lundi 28 septembre 2009

إيــحــاءات




ماذا توحي هذه العناصر : البحر ، الليل ، القمر ، الموسيقى ، المطر ؟


البحر : حبيب صدره الأفق ، عناقه مغامرة و الاستسلام له قاتل ، إنّك حين تستسلم للبحر يضمّك بشدّة و يأخذك إلى أعماقه . هو الحبيب الكبير الذي لا يسمح لك بهجره فتتنازل له عن حياتك كلّها و تترك للأصداف المُلصَقة على آذان الأطفال أن تروي حكايتك مع انتحاب ريح الشاطئ

اللّيل : ستارة تسدلها السّماء لأجل العُشّاق و الثوّار

القمر : أكذوبة نصرّ على تصديقها و لا نزال ننظم الشعر و نستعذب الحبّ في ضوء إلهامه

الموسيقى

الموسيقى العصريّة : توحي لي بسوق الحدّادين و بأنّ شيئا قد تحطّم

الموسيقى الكلاسيكيّة : ثمّة من عَرّى أعصابه البشريّة و اتّخذ منها أوتارا و من جسده كمانا يعزف عليه لحن الإنسانيّة الحزين

الموسيقى العذبة : هي بطاقة سفر إلى مغاور الحبّ و الفرح المَنسيّ و الحزن المُعتّق كالخمر ... و الذكريات

المطر : أوّله نغم و آخره كارثة ، هو كسائر عناصر الطبيعة لا حظَّ للفقراء معه





lundi 21 septembre 2009

الدُّمَـى المُــتحَـرِّكـة




مسرح الدُّمَى ، عالم بأسره ، جَمعٌ في صيغة المفرد ، فيه المُحرِّك و فيه المُتحرّك بإرادة غيره . عندما كنّا صغارا كانت تستهوينا الدّمية الخشبيّة نركّز على لباسها و حركاتها المُضحكة و نصدّق أنّها تتكلّم / أظنّنا كنّا نصدّق / و رغم وضوح الخيوط التي تحرّكها لم نكن نهتمّ إلى أين تنتهي ، كلّ ما كان يشدّنا هو تلك الدّمى في رقصها و غنائها و حوارها مع بعضها ، في حركاتها و هيئاتها و أزيائها الملوّنة و كم كنّا نأسف حين ينتهي العرض فتهوي بلا حراك ثمّ توضَع في صندوق خشبيّ و يُغلَق عليها كأنّها ميتة فنكرهُ مُحَرِّكها ذلك المستبدّ يُحييها ساعة يشاء و يُميتُها إذا نفذتْ حاجته إليها ، نحملق فيها عن قرب فإذا بالعيون جامدة لا حياة فيها نتعاطف معها كلّها على حدّ سواء مَن كان منها في دور الطيّب أو في دور الشرّير ، كلّها الآن هامدة في الصندوق . وحده المُحَرِّك يتحرّك يبتسم و يعدُنا بعرض آخر فيزيد مقتنا له .




نفس الإحساس داهمني حين لمحت أحد الأقارب في صندوق مماثل مع فارق الحجم طبعا و مُربّع بلّوريّ يُظهر وجهه الهادئ المُبتسم . سقطتْ الدّمية في شرخ الشّباب . مُحرّكها قرّر انتهاء دورها




اليوم كثرت الدّمَى و تعدّد المُحرِّكون و للمحرّكين محرّكون آخرون و السّلسلة طويلة متشابكة ، لعبة أزليّة تستهوي الإنسان بالخلق و المشيئة . وحدها روح التآمر و الرّغبة في الإقصاء ما يدفع الجميع . منذ البداية ، منذ العنف على الطبيعة و فصائل الكائنات الأخرى مرورا بتاريخ الحروب و الإبادة وصولا إلى حملات التكفير


يبقى السؤال قائما : ما المُحَرِّك ؟

mardi 15 septembre 2009

يـاااااا لْـطيفْ

العيد قرب نشا الله مبروك سعيد عليَّ و عليكم " الكلّ ". هذا ثاني عيد و أنا ندوّن في التن بلوغ . ما نيش باش نكتب نصّ ناقف فيه على الأطلال و نصوّر أعياد زمان ، كلّ عصر عنده ميزاته و كوني نرى أنّه العيد فقد رونقه هذاك يقعد رايْ يخصّني ما نطلب حتّى حدّ باش يشاركني فيه بالسّيف . لكن ما يمنعش أنّه كلّ ما يجي العيد يرجّعني لأجواء و ذكريات حلوّة موش من عمري أنا بركة و إنّما من عمر البلاد الكلّ و مانيش باش نحكي عليها على خاطر هذا سبق في تدوينات سابقة
قعدت حاجة وحدة جاء الوقت باش نتحدّث فيها
كنت نرى الرّجال الكبار نهار العيد يلبسو أحسن ما عندهم جبايب و برانس و بداعي و مناقل فضّة تدرجح و شواشي جدد و يخرجو يعيّدو على بعضهم و يسعاو بالصّلح بين المتعاركين و كان الوالد الله يرحمه يهزّني معاه وين يمشي ، كنت نراه يكبّ على الشيخ الحبيب بلخوجة و يبوسه من راسه و يصلّي معاه صلاة العيد و نرى برشة مشايخ أخرين ما نتفكّرش أساميهم و من بعد يخرجو للبياسة متاع باب سويقة ، الوجوه منوّرة و اللباس جديد حتّى الّي ما في حالوش باش يشري الجديد تلقاه لابس نظيف و ما تشمّ منه كان ريحة الكونوليا و الوجوه محجّمة رُطْبَة و الجوّ و لا أروع
توّا بعد قدّاش من سنة ولّيت نقول زعمة هاك النّاس الّي صلاّو و صامو و ختمو القرآن قدّاش من مرّة في حياتهم و تسامحو و تصدّقو ... زعمة كان إسلامهم ناقص ؟ زعمة عاشو و ماتو كفّار على خاطر ما كانتش في رقبتهم بَيْعَة لمُرشد و إلاّ لأمير جماعة ؟ و على خاطر ما كانوش مهيّجين لحيهم و لابسين الجلابب و ما كانش عندهم تلافز باش يجي داعية يفقّههم في دينهم ؟

vendredi 11 septembre 2009

المِـعْلاقْ و المْرايَة و رَجْع الصَّدَى

المعلاق أو الشَطّارْ كيما يحلو للبعض باش يسمّيه و هو نفسه الشمَّاعة بالفصحى قطعة مهمّة في الموبيليا فمّة ناس تعطيه قيمة و تختاره مواتي نوع الأثاث . قد ما يكون المعلاق معبّي و داخل بعضه قد ما يزيد في الحُوسَة و ينقّص من جماليّة الغرفة و ترتيبها . فمّة شكون تلقى معلاقه ماعادش يترَى من كثر الحوايج الّي فوقه مايِلْ قريب يطيح ، يعلّق فيستة و إلاّ سوريَّة و ينساها و يعلّق فوقها حوايج أخرى و نهار الّي يجي حاجته بيها يلقى بين كتافها خذا قالب الكنفورة .
و في السّلوكيّات هكّاكة فمّة شكون يعلّق كلّ شيء : أغلاطه ، فشله ، سوء نيّته ، كرهه للعباد، حقده ، غيرته ، رفضه للجمال و للفنّ و للتعبير و ما أكثر المْعَالقْ وقتها معلاق الدّين و معلاق الأخلاق و معلاق الوطنيّة ... و المعالق تتشفَّعْ و تفَغّمْ قريب تطيح و هو لو كان كلّ واحد لبس فكرته و تحزّم بموقفه و تحمّل فيهم مسؤوليته كاملة راهي المعالق خفّ عليها الحمِلْ
المْرَايَة
المراية رمز الذّخامة و الفيانة ، فمّة ناس تعطيها نفس القيمة الّي تعطيها للوحة تشكيليّة و فمّة ناس ما تتنازلش على وجودها في الدّار خاصّة كيف تبدى "كنصول " نقولو أحنا عِلجيَّة مطعّمة بالذّهب البُندقي و طاولتها رخام تلقاها في مدخل الصّالة و إلاّ في الممرّ و في التّعدية قبل ما تخرج للشارع تعمل طلّة على هيّتك
لكن فمّة من النّاس الّي علاقته بالمراية علاقة مرضيّة يحبّ يشوف روحه ديما كيف يتكلّم و كيف يفطر و يقف قدّامها وقفات طوال و هو يبحلق في وجهه و شعره و ياخذ هيئات مختلفة و يمثّل إنّه قاعد يتحدّث و يناقش و يميل على اليمين و اليسار و ساعات يجيب مراية أخرى صغيرة و يقبّلها للمراية الكبيرة باش يشوف روحه من تالي
و في الدنيا هكّاكة زادة فمّا شكون الأنا عنده متضخّم ، عند باله هو و من بعده الطّوفان و إنّه لا قبله لا بعده جهبذ زمانه و أذكى واحد في النّظام الشمسي ، كلّ كلمة يقولها يلزم يلهج بيها العالم أجمع و كيف يعمل حاجة في باله جاب الصّيد من وذنه
الشّخص المريض بالمعلاق و بالمراية عنده موهبة ما يملكهاش غيره ، حاسّة السّمع عنده متطوّرة ، بخلاف الأصوات الّي نعرفوها النّاس الكلّ هو يزيد علينا بأنّه يسمع رَجْع الصَّدَى . يقول القايل كيفاش ؟ مركّب "أمبلفيكاتور " في وذنيه ؟ لا لا ، رجع الصّدى يوصله من هاك الحارة عقوبة الله الّي دايرين بيه و الّي هو يستحقّهم باش يستعرض عليهم و هوما ديما عاطينه الحقّ
تقولو لي باهي شنيّة العلاقة بين المعلاق و المراية و رجع الصّدى ، نقول لكم التن بلوغ

vendredi 4 septembre 2009

نـــغــم في البــال 2 : خميّـس التّـرنـانْ




خميّس التّـرنانْ

أحد أهمّ المؤسّسين و الفنّانين التونسيّين بنزرت 1894 - تونس 1964 من وَلدٍ صغير يعزف على " الفحَلْ " خلسة من العائلة إلى فنّان يسافر إلى برلين رفقة عبد العزيز العقربي لتسجيل عدّة اسطوانات صمدت في وجه الزمن إلى اليوم و بقيت علامة مضيئة في الفنّ التونسي . مثّل تونس في المؤتمر الأوّل للموسيقى العربيّة المنعقد بالقاهرة في 1932





و ساهم في تأسيس جمعيّة الرشيديّة 1934 و عمل ضمن لجنة جمع التراث و تدوينه ، درّس المالوف و لقّنه لجلّ المطربين و دوّنه بالإذاعة التونسيّة





من أهمّ أغانيه بصوته : الذهب يزداد حسنا - يا زهرة - أنوح فتسخر أدمعي - يا ترى آش قسّاك عليّ - يا من قلبي قد كوى ... مع العديد من الموشّحات الأندلسيّة





و من ألحانه التي تغنّت بها مطربات تونس مثل صليحة ، عايشة ، نعمة ، عليّة ... : مُحال كلمة آه تبري العلّة - يا خمُّوري هزّ الغطا عالخَدّ - يا لّي بُعدك ضيّع فكري - شَرع الحُبّ - محلاها كلمة في فمّي - غزالي نفَر بعد الغضب ما وَلّى - لو كان تعرف - آش يفيد المَلامْ في قلب المُضَامْ - حُزتِ البَهاء و القدّ - ربّي عطاني كلّ شيء بكماله - أمّ الحسَنْ غنّاتْ - يا خاينة بشكون بدّلتيني - إذا تغيبي عليّ يا ولفتي ... و غيرها




و أنا اخترت لكم : أمّ الحسن غنّاتْ - كلمات شيخ الأدباء محمّد العربي الكبادي



فوق الشجرة

أمّ الحسَنْ غنّاتْ فوق الشجرة

سامع صداها من العلايِلْ يَبْرَى


------



طار نعاسي

أوهامْ الهوَى و توابْعُه في راسي

في الحين قمتْ نفركس على كاسي

ناديتْ على الخُدّامْ حُطُّو السُّفرَة



------



هاتُو رِيدِي

قَدِّ القضيبْ و عيُونْ ريمْ البِيدِ

إذا جاتْ و لفَاتْ هاكَ عيدي

و نشوف ضَوّ أسْنانها الّي فَجْرَة



-------



كيف تضحَكلي

عيد الهنا من ضحكها يرجعلي

في حُبّها ضيّعتْ أصلي و فصلي

و بقيتْ هايمْ نتبَعْ في الجُرَّة



-------



يا سَعْفايَا

فيكُمشي عَاتي يبَلّغ لمَشْكايَ

و يحكيلها بمواجْعي و بدَايَ

فمَّاشي ما تعطفْ عليَّ مَرَّة



أمّ الحسَنْ غنّاتْ

mardi 1 septembre 2009

نـــغم في البال 1




توّا مدّة كتبت تدوينة في شكل حوار وظّفت فيه عناوين أغاني تونسيّة قديمة ، و من وقتها تحرّكت شويّة الأسباب في البلوغسفار و كتب بعض الأصدقاء نصوص كاملة لأغاني تونسيّة و هذا شيء فرّحني برشة . و من ثمّة جاتني فكرة إنّي نعمل ما يشبه " السّيكلْ " للمبدعين الحقيقيّين إلّي قدّمو الإضافة للفنّ و الثقافة التونسيّة و الّي إلى يوم الناس هذا المطربين قاعدين يتمعّشوا على إبداعاتهم . في الحقيقة الاختيار ماكانش ساهل على خاطر السّاحة الفنيّة التونسيّة كانت زاخرة بالطاقات الجبّارة في ميدان الكلمة و التلحين و الأداء و لكنّي لقيت ميل خاصّ لمبدع كان وجوده خطير و فاعل جمع بين قوّة اللحن و رقّته ، مبدع لأنّه كان ديما في بحث موسيقي متواصل و كلّ عمل عنده نكهة خاصّة ما تشبّهش للّي سبقه . إنّه موسيقار الأجيال محمّد التريكي . الرّاجل هذا حيّرني و دردعني برشة ، حسّاس ، ألمعي فيه فيانَة ماعادش موجودة . عندي أكثر من شهر و أنا نسمع في أغانيه الكلّ و رجعت لسيرته الذاتيّة و إضافاته في الموسيقى التونسيّة و كيفاش كان يمزج بين المقامات و إلى أيّ حدّ كان يختار الأشعار الرّقيقة و قدّاش كان بارع في رصد ألحانه حسب حنجرة المطرب و طاقاته الصوتيّة باش ما نقولش أنّه ألحانه هي الّي عملت " البروفيل " الفنّي لكلّ مطرب


أعماله كثيرة و غزيرة من صليحة لسنية مبارك . و أنا اليوم اخترت أغنية : تتفتّح لشكون يا زهر اللّيمون ، كلمات الشاعر محمّد بوذينة
تتفتّح لشكون يا زهر اللّيمون
لشكون تتفتّح
للّي روحي معاه غايب غايب عالعيونْ
--------
عبيرك فوّاحْ
يا زهر الأفراحْ
تضحك للارياحْ
و تناجي الغصونْ
أنا عقلي راحْ خوفي عليك تهونْ
--------
خوفي عليك تطيحْ
وينْ يهبّ الرّيحْ
فكري معاكْ يريحْ
و الغالي ما يهونْ
أنا قلبي جريحْ متكدّر و مَمحونْ
---------
أنتِ غصنكْ مَالْ
و أنا غصني ذْبَالْ
يا زهر الآمالْ
للقلب الحنونْ
يا روح الخيال
يا وحيْ الفنونْ
---------
تتفتّح لشكون يا زهر اللّيمونْ
لشكونْ تتفتّحْ
للّي روحي معاهْ غايبْ
غايبْ عالعيُونْ