vendredi 21 janvier 2011

هل أتاك حديث الرّكوب بالمجّان ؟

أن يحضر " المثقَّفون " موكبَ دفن صديق أو زميل أو قريب في الأيّام العاديّة فيختفون خلف نظّاراتهم السوداء و ينشغلون عن الدفن و المدفون باستعراض تنظيراتهم في محاولة من الجميع تعليمَ الجميع ، و الكلُّ يعلم ما لا تعلمون ، و قد تُعقَد في المقبرة ، بالمناسبة لا ضير ، صفقاتٌ و اتّفاقات بين مطرب من الدرجة الثالثة من هنا و ملحِّن من الدرجة المائة من هناك ، بين مسرحيّ لم يدرس المسرح في حياته و مخرج متضايق من غباء الجمهور ... فكلّها أمورٌ عاديّة تحدث في الأيام العاديّة . أمّا أن يفعلوا ذلك و قد مرَّ أسبوع واحدٌ على ثورة هزّت كيان البلاد من شمالها إلى الجنوب و حرّرت الإنسان و استأصلت أحشاء الطغيان فهذا أمرٌ غيرُ عادي . أليسوا هم أنفسُهم الذين كانوا إذا أنعم عليهم الحزبُ الحاكم بدعوة للمشاركة في احتفالات ذكرى " التحوّل " الذي حوَّل وِجهة بلد بأكمله قرابة ربع قرن ، رحّبوا و نشطوا     و "فبركوا " أغنية للحدث المجيد في جلسة واحدة فإذا هي بقدرة تجهيزات الدولة التي ندفع ضرائبَها مُسجَّلة مبثوثة تسعى و تلوّث الأسماع ؟ أين هم من الإبداع اليوم ؟ هل لانتْ مؤخّراتُهم لوثير الأرائك و اعتادوا أن يُستَقبَلوا كوَرَثَة آلهة الأولمب ؟


غادرتُ المقبرة ظهر اليوم و أنا أتأسّف على أنْـثَـيَيْن : صفيّة فرحات و الثورة التونسيّة و في الحلق مرارة غير قليلة . لم يُخرجني من حالتي تلك سوى خبر قرأته لستُ أعلم إن كان من المضحكات المبكيات أم أنّ حافلة الرّكوب المجانيّ مازالت تتّسع لبعض المقاعد ، فقد علمت أنّ بعض أعوان الأمن اعتصموا اليوم مطالبين بنقابة هم أيضا . رحم الله من أرداه الرّصاصُ شهيدا 

jeudi 20 janvier 2011

ثورة من صنع الشعب

انتهت مرحلة عربيّة و قد تميّز فصلُ الختام بالتخلّص حتّى من المظهر الايديولوجي." هكذا بدأ د.عزمي بشارة مقالا له تحت عنوان " بداية النهاية" نشره المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات بتاريخ 17 جانفي 2011 . مقالٌ توقّفتُ عنده طويلا ، وسط زخم ما كُتِب و يُكتَب عن ثورة الأحرار في تونس ، أوّلا لأنّه من خارج المشهد و ثانيا لما تميّز به من تحليل هادئ متعقّل فهو على حدّ تعبير بعض الأصدقاء : كتابة أنيقة لأحداث عنيفة

نعم انطلقت ثورة تونس بانتفاضات خبز محليّة ظهرت في الجنوب منذ سنتين و جوبهت بالقمع و التعتيم الإعلامي رغم جهود المدوّنين و بعض الصحفيين الشرفاء لكنّ الانتفاضة الأخيرة التي اندلعت في سيدي بوزيد دامت و انتشرت في كامل تراب البلاد بفضل عناد الشعب الذي نزل إلى الشارع في خلع غير مسبوق للعجز و مواجهة الإذلال فصارت انتفاضة للكرامة و ليس للخبز وحده . في الشارع ، نعم كان الثمن باهظا لكنّ الحشود التي استنشقت الدم أو الغاز أو الحريّة ، سَمِّـهِ ما شئت ، أدركت قوّتها التي كانت في حالة كمون و صار وقفها شبه مستحيل . لأوّل مرّة يتكتّل الشعب و ينصهر : السكّير و المؤمن المثقف و الأميّ و الموظف و العاطل و الطالب و التلميذ و المسنّ و المرأة و الفتاة ... الجميع خرج في مطلب واحد و مطلب قويّ ليس استجداء، الجميع طلب أن " يكون " . لم ينتظر هذا الشعب أن ينظِّر له مثقّفوه و ليس لهذه الثورة أبٌ روحيّ بل العكس هو ما حدث فقد سار المثقّفون و الحقوقيّون و النشطاء السياسيّون بكلّ أطيافهم على خطى الشارع ، الجميع ثار على الاستبداد السياسي و انسداد الأفق و المحسوبيّة و الاستغلال و الفقر و الفساد و انهيار مجتمع الإنتاج لحساب مجتمع الاستهلاك و فقدان السيادة و التبعيّة للغرب و عدم احترام الذات البشريّة ... و طيلة الأيّام السابقة كلّها لم نسمع و لو مرّة واحدة كلمة " جهاد" و لم تـعْلُ " الله أكبر " إلاّ في مواكب دفن الشهداء ، هذا ما يجب أن يدركه مطرب الرّاب " بسيكو آم " و أمثاله و هو أنّنا لسنا في حاجة إلى التقهقر أربعة عشر قرنا إلى الخلف كي نحقّق كرامتنا و كينونتنا فالشعب بلغ نضجا ثوريّا دفعه إلى رفض القمع و الكذب و التسويف و سياسة الرّتق و خرج بكلّ عفويّة و لم يضع ثورته بين يدي قائد مرتشٍ طامع في السّلطة أو إمام فاسد ، هذا الشعب ملّ الشخصنة و أكذوبة المهدي المنتظر و ثقافة الرجل الواحد الذي بيده كلّ الحلول السحريّة 

لقد شهد الشرق و الغرب المنبهران حدّ الذهول أنّ في المجتمع التونسي طبقة وسطى واسعة قويّة و نسب تعليم عالية و أنّه مجتمع متجانس لا يتحوّل فيه الخلاف إلى صراع طائفيّ ، و أثبت شبابُ تونس فتيانا و فتيات أنّه عكس كلّ ما رُوِّجَ عنه أنّه مائع استهلاكيّ ، بأن ضرب موعدا مع التاريخ و صار يتصدّر الصفحات الأولى في الجرائد العالمية و على وقعه تعيش القنوات التلفزية في بلدان العالم منذ ما يزيد عن الشهر، أمّا المدّ الافتراضيّ عبر الانترنيت فقد كان خير معاضد للثورة و رئتها الحيّة


و بعد ، قد تختلط الانتهازيّة بالمبدئيّة في كلّ وضع انتقالي إذ يحاول البعض الظهور بمظهر الناقد للنظام السابق و الرافض له حتّى زبائنه المستفيدون منه و هذا ما نراه و نسمعه في الآونة اخيرة و هو أمر منتَظَر طبيعيّ غير مزعج إلى حدّ كبير فالانتهازيّون يقفون دوما مع المنتصر و إلا لما كانوا انتهازيين ، المهمّ ألاّ يقطفوا ثمرة رواها غيرُهم بدمائه خاصّة أنّ لديهم الخبرة في التعاطي مع العمل السياسي و دراية بكواليس المؤسّسة . لذا وجب أن يُعقد اتّفاق فوريّ و حاسم على طبيعة المرحلة الانتقاليّة و النّظر الجادّ و الهادئ في المراحل القادمة لأنّ الفوضى الفكريّة لا تخدم الديمقراطيّة بقدر ما تخدم المندسّين


المجد للشعب و الخلود للشهداء  

lundi 17 janvier 2011

يا عصافر باب بحر

يا عصافر باب بحَرْ
يا ساكنة الاشجارْ
تِزوي تغنّي تزقزق
زاهية مع النوّارْ
تهدي غناية حزينة
للغريب السّكرانْ
و الّي عاجبِـتُّه روحُه
تقذفه بنيشانْ

........

يا عصافر باب بحر
ما حْسِبتكم قدّاش
لكن بلا بيكم
هالبَرّ ما يسواش

.......

يا عصافر باب بحر
سكّتوكُم توّا سنينْ
فيكم الّي هجَر البَرْ
و عدَّى حياته غريبْ
و فيكم على كلمة: حُرْ
غْبِـرْ ورا الحديدْ
و فيكم الّي دخل البحرْ
الموت و لا التّنكيدْ 

....... 

يا عصافر باب بحرْ
اليوم الصوت هدَرْ
الياسمين دمُّه فاحْ
الظلام شعل جمَرْ
بالعامل و الفلاحْ
سرب الطيور ظهرْ
و الخوف منه راحْ

..........

يا عصافر باب بحرْ
الرّبيع هذا ليكمْ
صونوه بنبض الدمْ
الوطنْ راهو بيكمْ
بالعِلم و العَلمْ
تونس جديدة و حرّة
يا عصافر باب بحرْ