jeudi 29 octobre 2009

مَعْلم في الذاكرة ... حديقة البلفيدير ج2




كان أهمّ دافع وراء مشروع المنتجع هو إعادة تأسيس مدينة جديدة على النمط الأوروبي تطيب فيها إقامة الفرنسيين و ينبهر بها التونسيّون فالبلفيدير كان في البداية وسيلة دعاية للحضارة الغربيّة التي أعطت أهميّة قصوى للحدائق العموميّة منذ عصر النهضة و لو أنّ الحضارة العربيّة الإسلاميّة كانت سبّاقة في الاحتفال بالخضرة و المياه و الحدائق و حدائق الكرخ في العراق و منتزهات الشام و الأندلس تشهد على ذلك . لكنّ الفرنسيين الوافدين وجدوا صعوبة في التأقلم مع مدينة تونس العتيقة و احتاجوا لمدينة جديدة فيها معالم الحضارة الأوروبيّة من مسرح و كازينو و قصر عدالة و معهد و منتزه


فحديقة البلفيدير هي تعبير عن الرفاهية الجديدة التي أراد الاستعمار أن يلوّح بها و يحققها للمعمّرين قصد زيادة عدد المهاجرين الفرنسيين إلى تونس


و لعلّ هناك دوافع أخرى خلف إنشاء منتجع البلفيدير أهمّها الدّافع العسكري لما تمتاز به الهضبة من موقع كاشف و مغطّى بالزياتين تسهل فيه إقامة الجيوش و تسهل حركتها . و قد استفاد الجيش الفرنسي عندما دخل أوّل مرة مدينة تونس سنة 1881 من جبل البلفيدير و أقام فيه ليشرف على كامل المدينة دون عناء . و استُخدِمَ البلفيدير زمن الحرب العالميّة الثانية من قبَل الجيش الألماني و جُهّزَت فيه ستّة أنفاق بها مخابئ و قاعات اجتماعات و قاعات أخرى مزيّنة بالفسيفساء خُصّصَت للرّاحة و الاستحمام و مخازن للأسلحة ... و بعد الاستقلال استغلت شركة الساتباك بعض هذه المخازن لخزن الأفلام لما تتوفّر عليه الدهاليز من درجة حرارة ملائمة . ثمّ أهمِلت تلك المخازن و سُرقت محتوياتها و أتلفَت ... نعود إلى زمن إنشاء المنتزه ، ما إن تأسّست الحديقة حتّى ارتفعت أسعار الأراضي المعدّة للبناء حولها فنشأت في محيطها أحياء راقية ثريّة و قد كانت أراضي فلاحيّة فقيرة لا تجلب أحدا فأصبحت محلّ تنافس كبير ففي سنة 1927 بيعت أراضي البناء حول البلفيدير بسعر 27 فرنكا للمتر المربّع الواحد بعد أن كان لا يتجاوز 7 فرنكات و تحصّلت بلديّة تونس بسبب هذا المشروع على أراضي جديدة سيُقام عليها شارع باريس و شارع فلسطين ثمّ تكوّنت في المناطق القريبة أحياء نوتردام و متيالفيل ... كيف كان المنتجع في بدايته؟




ما سجّلته بعض الوثائق السياحيّة و بعض التصميمات المتوفرة في أرشيف بلديّة العاصمة أنّه كان هضبة تتخلّلها طرق ضيّقة متداخلة و منحدرة و أصبحت بها ممرّات جديدة : الممرّ الخارجي و هو الذي يحيط بكامل الحديقة ، و ممرّ ثان ينطلق من ساحة باستور حتّى قمّة الهضبة في شكل نصف دائري ، و ممرّ ثالث يخترق الحديقة من اليمين إلى اليسار و يمرّ بالكازينو . و كان للحديقة بابان






الكازينو


تأسّس في نفس التاريخ في شكل مختلط بين المحلّي و الاسباني و به مشربيّة و صومعة صغيرة و قد جُهّز بمقهى و مطعم فيهما تقام الحفلات في الهواء الطلق و على شرفاته ركزت شمسيّات و كراسي و الشرفة تطلّ على غابة و حدائق و كانت منظرا رائعا قبل أن تُبنَى العمارات و تحجبه و قد تواصلت الحفلات به حتى نهاية الستينات - أنظر الصورة -






الميضة


أسِّسَت على يسار البركة المائيّة و تتكوّن من بقايا ميضة جامع كان في سوق الترك بالمدينة العتيقة و تحتوي على أعمدة من رخام و هي معلم مهمّ






قبّة الهواء


و هي قطعة جُلبت من قصر الوردة بمنّوبة ، وقع قلعها و توضيبها و هي مرصّعة بأعمدة و مزركشة بنقائش و أقواس من رخام و من جبس و من خشب و كلّها مغلفة بالجليز التونسي


بانوراما المائدة و هي أعلى هضبة دائريّة الشكل يحيط بها صفّان من الأشجار و بها مقاعد خشبيّة و حجريّة في شكل دائريّ تحت الظلال و هي موقع رائع للإطلال على كامل العاصمة






و اليوم و مع تفاعل الواقع التاريخي و التحوّلات التي شهدها مجتمعنا و لا يزال هل صار البلفيدير نقطة سوداء في وجه العاصمة ؟ و فضاء للفضلات و المياه الرّاكدة و سببا في تسرّب الروائح الكريهة و مكانا مناسبا لروّاد الانحراف و الإجرام ؟


فرصة كي نهيب ببلديّة تونس و كلّ من يهمّهم الأمر أن ينقذو هذا المعلم السياحي و الحضاري الرّائع لأنّه قبل منتزه النحلي و قرطاج لاند و حديقة فريقيا يبقى البلفيدير قسما مهمّا من ذاكرتنا الوطنيّة


8 commentaires:

khanouff a dit…

Très instructif, merci.

Téméraire a dit…

Merci Wallada pour tous ses infos, j'en ajoute quelques détails ici:
http://tunisdivagation.blogspot.com/2007/01/le-parc-du-belvdre.html

cactussa a dit…

hier je suis allée avc deux amies au bilvideres!!ca fait mal au coeur que toute cette sa valeur hisorique est delaissée maintenant !!il nest plus que des ruines ,trop dherbe partout ,trop de saleté et surtout trop de cons qui ne font que le rendre infrequentable !:(

WALLADA a dit…

Khan

je vous en prie

WALLADA a dit…

Téméraire

je vous en prie et merci à vous aussi pour le lien

WALLADA a dit…

cactussa

t'a vu ? ca fait mal au coeur

ne me dis pas que mon post était la cause de ta visite au Bélvaidère?

brastos a dit…

كان عندي عـمّي ( كاتب اشهر انشودة للاطفال في تونس ) يسكن على بعد امتار من الحديقة ، (تطلعش قريت عندو زاده ؟؟؟ ههه) و كنت في زياراتنا العائلية لدارو في طفولتي ، ما تكتمل شيختي الا بالحواسة الطويييييله في البلفيدير ، و الاستمتاع بمشاهدة الحيوانات .. رغم انّو من بعد يمسّطها عليّ ، بتواطؤ من والدي ، و يطلبو منّي نكتب موضوع انشاء في وصف الحواسه .. تصوّر واحد ماشي يحوّس في عطلة مدرسية ترصّيلو يكتب في انشاء على المكان اللي ماشي يتفرهد فيه :) :) و حتى ايامات الجامعه في الثمانينات .. كان يهزّني الحنين للمكان هاذاكه .. اما موش بنفس السّحر و الاندهاش القديم ..
شكرا ولادة على هالنسمة الخفيفة المتأرجحة بين الذكرى الجميلة و المعلومه المفيدة

WALLADA a dit…

أهلا بصديقي الفنّان وينك هالغيبة ؟

هنيئا لك بالأب و العمّ ، أين منّا اليزم أولياء يشجعون أبناءهم على التحرير و التأليف؟