mardi 29 décembre 2009

أمّي دوجة : حكاية كفاح


عمناول كيف هالوقيّت كتبت تدوينة للذكرى لروح ممّاتي أمّي سعيدة و باش نكون منصفة في حقّ ممّاتي الثانية – الّي هي في الحقيقة خالتها – حبّيت اليوم نحكي عليها : أمّي دوجة . ما تقلّش أهميّة و تأثير على تكويني و شخصيتي . و إذا كانت أمّي سعيدة حكاية ظريفة تضحّك فأمّي دوجة حكاية جهاد طويل و إصرار ، بقدر ما الأولى عاطفيّة تتلاقى في وجهها الدمعة و الضحكة في وقت واحد بقدر ما الثانية عقلانيّة و شخصيّة ثابتة و كلمة ما تتردّش . و إذا كانت الأولى قدّ و بهجة و طول تشيخ على الخلاعات و العروسات و الضيافات مغرومة بالحرقوص و شرك الياسمين و تلبس المْهَدَّعْ و ساعة ساعة تعمل نفَيِّسْ من سيقارو بالسّرقة على ولدها الكبير فالثانية ذمَيْمَة مبرومة / كنّا نسمّيوْهم لورال و هاردي / فوطة و بلوزة و مريول فضيلة باليدين لحمها ما يتراش حتّى في عزّ الصيف وجهها ديما مغسول بالماء و الصابون ما حطّتش فيه مرود كحل ملّي مات راجلها و لكنها مغرومة بالكونوليا السّوري كيف ما كانت تتسمّى في وقتها ، ما تحبّش كثر الحافر ، و دودة متاع حركة ما تقعدش من غير ما تعمل حاجة تفيد . في الشتاء تخدم لنا مراول الصوف لتوّا نتفكّر لون أباريها و نوامرهم ، و على خاطر قامتها قصيرة كانت تطلع على كرسي قدّام الغاز باش تعمللنا معجون البردقان و خبزة الدّرع و الفريكاسي و كريمة الشكلاطة للسهريّة و أحنا دايرين بيها كالقطاطس . و كي تجينا في الصيف تحلى العشويّات و السهريّات و إذا ما تلقى ما تعمل تدور على الجنينة و تزرع مشاتل الفول و المعدنوس ، كيف يمرض الدجاج تداويه ، تقطّر لهم في عينيهم من الدوا متاع عينيها هي و تهرّس حرابشها و تسَفّفهم و الغريبة كانو يبراوْ ههههه و أحنا باهتين . عندي قريب تولد بنموّ ضعيف و وخّر في المشيْ خذاته أمّي دوجة على عاتقها و كانت تسكن على البحر . صيفيّة كاملة ، كلّ يوم تهزّة في حملتها للشطّ تغطّي له راسه عالشمس و تغرس له ساقيه في الرّمل السخون و تقعد بحذاه ، قفّة الفطور بجنبها و هي تغذّي فيه و عقاب القايلة تروّح بيه للدّار . ما جا آخر الصّيف إلاّما رجعت بيه لعايلته يمشي على ساقيه .
المرا هذه من مواليد 1903 كيف ما تقول هي " نديدة بورقيبة " و عدّات قرابة السبعين سنة من عمرها وحّدها ، وحّدها يعني أرملة ، مات راجلها و هي في سنّ التسعة و عشرين و خلاّلها ثلاثة بنات الكبيرة بنت 12 سنة و الصغيرة ما يعرفهاش خلاّها حبلى بيها . رفضت الزواج بعده و من وقتها بدات رحلتها في الجهاد . جهاد للعيش الكريم و جهاد ثاني ضدّ التقاليد . ماكانش ساهل على المرا في بدايات القرن الماضي باش تؤمِّن حياة أسرتها وحّدها و لا كان مفهوم . عزيزي كان إمام بيرصا و يملك أراضي و ديار لكن عايلته حطّت يدّها على أرزاقه الكلّ و حرموها هي على خاطر ما جابتش منه ذكر . من وقتها فهمت أمّي دوجة إلّي يلزمها ما تتعامل كان مع الفرانسيس / وقتها ما كانش فمّة الروَيّق متاع الاستقواء بالأجنبي / عمّلت على روحها و اتّصلت بطبيب فرانساوي يقولو له دكتور لو قران عاونها و دخلت تخدم في مسشفى بعد تدريب قصير أثبتت فيه كفاءتها و خرجت ببناتها و خلاّت بيرصا كلّها و كرات دار في سيدي بوسعيد و قيّدت بناتها يقراو في " ببّصاتْ " قرطاج و بدات رحلة كفاحها . ربّاتهم على الاقتصاد و تحمّل المسؤوليّة . في ظرف خمسة سنين كانت جامعة مبلغ لاباس بيه و رجعت لبيرصا و لكن رجعت مالكة لدار متاعها باسمها و كانت كلّ ما توجد تزيد فيها بيت و تحسّنها و تتعامل مع البنّايَة و النجَّارَة و مارست حياتها بصفة عاديّة مستقلّة بذاتها و بمواقفها ، و علّمت بناتها و كبّرتها و زوّجتهم . المعروف عليها إنّها تقول كلمتها مهما كان الشخص الّي قدّامها ، كيف تقول لها في شيء من التهكّم " أما أنت خشينة أمّي دوجة " تجاوبك " مليح أقعد أنت جْويِّدْ " و من المأثور عليها جملتها الشهيرة وقت الّي تبهتْ فيها كيفاش فهمتّك عالرّمشْ تقلّك " نحسْبكْ و أنت واقف " . كيف روّح بورقيبة في عيد النّصر مشات لاستقباله في حلق الواد كيف آلاف التوانسة و عمرها ما فلّتت انتخابات .
وقت الّي فاتت الثمانين سنة طلبت قريب ليها يخدم مُطَوّف ، في سِبْحَة . استعرض عليها عضلاته و قال لها " هاذم سْبِحْ متاع حُجّاجْ وصّاوني عليهم " اكاهو من حينها جات للوالد لأنّه كان ينعْملها و ياخذ بخاطرها و قالت له " هاذم فلوسي و هاذم وراقي نحبّ على باسبور و قيّدني في قايمة الحُجّاج و لا مزيّة لعربي " و هكّاكة كان العمل .
نتفكّرها و هي ضيفة حذانا كيف يروّح الوالد مالخدمة تجي من بيتها على طراطش صوابعها و شوكة الفوطة بين سنّيها فمّاشي ما تسمعه يقول حاجة على مشروعها إلّي كلّفته بيه .
في ال85 سنة كانت حجّتها الأولى . الأقارب الّي حجّوا معاها يحكيو إنّها ما عملت حتّى شيء بالكرا ، الطّواف و الصّفا و المروة و عرفات ... كلّهم عزمت عليهم و عملتهم على ساقيها .عمّرت أمّي دوجة لقريب 100 سنة و قعدت على مواقفها لين غادرتنا في مثل هالأيّامات . اللّه يرحمها
.

jeudi 24 décembre 2009

إلى الطّغاة

في ذكرى الاعتداء الصهيوني الإجرامي على أطفال غزّة ، منذ عام انسابت دماء الصّغار سيولا من النّار على أرض البرتقال الحزين
من أجل الرضّع و الأطفال و كلّ الأمّهات و الآباء هذه صرخة في وجه كلّ طاغية
رسالة عبد الرحمان الشرقاوي للرّئيس الأمريكي الأسبق ترومان
أنا من أنا .. ؟!..
ولدت لعشرين عام مضت على مطلع القرن ياسيدي
وقد فرغ العالم المستجير من الحرب ..
ثم مضى آمنا
:يوزع أسواقه الباقيات
ويهزأ بالموت والتضحيات
.وبالذكريات .
وقامت شعوب تهز الظلام بمشرق أحلامها الهائلة
وتعلي على خربات الفساد بناء مدينتنا الفاضلة
فلما بدأت أعي ما يقال رأيتهم
يملأون الطريق تهز الفؤوس ركود الحقول
وتعلي بما تحتويه العروق
وكانوا يقولون (( يحيا الوطن ))
حفاة يهزون ريح الحياة ويستدفعون شراع الزمن
وساءلت أمي عما هناك (( وماذا دهى القرية الساكنة ))
فقالت : بني هم الإنجليز يثيرون أيامنا الآمنة
وقد أخذوا كل غلاتنا ..
وقد نضب الماء في الساقية
ولم يبقى شيء على حاله سوى حسرة مرة باقية
ولما كبرت لبست الحذاء ووليت وجهي إلى القاهرة
فأبصرت من تحت ثقل السلاح وجوههم الجهمة الحائرة
وكنت أراهم وهم يركلون فتى في طريقهم .. أو فتاة .
وقد يعبثون بشيخ عجوز فيملأني الرعب مما أراه
ـ ويرهق سمعي ـ ما لم أره .
* * * * * ويأتي الخريف بأشباحه وتمشي التعاسة فوق الحقول
فأمضي لأطلب علم الكتاب وعلم الكتاب لدينا هزيل
وندرس ( جغرافيا ) ذات عام ، ونعرف كل مناخ الدول
وألمح في ( أطلسي ) دولة ومن فوقها حمرة تشتعل
فإن كنت ياسيدي قد أطلت . وقد سقت هذا الحديث الحزين
فإني حزين حزين شقي لبعد ابنتي
.حزين أخاف عليها المصير
وأنت أب تعرف الوالدين
ولست أريد لها أن تموت .. فرفقا وأنت تخط المصير
أترمي حماماتنا بالنسور ؟!
معاذ الأبوة يا سيدي .. فأنت أب : وكلانا حنون
ألست تصون حياة ابنتك ؟!فهل تصنع الموت للآخرين ؟!
وإني لأدعوك باسم الأبوة .. باسم الحياة .. باسم الصغار
.لتعقد حلفا يصون السلام ويرعى المودة بين الكبار
فأنت أب قد صنعت الحياة ولن تصنع الموت بعد الحياة
لماذا إذن يا إله الرحيم يذيعون حولك هذا الجنون ؟!
ولكن لمن كل هذا العديد ؟وتلك الحشود؟
ولكن لمن كل هذا الهزيم ؟لمن هذه النافثات السموم ؟
لمن هذه الناشرات الجحيم ؟
لمن تسرق اليوم أقواتنا لتصنع ماشئت من فاتكات ؟
لمن تحشد اليوم في السابحات ،
وفي الغائصات , وفي الطائرات وفي الناشطات
.لمن هذه الذاريات الحطام .. لمن ؟ ..
ولمن هذه النازعات ؟؟!!
لمن كل هذا ؟! لغزو السماء ؟ .. لتصنع معجزة ؟!
بل لنا لتحطيمنا لتجويعنا لتخريبنا
لتقوى سلاسل أصفادنا
ليرتفع السور من سجننا
لنشر السواد على أرضنا
لتمزيق أجساد أطفالنا
لتمزيق أجساد أطفالنا !!؟؟
ولكن كفى ! لن تنال ابنتي وأقسم أن لن تنال ابنتي !
أتطفىء نظرتها الباسمة ؟
أتقطع أطرافها الناعمة؟
أتجري دماء ابنتي في غد كنافورة ثرة تنسكب ؟
أتنثر أشلاءها اليانعات عليّ حيث تضحك بين اللعب ؟!
أتمزج لحم ابنتي بالتراب !!
كفى أيها الإله الذي يلطخ بالوحل طهر السحاب !!
أتنهش هذا الكيان النضر !
كفى أيها الهمجي الرهيب ..!!
كفى أيها الإله القذر !
إله يبول على التضحيات ويبصق فوق قبور البشر
يضمخ لحيته بالدماء وترقصه أنّه المحتضر
ويسخر من ذكريات النضال ويهزأ بالأمل المزدهر
كفى أيها الهمجي الرهيب ..!
ويا لفحة من بقايا ذنوب ويا خفقة من هواء الغروب
فليست دماء ابنتي كالنبيذ .. وليس نبيذا دماء الشعوب
ستحيا ابنتي في ظلال السلام .. وتنعم باللعب الوافرة
تمارس كل حقوق الحياة
حقوق طفولتها الزاهرة
ستحيا انطلاقاتها كلها وأخلاقها الحلوة الشاعرة
وأقسم أن لن تصير ابنتي غدا طفلة لشهيد قضى
أتسمعني أيها الهمجي !!
ستحيا ابنتي في ظلالي أنا
كاسعد ما نتعاطى الحياة
أتسمعني أيهذا الإله
ستحيا ابنتي في ظلال السلام
وتصبح أنت مع التابعين
هواجس من ذكريات الظلام
فإن تملك الذرة المفنية
فإنا لنمتلك التضحية
ونمتلك الذرة البانية
ونملك طاقاتنا كلها ونملك أيامنا الباقية
وتاريخ أجيالنا الأتية

mercredi 23 décembre 2009

كلّ إناء بما فيه يرشح

من أشدّ أخطاء الأسلوب فداحة الانتقالُ بين الضمائر بدون موجب كأن تقفز من ضمير المُخاطَب إلى الغائب إلى المتكلِّم
استخدام ضمير المُخاطَب الجمع يحيل على عادة قديمة عند العرب و هي إلقاء الخُطَب من نوع " أيّها النّاس إسمعوا و عوا " أو " يا معشر المهاجرين و الأنصار " أو يا قوم هههه
آه قبل أن أنسى ، أقترح على المدوّنين أن يستبدلوا التصويت بالتصفيق

ســـؤال في ورطــة



ما جنس الورطة ؟ ما شكلها ؟ ألها زمن معيّن و أشخاص معيّنون توقع بهم ؟ أهي دائما سوء و أذى ؟ ألا تكون أحيانا شرّا أريدَ به خير ؟ أفلا يمكن أن تكون ما تمنّيناه و لكن لم نعرف من أيّة زاوية نأتيه ؟ بما يشعر المُتورِّط و ما هو موقف المُوَرِّط حين يرى نتاج صنيعه ؟

هل التورّط دليل على هشاشة الذّكاء و ضعف الحضور الذهني بحيث لا نتفطّن إلى حقيقة الأمر إلاّ بعد أن نصبح طرفا فيه ؟ من الأشخاص من يورّطه كلامه ، علاقاته ، غروره أو ثقته المفرطة بالآخر . كم مرّة نتورّط في حياتنا ؟ أنواجه التورّط بنفس ردّة الفعل و نحن صغار كما في النضج و الكبر ؟

لماذا تقترن ورطة الرّجل في مخيالنا الشعبي و موروثنا الثقافي بحَشْرِهِ غِرَّة و رغم إرادته في فعل أو وضع دون رغبة منه في حين يُـحيل تورّط المرأة دائما على كلّ ما هو جنسي و أخلاقي ؟

إلى أيّ حدّ طرح الأدب العربيّ و الآداب العالميّة مسألة الإيقاع في الورطة ؟ من حكايا لافونتان إلى كليلة و دمنة إلى بخلاء الجاحظ إلى أدب المقامات ، و كيف كانت مقاربته لها ؟ في شكل نادرة بغاية التفكّه لا غير أم عبرة بتوجّه تربويّ إرشاديّ ؟

كم حصدت الورطة من الضحايا ؟ فالأشخاص يتورّطون حكماؤهم و أراذلهم ، المؤسّسات تتورّط ، الحكومات هي الأخرى تتورّط . بعض القرارات السّياسيّة و العسكريّة و الاقتصاديّة المصيريّة نتجت عن ورطة .

و بالنّهاية ، أترانا نجدّف بخيالنا بعيدا إن تساءلنا ألا يكون آدم قد تورّط مع إبليس حين أكل من الشجرة المحرّمة ؟

lundi 21 décembre 2009

القـــرصـــان

غليونه القذر المدمى و الضباب
وكوة الحان الصغيرة
ورفاقه المتآمرون يثرثرون:
"البحر مقبرة الضمير"
ويقلبون كؤوسهم ويقهقهون:
"هذا العجوز ألا يكفُّ عن الشخير؟"
والليل والحان الصغير
ورفاقه والخمر والدم والضباب
صور تعود به، تعود إلى الوراء
إلى جزيرته وشاطئها وآلاف السفائن، والرجال
والمومساتْ
بثيابهن الباليات
يجمعن أعواد الثقاب
وينتظرن على الرصيف
والسحب تبكي والخريف
في أخريات الليل، والبحر الغضوب
ورفاقه المتآمرون
عما قريب يقلعون، ويتركونْ
هذا العجوز
للخمر والدم والضباب
والنوم والحان الصغير
ليستعيد!
وأي ذكرى يستعيد
هذا العجوز
أفضائح الأمس القريب أم البعيد؟
في الشرق، في أرض المعابد والكنوزْ
حيث القباب، وحيث آبار الزيوت
يتلاقيان على صعيدْ
وحولهم شعب يموت
ليستعيد!
وأي ذكرى يستعيد؟
هذا العجوز
واللطخة السوداء في تاريخه الدامي اللعين
كالنار باقية تثير الخوف والحقد الدفين
في قلب إفريقيا وفي الكنج المقدس، والقنال
حيث الرجال السمر تحت الشمس يقتحمون إعصار المنون
ويصنعون
تاريخهم ، ويدافعون
عن الحضارة، والغد المأمول بالدم والدموع
وحيث صحراء الصقيع
والثائرون
والريح تعول في الخنادق والجنود
يتساءلون: "متى نعود؟"
ويظل "لص البحر" يضحك، والسماءْ
تبكي وتبكي والخريف
والمومسات على الرصيف
يجمعن أعواد الثقاب
وهؤلاء، وهؤلاء
يتساءلون: "متى نعود؟"
ويظل يضحك، والسماء، وهؤلاء
يتساءلون وفي الضباب
غليونه القذر المدمى، والرفاق العائدون يثرثرون:
"البحر مقبرة الضمير"
عبد الوهاب البيّاتي

samedi 19 décembre 2009

شويّة تواضع ما يقتلش



هذه خاطرة كتبتها عندي مدّة و لكن جدّت أحداث و مشاغل لهّاتني عليها ، قلت هات نفتتح بيها إنتاجات العطلة على خاطر البعض من الأصدقاء ديما يطالبو فيّ بنسق تدويني كالسّابق و عندهم الحقّ و البعض الآخر من جماعة " صحَّ ليكم شايخين بالعُطَلْ " و الّي ما يدري يقول سبول
المهمّ ، هاك النّهار مشيت بقضيَّة لوحدة من القباضات ، العشرة متاع الصّباح أرمي المِسَّاكْ يجي فوق راس الخلق ، قصّيت تسكرتي نلقى قبلي ثلاثة و أربعين واحد في الشبّاك الّي حاجتي بيه بركة و بقيّة الشبابك نفس الشيء صفوف قدّامها و الكراسي معبّية . أيا فرغ كريسي جيت و قعدت بعد الّي ملزومة باش نستنّى و الوثيقة أكيدة و ماعادش يكفيني الوقت باش نمشي لقباضة أخرى و زايد على خاطر باش نلقى نفس الشيء ، ندمت إلّي ما هزّيتش معايا كتاب نغطس فيه خير ملّي نقعد نمارس في هواية التوانسة المفضّلة و هي التبحليق في وجوه العباد . ما تعدّات ساعة غير ربع إلاّما بديت نفدّ ، أنا نغزّل على الموظّفة الّي عندها ربع ساعة و الجوّال في وذنها و هي توتوت و تكشّخ ، هاك اللوحة الرقميّة هوق الشبّاك رقدت بالنّوم والا حبّت نوامرها تتحلحز ، هكّاكة و يدخل للقباضة وجه مسرحي معروف نحبّوه و نحترموه على تاريخه المسرحي و رصيده و مواقفه . مختصر الهدرة السيّد كيف دخل ما كان فمّة حتّى كرسي فارغ ، المفروض يقصّ تسكرته و يقف يستنّى لداخل و إلاّ لبرّا مالقباضة كيف النّاس الكلّ . لكن فنّاننا القدير ما عمل حتّى شيء من هذا ، جا في عتبة الباب و وقف . يا أخي قدّاش باش يتجنّبك الدّاخل و الخارج لازم باش هذا يدزّك و هذا يدنفرك ، واحد والا ثنين يقولو لك سامحني موش الكلّ النّاس يمشيو و يتكلّمو وحّدهم الله أعلو بمشاكلهم و زيد أنت الّي واقف في الثنيّة موش هوما الغالطين . تلفّتت نلقى السيّد راسه في السّما و على وجهه سحنة اشمئزاز ، ما فهمتش مناش مشمئزّ ، كان من الاكتظاظ و بطء الأداء الإداري وْخَيْ رانا في تونس و هذاك حدّ الجهيّد و كان من النّاس هاذوكم راهم وخيّانك في المواطنة و في الإنسانيّة غصّب على روحك و تحمّلهم آش بش تعمل .
أنا هكّاكة نهزّ و ننفض وحدي و نرى في السيّد يقدّم للشبّاك مطُفّي البشريّة الّي وراه الكلّ ، من سوء حظّه الموظّف ما عرفوش و قالّه " بالطّريق يعيّشك " تغشّش و قال له " ما عرفتنيش شكون ؟ " أيْ الله غالب ما عرفكش يلزم النّاس الكلّ تعرف المسرح ؟ صحيح الثقافة باهية و ماذا بيه التونسي يحصّل حدّ أدنى مالإلمام بالإبداع في بلاده لكن موش لدرجة أنّه الفنّان يمشي في الشارع و هو يرى في نفسه كائن خرافي الله يرحمك يا علي يا دوعاجي كان صانع في حانوت قماشات في سوق اللفّة
ما نعرفش علاش و أنا نتفرّج في السيّد تفكّرت جملة قالها أبو سفيان بن حرب و هو يستنكر في نبوءة محمّد قال " ما عهدنا نبيّا يأكل و يشرب و يمشي في الأسواق " آش جاب هالكلام لذهني وقتها ؟ ما نعرفش . في اللحظة هذيكة سمعت روحي نقول في قلبي صحيح أنتوما النّخبة المثقفة و أنّه الفنّان صوت الشعب و القلب النابض لثقافة الأمّة و لكن راهو شويّة تواضع ما يقتلش و جرّبو نهار سيّبو السّما الّي شادّينها علينا توّا تشوفوها ما تطيحش

mercredi 16 décembre 2009

الهيب هوب بين التعبير و التغريب

مقالي الصّادر في " زوايا المغاربيّة " بتاريخ 9 ديسمبر 2009


لا يمكن الحديث عن الهيب هوب دون الرّجوع إلى أصولها و الكشف عن ظروف ظهورها فالهيب هوب حركة ثقافيّة نشأت في الأحياء الفقيرة من منطقة برونكس بمدينة نيويورك منذ بداية 1970 بين صفوف الأمريكيين السّود من أصول إفريقيّة مع القادمين من بورتوريكو و جامايكا . و كانت كردّ فعل لما تعرّضوا له من عنصريّة و تهميش و سوء معاملة و كنوع من التعبير ن معاناتهم من الفقر و البطالة و الظلم ، مع الانتباه أنّها كانت في بداياتها نظام اتّصال بين السّود في جميع أنحاء الولايات المتحدة و كان الهدف منها إلهاء الشباب السّود بالالتحاق بفرق الهيب هوب و المنافسة في الرّقص و الغناء بدل الانضمام لعصابات المخدّرات و تجارة السّلاح . ثمّ انتشرت في السّنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم بين فئات الشباب خصوصا ذوي الأصول الإفريقيّة .
إذا و كما هو واضح فالهيب هوب لم تكن إطلاقا موسيقى الرّجل الأبيض " كعنصر غالب " بل هي فنّ الطبقات الفقيرة و الفئات المهمّشة المعبّرة عن معاناتها و همومها و قضايا عصرها . فلا مجال - و الأمر هكذا - للحديث عن تغريب أو فنّ هجين لأنّ الموسيقى ، أيّ موسيقى ما هي إلاّ أداة تعبيريّة تتجاوز حواجز اللغة و الجغرافيا و الدّين و الانتماء . روى الجاحظ أنّ رجلا نصرانيّا بكى عند سماعه ترتيل القرآن و هو لا يفهم اللغة العربيّة فقيل له " ما يُبكيك ؟ " قال " أبكاني الشّـجَـا " ، لطالما تلاقحت موسيقات العالم و تمازجت ، ثمّ منذ متى نجح نوع من الموسيقى و بقي حبيس موطنه الأمّ ؟ ألم يرقص العالم بأسره على أنغام الجاز و البلوز و الرّيقي و الصّمبا و الرّومبا ؟ ألم تتفاعل الشعوب المغاربيّة مع المالوف القادم من الأندلس ؟ ألم تتأثّر الموسيقى العربيّة زمن الخلافة العبّاسيّة بالآلات و النّغمات الفارسيّة ؟ ألم يكن كلّ ما ذكرت دخيلا في زمنه ؟ فلماذا ينكر البعض موسيقى الهيب هوب اليوم و يعتبرها عامل تغريب ؟ ألأنّها تجاوزت صفة الموسيقى لتصبح ثقافة و أسلوب حياة و وسيلة تعبير عن الذات ؟ ألأنّها ثورة على المألوف شكلا و موضوعا ؟
فلنتناول القضيّة من هذه الزّاوية ؟
ماذا يريد الشباب اليوم ؟ كيف يعيش و فيم يفكّر و بماذا يحلم ؟ هل هو واعٍ بقضايا الأمّة و أزمات المجتمع أم أنّها لم تعد تعنيه ؟ هل ينخرط فعلا في الحفاظ على القيم و الهويّة أم أنّ تهميشنا لخياراته و آرائه و رغباته جعله محبَطا إلى حدّ العِداء ؟
لطالما كان للشباب تفكير خاصّ به يواكب التحوّلات الاجتماعيّة و الثقافيّة العالميّة و لكنّ شبابنا اليوم صار يستوعب الأمور بشكل يجعله يتّخذ مواقف سلبيّة تجاه منظومة المؤسّسات القائمة بداية من الأسرة مرورا بالمدرسة و انتهاء إلى السّلطة . و بات يبحث لنفسه عن فضاءات بديلة يعبّر فيها عن واقعه بأسلوب غير خاضع للأطر الرّسميّة بل مرتكز على عقليّة الاستفزاز بغاية لفت الانتباه لردّ الاعتبار . هذا ما نراه أمام المعاهد و في محطّات القطارات و في الشواطئ و الشوارع عموما ، فشبابنا تبنّى أسلوب الهجرة عن المؤسّسات الأبويّة بمفهومها السّوسيولوجي ليتّجه إلى بدائل جديدة تعبّر عن إحباطه و معاناته و أحلامه نحن فقط من يراها دخيلة و تغريبيّة . ألم يكن اللّباس الفضفاض و إلى زمن قريب جدّا هو اللّباس المحتشم المراعي للخصوصيّة الثقافيّة و الدّينيّة ؟ أننكره حين صار أحد أركان ثقافة الهيب هوب ؟ ألم تكن الكتابة على الجدران أو ما يُعرف بالجرافيتي فنّا متّبعا منذ الرّومان ؟ و هو ثاني أركان ثقافة الهيب هوب ، أمّا حلقات الرّقص في الشوارع فما الغريب فيها ؟ ألا تشهد شوارعنا المغاربيّة تظاهرات ثقافيّة يتّسم بعضها بطابع ديني على مدار السّنة في إطار " خَرْجَة " هذا الوليّ الصّالح أو ذاك و تقرع الطبول و تعلو أصوات المزامير و ينشد المريدون و يرقصون في الطرقات ؟ فحلقات الرّقص أو ما يُعبّر عنه " البريك دانس " هي ثالث أركان ثقافة الهيب هوب

ماذا بقي بعدُ ؟ كلمات الأغاني ؟ المواضيع المطروحة ؟ ما هي إلاّ صدى لواقع الشباب و همومه و عذاباته و أحلامه و إحباطه ، كلمات خام دون تنميق إلاّ أنّها تخضع لقافية داخليّة و تتطرّق إلى الهجرة و البطالة و الإرهاب و الفقر و أوضاع المهاجرين و التمييز العنصري ... فهل ترون فيها ملامح تغريب ؟ أيمكن لشابّ محشور في قارب هجرة غير شرعيّة لا وثائق له و لا مال الفقر و البطالة وراءه و البحر و المجهول أمامه ، أيمكن أن يتغنّى بسحر القمر و جمال الرّبيع و عيون الحبيبة ؟
في كلّ الأحوال نحن أمام ظاهرة فنيّة ثقافيّة تقاوم بإصرار لفرض ذاتها ، لا أحد يجزم بأنّها القناة الأفضل لتعبير الشباب عن غضبه و لكنّه شكل من أشكال التعبير الممكنة التي استهوت الشباب و اعتمدها كمكبّر صوت لنقل معاناته . لقد اختلطت أوراق مجتمعاتنا الحديثة بين غزو إعلامي و ثقافي فرضه نظام العولمة و ليس بإمكان أحد صدّه و بين ثقافة تقليديّة متجمّدة بتنا نخشى عليها دخول متحف التاريخ و المعادلة صعبة بين مواكبة الحداثة و بين الحفاظ على الهويّة دون الذوبان في الآخر و ما ممارسة شبابنا للهيب هوب سوى انعكاس طبيعيّ لصراع الهويّة و البحث عن الذات و صراع التغيّرات السّوسيو ثقافيّة و السّوسيو اقتصاديّة و هذا ليس بجديد بل هذا ما شهدته كلّ فترات تاريخ الإنسانيّة ، لكلّ عصر تقليعاته و موضاته التي تتفاعل مع متغيّراته . ألم يشهد الغرب في عشرينات القرن الماضي ما سمّي بالسّنوات المجنونة ؟ ألم تحمل الستّينات موضة التنّورة القصيرة ثمّ طالت ثمّ عادت فقصرت من جديد ؟ ألم يلبس العالم بأسره في السّبعينات سراويل الشارليستون ؟ ألم تتوالَ على البشريّة أصناف و أشكال من الموسيقات و الإيديولوجيّات و مدارس فنيّة مختلفة في المسرح و الرّسم ... و الأمثلة عديدة
فلنترك الشّباب يعبّر و لا نخشى على ثقافاتنا العتيدة فالأصيل لا يموت
.

jeudi 3 décembre 2009

ذكريات كالرّمال المُتحرّكَة


منذ سنين حين ارتميتُ في التجربة التعليميّة كان يدفعني حماس الشّباب أن أغيّر ما بالقوم و لو قسطا ضئيلا. لم يكن التوجّه إلى التدريس حادثا عَرَضيّا أو صدفة أو اضطرارا بل كان اختيارا بملء الإرادة و التصميم. و منذ ذلك الحين انطلقت ، كانت تجربة طويلة و ثريّة ، ليست أطول من تجارب الآخرين أدرك ذلك لكنّها كانت ثريّة.

غريبة هذه المهنة، بقدر ما تُمتِعُكَ بلذّة اكتساب المعرفة و إنارة عقول الآخرين بها بقدر ما تتكَشَّفُ لك حقيقة أنّك لستَ المصدر الوحيد و أنّ لا أحد يمتلك الحِكمة. و يكمنُ السّحرُ كلّ السّحر في مُتغيَّرِها. كلّ ما فيها مُتغيِّر أنتَ و البرامج و أساليبُ تعَلّميَّة المَادَّة و التوجّهات و قوانين الامتحانات و ميولات التلاميذ و مواقف الأولياء و أولويّاتهم و النّظام العالميّ يُحرّك الجميع. فلا قرارَ لكَ. كلّما مَنَّيْتَ نفسكَ بالاستراحة تَركُنُ فيها إلى هدوء فكرك حَدَثَ ما يَرُجُّ الأرض تحت قدميك و إذا بك تعود إلى لِهاثِكَ تركض خلف الاطّلاع و المواكبة و إلاّ فمكانُكَ المُتحف و قهقهة الأجيال الجديدة.

في العشريّة الأولى تمَلّكَني شعور لذيذ بأنّي أشبه المُبشّرين الذين يحملون قيما و حضارة جديدة. ثمّ صار لِزامًا أن أستعينَ في أدائي بالمسرح و الهزلي منه بالذات عَلَّ المعلومة تجد لها نَفَـقًا إلى ذهن المُتلقّي. أمّا في السّنوات الأخيرة فالأمرُ استحال إلى ما يشبه المُهمَّة في مَلجإ للإغاثة، في هذه اليد كتاب و في الأخرى " مَشْرَطٌ " أو " مادّة مُسكّنَة " و أنتَ لا تدري أتسَكِّنُ آلامَ مريضكَ " لعلّ الله يجعل لكما من أمركما رَشَدَا " أمْ تستخدم مشرطكَ و تستأصِلُ الدّاء و قد" يموتُ" مريضكَ بين يديك إذ لا احتمالَ له على الجِراحَة
.

mardi 1 décembre 2009

حُـــريَّــــة



استيقضتُ فجر اليوم على صوت هِـرَّة تمُـوءُ بجانب فراشي مُستعطِفة مُتمَسِّـحَة بدِثاري . فحيَّرَني أمرُها ، و قلتُ لعلّها جائعة فنهضتُ و أحْضَرتُ لها طعاما ، فعَـافَـتْه مُنصرِفة عنه . فقلتُ لعلّها ظامِئـة ، فقدّمتُ لها ماءً ، فأعْرَضَتْ عنه غير مُلتفِتة إليه و أخذتْ تنظـرُ إليَّ نظرات المُستغيث المُستنجِد . و رأيتُ أنّها تطيلُ النّظرَ إلى باب الغرفة - و كان مُوصَدًا - و تتبَعُني مُسرِعَة الخُـطَى كلّما رأتني أتّجه نحوه . فعَرَفتُ عندئذ أنّها تريدُ أن أفتحَ لها البابَ فــفتَحتُه . فما إن رَأتْ وجْـهَ السّماء حتّى انطلقتْ تعْدُو كالهارب من السّجن ، فقلتُ في نفسي : عجَبًـا ، هل تفهمُ الهِرَّة معنى الحريّـة ؟ أجلْ . إنّها تفهم و ما كان استعطافها و حزنها و إمْسَاكُها عن الطّعام و الشّراب إلاّ من أجلها



مصطفى لطفي المنفلوطي - النّظرات ج1 - .