَ



زنودٍ تبتنيهِ, تبتني المَلْحَمَهْ



ومن غِنى تربتنا تستنبتُ



البلَّورَ والرخامْ



تكدَّسَ البلَّورُ من رؤيا عيُونٍ



ضوَّأَتْ واحترقتْ في حلَكِ الظَلامْ



وفرَّخَتْ أَعمدةُ الرخامْ



من طينَةِ الأَقبيَة المعْتِمَهْ



تلْك التي مصَّتْ سيُولَ الدمعِ,



مصَّتْ رَبَواتٍ



من طحينِ اللحْمِ والعِظَامْ



واختمرتْ لألفِ عامٍ أَسودٍ وعامْ



فكيْفَ لا يفرخُ منْها ناصعُ الرخامْ



أَعمدةً تنمو ويعْلوها رِواقٌ أَخضَرٌ



صَلْبٌ بوجهِ الريحِ والثلوجْ



اَلمِحورُ الهادىءُ والبرجُ الذي



يصْمدُ في دوَّامَةٍ تبتلِعُ البروجْ



***



رؤيا يقين العَينِ واللمسِ



وليْست خَبَرًا يحدو به الرواةْ



***



ما كانَ لي أن أحتفي



بالشمْسِ لو لم أرَكُمْ تغْتَسِلُونَ



الصُّبحَ في النِّيلِ وفي الأردنِّ والفُراتْ



من دمغَة الخطيئهْ



وكلُّ جسمٍ ربوةٌ تجوهرتْ في الشمْسِ,



ظلٌّ طيِّبٌ, بحيرةٌ بريئهْ.



أَمَّا التماسيحُ مَضَوا عن أرضِنَا



وفارَ فيهم بحرُنا وغَارْ



وخلَّفُوا بعْضَ بقايا



سُلِخَتْ جلُودُهُمْ,



ما نبتَتْ مطرحَها جلُودْ,



حاضرُهُم في عَفَنِ الأمس الذي



ولَّى ولنْ يَعُودْ



أَسماؤهمْ تحرقُها الرؤيا بعَينيَّ



دخانًا ما لها وجودْ.



***



ربِّي, لماذَا شاع في الرؤيا



دخانٌ أحمرٌ ونارْ?



أَحببتُ لو كانت يدي سيْلاً,



ثلُوجًا تمسحُ الذنوب



من عَفَنِ الأمس تنمِّي الكرْمَ والطيُوبْ,



تضيعُ في بحري التماسيحُ



وحقدُ الأنهرِ الموحلَهْ



وينبعُ البَلْسَمُ من جرحٍ



على الجُلْجُلَهْ.



أَحببتُ, لا, ما زالَ حبّي مطرًا



يسخُو على الأخضَرِ في أرضي,



عداهُ حطَبٌ وَقودْ



تحرقها الرؤيا بعَينيَّ دخانًا



ما لها وجودْ,



وسوف يأْتي زمنٌ أَحتضنُ



الأرضَ وأَجلو صدرَها



وأَمسَحُ الحدودْ



( 10 )



رِحلاتيَ السبْعُ رواياتٌ عن



الغُولِ, عن الشيطَانِ والْمَغارَهْ



عن حِيَلٍ تعْيا لها المَهارَهْ,



أُعيدُ ما تحكي وماذَا, عَبَثًا,



هيهاتِ أَستعِيدْ,



ضيَّعتُ رأس المالِ والتجَارَهْ,



ماذا حكى الشلاَّلُ



للبِئرِ وللسدودْ



لريشةٍ تجوِّدُ التمويه تُخفِي



الشحَّ في أقنِية العِبَارَهْ



ضيَّعْتُ رأس المالِ والتجارَه,



عدتُ إليكم شاعرًا في فمه بشارَه



يقولُ ما يقولْ



بِفِطرةٍ تحسُّ ما في رَحِمِ الفَصْلِ



تراهُ قَبْلَ أن يولدَ في الفُصُولْ