jeudi 31 juillet 2008

الظـُّلمُ عاقِبَتـُهُ الانتقام...في باب الأسد و الشـِّبْلِ و ابنِ آوَى

مَنْ عمل بغير العَدْلِ انـْتـُقِمَ منه و أدِيلَ عليه ، و الناسُ أحَقُّ بحُسْنِ النَّظرِ فما لا تـَرْضَى لِنفسِكَ لا تَصْنَعْهُ بِغيْرِكَ
قالَ المَلِكُ للفيلسوف : أخبِرْنِي عَمَّنْ له في ما ينزِل به من بَلاءٍ وَاعِظً و زاجِرٌ عن ارتكابِ الظـُّلمِ و العُدْوانِ في غيرهِ
قال بَيْدَبَا الفيلسوف : إنَّه لا يَقدِرُ على ضـُرِّ النَّاسِ إلاَّ أهلُ الجهالة و السَّفـَهِ و سُوءُ النَّظَرِ في عَوَاقِبِ الأمُورِ و قِلـَّة العِلمِ بِما يُدْخِلُ عليهم من حُلولِ النِّـقمَةِ و الوَبَالِ ، و مَثـَلُ ذلكَ ما حَدَثَ للأسَدِ
قالَ المَلِكُ : و كيفَ كانَ ذلكَ؟
قال الفيلسوف: زعَمُوا أنَّ أسَدًا رُزِقَ شِبْلاً على كِبَرِهِ فـوَلِعَ به أشدَّ الوَلعِ ، و أنَّه خَرَجَ يومًا يَطلبُ الصَّيْدَ و خَلـَّفَهُ ، فمَرَّ به فـَهْدٌ فحَمَلَ عليه فقـَتـَله و سَلخَ جِلدَهُ و انْصَرَفَ . فلمَّا رجع الأسدُ و رَأى ما حلَّ بِشِبْلِه من الأمْرِ الفظِيعِ اشتـَدَّ غيْظـُه و طالَ هَمُّه و زَمْجَرَ و صَاحَ ، و كانَ بِجِوارِه ابنُ آوَى ، فلمَّا سمع صَيْحَته و جَزَعَه قالَ : ما الذي نزل بكَ؟ قالَ: شِبْلِي،مَرَّ عليهِ فهْدٌ ،قتله و سلخَ جِلدَهُ
قال ابنُ آوَى: لا تـَجْزَعْ و لا تَصْرُخْ و اعْلمْ أنَّ الفَهْدَ لمْ يَأتِ إليْكَ شيْئًا إلاَّ و قدْ فعَلتَ بِغيْرِكَ مثله فقد قِيلَ : كما تـَدِينُ تـُدَانْ . كـَمْ أتـَى لكَ من العُمْرِ؟
قال الأسَدُ : مائة سنة
قال ابن آوَى: ما كانَ يَقـُوتـُكَ ؟
قال الأسدُ: لـُحُوم الوُحُوش
قال ابن آوى: أما كان لتلك الوحوش آباءٌ و أمَّهَاتٌ؟ ما لنا لمْ نسْمَعْ لهم ضجَّة و وَجَعًا و صُرَاخًا ؟ ألا إنَّ الذي أصَابَكَ مْنْ سُوءِ نظرَتِكَ في العواقبِ و قلـَّةِ تفـَكـُّرِكَ و جهالتِكَ بما يَرْجِعُ عليكَ من الضـَرِّ
عبد اللّه بن المقفّع
كليلة و دمنة

الـبَيْـعَة لِـمُرَادْ بُـوبَـالـَة

تمكّن مراد الثالث من الفرار من السجن بعد أن حبسه عمّه رمضان باي و سَمَل عينيْه ، دخل تونس منتصِرًا و انتظم له موكب البَـيْعَة بالحاضِرَة بِمشاركة العلماء و أعيان الدّولة
مفتي البلاد: اللّهمَّ انصُرْ أميرَنا
الحاضِرُون : آمِــينْ
مُـــرَادْ : آمِينْ..آمِينْ ..آمِينْ .. لكلِّ شيء آمِينْ ..آمين لِحِفظ رجالِ الدِّين..آمِين للعَسكر المنصُورِين.. آمين لأهْلِ المُلكِ المَيَامِينْ .. و البَقيَّة ؟
الحاضِرون: البقيَّة ؟
مُـــرَادْ : نعم البقيَّة .. عَيْـنَايْ .. مَثلاً
الحاضِرُون : الحقُّ معه
مُــرادْ : هيَّا انتهَى المَوْكِب .. اسْجُدُوا الآنَ لا تكرِيمًا و لا بَيْعَة إنَّما رُضـُوخًا لإرَادَتي ، أنا مُرَاد سيِّدُكـُم ، لماذا لا تسجُدُ أنت ؟ و أنت ؟ و أنت ؟ حمُّـودَة هَاتِ البَالـَة ، البَالـَة جَاعَتْ
ستسْجدُون جميعًا عندما يَرْتوِي السَيْفُ بالدِّماءِ الأولـَى و لـْتـَكُنْ رُؤوس العُلمَاءْ
الحبيب بولعراس
مراد الثالث

mercredi 30 juillet 2008

صَلـَوَاتٌ في هيْكلِ الحُبّ


يا ابنَةَ النُّور،إنَّني أنا وحدي من رأى فيك روعة المعبودِ
فدَعيني أعيشُ في ظلِّكِ العذبِ و في قرب حُسْنكِ المشهودِ
عِيشة للجمالِ و الفنِّ و الإلهامِ و الطُّهرِ و السَّنَى و السُّجودِ
عيشة النَّاسِكِ البَتـُولِ يُناجي الربَّ في نشوة الذهول الشديدِ
و امنحينِي السَّلامَ و الفرَحَ الرُّوحيَّ يا ضوءَ فجْرِيَ المَنشودِ
و ارحمِينِي فقد تهَدَّمتُ في كونٍ من اليأسِ و الظلامِ مَشِيدِ
أنقذِينِي من الأسَى فلقدْ أمْسَيْتُ لا أستطيعُ حَمْلَ وُجُودِي
في شِعَابِ الزَّمانِ و المَوتِ أمشي تحت عِبْءِ الحياة جَمِّ القيُودِ
و أمَاشِي الوَرَى و نفسِيَ كالقبْرِ و قلبِي كالعالـَمِ المَهْدُودِ
ظلمَة ما لها خِتـَامٌ و هَوْلٌ شائِعٌ في سُكونِها المَمْدُودِ
و إذا ما اسْتـَخَفـَّني عَبَثُ النَّاسِ تبَسَّمْتُ في أسَى و جُمودِ
بَسْمَة مُرَّة كأنِّي أسْتـَلُّ من الشـَّوْكِ ذابِلاتِ الوُرُودِ
و انفخِي في مشاعِرِي مَرَحَ الدُّنيا و شدِّي من عَزْمِيَ المَجهُودِ
و ابْعَثِي في دَمِي الحرارة عَلـِّي أتغنَّى مع المُنَى من جديدِ
أنقِذِينِي فقد سَئِمْتُ ظلامِي أنقذِينِي فقد مَلـَلتُ رُكـُودِي
آهِ يا زهرَتِي الجميلة لوْ تدرِينَ ما جَدَّ في فؤادِي الوَحِيدِ
في فؤادِي الغرِيبِ تـُخلـَقُ أكْوانٌ من السِّحْرِ ذاتِ حُسْنٍ فرِيدِ
و رَبيعٌ كأنَّه حُلمُ الشَّاعِرِ في سَكْرَةِ الشَّبابِ السَّعِيدِ
و رِيَاضٌ لا تَعْرِفُ الحَلـَكَ الدَّاجِي و لا ثوْرَة الخريفِ العَتِيدِ
و طيُورٌ سحريَّة تتـَغَنَّـى بأناشِيدَ حُلوَة التـَّغرِيدِ
و غـُيُومٌ رَقِيقـَة تَتـَهَادَى كأبَادِيدَ من نـُثـَارِ الوُرُودِ
كلُّ هذا يَشِيدُهُ سِحْرُ عينيْكِ و إلـْهَامُ حُسْنِكِ المَعْبُودِ
فحَرَامٌ عليكِ أنْ تهْدِمِي ما شـَادَهُ الحُسْنُ في الفؤادِ العَمِيدِ
و حرامٌ عليكِ أنْ تسْحَقِي آمَالَ نفسٍ تـَصْبُو لعيْشٍ رَغِيدِ
مِنكِ تـَرْجُو سعادة لمْ تـَجِدْها في حياةِ الوَرَى و سِحرِ الوُجُودِ
فالإلاهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ إذا كانَ في جَـلالِ السـُّجُودِ
أبو القاسم الشابِّي
أغانـي الحـيـاة

كأنَّ البَدْرَ صورَتـُهَا

و ذاتِ دَلٍّ كأنَّ البدرَ صورتـُها /باتتْ تـُغنِّي عَمِيدَ القلبِ سَكْرانَا
إنَّ العيُونَ التي في طَرْفها حَوَرٌ/قتـَلنـَنـَا ثمَّ لمْ يُحْيِينَ قـَتـْلانـَا
قـَالت هَلاَّ فدَتـْكَ النَّفسُ أحْسنُ مِنْ/هذا لِمَنْ كان صَبَّ القلب حيرانَا
يا قومُ أذني لبعض الحيِّ عاشِقةٌ /و الأذنُ تعشقُ قبل العين أحيانَا
فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعة/أضْرَمْتِ في القلب والأحْشاء نيرانا
يا ليتني كنتُ تفـَّاحًا مُفلـَّجَة / أو كنتُ مِنْ قـُضُبِ الرَّيْحانِ رَيْحَانَا
حتى إذا وجَدَتْ رِيحِي فأعجَبَها/ و نحنُ في خَلوَةٍ مُثِّلتُ إنسانَا
أصبَحتُ أطْوَعَ خلقِ اللَّه كلِّهمُ/لأكثرِالخلقِ لي في الحُبِّ عِصْيَانَا
لا يقتـُلُ اللَّهُ مَنْ دَامَتْ مودَّتـُه/و اللَّه يقتل أهْلَ الغـَدْرِ أحْيَانَا

dimanche 27 juillet 2008

في رِثاء يوسف شاهين.. مَعِين الدَّمْع

مَـعِينُ الدَّمْعِ لمْ يَبْقَ مَعِينـَا
فمِنْ أيِّ المَصَائِبِ تـَدْمَعِينَ
زَمَانٌ هَوَّنَ الأحْرَارَ مِنـَّا
فـُدِيتِ و حَكـَّمَ الأنـْذالَ فينَا
مَلأنـَا البَرَّ مِنْ مَوْتى كِرَامٍ
على غيرِ الإهَانة صَابِرِينَ
كأنـَّهُمُ أتوْا سُوقَ المَنـَايَا
فصَارُوا ينظرُونَ و يَنتـَقونَ
لوْ أنَّ الدَّهْرَ يعرِف حَقَّ قومٍ
لقبَّلَ مِنهُمُ اليَدَ و الجَبِينَ
عَرَفنَا الدَّهْرَ في حَالَيْهِ حتـَّى
تـَعَوَّدْناهُ ما شَـدَّا و لِينـَـا
فـَمَا رَدَّ الرِّثاءُ لنـَا عَزِيزًا
و لا فـَكَّ الرَّجَاءُ لنا سَجِينـَا
سَنـَبْحَثُ عن شَهيدٍ في قِمَاطٍ
نـُبَايِعُهُ أميرَ المُـؤمنِيـنَ
و نـَحْمِلـُهُ على هَامِ الرَّزَايَا
لِدَهرٍ نشتـَهِيهِ و يَشتـَهِينـَا
فإنَّ الحَقَّ مُشْـتَاقٌ إلى أنْ
يَرَى بعضَ الجَبَابِرِ سَاجِدِينـَا

شاهين ترك الرَّداءة للرَّديئِين ..ذكِيٌّ حتى في موته

عندما بلغني نبأ موت المخرج العالمي يوسف شاهين ، أكذب على نفسي لو قلت إنِي تفاجأتُ أو حزنت لأنّي حملت الحزن في قلبي منذ أعْلنَت إصابته بالجلطة الدِّماغيَّة و بقيتُ أتوقـَّعُ موتَه كلَّ يوم و لعلَّ ذلك كان سبب الحالة النفسيَّة التي كنت فيها و التي أثارت الشجون في تدوينتي الأخيرة . لمَّا سمعت خبر موته حَضَرَنِي مشهد من شريط المَصِيرْ عندما تفاقم الفكر الظلامي اشتدَّ الغضب بآبن رشد و قال أهمّ جملة في الشريط و هو يحطِّم خزانة كتبِه" أنا بَكـْتِبْ لِمِينْ؟" . شاهين ذكيٌّ حتى في موته ، ترك سينما الرّدَاءَة و ثقافة الرَّداءة و سياسة الرَّدَاءَة و قنوات الرَّداءة و رَحَل
وَدَاعًا يوسف شاهين

vendredi 25 juillet 2008

تـْــوَحِّـــــشـْــــــتْ

سامحوني اليوم هاجت محوني ما نعرفش آش هيِّجها ، و رجع بِيَّ شريط حياتي لسنين لتالي سنين حلـُوَّة يا ريتها دامتْ ، و قوَى بِيَّ الوَحْشْ . توَحِّشْتْ صُغْري ، طـُفلة صغيرة مْدَحْدحَة نِتكـَعْبِرْ بين أخوتي و ولاد عمِّي ، بنات و ذكـُورَة نلعبُو جميع في جنينة كبيرة من غير خلفِيَّاتْ جنسيَّة و لا دينيَّة و لا طبَقِيَّة ، كنَّا في قوَايِلْ الصِّيف بعد ما يُرقدُوا الكبَارْ نسِلـُّو رواحنا الأولاد يتشعْبطـُو في الكرْمَة و ياكلو الكرْمُوص الطَّايِبْ و البنات نحِّـيوْ الياسمين و الورد و عقَابْ العشِيَّة نِقسْمُو بعضنا زُوزْ فِرَقْ كـُورَة و يِحْمَى المَاتِشْ و ما نِتـْهَدُّو كان ما تجِي الكورة على بِلاَّرْ تكسّرُو و ترَصِّي طرِيحَة للأولادْ و دْعَا عالبناتْ و أحْنَا نصُكـُّو بالضـُّحْك و مِنْ غـُدْوَة نعَاوْدُو ، بِخـْلافْ العمَايِلْ المشـُومَة ، مرَّة خـُويَا حَطّْ قلب مشماش في وذنْ بنت عمِّي و سَتـّْفـُو و ما خرج هاك القلب كان ما تلمِّتْ العايلة الكلّ و الجيرانْ و كلّ واحد وقتها ولـَّى طبيب و الطفلة وذنها طماطم بين يديهم و أحنا نطـُلـُّو و نضحكو
أيَّامْ ... تـْعَدَّاتْ و كِبْرُوا هاك الصّغارْ و كلّ واحد شـَبّْ في ثـنِيَّة إلّي طبيبة و الِّي رم ع و الّي هَـجّْ مِالبلادْ و الِّي ماتْ في عِزّْ شبابُو و الِّي حَرْقِتها الذكرَى و خَنـْتبِـتْ هالكِلمَاتْ
تـْوَحِّشـْتْ الحَلفاوِينْ و الوْصِيفْ بَيَّاعْ التـَّكـْوَة في العَظمَة متاع باب سويقة و التاكسي الحمرا و البيضَا القديمة و بَاتِيسْرِي الحاجْ و دار عزيزي ، توحِّشتْ مدخل سوق سيدي محرز بكلّ الروايِحْ الِّي تفوحْ منه حِنَّة و عنبر و عَطـْرْ قبل ما تِزْحِفْ عليه ثقافة البْلاسْتِيكْ
توحِّشتْ التـّْرِينُو اللـُّوحْ الأبيضْ وقت الِّي كنَّا ناخذوهْ من قدَّامْ الكابِيتـُولْ باش نِمشِيوْ بيه لدارْ ممَّاتِي الأخرة في بِيرْسَا ، توحِّشتْ سهرِيَّاتْ الأسْيَنـْدَة و تصويرتِي مع نجَاحْ سَلامْ قبل ما توَلـِّي الحكاية حَمِّمْ وجهِكْ و اطلعْ غنِّي على قرطاج
توحِّشتْ مِرْوَاحِي مِالمَكتِبْ كلّ يوم نِلـْقـَا الرَّدْيُو المُوبِيلـْيَا يعَدِّي في برنامج" أغنية لكلّ مُسْتمِعْ" علي الرياحي، الهادي الجويني، الصّادق ثرَيَّا، يوسف التميمي، مصطفى الشرفي،نعمة عُليَّة، صليحة ... نـْهِزّْ راسِي نَلـْقـَا كـْوَاتـْرُو عزيزي و بابا و عمُومْتِي زوزْ و لاَّ ثلاثة أجْيَالْ ، جبَايِبْ و شـْوَاشِي ، كنت نظنّْ ديما إلِّي يغنِّي ما هوشْ في الرَّاديُو أما واحِدْ مِلِّي واقفِينْ في التصْوِيرَة
توحِّشتْ عِشوِيَّاتْ سيدي بوسعيد و المَرسَى و الصَّفصَافْ و جْبَايِبْ القـَمْرَايَا و خـْجَالِي الياسمين و رجال كبَارْ مِذخـْمِينْ يشربُو في القهوة المعطـّرَة بالزّهر
توحِّشتْ سهرِيَّاتْ الصِّيفْ في الفِيرَانـْدَا على ضوء القمرة و أحْنا نِسْتنـَّاوْ في المسلسل الإذاعي متاع عبد الحليم" أرجوك أعطِنِي هذا الدَّواء" ، وقت الِّي جاتْ التـَّلفزَة كنـَّا نكمّلـُو دروسنا بِكْرِي باش يْخـَليوْنَا نِتـْفرّجُو ... ساعات يْفيَّقـْنَا بابا في الفجر و يقول لنا قومُو كـْلاَيْ يِلـْعَبْ اليومْ
أيـَّـــامَـــاتْ و لـيَـــالِـي و سْـنِـــينْ تعَـدَّاوْ في رَمْـــشِة عِـينْ ، كانْ الواحِدْ جَاء يَعْرِفْ الِّي الدِّنْيَا بَاشْ تِـقـدْمُو في أعَـزْ أوْقـَاتـُو رَاهُو صَوِّرْ و سَجِّلْ كل لحظة و كل ما تحْرْقـُو الغرْبَة يِجْبِدْ تصَاوْرُو يشـِمْ عليهم ريحة صُغرُو ، أمَا وِينـُو ، الحياة عْطـَاتـْهَالنا لا تـَقرَا لا تِكـْتِبْ و ما قـَعْدِتْ كانْ الذّكـْرَى الِّي تـْزِيدْ في الوَحْشْ و تـَحْفِرْ القلبْ
قـَدَّاشْ يُوجَعْنِي الهادي الجويني كي يغنِّي
الـِّي تـْعَدَّى و فـَاتْ زَعْمَة يِرْجَعْ
و لاَّ نـْعِيشْ بـعِلـّتِي نِـتـْوَجَّـعْ
تـْعُودْ أيَّامِي، أيَّامْ أنْسِي و زَهْوتِي
و غرَامِي،ولاَّ نمُوتْ و ما نـَّالْ مْرَامِي
إذا نْقـُولْ آهِينْ لا مِنْ يِسْمَـعْ
و لاَّ نْعِيشْ بْعِـلـْتِي نِتـْوَجَّـعْ

jeudi 24 juillet 2008

blague...blague

Un homme sur la plage s'est couvert tout entier de sable, il ne restait dehors que son truc tendu, deux vieilles touristes passèrent, l'une disait étonnée à sa copine :

- Oh mon dieu , tu vois ce que je vois ?

La deuxième avec un soupir :

- Eh oui , le sexe !!! à 20 ans j'en fuiais , à 30 ans je m'en régalais , à 40 ans j'en cherchais , à 50 ans j'en payais , à 60 ans je me suppliais et à 70 ans j'ai renoncé .

La première dame disait :

- Eh bein ma grande , je crois que tu a renoncé un peu tot , mais reguarde ca pousse naturellement et c'est gratuit .

mardi 22 juillet 2008

طرائف حقيقيَّة من داخل الأقسام

دخلت أستاذة جديدة و صغيرة لقسم متاع جماعة مكـَرّطِين هاكِلّي العام يعدِّيْو فيه ثلاثة سنين و عازقينو بيمِينْ باش يهبّلو الأستاذ الِّي يجيهم و هيَ مسكينة حازقة روحها و ما تتكلـِّم كان بالفصحَى ، أيا سيدي خذات دفتر المناداة هاكِلـِّي التلامذة غيّرُوا أساميهم فيه و بدات تسَمِّي
محمّد بن عبد اللّه
حاضر ، مَدَامْ
أبُو بكر بن قحافة
حاضر
بِهتِتْ الطـُّفلة ،هذه الكلـّها مُصادفة؟ كذبِتْ و نَسَّاتْ و كمّْلِت المناداة
عمر بن الخطَّابْ
حاضِرْ
عثمان بن عفـَّانْ
حاضِرْ
هِبْلِتْ ، و ما عادش تنجِّمْ تخبِّي التعجّب متاعها قالت : رَبَّـاهْ
نطَقِلـْهَا تلميذ من آخر القسم و قالِلها : مَنْ يُنَادِينِي ؟
-------------------------------------------------------------------
أستاذ متاع تربية إسلاميّة جاه المتفقـِّد في آخِرْ شهر مايْ بعد ما كمِّل البرنامج و مازالت كان الامتحانات التأليفيّة و ما عادْ ما يِتقـَرَّا ، غـَزِّلْ و مِكْنُو العصَبْ . قالو المتفقد : ميسالش قـَرِّي أيْ درس مِالدرُوس الأخيرة ، أيا تفرْهِدْ و زيدْ مِطمَانْ إلِّي تلامِذتـُو فاهمِينْ كل شيء
هوَ يفسِّرْ و مِتخَمَّرْ و جَايِبْ ما عَندُو و يِلعِجْ عليه تِلميذ بسؤال متاع واحد ما قرَا شيء
قالو : سيدي ، ما هُوَ الإسْلامْ
إيْ هاك الأستاذ خرجت كشاكشو و طلعتلو الكلبة بنت الكلب و قالو
الإسلام هو دينك و دين بوك و دين والدَيَّ أنا و دين والدين المتفقد و الوزير الّي حطِّك تقرا عندي
-----------------------------------------------------------------
أستاذ تاريخ يقرِّي على مصر الفرعونيَّة ، بعد ما كمِّل الدَّرس خَبَّا الخريطة باش يربِّي عند التلامذة الذاكرة البصريَّة و سألهم : أينَ تقعُ مصر الفرعونيَّة ؟ جاوبُو تلميذ
لا ، لـَمْ تَقـَعْ مصر الفرعونِيَّة

dimanche 20 juillet 2008

العرب أهل عقل و استنباط من قبل الإسلام

قال شبيب بن شبَّة : إنَّا لـَوُقوفٌ في عرصَة المِرْبَد إذ طلعَ علينا ابنُ المُقفـَّعْ فقالَ :" ما يَقِفـُكُم على مُتـُونِ دوابِّكم في هذا الموْضِعِ ؟ هل لكم في دار ابنِ بُرْثـُنٍ في ظِلٍّ مَمْدُودٍ، فهو أدَرُّ للحديثِ " . فسَارَعْنا إلى ذلك ثمَّ أقبَل ابنُ المُقفـَّع فقالَ : " أيُّ الأمَمِ أعْقـَلُ ؟" فظنَنَّا أنَّه يُريدُ الفـُرْس فقلنا : فَارِسُ أعقلُ الأممِ ، نقصِدُ مُقارَبَته و نتوَخـَّى مُصَانَعتَه، فقالَ : كلاَّ ، ليسَ ذلك لها و لا فيها ، هم قومٌ عُلـِّمُوا فتعَلـَّمُوا ، ليس لهم استِنْبَاطٌ و لا استِخرَاجٌ . فقلنا له الرُّومُ . فقال : ليس ذلك فيها ، بل لهم أبْدَانٌ وَثيقة و هم أصحابُ بِناءٍ و هندسةٍ لا يُحسِنُونَ سِواهُما . قلنا : فالصِّينُ . قال : أصحابُ أثاثٍ و صَنعَةٍ ، لا فِكْرَ و لا رَوِيَّة . قلنا: فالتـُّرْكُ . قالَ: سِبَاعٌ للهِرَاشِ . قلنا : فالهِندُ . قالَ : أصحابُ وَهْمٍ و مَخرَقَةٍ و شعْبَذةٍ . فرَدَدْنا الأمْرَ إليهِ
قالَ : إنَّ العَرَبَ ليسَ لها أوَّلٌ تؤمُّه، و لا كِتابٌ يَدُلـُّها، أهل بَلدٍ قـَفـْرٍ و وِحْشةٍ من الأنْسِ، احتاجَ كل واحدٍ منهم في وِحْدَته إلى فِكرِهِ و نَظَرِه و عَقلِه. و عَلِمُوا أنَّ مَعَاشَهم من نباتِ الأرض فوَسَمُوا كل شيء بِسِمَتِه ، ثمَّ نظروا إلى الزَّمان و اختِلافِه فجعلوهُ ربِيعيًّا و صيفيًّا و قيْضِيًّا و شِتوِيًّا ، و احتاجوا إلى الانتشار في الأرض ، فجعلوا نجوم السَّماء أدلـَّة على أطراف الصَّحراء و الأقطار المجاورة فسَلكـُوا بها البلاد ، و أطْلقوا الأسماء على أيَّام الأسبوع ( أوَّلْ بَدَلَ الأحَدْ ، عُرُوبَة بَدَلَ الجُمُعَة) و جعلوا بينهم شيئًا يُرغِّبُهم في الجَمِيلِ و يَتَجَنـَّوْنَ به على الدَّناءَة ، حتـَّى إنَّ الرَّجلَ منهم و هو في فَجٍّ من الأرض يَصِفُ المَكارِمًَ فما يُبْقِي من نعْتِها شيئًا . ليس لهم كلامٌ إلاَّ و هُم يُحَاضُّون به على اصطِناعِ المعروف و حِفظِ الجَار و بذل المال و ابْتِنَاءِ المَحَامِد ، يقولُ عنتَرَة
و أغـُضُّ طَرْفِي حِينَ ألـْمَحُ جَارَتِي --- حتـَّى يُوَارِي جَارَتِي مَأوَاهَا
كلُّ واحِدٍ منهم يُصِيبُ ذلك بعقله ، و يستخرجه بفِطنتِه و فِكرَتِه فلا يتعلـَّمون و لا يَتَأدَّبُون بل نَحَائِزُ مُؤدَّبَة و عُقـُولٌ عَارِفـَة و بِنْيَة مُعْتدِلـَة
أبو حيَّان التوحيدي
الإمتاع و المؤانسة

كوكتال أخير لنزار قبّاني


قـُولِي أحِبـُّكَ كيْ تزِيدَ وَسَامَتِي
فبِغَيْرِ حبِّكِ لا أكـُونُ جَمِيــــلاَ
قـُولِي أحِبُّكَ كيْ تـَصِيرَ أصابِعِي
ذهَبًا و تصْبِحَ جَبْهَتِي قِنْدِيـلاَ
-------------------------
إذا مَرَّ يومٌ و لمْ أتذكـَّرْ
بِهِ أنْ أقـُولَ صَبَاحُكِ سُكـَّرْ
فلا تَفزَعِي مِنْ شرُودِي و صَمتِي
و لا تحْسَبِي أنَّ قلبِي تحَجَّرْ
-------------------------
يُسْمِعُنِي حينَ يُرَاقِصُنِي
كلماتٍ ليْسَتْ كالكلماتْ
يَأخذنِي مِنْ تحتِ ذِرَاعي
يَزْرَعُنِي في أحْلى الغيْماتْ
-------------------------
إنِّي خَـيَّرْتـُكِ فآختَارِي
ما بينَ المَوْتِ على صدْرِي
أو بينَ دَفـَاتِرِ أشعَارِي
إختَارِي الحُبَّ أوِ اللاَّحُبَّ
لا تـُوجَدُ مِنطَقـَةٌ وُسْطَى
ما بين الجَـنَّةِ و النـَّارِ
------------------------
مَقدُورُكَ أنْ تَمشِي أبَدًا
في الحُبِّ على حَدِّ الخِنجَرْ
و تظَلُّ وحيدًا كالأصْدَافْ
و تظَلُّ حَزِينًا كالصَّفصَافْ
مقدُورُكَ أنْ تَمْضِي أبَدًا
في بَحرِ الحبِّ بغَيرِ قـُلوعْ
و تـُحِبَّ ملايينَ المرَّاتْ
و تَرْجِعُ كالمَلِكِ المَخلـُوعْ
-----------------------
مَضَى عامَانِ يا أمِّي
على الولدِ الذي أبْحَرْ
و خبَّـأ في حَقائِبِهِ
صَبَاحَ بلادِهِ الأخضَرْ
و أنْجُمَها، و أنْهُرَها، و كلَّ شقيقِها الأحمَرْ
أنا وَحْـــدِي
دخانُ سجائرِي يَضجَرْ
و مِنِّي مقعَدِي يَضجَرْ
عرَفتُ عَوَاطِفَ الإسمَنتِ و الخشَبِ
عرفتُ حضارَةَ التـَّعَبِ
و لمْ أعْثـُرْ
على امرأةٍ تمشطُ شَعريَ الأشقَرْ
و تكسُوني إذا أعْرَى
و تنْشـُلنِي إذا أعْثـَرْ
---------------------------
أشـْهَدُ أنْ لا امرَأةً أتقنَتِ اللعبَةَ إلاَّ أنتِ
واحْتمَلتْ حَمَاقَتِي عشرَةَ أعْوامٍ كما احتَمَلتِ
و قَلـَّمَتْ أظافِرِي و رَتـَّبَتْ دَفاتِرِي
و أدْخَلتْنِي رَوْضَةَ الأطفالْ إلاَّ أنتِ
أشهَدُ أنْ لا امرأةً تَجْتاحُنِي في لحظات العِشق
كالزِّلزَالْ
تـُشعِلنِي تـُطْفِئُنِي ، تقسِمُنِي نِصْفَيْن
كالهِـــلاَلْ
تَحْتَلُّ نفسِي أطْوَلَ احتِلالْ و أجْمَلَ
احْـتِـلاَلْ
إلاَّ أنتِ

jeudi 17 juillet 2008

إلى الأسْرَى المحرَّرين : قصيد بآسمِ الإلَه...أحمد فؤاد نجم

بـآسْمِ الإلَه الشـَّعْب رَبِّ المَنبُوذين
الصَّايِمْ المَحْرُومْ على مَرِّ السِّنِينْ
يا مُنْشِدِينْ الحَيِّ حَيُّوا حَيِّنَا
و احْنَا هِنا عَالعَهْدِ دَيْمًا مُخلِصينْ
مَاحْلاَ القصايِدْ في الشـَّدايِدْ و الغـُنَا
ماحْلاَ الكَلاَمْ الحُبِّ أوقاتِ الشـَّقَا
إحْنا الِّي تـُهْنا عالطَّريق من بعضِنا
مِتفرَّقينْ و السِّجنِ هُوَ المُلتَقى

--------------------------

آهْ يا رَفَاقَى من مَتَاهاتِ الطَّريق
لمَّا اللـَّيالِي يِتخِنِق فيها القمَرْ
يِمشي الصَّديق في الظَّلمَة
يِخـْبَطْ في الصَّديق
و السِكَّة بِنْتِ الخطوِتِينْ تاخـُدْ سنَة
جُوَّة السُّجُونْ ، بَرَّة السُّجُونْ
إحْنَا كِدَه لازِمْ نِكُونْ
مَحْلا القصايدْ في الشدايِدْ و الغـُنَا
مَحْلاَ الكلامِ الحُبِّ أوْقاتِ الشـَّقَـا
إحْنا الِّي تـُهْنَا عالطَّريق من بعضِنا
متجَمَّعِينْ بِنْخـُطِّ صفحة في الكِتابْ

-------------------------

مَلعُونـَة قامَة تِنْحِنِي بالقهرْ
مِن حَاكِمْ و خَانْ
ملعونة كِلـْمة تِنْثِنِي في الحلق
تِهْرَبْ مِاللِّسَانْ
ملعونة ساعة تِتحِسِبْ مِالعُمْر
يِطْويها الخنوع
ملعونة لقمة مغـَمِّسَة بالذلّ
ملعون الجبانْ

-----------------------

آهْ يا رَفـَاقـَى يَا الِّي عَلِّمْتـُو الصَّلابَة
للحَجَرْ
بَنْدَهلكُمْ وِسْطِ الكآبَة و الرَّتابَة
و الضَّجَرْ
يا مقرَّبينْ الفَجْرْ نُورُه و مَطْلعُو
مِدُّوا المَسَامِعْ في المَجامِعْ و السَّاحَاتْ
اتـْجَمَّـعُوا
اتـْجَمَّـعُوا


أحمد فؤاد نجم

الـثـَّـوْمُ على الـجَـبِـينْ

اعْتادَ بعضُهُمْ إذا نَامَ أنْ يَعْصِبَ على جبينِهِ فـُصُوصًا من الثـَّوْمِ فيُصبِحُ و على جَبينِهِ آثارٌ يَظنُّها النَّاسُ من أثـَرِ السُّجُود ، و فاتَ هؤلاء المُتحَاذِقِين أنَّ أثرَ السُّجُودِ لا يظهرُ إلاَّ بعد سنين طويلة من الصَّلاة و ليس بعد فترة وجيزة من التلـَقـُّحِ بالدَّعْوَة ... مِنَ النَّاسِ مَنْ يَميلُ إلى التـَّوْقيتِ بالصَّلوَات يقول خرَجتُ بعد صلاة الصُّبح ، و كنتُ مُتعَبًا فنِمتُ بعد صلاة العشاء ... فيبدو كأنَّه يريد أن يُذكِّرَ بأنَّه من المُحافِظين على الصَّلاة ... و مِنَ النَّاسِ من يكونُ بيتـُه خلفَ المسجد فإذا سمع المُؤذِّنَ انْفـَلتَ إلى زُقاقٍ ثمَّ أسْرَعَ إلى المسجد مُختَرِقًا الشَّارع الرَّئيسي ، و قد رَأيتُ هذا مِرَارًا ... و مِنَ النَّاسِ مَنْ إذا جاءَ رمضان أصبَحَتْ تحيَّتـهُ" غالِب و إلاَّ مَغلـُوب " و كثر حديثه عن صلاة التّراويح و خطبة الإمام و الدُّموع التي ذرفها ندَمًا على ما فات و خوفـًا من عذاب القبْر ، و اشتدَّ اهتِمَامُهُ بالذين يَظنُّهُم هُوَ لا يَصُومُون رمضان ،و لا يترك حديثا إلاَّ و استشهَدَ فيه بالقناة كذا و الدَّاعِيَة فلانْ . و قد يتكلـَّف بعض الحِدَّة و سوء الخـُلق بِحيْث لا يَشكُّ أحدٌ في أنَّه من الصَّائمين ... و مِنَ النَّاسِ مَنْ إذا حَجَّ أصبحَ يُبْدِي تبَرُّمًا إذا لمْ يُنُادَ بلقَبِهِ الجديد "حاج" و أهمَلَ التاريخ الهجري و الميلادي و جعل يُؤرِّخُ بعَامِ حَجِّه كلّ المناسبات و الحوادث المحليَّة و العالميَّة... و من النّاسِ مَنْ يدَّعِي أنّهُ رَأى النَّبِيَّ في المنام إيهَامًا و مُغالطَة و زَيْفـًا

لا أظنُّ أنَّ هذه الألوانَ من السُّلوك تـُعَدُّ من الكبائر و لا أعتَقِدُ أنَّ أبْطالـَهَا من الذين حُجِزَتْ أمَاكِنُهُم في الدَّرَكِ الأسْفلِ من النَّار ، و لكنِّي أشـْتـَمُّ منها رائِحَة قوِيَّة من الثـَّوْم

mercredi 16 juillet 2008

زِيدِينِي عِـشـْقـًا

زيديني عِشقـًا زيديني
يا أحْلـَى نَوْبَاتِ جنوني
زيديني
زيديني غَرَقـًا يا سيِّدَتي
إنَّ البحرَ يُناديني
زيديني مَوْتـًا عَلَّ المَوْت
إذا يقتـُلني يُحْيِينِـي
يا إحْلـَى امرأةٍ بين نِساءِ
الكوْن أحِبِّينِي
يا مَنْ أحْبَبْتـُكِ حتَّى الحْتَرَقَ
الحُب ، أحِبِّيني
إنْ كنتِ تريدِينَ السَّكْنَى
أسكَنتُكِ في ضوء عيوني
حُبُّكِ خارِطَتِي ، ما عادَتْ
خارِطَة العالَمِ تعْنِينِي
مِنْ أجْلكِ أعْتـَقتُ نِسائِي
و ترَكتُ التَّارِيخَ ورائي
و شطَبْتُ شهادَةَ ميلادي
و قطَعْتُ جميعَ شَرَايِيني
أشعُرُ بالخَوْف فضُمِّينِي
أشعُرُ بالبَرْد فغَطِّينِي
غَطِّـــينِـي
أبْحَثُ عن حُبٍّ يَأخذنِي
لِحُدُودِ الشـَّمسِ
و يَــــرْمِـــينِــي
زيديني ، زيديني
...



نزار قبّاني

Parole de femme..Radhia HADDAD

A l'aube de l'indépendance, la plus ancienne et la plus criante des injustices était la condition des femmes . Leur cause semblait perdue . Meme ceux que cette situation révoltait n'imaginaient pas qu'il fut possible de venir à bout de préjugés séculaires, profondément ancrés dans nos mentalités . Radhia Haddad disait " sans la volonté de Bourguiba, aucune réforme radicale n'aurait pu réussir . Je crois que ce sera son plus grand mérite devant l'histoire, car si tous les pays ont fini, un jour ou l'autre, par se débarrasser de la domination étrangère, aucun, et surtout aucun pays arabo-musulman n'a osé une révolution sociale d'une telle ampleur . "
La libération des femmes s'inscrivait en fait dans une politique volontariste et moderniste, qui avait l'ambition de revitaliser la société tunisienne tout entière .

Parmi les récalcitrants, qui aujourd'hui encore poursuivent une résistance anachronique, il y a ceux qui, par obscurantisme, rejettent en bloc toute modification des structures anciennes, et considèrent ce que nous avons hérité des siècles honteux de notre décrépitude comme étant l'ordre immuable des choses . Mais il y a aussi ceux qui, tout en éprouvant l'ordre ancien, restent réfractaires à l'affranchissement des femmes, parce qu'ils en surestiment les effets négatifs sur les bonnes moeurs et sur la stabilité de la cellule familiale . En réalité, la régression de notre morale est due à bien d'autres phénomènes tels que la pauvreté, la mal répartition des richesses, l'exode, le chaumage, manque de liberté et l'echec du systéme éducatif . A mon sens, les objectifs de la majorité des tunisiens est clairs : moins d'inégalités et plus de démocratie .

إسرائيل ترفض تسليم رُفات دلال المغربي

بالأمس و أنا أقرأ الخبر بأنَّ إسرائيل رفضت تسليم رُفَاتْ الشَّهيدة دلال المغربي ضمن عمليّة تبادل الأسْرَى ، انفَتَحَ الجرحُ و نَزَفَ من جديد ، و ما كانَ له أنْ يَنْدَمِل لولا تتالِي الأحداث و فداحَتِها ، لكنَّ الخبرَ ذرَّ المِلحَ على جُرْحِي فَأدْمَاه و فَتـَّقَ قَلبَ القَرِيحَةِ من عُمْقِ الألم
ما أرْوَعَ أنْ يَمُوتَ الإنسانُ و على شفَتيْهِ ابْتِسَامة التحَدِّي لأيَّامِ الفَوَاجِع ، و ما أكبَرَ استِشهادَكِ يا دلال . لقد حضَنْتِ ترَابَ الجَليلِ و حَيْفَا و يافا و النَّاصِرَة ، ثمَّ رَسَمتِ بدِمَائِكِ المُتدَفِّقَة نهرًا صَارِخًا في سَوَاقِي الصَّمْت
دلال ، هذا صَبَاحُ فلسطين يُطِلُّ من عينيْكِ السَّوْدَاوَيْن ، بل هذه سنابِلُ العِزَّة تمُوجُ مع شَعْرِكِ الفاحِم ، أمَّا قامَتـُكِ فمَلفـُوفَة بِعَلمِ الكَرَامَة . أنتِ و رِفاقُ الدَّرْبِ الطَّويلِ تعْلِنُونَ الإصْرَارَ في وجْهِ المُغتَصِب ، تفتَحُونَ فـُوَّهَة البُرْكان و تـُخرِجُونَ من أحْشائِهِ جُثـَّة المِحْنَة

دلال ، فتاةٌ صَبَغَتْ بِدَمِهَا النّوافِذَ و الأبْوَابَ المَحْرُوقَة. فَمَزِّقْ يا نِيلُ سَلاسِلَ الكَبْت و آحْرِقِي يا دِجْلَة بساتينَ الوَرْدِ و الرَّيْحَانْ ، و اهْتـَزِّي يا جِبَالَ الأطْلَس فاليومَ عُرْسُكَ يا وَطَنِي

mardi 15 juillet 2008

يَقـولُ عَنِّي الأغْبِيَــاء.. نِزار قبَّاني

و يَقولُ عَنِّي الأغْبِيَاء
إنِّي دَخَلتُ إلى مَقَصِيرِ النِّسَاءْ..و مَا خَرَجتْ
و يُطَالِبُونَ بِنَصْبِ مَشنَقَتِي..لأنّنِي
عن شؤونِ حبِيبَتِي..شِعْرًا كَتَبْتْ
أنا لمْ أتَاجِرْ-مثلَ غيرِي- بالحَشِيش
و لا سَرَقتُ..و لا قتَلتْ
لكنَّني.. أحْبَبْتُ في وَضَحِ النَّهَار
فهَلْ تُرَانِي قد كَفَرتْ ؟
و يَقُولُ عنِّي الأغبِيَاءْ
إنِّي بأشعَارِي خَرَجْتُ على تَعَالِيمِ السَّمَاءْ
مَنْ قالَ إنَّ الحُبَّ عُدْوَانٌ على شَرَفِ السَّمَاءْ
إنَّ السَّمَاءَ صَدِيقَتِي
تبْكِي إذا أبْكِي.. و تضحَكُ إنْ ضَحِكتْ
و تَزِيدُ أنْجُمُها بَرِيقـًا
إنْ أنا يوْمًا عَشِقتْ
ماذا إذا غنَّيْتُ باسْمِ حبِيبَتِي
و زَرَعْتُها في كلِّ عاصِمَةٍ
كَغَابَةِ كَسْتِنَاءْ ؟
سَأظلُّ أحْتَرِفُ المَحَبَّة والبَرَاءَةَ و النَّقَاءْ
و أظلُّ أكتُبُ عن شؤونِ حبيبتي
حتَّى أذَوِّبَ شَعرَها الذهَبِيَّ في ذَهَبِ المَسَاءْ
حتَّى يصِيرَ الحُبُّ في وطَنِي بِمَرْتبَةِ الهَوَاءْ
و أصِيرَ قامُوسًا لِطُلاَّبِ الهَوَى
و أصِيرَ فوقَ شِفَاهِهِم
ألِـفـًا و بَــاءْ



رفع التباس : لا يذهب في اعتقاد صديقنا عمروش أنّي عنَيْتُه بأيِّ حالٍ من الأحوال بإدْرَاجي لهذه القصيدة بل هو اختيار من محض الصّدفة خالٍ من كلِّ قصد

lundi 14 juillet 2008

حَبِيبَهَا.. لسْتَ وحدَك حَبِيبَهَا

حَبِيبَها ، لسْتَ وحْدَك حَبيبَهَا
حبيبَها أنا قبلك و ربَّما جِئتُ بعدكْ
و ربَّما كنتُ مثلك حبيبَها
و لمْ تَزَلْ تَلقَانِي و تَسْتَبِيحُ خِدَاعِي
بلهْفَةٍ في اللِّقاءِ ، بِرَجْفَةٍ في الوَدَاعِ
بدَمْعَةٍ ليْسَ فيها كالدَّمْعِ إلاَّ البَرِيقْ
بِرَعْشَةٍ هِيَ نَبْضٌ ، نَبْضٌ بِغيْرِ عُرُوقْ
حبِيبَهَا و رَوَتْ لِي ما كانَ مِنْكَ و منهم
فهُمْ كثيرٌ و لكِنْ لا شيءَ نَعْرِفُ عنهُمْ
و عَانَقَتْنِي و ألْقَتْ بِرَأسِها فوْقَ كِتْفِي
تَبَاعَدَتْ و تَدَانَتْ كإصْبِعَيْنِ بِكَفِّي
و يَحْفرُ الحُبُّ قَلبِي بالنَّارْ بالسِكِّينْ
و هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِي حَذَارِ يا مِسْكِينْ
و سِرْتُ وحْدِي شَرِيدًا مُحَطَّمَ الخُطُوَاتِ
تَهُزُّنِي أنْفاسِي ، تُخِيفُنِي لَفَتَاتِي
كهَارِبٍ ليْسَ يَدْرِي مِنْ أيْن أوْ أيْنَ يَمْضِي
شَكٌّ ، ضَبَابٌ ، حُطَام ، بَعْضِي يُمَزِّقُ بَعْضِي
سَالْتُ عَقلِي فَأصْغَى و قالَ لاَ لاَ لنْ تَرَاهَا
و قالَ قَلبِي أرَاهَا و لَنْ أحِبَّ سِوَاهَا
لن أحِبَّ سِواها
ما أنتَ يا قَلبُ قلْ لِي أ أنتَ لَعْنَة حُبِّي
أ أنتَ نِقمَة رَبِّي ، إلى مَتَى أنتَ قَلْبِي
إلَــى مَــتَى أنْــتَ قَـــلـْــبِـــــي

dimanche 13 juillet 2008

الرِّجَالُ ثلاثة..حَازِمٌ و أحْزَمُ منه و عَاجِزٌ

قال دِمْنَة : الرِّجَالُ ثلاثة حازِمٌ و أحْزَمُ منه و عَاجِزٌ ، فالحازِمُ من إذا نزل به البَلاَءُ لمْ يَدْهَشْ و لم يذهَبْ قلبُهُ شُعاعًا ، و لم يَعْيَ برأيِهِ و حيلتِهِ التي بها يرجو المَخْرَجَ و النَّجاةَ . و الأحْزَمُ منه ، المُتقدِّمُ ذو العُدَّة الذي يعرِف مُبْتَدَأ الأمر قبل وُقوعِهِ . و أمَّا العاجِزُ فهو الذي لا يزال في الترَدُّدِ و تمَنِّي الأمَانِي حتَّى يُهْلِكَ نفسَه . ومَثَلُ ذلك السَّمَكَات الثلاث. قال الأسَدُ: و كيف؟

قال دِمْنَة: زَعَمُوا أنَّ غَدِيرًا كان فيه ثلاث سَمَكَات : كَيِّسَة و أكْيَسُ منها و عَاجِزَة و كان الغديرُ بِنَجْوَةٍ من الأرْضِ لا يكادُ يَقرَبُه النَّاس . فلمَّا كان ذاتَ يومٍ ، مَرَّ صَيَّادَان على ذلك الغدير فتَوَاعَدَا أن يَصِيدَا السَّمَكات اللواتِي رَأيَاهُنَّ . فلمَّا رَأتهُما أكْيَسُ الثلاثةِ ، ارْتَابَتْ بِهِما و لمْ تُعَرِّجْ على شيءٍ حتَّى خرَجَتْ إلى مَصَبِّ النَّهْرِ الكبيرِ . و أمَّا الكَيِّسَة فلبِثَتْ حتَّى أبْصَرَتهما قدْ سَدَّا عليها المَخْرَجَ ، فقالت : لقد فَرَّطْتُ و هذه عاقِبَة التفرِيطِ و قلـَّمَا تنْجَحُ حِيلة المَرْهُوقِ و لكنَّ العَالِمَ لا يَقنَطُ . ثمَّ تَمَاوَتَتْ و جعَلتْ تَطْفو على سطْحِ الماءِ ، فأخَذَاهَا و ألْقَيَاهَا على الأرْضِ غيْرَ بعيدٍ من النَّهْرِ ، فوَثبَتْ فيهِ و نجَتْ بِنفسِها . و أمَّا العَاجِزَةُ فلمْ تَزَلْ في إقبَالٍ و إدْبَارٍ حتَّى صِيدَتْ


عبد اللّه بن المقفّع

samedi 12 juillet 2008

إلـى كـلِّ التونسـيِّين

إيهِ أيُّها التونسِيُّون ما أكبرَ فضيحتَنا بين أمَمِ العالم التي تسعَى للحياة و العِزَّة مِنْ طريقهما المُوصِل فنحنُ مازلنا حتَّى السَّاعة مُعجَبِين بما ترَكَ لنا تارٍيخـُنا الأسْوَدُ من عقائد و مُيُولٍ نَتـَّقِي بذلك صَدْمَة الحَقِّ الغَلاَّب . و مع ذلك نُؤَمِّلُ أن تكون لنا نهضَة صادِقة لا تؤَثِّرُ فيها عواصِف الجحيم . فإذا ما كذَّبنا الواقع الذي لا يُؤمِنُ بكذِبِنا أثَّرَتْ فينا الخَيْبَة و جعلتنا نلتَمِسُ الأوْجُهَ السَّطحِيَّة لِنُعَلِّلَ بها انْخِسَافَ آمالِنا دون أنْ نفحَصَ في أعماقِنا عن مَوَاضِعِ الضُّعف فنَحرقه بِمَشَاعِلِ الحياة . حقًّا إنَّنا اليوم في دوْرِ انتقال ، و من الواجب إذا كنَّا نريدُ البقاء أن نتأهَّبَ لِنَفوزَ بالانتصار مهما كانت العوامل التي تعمل لِخيبَتنا في الحياة . فإذا نحن بقِينَا عِنْدَ مرحلة الآمَال و لم نُدْرِكْ مَنَابِع القوَّة من أنفسِنا فنُبْرِزَها فقَدْ بَرْهَنَّا بذلك على جهلِنا بالحياة و حُمْقِنا فيها و فَقَدْنا أهلِيَّة اكتِسَابِ الحُقوق . إنَّني أدْعُو جميع التونسيِّين مهما اختلفَتْ أراؤُهم إلى التَّأمُّل معي في ذات الموضوع و خطره على مستقبل حياتنا إذا بَقِينَا مُسْتسلِمِين للحَوَادِثِ العابِثَة بنا ، ناسِبِينَ ذلك إلى الأقدَار، تائِهِينَ في صَحْرَاءِ الماضِي ، جَاحِدِينَ فضْلَ الجَدِيدِ من العِلمِ و الفِكْر زَاهِدِينَ في العَمَل الذي يُشَرِّفـُنا، مُقبِلِينَ على الآخِرَةِ و ثقافَةِ المَوْت

الطـَّاهر الـحَــدَّاد
إمرأتنا في الشريعة و المجتمع

vendredi 11 juillet 2008

مَــــــاء الـحَــيَـــاة

رأيتُ في منامي حلمًا . بدَا لي كلُّ شيء مضيءٍ مُظلِمًا و كلُّ مظلِمٍ مُضِيئًا ، كما في النّسخة السّلبيَّة للصُّورة تمامًا . اقترب منِّي المرحوم والِدِي و ناوَلنِي إبْرِيقا و هو يقول لي : - خـُذْ يا بُنَيّ ، إنَّه ماءُ الحياة . هتفتُ دون أنْ ألقِي عليه السَّلام " ماءُ الحَيَاة ؟" و خطفت الإبريق من يديه و أفرَغتُ محتواه في جوفي دُفعَة واحدة . و اخترَقتْ دماغي فكرة : لقد شرِبْتُ ماء الحياة ، فصِرتُ الآنَ خَالِدًا . و بطريقة آليَّة صِحْتُ بكلّ ما فيَّ من قوَّة : أنظرُوا أيُّها النَّاس إليَّ . لم يعرِف كوْكَبُنا الأشـْيَب مرَّة واحدة تلك الفرحة التي تمتلك إنسانًا ذاقَ ماءَ الحياة ، ما أجملَ أنْ تستيْقِظَ و ترَى أنَّكَ لمْ تَمُتْ فـفِكرَة الفنَاء تبعث في القلب القشعريرة . أمَّا الآن فما أعذبَ أنْ ترَى نفسَكَ و قد صِرْتَ عَصِيًّا على الفناء ، و تذكَّرتُ فجأة زوجتي و أطفالي . ألقَيْتُ نظرة على الإبريق لكنّه كان فارغًا ، ما العمل ؟ ستقول زوجتي أنَّني لم أفكِّرْ فيها و سيبكي الأطفال و سيهجرونني جميعا من غيظِهم ، و يتركُونِي وحيدًا . انْتَحَبْتُ و لطَمْت ، و ضرَبْتُ على رأسي ، فما كان مِن والدي إلاَّ أنْ قدَّمَ لي إبْرِيقًا آخَرَ من ماءِ الحياة قائلاً : أذكُرْ يا بُنَيّ أنَّ ماء الحياة ليس ماء عادِيًّا ، و لم يَعُدْ عندي منه قطرة واحدة، حاول أنْ تنعِمَ به على أكبر عددٍ ممكنٍ من النَّاس . فكّرتُ أوَّلَ الأمر أنّه ينبغي أن أعطِي زوجتي و أطفالي و اقارِبِي و لكنّ رئِيسِي في العمل تسَلَّلَ في ذهني دون استئذان مُتَجَاوِزًا دَوْرَه ، فقرَّرْتُ أن أهُبَّ إليه و إبريقي في يدي . و لكن ما العمل مع صديقي ؟ و أخيرًا قرَّرْتُ أن أعطيَهم كلّهم قطرة قطرة من ماء الحياة . ثمَّ اتخذتُ قراري بحَجْبِ الماء عن رئيس المُحَاسبين الذي اقتطع منِّي أجر ثلاثة أيَّام لتغيُّبي عن العمل و هو يقول" القانون هو القانون" كما شطبْتُ إسم جارِي لِسَلاطَة لِسانِه . فجأة حذَّرَنِي والدي قائلاً : إذا قلتَ لشخْصٍ مَا إنَّكَ أعْطيْتَه ماء الحياة فإنَّ هذا الماء يفقِدُ صِفَتَه السِحْرِيَّة ، و يتحوَّل إلى ماء عادي . قَدِّمْ المُسَاعَدَة من كلِّ قلبِك لا طَلبًا لِشهْرَة أو مَجْد . قدَّمَ لي والدِي هذه النَّصيحَة و غَاب .و بَقِيتُ وحِيدًا مع إبْريقي المَمْلوء بماء الحياة . و أخذت الأفكارُ المختلفة ترَاوِدُني . هل هناك شيء أفضل من إنقاذ إنسان من الموت ؟ ألن يَنْصبُوا تمثالاً لِمَن سيجِدُ طريقة للشفاء من السَّرَطان ؟ فأيُّ تمثالٍ سيكون من نصيب من يهبُ الآخرين الخلود ؟ لكن مهلاً ماذا أوصاني والِدِي ؟ إنْ قلت لشخصٍ إنِّي أعطَيْتُه ماء الحياة انقلب الماء عادِيًّا . هكذا لن يعرف أنّه أصبحَ خالِدًا بِفضْلِي ، يا لأسَفِي ، ماذا فعَلتَ بي يا أبي ؟ ما الحلّ ؟ إذا أعطيْتُ رئيسي ماء الحياة و لم يعرِفْ أنَّني أنا الذي جعلتُه خالِدًا فإنَّه سيَسْتَمِرُّ في مُضَايَقتِي كعادته . و كذلك زوجتي ، لن أعطي لأحد .أنا الذي شربْتُ ماء الحياة ، أنا وحدي الخالِد ، وحدِي الخَالِد ، و الآخرُون هاهاها...لكن مهلاً إنْ ماتُوا فلن يعرِفوا أنِّي صِرْتُ من الخالِدِين ، و بالتالي لن يحْسِدَنِي أحد ، و ما قيمة أن تَكونَ خالِدًا إذا لم تتَمَكَّنْ من الاسْتِمْتَاع برُؤيَة هؤلاءِ الأشخَاصِ يموتون حَسَدًا ؟ و أخيرًا أدْرَكتُ أنَّني لن أستطيع الاستمرار في الحياة إنْ لم أخْبِرْ أحَدًا بِخلودِي ، و لهذا قرَّرْتُ كتابة القِصَّة ، و بعد أن فرَغتُ من كتابَتِها ، و وضَعْتُ اسمي بأحرُفٍ كبيرة تحتها ، سَكبْتُ عليها ماءَ الحياة الذي قرَّرْتُ ألاَّ أعْطِيهِ لأحَد ، و بِسَبَبِ الماء ضَاعَ كلُّ ما كتَبْتُه و اختَلطَ ، كما أخذَ ماءُ الحياة الذي شرِبْتُه يفعَلُ فِعله فِيَّ ، فصَرَخْتُ ، عندها أفَقتُ من حلمي

قصّة الكاتب المنغولي تس دورجفوتوف

أنقِذوا الإبْدَاع..إنّه يَحْتضِر

منذ أربعة أشهر انضممت إلى فضاء التدوين ، و جدتُ نفسي في خضمِّ خلافات فكريّة فقلت
جيِّد الاختلاف في الرأي ظاهرة صِحِيَّة في جسد الثقافة و تكريس لرفض اللّون الواحد ، و لكن الخلافات تحوّلت إلى معارك كلاميَّة ثمّ أخيرًا اندلعت الحرب و انقسم التدوين إلى قطبيْن
أو شِقـَّيْن يتداولان نفس القضيَّة حتَّى عُدَّ مَنْ يكتب في أيِّ موضوع آخر مُحَلـِّقا خارج السِّرب و مَشكوكًا في انتمائه و ثقافته و حِسِّه الوطني و جِدِيَّتِه و مستواه الفكري
عندما كان العرب صَفـًّا واحدًا ضِدَّ الآخر ازدهرت لديهم العلوم و الثقافة و انتعشت حركة الترجمة و ظهر الفلاسفة و العلماء و الشعراء حتى صارت الطرقات في غرناطة تـُضَاء بالمصابيح كي يتسنَّى لأهل المدينة التجوّل ليلاً في وقت كانت فيه المسالك في اوروبا غارقة في الوَحْل ، و لكن عندما انكفؤوا ينقسمون و يُكفِّرُ بعضهم بعضا تقهقرت العمليَّة الإبداعيَّة و تراجعت و تجمَّدَت فصار كلُّ مُفكِّرٍ كافر و كلّ فيلسوف أو كيميائي أو شاعرٍ زِندِيقـًا فضُرِبَ عُنُق بعضهم و أحْرِقـَتْ كتُبُ البعض الآخر و أجْبِرَ آخرون على مغادرة البلاد و القائمة طويلة ، و غضُّوا الطَّرَف عن الخطر الأكبر الذي يتهدَّدُ الجميع فكان الاستعمار
و بعد، عندما تنفَّسَت الشعوب نسيم الحريّة الذي كان باهض الثمن تريدون الانْكِفَاءَ على الأعْقـَاب ؟ أنَتـْرُكُ الحياة لِنـَتـَحَنَّطَ داخل الكهوف ؟ أ أرْمِي بِهويَّتي و كِيانِي و ثقافتي و قناعاتي لأتـَدَثـَّرَ بِعَبَاءَةٍ وَهَّابِيَّةٍ ؟
ما شأني و ما يحدث في الصَّحراء ، إنْ كانوا يحرِّمون عِيَادَة المَرْضَى بالزُّهور أو تحريم الرِّياضة ؟ صحيح نتناولها بالتثبُّت ثمَّ الرّفض ليس أكثر و القافلة تمُرّ ، ما ذنبي إنْ كانت صحراءُهم لا تـُنبِتُ الزُّهور و لا تعترِف بها أو بأيِّ شيء جميل ، قالوا إنّها بِدْعَة غربِيَّة أليسَ هذا هو الغَرْب الذي يبيعونه نفطهم و تشتـَرِي منه شـَيْخَاتـُهم آخِرَ صَيْحَات المُوضة من لباس و عطور و موادّ تجميل ؟ إذن فلـْنُكرِّسْ جهدَنا و طاقتنا على شأنِنَا الدَّاخِلي و قضايانا المصيرِيَّة قبل أنْ يُسْحَبَ البِسَاطُ من تحت أقدامِ الجميع

mercredi 9 juillet 2008

شـــاعـر المـــرأة ... تـُهْـــمَــة

كانوا يسمُّونني " شاعر المرأة" و في الماضي كان اللّقب يُسلـِّيني، ثم أصبح لا يَعْنِينِي، و في الفترة الأخيرة أصبح يُؤذِيني . تحوَّل من نِعمَة إلى تهمَة، و من وردة إلى رُمْحٍ مزروعٍ في خاصِرَتي . حين قال عنِّي النّاقد الكبير مارون عبُّود: إنَّني عمر بن أبي ربيعة هذا العصر، شعرتُ بنَفضَة كبرياء.. و مع تقادم السّنين و وفرَة التّجارب ، ذهبَتْ الارتعاشة و انحَسَر الغرُور ، و لم يعُدْ يهزُّني أن أكونَ واحِدًا من حاشِيَة عمر بن أبي ربيعة .. أو سِوَاه إنّني لا أنكِرُ وفرَة ما كتبتُ من شعر الحبّ ، و لا أنكِرُ همومي النِّسائيَّة و لكنّها ليستْ كلّ همُومِي لقد كانت لي حياة مليئة كما تكونُ حياة أكثر الرِّجال الطّبيعيّين الأسْوِيَاء،عرَفتُ نساءً كثيرات ، انتصَرتُ و انهَزَمْت ، و أحْرَقتُ واحتَرَقت ، و قَتَلت و قـُتِلت... و إذا كانت روائح حبِّي تفوحُ بشكْلٍ أقوَى من بقيَّة العُشَّاق فلأنَّني رَجُلٌ يَمْتَهِنُ الكتابَة ، و يضعُ حياتَه بكلِّ تفاصيلها على الوَرَق... هذه هي مأساة الفنّان ، إنّه لا يستطيع أن يتصرَّف في الحياة بشكل و على الورق بشكل آخر . و أوَدُّ أن أعْتَرِف أنَّ شعري قدَّمَني للنّاس تقديمًا خَطِرًا و صَبَغَ سُمْعَتي بالأحْمَرِ الفَاقِع و ساعَدَ على ترسيخِ صورَتي " الشَّهْرَيَارِيَّة " في رؤوسهم، إنَّ النَّاس في بلادِنا لا يفصِلون الكتابة عن الكاتِب . فالتَّجْرِيدُ و التّأمُّل الذِّهني أشياء لا نتعامَلُ معها في هذه المنطقة من العالم. لقد كان الالتِحام مع مجتمعٍ يَضَعُ الحُـبَّ في قائمة المُحَرَّمَات و المَمْنوعات أمْرًا حتمِيًّا ، و الذي زادَ مِن ضَرَاوَة الالتِحَام أنِّي ظهرتُ على الورق بوجهي الطَّبيعي ، و لم ألـْجَأ غلى الأصْبَاغِ و المَسَاحِيق ... إنَّ شعَرَاءَ الغَزَل في أوروبا و كُتَّابَ الرِّوايات و المسرحيَّات لا يَخـُوضون حَربًا صَليبِيَّة مع مجتمعهم كما يخوضُها الكـُتَّابُ العرب . لأنَّ نظرَة مجتمعاتِهم للحُبِّ أخذت حجْمَهَا الطَّبيعي و لم تعُدْ وَرَمًا سَرَطانِيًّا كما هو الحالُ عندنا . إنَّ شاعِرَ الحُبِّ في بلادِنا يُقاتِلُ فوق أرْضٍ وَعْرَة ، و في مَنَاخٍ عِدَائيٍّ رَدِيءٍ جدًّا و يُغنِّي في غابَةٍ تسْكـُنُها الأشبَاح
نزار قبّاني
قصّتي مع الشّعر

mardi 8 juillet 2008

الشعر ثورة أو لا يكون...بدر شاكر السيّاب نموذجًا

كان شعر بدر شاكر السيّاب نقطة تحوّل أساسيّة في الشعر العربي الحديث ، إذ اكتشف بحِسِّه المرهف و بما اكتسبه من ثقافة نقديّة و شعريّة من قراءته للأدب الانكليزي أنَّ مرحلة الرّومنطيقيّة قد انتهت و آنَ الأوان لقفزَةٍ كبيرة في تطوير الشعر العربي ، فكانت الثورة الشعريّة الحديثة ، و كان التحوّل النوعي الذي طرأ على القصيدة العربيّة المعاصرة...فقد كانت القصيدة العربيّة بحاجة إلى البحث عن هوِيَّتها، و إلى تحديد شخصيَّتها. فليست الحداثة تكرارًا لما أبدعَه السَّلف، و ليست نقلاً للتجارب الغربِيَّة ، لكنَّها في الوقت نفسه لا يمكن أنْ تكونَ انقطاعًا عن التراث الشعريِّ القديم، كما لا يمكن أنْ تتغَافلَ عن التجارب الشعريَّة الحديثة لدَى الأممِ الأخرى . لذلك كان على الشّاعر المُجَدِّد أنْ يَعِيَ تراثه ليرتكزَ على العناصر الحيَّة فيه ، و أنْ يتثقـَّفَ بالثقافة الغربِيَّة الحديثة لِيُفِيدَ منها دونَ أنْ يَنقل نماذِجَها، و كان عليه أنْ يَعِيَ حاضِرَ أمَّتِهِ حتـَّى يُعبِّرَ عن قضاياها و يُعِيدَ بِحَدْسِه الخاص صِيَاغـَة الواقع من جديد . و هذا ما استطاعه رُوَّادُ الشعر العربي الحديث(نازك الملائكة-فدوي طوقان-عبد الوهّاب البيّاتي-أدونيس-محمود درويش-نزار قبّاني...) . و كان بدر شاكر السيَّاب أوَّلهم . لم يكن التحوّل الشعريُّ مُجَرَّدَ تحوُّلٍ شكلِيٍّ في بِنَاءِ القصيدة و ليس مسألة تحَرُّرٍ من قيود القافية و وِحْدَة البيت و قد عبّرَ السيَّابُ عن مدلول الحداثة في الشعر بقوله " إنَّ الشعرَ الحُرَّ أكثرُ من اختلاف عدد التفعيلات المتشابِهة بين بيْتٍ و آخَرَ، إنّه بِنَاءٌ فنِيٌّ جديدٌ و اتـِّجَاهٌ واقعِيٌّ جديد، جاء لِيَسْحَقَ المُيُوعَة الرُّومَنطيقيَّة و أدَبَ الأبْرَاجِ العاجِيَّة ، و جُمُودَ الكلاسِيكِيَّة ، كما جاء لِيَسْحَقَ الشِّعْر الخَطَابِي الذي اعتادَ السِّياسِيُّون و الاجتماعِيُّون
الكتابَة بهِ ". فالقصيدة الحديثة-حسب تعريفه- ثورة على الكلاسيكيّة في القوانين الصّارِمة التي تفرِضها على عمليّة الإبداع الأدبيِّ ، كما أنّها ثورَة على الرُّومنطيقيّة في انسِيَاقِها العاطِفِي و انشِغَالِها بالهُمُومِ الفَرْدِيَّة . هِيَ مَغرُوسَة في القضَايَا القَوْمِيَّة ، و الإنسانِيَّة، مُلتَزِمَة بها ، لا مُنْزَوِيَة في أبْرَاجٍ عاجِيَّة يَهرَبُ إليها الشَّاعِرُ هائمًا في عالَمٍ خاصٍّ بهِ ، و معَ ذلكَ فالقصيدة الحديثة ليست خـُطْبَة سياسيَّة لأنَّها تعَبِّرُ عن ذاتِها بالصُّورَة و الرَّمز لا بالعِبَارَة التـَّقرِيرِيَّــــة

lundi 7 juillet 2008

غـَــرْنـَــاطـَـة

في مَدْخَلِ الحَمْرَاءِ كان لِقاؤنَا
ما أطـْيَـبَ اللـُّقْــيَا بلا مِـيـعَادِ
عينانِ سوْدَاوَانِ في حَجَرَيْهما
تَتَـوَالـدُ الأبْـعَــادُ مِنْ أبْـعَـــادِ
هَـلْ أنتِ إسْبَانِيَّـةٌ .. ساءَلتـُهَا
قالتْ: و في غَرْنَاطَةٍ مِيلادِي
غَرْنَاطَة،وصَحَتْ قرُونٌ سَبْعَة
في تـَيْـنِـكَ العيْنَيْـنِ بَعْدَ رُقـَـادِ
و أمَــيَّـةٌ رَايَـاتـُـهَا مَـرْفـُوعَـةٌ
و جِـيَـادُها مَـوْصُولةٌ بِـجِـيَـادِ
ماأغرَبَ التَّاريخَ كيفَ أعَادَنِي
لِـحَفِـيـدَةٍ سَمْرَاءَ مِنْ أحْفَـادِي
وَجْـهٌ دِمِـشْقِـيٌّ رَأيْتُ خِلالـَهُ
أجْـفـَانَ بَلقِيـسَ و جِيدَ سُعَـادِ
و رَأيْتُ منزِلنَا القديمَ و حُجْرَةً
كانتْ بها أمِّـي تمُـدُّ وِسَادِي
و الياسَمِينَة رُصِّعَتْ بِنـُجُومِها
و البِـرْكـَةُ الذَّهَـبِيَّـة الإنْشَــادِ
و دِمشقُ..أيْنَ تكونُ؟قلتُ تَرَيْنَها
في شَعْرِكِ المُنْسَابِ نَهرَ سَوَادِ
في وجْهِكِ العَرَبِيِّ،في الثـَّغرِ الذي
مازال مُختَزِنًا شمُوسَ بلادِي
سَارَتْ معي و الشَّعْرُ يلهَث خَلفَها
كسَنابِلٍ تـُرِكَتْ بغيرِ حَصَادِ
يتألـَّقُ القـُّرْطُ الطَّويلُ بِجِيدِها
مثـل الشـُّمُـوعِ بـليلـة الميلادِ
و مَشَيْتُ مثل الطِّفلِ خَلفَ دَلِيلتِي
و وَرَائِيَ التَّارِيخُ كومُ رَمَـادِ
الزُّخرفاتُ أكادُ أسْمَعُ نَبْضَها
و الزَّرْكشاتُ على السُّقوفِ تـُنادي
قالَتْ:هنا الحَمْرَاءُ زَهْوُ جُدُودِنا
فاقرَأ على جُدْرَانِها أمْجَادِي
أمْجَادُهَا، و مَسَحْتُ جُرْحًا نَازِفًا
و مَسَحْتُ جُرْحًا ثانيًا بفؤادِي
يا لـَيْتَ وَارِثـَتِي الجميلة أدْرَكتْ
أنَّ الـذينَ عَـنَـتـْهُـمُ أجْـدَادِي



نــــزار قبّـــانــي

dimanche 6 juillet 2008

فَـخـْرِيَّـاتْ

لمّا لاقـُوا قبَيْل الصُّبْحِ عِيسَهُمُ
و حَمَّلوها و سَارَتْ بالدُّجَى الإبِلُ
فأرْسَلتْ مِنْ خلالِ السَّجْفِ نَاظِرَها
تَرْنـُو إليَّ و دَمْعُ العينِ يَنْهَمِلُ
و وَدَّعَتْ بِبَـنـَانٍ عِقـْدُهُ عَنـَـمٌ
نَادَيْتُ لاَ حَمَلـَتْ رِجْلاكَ يا جَمَلُ
يا حَادِيَ العِيسِ عَرِّجْ كيْ نوَدِّعَهُمْ
يا حَادِيَ العِيسِ في تِرْحَالِكَ الأجَلُ
وَيْلِي مِنَ البَيْنِ ماذا حَلَّ بِي و بِها
مِنْ نَازِلِ البِينْ حَلَّ البَيْنُ و ارْتَحَلـُوا
إنِّي على العَهْدِ لمْ أنْقضْ مَوَدَّتَهم
يا ليْتَ شِعْرِي لِطُولِ العَهْدِ مَا فعَلوا

---------------

جَاءَتْ مُعَـذِّبَتِي في غَيْهَبِ الغَسَقِ
كأنَّها الكـَوْكـَبُ الدُرِيُّ في الأفـُقِ
فقـُلتُ نَوَّرْتِنِي يا خَيْرَ زَائِرَةٍ
أمَا خَشِيتِ مِنَ الحُرَّاسِ في الطـُّرُقِ
فجَاوَبَتـْنِي و دَمْعُ العَيْنِ يَسْبقـُهَا
مَنْ يَرْكـَبِ البَحْرَ لا يَخـْشَى مِنَ الغَرَقِ

----------------

إنْ تـَجُودِي فـصِلِينِـي أسْـوَةً بالعَاشِقِينْ
أوْ تَضِنِّي فآنْـدُبِينِي في ظِلاَلِ اليَاسَمِينْ

vendredi 4 juillet 2008

ما يفـُوحْشِ بْلاَ حَرْق عُـودْ قـمَارِي

بالأمس اصطحَبَتنِي والدتي إلى الضّاحية الشّماليّة ، دَعَوتـُها للعشاء و السّهرةعلى ضفاف البحر و رغِبتُ أن أروِّحَ عنها في هذا الحَرّ خصوصا و أنَّ طبيعة عملي تشغلني طيلة العام الدّراسي ممّا يجعلني أشعرُ بالذّنب و التّقصير نحوها . و لكن ما صَدَمَني أنّي لم أجِدْ أمّي التي أعْرِفها ، ضعفٌ في السَّيْرِ و النّظَر و قلّة إقبَال على الطّعام و عدم الرّغبَة في الحديث و الضّحك ، فأيْقَنْتُ أنّها النِّهاية قرِيبَة لا مَحَالةَ
أنَانِـيَّة هِيَ الطّبيعَة ، ما كانَ سَيُكلِّفها لوْ أبْقَتْ للجَسَد ثمَالَة مِنْ قدْرَةٍ و تفاعُلٍ مع الحياة؟ أ كانَ لا بُدَّ من هذا الضّعف و العجز و الهُزَال قبل الفَنَاء ؟ ألا يَقولونَ لِكلِّ سِنٍّ رَوْعَتها ؟ أيْنَ الرَّوْعَة عند المُسْتَطِيعِ بِغَيْرِهِ ، القَابِعِ في غَيَاهِبِ ذكرياته ، العاجِز على التّفاعُلِ مع الحاضِر
كلّنا نَحِنُّ للزّمَنِ الجَميل ، فهَل هناك زَمَنٌ جميل حَقًّا ؟ ألا تَرْمُزُ العِبَارَة إلى مَشْـهَدٍ نشعُرُ أنّه يتَسَرَّبُ من بين أصابِعِنا رُغمًا عنَّا ؟ هل كان سيَبْقَى بَيْرَمْ أو زَكرِيَّا أحْمَدْ أو الشَّابِّي عُظمَاء لو عاشوا إلى اليوم ؟ ألنْ تَطْحَنَهم آلة المَادَّة و السُّرعة و السّطحِيَّة و الرَّدَاءَة ؟ منذ يوْميْن خَفقتْ قلوبُنَا و اختَلجَتْ لِصُدُور قصِيدَةٍ جديدة لمحمود درويش لا مِنْ أجْلِ القصيدة في حَدِّ ذاتِها بَلْ لأنَّ دَرْويش مازال هنا بين ظَهْرَانِينَا و لمْ يَرْحَل كما فعل نزار قبّاني و مصطفى العقّاد و سمير العيّادي و غيرُهمْ
جَـبَّارَةٌ آلـَــــة الزَّمَـــن ، تأتِي على الأخضَر و اليابِس و الصِحَّة هي نِظـَام الادِّخَار الوحيد المُفـْـلِس في الدُّنيا ، هَـبْ أنَّكَ بَذَّرْتـَها في شبَابِك أو ادَّخـَرْتها و أنْفـَقتَها بحَذَرٍ و بِحِسَاب فلسْتَ ظافِرًا منها في كِبَرِكَ بِشيء . من أجل ذلك تجِدُنِي خَيَّامِيَّة المَذهَب
فما أطال النَّومُ عُمْرًا و لا--- قصَّرَ في الأعْمَارِ طولُ السَّهَرْ

ذكـَّرَنِي كلُّ هذا شَخْصًا عَزِيزًا عَرَفتـُه منذ مدَّةٍ قصِيرَةٍ ، وَهَبَ كلَّ شيء للأهل و الأبناء و للثَّقافَة و الفنِّ و للبَلدِ و المَبَادِئ ، هذا الذي أنْجَبَ و رَبَّى و عَلـَّمَ و عالجَ وكَسَى و أنْفقَ و أصْلحَ و قَوَّمَ و تجَاوَزَ و تَسَامَحَ و لايَزَال ، ثمَّ ماذا بَعْد ، ألاَ يَحِقُّ له أنْ يَنْعَمَ بالحُبِّ و السَّعادَة في هذه المرحلة من العُمْر ؟

كـَمْ هِيَ غرِيبَة قوَانين الفِيزيَاء ، ألا بُدَّ أنْ تذوبَ الشَّمْعَة كـَيْ تنِيرَ ما حَوْلها ؟ ألا يَعْبَقُ عَبِيرُ القمَارِي في الأرْجَاء إلاَّ إذا احْتـَرَقَ عُـودُه ؟

jeudi 3 juillet 2008

يا هَوَى الأحْلامْ يا عَزَّة

الغرام في الدمِّ سارِحْ
و الهَوَى طارِحْ مَعَزّة
و الحنين للقرب بارِحْ و النَّوَى جارح يا عزَّة
يا ابتسامة فجر هلّت
بدّلت ليلي الحزينْ
يا ندى الصّبح الِّي سَأسَأ
فوق خدودي الدَّبلانين
بَلِّ شوقهم
صَحَّى لون الورد فوقهم
كلّ خدّ وَشَمْلُو وردة مِينْ يدُوقهم
غيرك أنتِ و مين سِواكِ
يا حياتي يا مَلاكِي
يا نسيم الحبّ لمّا هَبّ هَزِّ القلب هَزَّة
يا هَوَى الأحلامْ يا عَزَّة
اللِّيلة دِي جُمْ خَدوني يا ملاكي
جُوزْ تَنَابْلة و نصِّ دَسْتَة من التِّيرانْ
كنت بَآحْلَمْ يا حبيبتي
كنت بآحلَم بيكِ أنتِ
كنَّا أنا و أنتِ قالْ في جنينة خَضْرَة
و محَاوِطْها البُرْتقال
و أنتِ جُوَّة قرُنْفلاَيَا بالعَبِيرْ بِتِسْتِحَمِّي
أجْرِي يَمِّكْ تِسْبَقيني
و تِجْرِي يَمِّي أحْضُنِكْ
و اشْرَبْ عَبيرِكْ من شَفايْفِكْ
و الغصون واقفة و شايْفَة
بِترَاعينا بَسِّ خايْفة
مِالعُيُونْ و العيون بتقول كلامْ
و الكلامْ طايِرْ حَمَامْ
بِينادينا بالأغاني و يهادِينا بالسَّلامْ
كُنت بَآحْلَمْ يا حبيبتي
كنت بآحلم بِيكِ أنتِ
أيْوَة أنتِ و مينْ سِواكِ
يا حياتي يا مَلاَكِي
يا نسيم الحبّ لمّا هَبِّ
هزِّ القلب هزَّة يا هوَى الأحلامْ يا عَزَّة
و انطلق في الجوِّ فجأة
يا حبيبتي صوت مفاجأة
صوت يخَلِّي الدمِّ يجمَدْ
" إصْحَ يا احْمَدْ "
و انتهى الحلم الجميل
و ابتدأ الهمِّ التقيل
" فين إمَامْ "
إنتو مِينْ
" إحنا ناس مُكَلَّفينْ
تيجِي سَالِكْ مُش حَتِتعَبْ
و احنا بَرْدُه مَعذورينْ"
إنْتو دُودْ الأرض و الآفَة المُخيفَة
إنتو ذَرِّة رَمْل في عنين الخَليفَة
إنتو كُرْبَاجْ المَظالم و المَآسي
إنتو عِلّة في جسم بَلدِي
إنتو جيفَة
"سَكِّتُوهْ بْنِ الكِلابْ سَفِّفوهْ منِ التّرابْ
فتِّشوا كلِّ الأماكن
طَلّعُوا رفوف الدُّولابْ "
كَمِّمُوني يا حبيبتي، فتِّشوني يا حبيبتي
كلّ شعْرَة في جسمي بالعِينْ فتِّشوها
المِخَدَّة مِنْ جنانهم شرَّحُوها
و انتهَى التفتيش ما فيشْ
سَدَّقيني ما تخَافيشْ
هُوَ في عندي يا عَزَّة مَمْنوعَاتْ
غير بَحِبِّ النّاسْ و بَكْرَهْ السُّكَاتْ
بَصِّ واحد مِالتَّنَابْلة جُوَّة عينِي
و أنتِ عارفَة عنَيَّ صافية و طيِّبِينْ
زَيِّ كلّ عيون بلدْنا يا حبيبتي
شبَّاكِينْ عَالقلبِ دُغرِي موَصِّلينْ
كان مُنَاهْ يِلمَحْ علامِة خوف بَسيطَة
طَبْ حَيِيجِي الخوف منينْ إبنِ العَبِيطَة
هُوَ مِينْ فينا الجَبَانْ
ولاَّ مينْ فينا الّي خَانْ
هو بَص في عيني بَصَّة
و اترَعَبْ و خاف و قالْ
جملتين مُشْ مفهومينْ
أصْلُه شافْ صُورتينْ جُمَالْ
في العيون الطيِّبينْ
مَصْر في العينْ الشِّمال
وأنتِ في العين اليمينْ
أيْوَة أنتِ و مينْ سِوَاكِ
يا حياتي يا ملاكي
يا نسيم الحبّ لمّا هبِّ هَزِّ القلب هَزَّة
يا هَوَى الأحلامْ يا عَزَّة

أحــمد فـؤاد نـــجم

mardi 1 juillet 2008

الذين رفضُوا الصَّـمت


قال صديقي : متى تتعلّمين فضيلة الصّمت؟ أما آنَ لك أيّها الفارس أن تترجّل؟قلت: هل أنا إلاّ كلمة ؟ هل الحياة كلّها إلاّ موقف و تعبيرٌ عن ذلك الموقف؟قال: إنّي في الواقع أخشَى عليك من هذه المُضْغَة الثرثارة التي نسمّيها اللّسان... أنتِ نفسكِ حدّثتِني عن بلد العمْيَان...هل تذكرين ذلك المبْصِرَ الذي وقع ذات يوم في بلدِ العميان فأرعَبَه ألاَّ يجِدَ فيه بَصِيرًا ؟ حدَّثهم في اليوم الأوّل عن الشّمس فعَجِبوا و أنْكروا، فلمّا حدَّثهم عن القمَر قالوا هذا افتِرَاءٌ ، فلمّا وصَفَ لهم قَوْسَ قزَحٍ و لونَ الوَرْدِ سَرَى الغضَبُ هَمهَمَة مِنَ السَعِير في العيون المنْطَفِئَة ، فلمّا تكلّم في الآفاقِ و الأبْعَادِ قالوا : قضِيَ الأمْرُ هذا الغَرِيب يَهدِم كلّ القِيَم قلتُ : بَلى أذكر الحكاية... و لكنْ هل أطفَؤوا الشّمس ؟ هل مَحَوْا النّورَ و قوسَ قزَح ؟ ستقول لي إنّه جنون أنْ يلاقِي المَصِيرَ المرْعِبَ من أجلِ فِكرَة فأقول لكَ إنّه الجُنونُ الثّمينُ بالمثل العُليَا ، هل تعرف معنى الجنون الثّمين؟ نصف تاريخ الإنسانيّة إنّما كتبَه أولئكَ الذينَ لم يَصْمتوا ، الذين رفضوا الفمَ الذهبِيَّ المغلق . انظرْ إلى الفلاسفة و العلماء و المناضلين . مَوَاكِبُ بعد مواكب جاؤوا و ذهبوا ، بماذا بقوا في ذاكرة الإنسانيّة إنْ لمْ يكنْ بهذا الذي كسَرُوا به الصّمت ؟ بتلك الـ"لا" العريضة التي رفعوها في وجه الظّلم؟ ثارُوا، عَرْبَدوا، رَفضوا، عُذِبُوا، حُوكِمُوا، انتَحَرُوا، انتهَى بعضهم في المحْرَقة و بعضٌ على شفرَة سَيْف و بعضٌ بكأسِ سمّ و بعضٌ بشحنَة كهرباء و بعضُ... و بعض . جماجِمهم المتَدَحْرِجَة كانت مَشَاعِلَ الطّرِيق ، إنّ الكَلاَمَ يا صَدِيقِي هو مِيزَة الإنْسَانِ الأبَدِيَّـــــة .

يـا ابنَ أمِّــي

خُلِقتَ طَلِيقًا كطَيْفِ النَّسِيمْ و حُرًّا كنُورِ الضُّحَى في سَمَاهْ
تغَرِّدُ كالطَّـيْرِ أيْنَ انْدَفـعْتَ و تَشدُو بما شَاءَ وَحْيُ الإلَهْ
و تَمْرَحُ بين ورُودِ الصَّباحِ و تَنْعَمُ بالنُّـورِ أنَّى تَرَاهْ
و تمْشِي كما شِئتَ بين المُرُوجِ و تقطِفُ وَرْدَ الرُّبَى في رُبَاهْ

------------------

كذَا صَاغَكَ اللّهُ يا ابنَ الوجودِ و ألقَتكَ في الكوْنِ هذي الحَياهْ
فمالكَ تَرْضَى بذلِّ القيودِ و تَحْنِي لِمَنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ
و تسْكِتُ في النّفسِ صَوْتَ الحياةِ القويِّ إذا ما تَغَنَّى صَدَاهْ
و تُطْبِقُ أجْفانَكَ النَيِّرَاتِ عن الفجرِ و الفجرُ عَذبٌ ضِيَاهْ
و تقنَعُ بالعَيْشِ بينَ الكُهُوفِ فأينَ النَّشيدُ و أينَ الإِيَاهْ
ألا انْهَضْ و سِرْ في سبيلِ الحياة فمَنْ نامَ لمْ تَنْتَظِرْهُ الحَياهْ
و لا تَخشَ مِمَّا وراء التِّلاعِ فما ثمَّ إلاّ الضُّحَى في صِبَاهْ
و إلاَّ ربيعُ الوجودِ الغَرِيرُ يُطَرِّزُ بالوردِ ضَافِي رِدَاهْ
و إلاَّ أريجُ الزّهورِ الصِّبَاحِ و رقصُ الأشِعَّةِ بين المِيَاهْ
و إلاَّ حَمَامُ المُرُوجِ الأنِيقُ يُغَرِّدُ منطَلِقًا في غِنَاهْ
إلى النُّورِ فالنُّورُ عَذبٌ جميلٌ إلى النُّورِ فالنُّورُ ظِلُّ الإلَهْ


أبو القاسم الشابّي
أغانـي الحيـــاة

قـوّة القـلـم

القوّة الحقيقيّة للقلم هي أن يستطيع أن يقول ما يريد حين يريد و أن يبذل صاحب القلم دمَه و ماله و راحتَه و كلّ عزيز عليه في سبيل شيء واحد" الكرامة" و الكرامة الحقيقيّة هي أن يضع الإنسان نَفَسَه الأخير في كفّةٍ ، و فكرَته و رأيَه في كفّةٍ ، حتّى إذا ما أرادت الظروف وَزنَ الكفّتيْن رَجَحَت في الحال كفّة رأيه و فكْرِهِ ... هذا قولٌ قلتُه منذ أعوامٍ و أقوله اليومَ أيضا . و أنا واثقٌ أنّ في بلاد العرب عددًا كبيرا من العُقَلاءِ الذين يستطيعون تمحيص المسائل و بحث المشكلات و إبداء الرّأي الذي ينفع البلاد ، لكنّهم يطوُون الرّأي في الصّدور، أو يهمسون به في الآذان خِشيَة أن يتعرَّضُوا للأذَى . هذا الكبت عن التعبير هو الذي يُوجِدُ الحُكم المُطلق إذ تسْتبِدُّ الفِكرة الواحدة و اللون الواحد و الحزب الواحد و الرّجل الواحد... و هذا أشبَهُ بالنّظام الملكيّ و إنْ كانت الحُلّة الظاهرة جمْهورِيَّة و ما دام النّظامُ مُطلَقًا فلا حُرِيَّة للقول و الفكر و الإرادة . تلك الحُريَّة التي علينا أن نَدْفعَ في سبيلها الجُهْدَ و الغُرْم إذ ما مِن نظامٍ في الوجود يكْفِل الحريَّة عن طريق الهِبَةِ .


تــــوفيـق الحـكيـم
تحت شمس الفكـر