mercredi 28 avril 2010

الحَـرْف النّـــازِف

إنّ القِـطَـافَ عَـذابُ

مادام بَذْرُ الفَـرَمَانِ سِيَـاطُ

بُـحَّـتْ بنا الأصـواتُ

فلا الوجيعة أثمرَتْ

و لا بالجُرحِ الذي بَرْعَمَ تفّـاحُ



سَـيَّـسوا فينا الرّغيفَ

علّـمونا أن نأكل كي نعيش

و أنّ الكـلامَ رَفَــاهْ

و أنّ الغِـناء حَـرَام

لماذا يرتعدون إذا تحرّكت الشِّفاهْ

أكلّما زدنا ثراءً جُـبْـنًا نزيد

و نغضبُ و ندَّعي و نُعيد



اليوم حالي في الوجيعة كسائر الأعراب

أنتظر جوازًا لتعبُرَ حدودَ فمي الكلماتُ

و أسجد عند حوافر الغِيـلانْ

ألُـفُّ قوائمَها البغيضة بالدّمقسِ

فترفُـسُه و تُـلقِي في وجهيَ القربانْ



حتّى و أنا في طابور الحزن المُسَيَّس

أفرح كثيرا بِـيَدٍ مُبتَلّة بالعِطر

تَـسْألُ نَـازِفَ الحَـرْفِ

و تُـرَبِّـتُ على الكَـتِفِ

mardi 27 avril 2010

حْباتْ و دْباتْ و شدِّتْ في الحيط و مْشاتْ



ها هو العام الثاني للمدوّنة ينغلق و غدا يوم جديد من عام جديد


أريد أن أنتهز الفرصة لأشكر كلّ الأصدقاء الذين شرّفوا مدوّنتي بالزّيارة و التّعليق و الذين شجّعوني في بدايتي و شدّوا من أزري ، كما أشكر كلّ من دخل هذه المدوّنة مُحاوِرًا أو لائما أو مُستفسِرا أو مُستاءا ... أقول كعهدكم بي مرحبا بالجميع في نطاق الاحترام المتبادل


و شكر خاصّ لمن استشعر فيّ حُمَّى الكتابة فدفعني دفعا إلى جنونها و جعل منّي كائنا كاتبا ، ألف شكر


و دمتُم على محبَّة
ولاّدة

dimanche 25 avril 2010

في معرض الكتاب

الحدث
في حدود منتصف نهار أمس توقّفت بي السيّارة أمام معرض الكتاب
الخيـبـة
في السّاحة الخارجيّة يستقبلك سماسرة " الصّدقة الجارية" بأيديهم التذاكر و لست أدري إن كانت الظاهرة نوعا من السّؤال بمعنى " الطُّلْبَة " أم أنّها تنبئ بمحتوى المعرض ، المهمّ أنّني و لوهلة شعرت أنّي أمام جامع في يوم جمعة و لست أمام تظاهرة ثقافيّة
عند المدخل الرّئيسي اعترضنا موظّف استقبال يجلس إلى طاولة فارغة ، لا مطويّات و لا إحصاءات و لا معلومات و لست أدري صراحة ما ضرورة الطاولة و صاحبها. على مقربة منه رُسِمت المعطيات على لوحات من الورق المُقوّى تأرجح بعضها و كاد يقع أرضا بتأثير الرّيح / في 2010 مازلنا بالورق المقوَّى / كنت أتوقّع صبّورات إلكترونيّة مبثوثة في أركان المعرض تعطي المعلومة السّريعة و الناجعة ، و لكن لما العجلة؟ ما هو إلاّ القرن الواحد و العشرين
وقفت على مقربة من اللّوحات أطّلع على بعض الإحصاءات المتعلّقة بالمعرض في دورته لهذه السّنة ، عدد العناوين 100 ألف عنوان أمّا عدد الزوّار المأمول بلوغه فهو 200 ألف ، علّق مُرافقي " المفروض أن يكون عدد العناوين أكثر من عدد الزائرين" قال، و كان مُحِقّا
عدد العارضين من تونس و من البلدان العربيّة مُجتمعا لا يفوق عدد العارضين الأجانب ، و في المقابل سجّل عدد الكتب الأدبيّة و الدّينيّة تقدّما مُريعا على الكتب العلميّة
تترك لوحات المعلومات و تخطو بعض الخطوات في اتّجاه أجنحة الكتب فتعترضك " الكائنات الطّالبانيّة" نساء و رجالا تجوس خلال الأروقة و تتصفّح كتبها المفضّلة .
و طوال تجوالي في المعرض كانت تنبعث رائحة كريهة تلوّث المكان ، ظننتها في البداية مادّة تحترق و اكتشفت في النّهاية أنّها رائحة مأكولات انتصب أصحابها في آخر المعرض في خلط هجين قبيح بين غذاء الفكر و غذاء البطن ، و احترت ألا يصبر زائر المعرض على ساعتين من الطّواف بأجنحة الكتب دون أكل ؟ ألا يمكنه أن يتغدّى في بيته قبل القدوم ؟ و إن كانت المأكولات مُخصَّصة للعارضين ، أفلم يكن ممكنا - و فضاء المعرض بذلك الاتّساع - أن يُخَصَّصَ لهم مكان جانبيّ بعيدا عن الكتب؟
هذا دون التوقّف عند مظاهر أخرى كثيرة ، تكفي الإشارة فقط إلى فضاء المطالعة الخالي من المُطالعين ، و قسم الإعلاميّة الذي تحلّق حوله الصّغار و الشباب و بمجرّد إطلالة اكتشفت أنّهم يعلّمونهم كيف يعثرون على السّورة بمجرّد أن ينقروا الكلمة الأولى من الآية الأولى
مُجمَل ما خرجت به من معرض الكتاب لهذه السّنة : مضمون هزيل و أثمان باهضة و سوء تنظيم
سُــلْــوَان
يبقى اليوم إيجابيّا رغم تحفّظاتي الكثيرة فما جعل له لونا و رونقا رِفقة رقيقة ممتعة حظيتُ بها ، و مغادرتي للمعرض و قد حصلت على مبتغاي : مجموعة روايات أحلام مستغانمي

mardi 20 avril 2010

بَـــــوْح

مولعة أنا بالنّوافذ ، عاشقة لكلّ كوّة تطلّ على السّماء. منذ عهد الصّبا الأوّل كان سريري حذو النّافذة، كانت والدتي ترخي السّتائر خصوصا في ليالي الشتاء و لكنّي كنت أزيلها بمجرّد أن ينطفئ النّور و أرفع رأسي لأحدّق في الظلام أو في ظلال أشجار الحديقة إذا كانت اللّيلة مقمرة. في المدرسة، كان المغفّلون يتناحرون من أجل الطاولة الأماميّة و أحتلّ مقعدي قرب النّافذة. إذا ركبت القطار أحرص دائما على أن يكون مكاني قرب النّافذة. في صباحات الشتاء الباردة، يحتفظ زجاج النّوافذ بصفحة من البخار، بإصبعي كتبتُ على البلّور كلماتي الأولى، إسمي، توقيعي الأوّل، كلّ ما كان يخطر بعقلي. كنت أطوف بكلّ الغرف و أتوسّل والدتي ألاّ تنظّف زجاج النّوافذ قبل أن أكتب عليه كلّ ما أريد. كان مُدوّنتي، جداري، كرّاسي، لوحي غير المحفوظ و عالمي الذي أرسم عليه كلّ معارفي آنذاك و كلّ أحلامي .. حتّى إذا زال البخار و سالت قطرات الماء من ذؤابات الحروف كالدّموع كأنّما تودّعني الكلمات، لم أكن أحفل بدموعها، كنت أبتسم فالطّفلة العنيدة فيّ ستعود إلى الكتابة في الغد و بعد الغد و بعد بعده حتّى ينقضي فصل الشّتاء





حين يتنفّس الكون ربيعه تطفح نافذتي بألوان و لا أروع، أطِلّ منها على حديقة البيت، تتفتّح أزهار الخوخ و اللّوز و اللّيمون و تتفتّق أكمام النّرجس و الأقحوان و السّوسن و تغدو صفحات الورود مسارب لقطرات الطَلّ، تؤمّهاالفراشات المتراقصة و ترفرف العصافير و تملأ جوقتها الفضاء في تناغم لا يحتاج قائد أوركسترا.. جمال ساحر، جوهر لا شبيه له بيني و بينه النّافذة إذا انتهت حصّة المرح في الحديقة و حان وقت الدّخول تبقى النّافذة شاشتي و معراج الخيال و سبيل الحريّة





مازلت أحتفظ بمكتبي أمام النّافذة، تتدلّى قبالتها أغصان شجرة مزهرة مددتُ لها خيوطا من صوف تعاضد أعرافها الليّنة الفتيّة فتتشبّث بالخيوط و تتبع مسارها لتتّشِحَ نافذتي بألوان الزمرّد و الياقوت و تزورني الطّيور مطواعة كلّ صباح توقظني على لحن الحياة و تنقل لي همس من أحبّ عندما يأتي المساء. هو ذاتٌ في حجم إله و العكس غير صحيح. ما عساها تكون أقوى خوارق الآلهة؟ الخَلق؟ إن كان على الخلق فمَن أهوى يبعث شخوص رواياته من العدم، يشتدّ به فِعْلُ التشكيل و يعربد فيُؤصّلها تأصيلا فإذا بها حيّة نابضة تتحرّك في ثنايا الرّواية، و متى تمرّدَتْ و رامت الإفلات عبر بوّابات التّيه أعادها صاغِرة إلى أقدارها كما هو شاءها. إلهٌ لا يعِدك بالنّعيم و لا يتوعّدك بالجحيم، حسْبُه صمتُه الجحيم، ذروة الشبَق لديه خمرة و كتاب و مِن ثَمَّ تبدأ طقوس التحليق في ملكوت الفكر المقدّس



أيّها النّاطق المُفكّر المُتكلّم الكاتب، من أجلي سوف تضيف إلى صفاتك النّورانيّة صفة جديدة، فقد اصطفيتُك لتترافعَ عنّي أمام محكمة السّماء و تقول للمحَلّفين أنّني أستحقّ عُمْرًا آخر أعيشه كما أشتهي لأنّ عمري باطل. أخبِرهم أنّ مولدي كان على أعتاب النّكسة و أنّ مراهقتي شهدت ثورة الخبز و حضر التّجوّل و شبابي سمّمته حرب الخليج، قل لهم أنّي لم أعد أحفل بالأعياد منذ أعدموا رئيسا عربيّا ذات عيد، إرْوِ لهم كيف أقف طول النّهار كالطّوْد و أدّخر اللّيالي لأذرف ألف دمعة على العروبة المهزومة و الكرامة السّليبة و الحريّة مبتورة الجناح ، صوّر لهم كيف لم أعد أستلذّ الطّعام و الفاكهة بعد أن ارتوى البرتقال بدماء الأطفال في مذابح غزّة و قانا و صبرا و شتيلا و دير ياسين ، أخبرهم أنّ الإرهاب يلوّث أيامنا و ينسف عوالمنا الجميلة إن بقيتْ لنا عوالم أصلا. قل لهم إنّ نافذتي صارت تطلّ على الإسمنت و القذارة و أنّ طريق المدرسة المزدان بأشجار السّرو و الصّنوبر صار ملاذا لأكوام العاطلين و السّكارى و المُخَدَّرين و أنّ الحدائق و المسارح و المدارس و الجامعات لوّثتها اللّحيّ و القنابل الموقوتة. ألا أحتاج بعد كلّ هذا إلى عمر جديد ؟ أريد قرنا آخر من أجل الحبّ و الفرح في كوكب بلا حروب و لا مذابح و لا مجاعات و لا أوبئة و لا اغتصاب للقاصرات باسم الزّواج الشرعي. لا يعيش الحبّ تحت مظلّة الخوف و المُحرّم و الممنوع، لا ينتعش و يُجنّ جنونه في حضن الهوان ، قل لهم أنّنا صرنا نخشى فتح النّوافذ حتّى لا يتفطّن الأطفال أنّنا نعيش داخل الكهوف ، أخبرهم أنّنا هُـنَّا حين هان كلّ شيء و أنّ أرض العرب تنبت كلّ الخيرات لتنتفخ البطون و يخرج منها نفط كثير كي لا تتوقّف جرّافات إسرائيل و دبّاباتها فمن ينقذ ثمالة كبرياء؟ فكيف لا تمنحنا السّماء عمرا آخر؟


لو أصغى المحلّفون إلى مرافعتك و صدر الحكم لصالحي حينها تصير فاعِلا و ما من فاعل دون حركة إعراب فتعالَ أضمّكَ ضمّة ظاهرة لا تخشى الرّقيب فأرفعك إلى البدايات و الفجر اللازوردي ، هناك ستذيع الأقداح و تردّد أنّ ربّة الشعر و الفنون أحبّت إله الخمر

lundi 12 avril 2010

مَـمَــرّ الموت

اليوم وقَفَتْ في ممرّ الموت ، هكذا أسمَتْه . منذ عشر سنين خلتْ و فوقها خمسٌ أخريات أخذ منها هذا المكان أروعَ الرّجال و أغلى الرّجال . و من أجل تسوية بعض الوثائق قادتها اليوم قدماها إلى هناك ، ما عادت تميّز إن كانت قدماها هما من قادها أم حظّها أم بيروقراطيّة اللّجان الطبيّة فالنتيجة واحدة . وجدت نفسها وجها لوجه مع ممرّ الموت . نفس الممرّ الطويل ضعيف الإنارة ، نفس الغرف ، نفس الأجساد البيضاء تضطرب ذهابا و إيابا دون أن يكون لخطواتها وقع و لا في وجوهها تعبير ، ممرّ كئيب في طابق بائس من مستشفى تعيس ، مكانٌ حرصتْ العمرَ ألاّ تعود إليه و ها هي تعود ، تقف متسمّرة في ذهول ، تقدّم الزّمن و أغلب الظنّ أنّها لم تعد قادرة على احتمال الرّزايا كما كانت تفعل في فورة الشباب . مازالت تذكر الغرفة اللّعينة ، في تلك اللّيلة قابلتْ الموت لأوّل مرّة ، كم كان كريها أصفر يزحف صامتا واثقا كحدّ الشّفرة البارد لا يعيقه شيء ... تحجّرتْ في مقلتها دمعة و تمرّدت لا هي سالت و لا جفّت و لا هي عادت من حيث نبعت فترقرقت عيناها كبلّور نافذة بلّلته زخّات المطر في يوم غائم كاليوم . لم تعد تشعر بشيء ، اختلطتْ الألوان و الوجوه و الأصوات ، أنين عجوز من هنا و عويل رضيع من هاك ، خصومة بين شخصين على أولويّة في الطابور ، ممرّضة تنخر أنفها بإصبعها و بذات الإصبع تضغط أزرار هاتفها الجوّال لتخاطب أحدَهم بصوت صدِئٍ متحشرج ، مصعَدٌ ينفتح و يلفظ سريرا تمدّد عليه شبحُ شيخ غادر لتوّه غرفة العمليّات ، تُحدِثُ العجلات قرقعة مزعجة و لا يهمّ أن يرتطم السّرير بالجدران و الأبواب فالمُخدِّر يفي بالغرض و المريض مجرّد رقم أو حالة . شعرَتْ بشيء يلامس كتفها فانتبهتْ من ذهولها ، أحد الموجودين كان يخاطبها لكنّها لم تكن تسمع ، في مثل هذه الأماكن يخاطب النّاس بعضهم دون إلقاء التحيّة و آداب التعارف ، يدخلون مباشرة في مواضيعهم كما يخاطبون أنفسهم أو يفكّرون بصوت مرتفع ، لكأنّهم يستعيضون بك عن الطّبيب الذي لا وقت لديه كي يسمع . اختلطتْ الأصوات و الحركة و الضجيج لتطفُوَ سحابة من الغوغاء كتلك التي كانت تسمعها في صغرها حين ترافق والدتها إلى الحمّام التّركي، غوغاء و بُخار و رائحة البرتقالة التي كانت تتناولها كي تطرد بنشاطها خدَرَ الدفء في الماء الدّافق ... كلّ ما بقي من عَبَق السّنين و سحرها . لم تميّز من كلام مُخاطِبها سوى جملته الأخيرة " البعض يَرِثُ من أسرته الأموال و العمارات و أنا ورثتُ الضغط العالي و انسداد الشرايين .. " تكاثفتْ سحابة الغوغاء و اشتدّت و أطبقتْ على صدرها و حنجرتها ، بدأت تختنق ، رغم اليقين أنّها لا تعاني فوبيا المستشفيات لكنّها الآن تختنق ، قدماها تحملانها بصعوبة و كلّ المُحيط يتأرجح و يغيب و تبقى هي بمفردها على حافة الهوّة المظلمة . أنقذتها يدُ الموظّف حين امتدّت إليها بالوثيقة التي جاءت لأجلها ، اختطفتها و ركضت نحو السلّم ، نسمةُ هواء منعشة هي كلّ مطلبها الآن ، تريد أن ترى السّماء حتّى و إن كانت غائمة لا يهمّ . الذّكرى و الجدران و الغوغاء و الخوف من الآتي تحالفت عليها فكانت أعتى من طاقة التحمّل لديها ، للحظة كادت تقع ، هي التي لم تجْثُ على ركبتيها لأيّ حدث كان ، يخيفها اليوم ضعفها ، يُهينها ، يعيقها . تحفر في ذاكرتها عن مصادر قوّتها زمن العنفوان فلا تعثر إلاّ على نفسها ، جميع عمليّات الحفر قادتها إلى نفسها . تبّا لها .. نفسها مصدر القوّة و البلهاء تبحث خارجًا

mercredi 7 avril 2010

المـقامة الفيسبوكيّة

حدّثنا الشّمَقمَق بنُ أبي المحذوف قال : اتّفق لي في عنفوان الشّبيبة خُلقٌ سجيحٌ و عقل رَجيح فعَدّلتُ ميزان عقلي و عَدَلتُ بين جِدّي و هزلي و إلى أرض الفايسبوك شددتُ الرِّحالْ و توكّلتُ على من بقدرته لا يُرَدُّ سؤالْ و اتّخذتُ إخوانًا للمُزاحْ و آخرين للمُلمَّاتْ الصِّحاحْ و جعلتُ النّهارَ للنّاسْ و اللّيلَ للكاسْ . قال ، و اجتمع إليَّ في بعض ليالِيَّ إخوانُ الخُلوَه ذوو المعاني الحُلوَه فمازلنا نتناشد القَريضَ الفَصيحْ و نستمعُ إلى كلّ صوتٍ مَليحْ و اللّيلُ أخضرُ الدّيباجْ و صفحاتُ الصَّحْبِ تومِضُ بكلّ مُشعشعٍ وَهّاجْ فأفْرَغْنا وِفَاضَ الكَلِمْ من كلّ شِعرٍ و نَغَمْ حتّى بقي كالصّدف بلا دُرّ أو كالمِصْرِ بلا حُرّ . و إنّا لفي تلك الحال من النّشوهْ إذ صدحَ صوتُ المنادي إلى الصّحوَهْ فخَنَسَ فينا شيطانُ الصَّبْوَهْ و تبادَرْنا خِفافًا نسْتجْلي الدّعوهْ . فإذا بإمامٍ خطيبْ تتدَلّى لحيتُه إلى الجُيُوبْ جعل يُطيلُ إطراقَهُ و يُديمُ استنشاقَهُ ثمّ رفع عَقيرَته و استنفر عشيرته " أيّها النّاس ،إنّي لأجِدُ اليومَ رِيحَ الكبائر في بعضكم فما جزاءُ من خَلطَ في سيرَته و ابْتُلِيَ بقاذورَته ؟ و من ارتضَى تحت الطّاغوت أن يُصْرَعَ فأوْلَى بدابِرِه أن يُقْطَعَ " و أشار إلينا فتألّبتْ الجماعة علينا ،حتّى مُزِّقَتْ الحِساباتْ و فُجّرَتْ الصّفحاتْ و حتّى خِلنا أنّا بين الوحوش قد صرنا و أفلتنا من بينهم و ما كِدْنا ، و كلّنا مَذهولْ و بسلامة حاسوبه مشغولْ . و سألْنا من مرَّ بنا من الصِّبْيَة عن رأس تلك الفتنة فقالوا : إنّه الرّجلُ التقِيُّ الغَـفَّاصُ بنُ الدُّكْمَاكِ الجُـهْجُـهِيُّ . فقلنا : سبحان مُقلّب القلوبْ و ساترِ العُيُوبْ ، لا عَجَبَ بعد اليوم أنْ يُبْصِرَ عِمِّيتٌ و يُؤمنَ عفريت . " و جعلنا بقيّة يومنا نعجبُ من نُسْكهِ بعد ما كنّا نعلمُ من فِسْقِهِ
و لمّا حَشْرَجَ النّهار نظرْنا فإذا برايات الحانات أمثال النّجوم في اللّيل البهيم ، فتهاديْنا حتّى وصلنا إلى أفخمها بابًا و أضخمها كلابًا و اندفعنا إلى ذاتِ دَلٍّ و وِشاحٍ مُنحَلٍّ ، إذا قتَلتْ ألحَاظُها أحْيَتْ ألفاظُها فسألناها عن خمْرها فقالتْ : كأنّما اعتصَرَها من خَدّي أجدادُ جدّي و سَرْبَلوها بالقَارْ بمثل هَجْري و صَدِّي ، وَديعَةُ الدّهورْ و خَبيئَـةُ جَيْب السُّرورْ ، مازالتْ تتوارَثها الأخْيَارْ و يأخذ منها الليلُ و النّهارْ حتّى لم يَبْقَ إلاّ أرَجٌ و شُعاعْ و وَهَجٌ لذَّاعْ ، ريحانة النّفس و ضَرَّة الشمس ، كاللّهيبِ في العروقْ و بَرْد النّسيم في الحُلوقْ ، مصباحُ الفكرْ و تِرْياقُ سُمِّ الدّهرْ . قلنا : تلك ضالّتُنا و أبيكِ فمَنْ المُطرِبُ في ناديكِ ؟
قالتْ : إنّ لي شيخًا ظريفَ الطّبْع طَريفَ المُجُون ، مَرَّ بي منذ مُدَّة و اتّصل بيننا حبلُ المَوَدَّة، نديمٌ رقيقْ و صوتٌ كخالِصِ العَقيقْ . و دَعَتْ شيخَها فإذا به جُهْـجُهِيُّنا و حقّ الواحد الدَيَّانْ ، قد أيقظ غناؤُهُ العُلوجَ و القِيَانْ . فقلنا : مَرْحَى مرحى يا آبنَ الدّكْمَاكْ امَا حَسِبْتَ أنّنا نلقاكْ ؟ فارْبَدَّ وجهُه و ازْوَرْ و ألْقَى الدُفَّ و لعَنَ الوَتَرْ و صاحَ و زمجَرْ
أنا مِنْ كلِّ غُــبَارٍ / أنا مِنْ كلّ مَـكَـانِ
ساعةً ألْزَمُ مِحرابًا / و أخرَى بَيْتَ حَانِ
و كذا يفعلُ مَن يَعْقلُ / في هـذا الزّمَــانِ
قال الشَّمَقْمَقُ بنُ أبي مَحذوفْ : فاستعذتُ بربّ البيت العتيقْ من مثل هذا الدّاعية الصَّفيقْ ، و عجبتُ من هول أعماله و خشيتُ على النّاس من انتشار أمثاله ، و غادَرْنا الحَانْ و نحن نبتهل للمنّانْ أن يحفظ هذه الأوطانْ

lundi 5 avril 2010

أحــلام مستـغانمي في معرض الكتاب

ستكون أحلام مستغانمي ضيفة شرف المعرض الدولي للكتاب بتونس في دورته ال 28 و الذي سنطلق يوم 23 أفريل و
يتواصل إلى 02 ماي . أحلام مستغانمي المصنّفة في المرتبة 74 من بين 100 شخصيّة الأكثر تأثيرا في العالم العربي

روائيّة و شاعرة من مواليد 1954 بتونس من أصل جزائري يعود إلى مدينة قسنطينة . في سنّ 18 تحصّلت على شهادة الباكلوريا و كان ذلك بالتوازي مع تقديمها لبرنامج إذاعي بعنوان " همسات " و بدأت في تلك الفترة تنشر أولى مقالاتها بالصّحف . تزوّجت من صحفيّ لبناني و أنجبت منه ثلاثة أبناء و تفرّغت لدراسة الأدب العربي في جامعة الجزائر ثمّ في السّربون حيث نالت شهادة الدكتوراه سنة 1982

من الأعمال الأدبيّة أحلام مستغانمي

على مرفأ الأيّام 1973

كتابة في لحظة عُري 1976

ذاكرة الجسد 1993 و صنّفت ضمن أفضل مائة رواية عربيّة و العمل حثيث لتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني

فوضى الحواسّ 1997

عابر سرير 2003

نسيان 2009