سألتُ تلميذا يوما عن مهنة أبيه في إطار التعارف الذي يقع في كلّ بداية سنة دراسيّة ، فكتب في جذاذته " وزارة كذا ". / بدأناها بانعدام الدقّة / فقلت له ملاطفة " في تلك الوزارة كما في كلّ وزارة هناك وزير و كتّاب دولة و مديرون مركزيّون و آخرون فرعيّون و موظفون سامون و هناك أعوان و حرّاس و حجّاب و سائقون و عمَلة ... " و أضفتُ في شيء من المكر سامحني الله أو قاتلني لستُ على يقين " و فيها أيضا جدران و مكاتب و خزائن و نوافذ و أبواب بعضها خشبيّة و الأخرى حديديّة و سيّارات ... فماذا يشتغل والدك بالضبط ؟" فإذا به يغادر مقعده متّجها إلى مكتبي و يقترب منّي و يُسِرُّ في أذني الكلمة التي لم يشأ أن يسمعها الآخرون. قرأتُ في صفحة وجهه آيات الخجل و الحرج و الضيق ، لا أكتُمكم بحثتُ عن كلام أكسر به الجوّ الثقيل فقلت له " و ماذا تشتغل والدتك ؟ " فأجاب بصوت مسموع " ممرّضة " . ابتسمتُ في قرارتي للمفارقة و لكنّي حاولت أن أرفع معنويّات الصبيّ فقلت له بصوت منخفض " لا عليك بُنيْ ، هي مهنة ككلّ المهن ، و والدك يسعى جاهدا لتأمين الحياة لك و لإخوتك و توفير حاجياتكم فلا تبتئسْ و اسْعَ لتحصيل العلم حتّى تكون ما تريد ." و طوال طريق العودة إلى البيت سرح فكري في ذاك التلميذ ذي الثلاثة عشر ربيعا ، كيف يمكن أن يخجل ولد بأبيه ؟ عادة ما يخجل الآباء من إبن عاقّ أو فاشل في الدراسة أو عاطل عن العمل ، من إبن " فاسد " عموما و يتجنّبون الحديث عنه في المجالس كأنْ لم يُنجبوا ، و لكن هل فكّروا أنّ أبناءهم قد يخجلون بهم أيضا ؟ قد يخجلون من ضعفهم و عجزهم و تبعثر كرامتهم على يد زوجاتهم أو رؤسائهم في العمل أو حتّى من موظف في شبّاك إحدى المصالح العموميّة ، يخجلون من قلّة حيلتهم و محدوديّة إمكانيّاتهم و هشاشة شخصيّاتهم و غياب قراراتهم . قديما كان الأب شخصيّة ستالينيّة لا ثغرة فيها سواء كان زيتونيّا مُعَمَّما أو ماسح أحذية لا يفكّ الخطّ ، و أعرف من الأبناء من هم في مناصب عليا و ذوي شهادات محترمة و لم يمسك سيجارة في حضرة والده حتّى مماته ليس خوفا بل تقديرا و إذا كان في مصحوبا بأبيه و اعترضه بعض رؤسائه أو كان في حلقة من الرّفاق ، قدّمه و قال : هذا أبي ، هذا من علّمني و ربّاني حتّى صرت رجلا . كلّ هذا انهار تحت وطأة العولمة و كان لابدّ للمدنيّة أن تسير إلى الأمام و لكن في أيّ اتّجاه؟ اليوم صار الأب شريكا كغيره من الشركاء في مؤسّسة الأسرة و أصبح الفخر بالوالدين قيمة اجتماعيّة بالية . لديّ من التلاميذ من يصرّح دون احتراز " بابا في الحبس و أمّي في طاليا تبعثلنا في الفلوس " و أعرف الكثيرين ممّن يسمّون آباءهم و أمّهاتهم بأسمائهم . فإذا انهارت صورة الأب كقيمة اجتماعيّة تمثّل الحماية و الرّعاية و الحكمة فلا عجب أن تنهار على إثرها صورة المُعَلّم ثمّ يتوالى الانهيار في كلّ القيم الثابتة ، و النتيجة : جيل بدون قيم . سيقول البعض : لكلّ عصر قيمه و الحياة تتجدّد . و سأقول : مرحى ، دلّونا إذن على قيم هذا العصر و أرجو أن لا تكون أن أولي ظهري للمعرفة و أفرّ من الدراسة لأتعاطى مُخدّرا تحت جدار أو أن أشتم و أهشّم ما في البيت للحصول على المال أو أن يتبادل الزوجان العنف ثمّ يتصالحان في برنامج تلفزيّ بعد أن يُخرجا كلّ ما في جوف حياتهما الحميميّة أمام ملايين المشاهدين .. و كلّ ما يبثّه الإعلام حتّى صار و كأنّه يروّج لأمثلة تُحتَذى .
و بعد ، لستُ مختصّة في علم الاجتماع حتّى أعثر على الحلول ، و لكن أعتقد أنّنا لو أعدنا الاعتبار لكرامة الإنسان يمكننا حينها أن نتحدّث عن مصالحة بين الأجيال من أجل هذه الأرض التي عاش عليها الأجداد و سيرثها الأحفاد .
23 commentaires:
3lech badelt esm l'ouzara?
غير معرّف
على خاطر غلطت ، وقت الّي كنت نكتب في التدوينة كان أحد الأقارب شاغلني بالحديث على مناظرة عملها في الداخلية باش يدخل يخدم يظهرلي اعطيته وذني و ذهني و يديّ الّي تكتب ههههههه الله غالب ما نجّمش نعمل حاجتين في نفس الوقت
لا عزاء لنا إلا أن تحدث المعجزة ...ولن تحدث إلاّ بعد الطوفان وعندها لا تنفع المعجزة
المفارقة ليس في الطفل الذي خجل من ذكر مهنة أبيه وحسب وإنما في كاتبة هذا النص التي طالما دافعت بشراسة وهبت بلا تفكير لمساندة كل أولئك الذين (واللائي) يعملون بلا كلل ولا ملل لإفراغ المجتمع التونسي المسلم من كل قيمه النبيلة وأوّلها قيم الأسرة والأبوّة والبنوّة. إنه فعلا لأمر مضحك حتى البكاء أن أقرأ هذا النص لسيدة طالما انحازت لبعض المنبتين والشاذين الذين يدعون تحت ستار "الحرية" و"الحداثة" لأمور من قبيل السماح ببعض أنواع المخدرات، ممارسة الجنس على الشواطئ وشرب الخمور في الأماكن العامة في شهر رمضان (صور مستشفى شارل نيكول نموذجا). هؤلاء الذين يدعون إلى الانسلاخ عن كل القيم النبيلة التي تميّز أو كانت تميّز شعبا طيب الأعراق لصالح قشور مستوردة من غرب يأتمرون بأوامره. آه، نسيت أنهم يكرهون كلمة "أوامر" و"مؤامرة". لنقل إذن أنهم فقط مفتونون بهذا الغرب كالفراش المفتون بضياء النار!
يا أخي كفانا نفاقا وتحيّزا وكفانا دموع تماسيح وكفانا لعبا على حبال متعدّدة.
آمل من كاتبة هذا النص ألا تضيف إلى "سيّئاتها الإفتراضية" سيّئة حذف تعليقي لتكون بذلك عمارا جديدا ذي اتجاه واحد، في الظاهر يناهض الحجب وخلف الكواليس ما قال حد لحد!
غير المعرّف الثاني
خويا هاني نشرته تعليقك و نقّصت من سيّئاتي الافتراضيّة كيما تقول أنت
خويا غير المعرّف ، على شنوّة تتحدّث بالضبط ؟ يظهرلي غالط في الادريسة ، المدوّنين الّي يقراولي منذ عامين يعرفو إذا كنت ندافع على الانحلال و شرب الخمر و تعاطي المخدّرات و إلاّ لا
ثبّت روحك خويا قبل ما تدخلها فركة و عود حطب
شيهمّك فيه اصلا والديه شيخدمو بالله ..ملا كلوف في هال بلاد
غير المعرّف الثالث
الله غالب هاك الكلوف من خصوصيّات الخدمة باش تعرف الوضعيّة الماديّة و الاجتماعيّة و العائليّة للتلميذ الّي تأثّر على مردوده الدراسي
لا سامحني ما عندو حتى دخل تعرف معلومات على تلامذتك..على الاقل كان ما كانش فما مشاكل.. ليلتك سعيدة..انا من المعجبين بكتاباتك الحقّ
Très joli texte. Toutefois, je n'ai jamais compris pourquoi au juste les enseignants demandent toujours aux élèves de leur dire le métier des parents: Pour les hiérarchiser? Trouver un piston? Je ne sais pas, je ne te condamne pas du tout Wallada, mais cela m'intrigue. Ma mère était enseignante aussi et elle le faisait également. Je pense que c'est une mauvaise habitude totalement inutile, à moins que tu puisses me convaincre du contraire. Merci.
Bonsoir,
Je pense qu'avoir honte de ses parents n'est pas la faute à l'enfant, après tout qu'est ce qu'un enfant peut connaitre des choses de la vie ? l'enfant est le fruit de la petite société qui est la famille, il y a eu surement une conversation ou des faits qui se sont passés devant lui qui consistent à rabaisser ou dévaloriser le travail de son père, et par conséquent, cet enfant sent que la grande société pense de même, et c'est normal que le sentiment de honte lui envahisse...
Finalement je dis, rabi enchallah iffadlélna wèldina...
Bonne soirée
Venus
ربي يعينك يا ولادة على غير المعرفين اللي مش عارفين
فينوس
سعيدة بتعليقك و مرحبا بيك
بنت عايلة
شفت ماهو ؟ كلّ تدوينة و قسمها ههههه يجيك البلا يا غافل
علولو
أوّلا مرحبا بيك و يشرّفني إنّك إبن زميلة
ثانيا ، شوف يا علولو وقت الّي تلقى تلميذ طول السنة الدراسيّة ما عندوش أدوات و إلاّ أدواته قديمة يلزمك تعرف مهنة بوه ، وقت الّي تلقى تلميذ عنده هاتف جوّال آخر صيحة و يلبس في الغالي و كان الأدوات أمورها مضعضعة معاه يلزمك تعرف مهنة بوه ، فمّا تلامذة نتائجهم ضعيفة في موادّ بالذات رغم إنّه أساتذتهم يقلّك عندهم طاقة باش يعملو ما خير تجي تلوّج تلقى هاك التلميذ ضعيف مثلا في الرياضيّات على خاطر بوه أستاذ رياضيّات ، قلت مثلا ، و إلاّ العكس تلقاه باهي كان في المادّة إلّي يركّزوله عليها أكثر في الدّار على خاطر المادّة هذيكة توافق تكوين والديه
هذا إلى جانب الّي بوه مهاجر و إلاّ مطلّق و الّي متوفّي و هو عايش عند فرد آخر من العايلة يلزمك تعرف مهنته إذا كان قادر يجابه مصاريف هاك الصغير و إلاّ لا
عندنا تلامذة نساعدوهم بالأدوات و الكتب ، عندنا تلامذة يحبّو يمارسو هواية و لكن الأب موش خالط ، عندنا تلامذة نخلّصولهم في حقّ النظارات على خاطرهم فعلا مش قادرين . كيفاش باش تميّزهم من غير ما تعرف مهنة الوالدين ؟ و شكون أقرب للتلميذ في الممارسة اليوميّة من أستاذه ؟
هذاك علاش نطلبو مهنة الأولياء منذ بداية السنة و لكن مع التنويه أنّ المعلومات الّي يكتبهم التلميذ في جذاذته تبقى سريّة ما يطّلع عليها إلاّ الطبيب أو الأخصائيّة النفسيّة في حالة وجود مشكل
أقنعتني يا ولّاده.
مع كلّ احترامي لغير المعرّفين
و لكنّي لا أحترم إلاّ من يحترم نفسه و غيره ، و لا اتعامل مع طواحين الهواء
في ما عدا ذلك مرحبا بالجميع
علولو
شكرا على رحابة صدرك و مرحبا بك دائما
Je ne suis pas sur que les anonymes ont compris ton post ou à défaut l'ont lu.
La famille tunisienne se désintègre sous le choc de la vitesse de la vie. Les parents n'ont plus le temps d'inculquer à son enfant des valeurs sous la pression matérielle et l'éducateur est sous la pression des aspects matériel (note, taux de réussite, cours particuliers..), l'enfant/jeune est sous la pression des aspects matériels tangibles qu'il comprend et qu'il perçoit...
Pour les médias, aujourd'hui j'ai entendu "Sayes khouk" en disant al mousameh zakim c'est vrai en quelques sortes.
Le texte ne nous permet pas de comprendre exactement pourquoi le jeune lycéen ressent la fonction de son père comme une humiliation!
Est-ce à cause de la nature de la fonction ou de l'employeur?
On a certes compris qu'il s'agit d'un fonctionnaire public dans une ministère et d'après les repenses aux commentaires qu'il ne s'agit pas du ministère de l'intérieure. donc c'est pas un "boulis". peut être "Chaouch" alors? ou quoi?
Je regrette Madame, mais ce manque de précision et ce mystère que vous employez diminue tragiquement la crédibilité d'un texte qui aurait pu être excellent...
حمادي
تماما هو ذاك
غير المعرّف الأخير
متّفقة معاك أنّ النصّ يفتقر إلى الدقّة و لكنّها قلّة دقّة مقصودة أوّلا من المفروض أن أحافظ على سرّ إئتمنني عليه تلميذ ، ثانيا لأنّ مهنة الأب في منزلة أقلّ ممّا ذكرت أنت و هنا يدخل في الاعتبار عوامل عدّة منها عدم التكافؤ بين مرتّب الأمّ و مرتّب الأب مثلا و ظروف عائليّة أخرى تخصّ التلميذ نفسه تجعل من هذا الأب مهزوز الشخصيّة
و لكن رغم كلّ هذا فرواية التلميذ ليست هي المهمّة ، لقد جعلت منها منطلقا لأطرح مسألة العلاقات بين الأجيال ليس إلاّ
شكرا لك على التعليق و مرحبا بك
Ah ta3ref waldih ach ye5edmo?
C'est bien, puis vous le traitez selon le budget de ces parents, n'est ce pas?
Ecoutez mme /mlle, faites votre travail et vous n'avez pas droit interroger quelqu'un de vos élèves sur la situation financière de sa famille (en posant la question que fait ton père)
Personnellement j'ai eu beaucoup des probs lorsque j'été un éléve, et sans dire comment je suis sure et certain à 10000% que il y'a des profs qui traitent les eleves selon les postes de leurs pére, car je suis d'une famille pauvre et lorsque j'etais élève ma place été la dernière et meme les profs me traite pas comme les autres malgré que j'etais parmi les meilleurs
Je me rappel bien qu'un jour il m'a posa la quuestion: Que fais ton pére
J'ai répondu: chauffeur de directeur de lycée, walah hazni et 7atni.
Mais tawa hamdoulah eli baba yara7mo chauffeur moch 9awwed walla sarra9 et hamdoulah eli rabbani belbahi ana et 5ouya, et hamdoulah eli e9rina 3ala erwa7na et walina 2 ingénieur info et télécome (manich netfou5er raw wa rabi ya3lem ana netmanna kol wa7ed yossel)
Amma o5ti bellahi essayez de poser ce genre de question aux élève meme si vous êtes de bon foie, de coté des autres ça sera pas le cas!
Bonne continuation!!
@ From Ferry Ville
آسفة حقيقة و بصدق على ذكرياتك المدرسيّة في الناحية هذه بالذات و أنت تعرف إلّي في كلّ مهنة فمّة الشيء و نقيضه ، و الحمد لله أنّك عزمت و جاهدت باش وصلت و ربّي يرحم والدينا الّي تعبو علينا و ما فينا حتّى حدّ تولد و في فمّه مغرفة ذهب
علاش نسأل تلامذتي على وضعيّتهم الماديّة ؟ هذا فسّرته في تعليقات سابقة و لكن أعتقد أنّك نظرت للمسألة بمنظار ذكرياتك الخاصّة
على كلّ ، مرحبا بيك و بتعليقك
@ FROM FERRY-Ville :
Dans votre ville, il y avait deux chauffeurs du ministère de l'éducation nationale. Les deux étaient de braves hommes.
Votre père, que Dieu ait son homme, était un homme de grande dignité. Et vous - je crois que vous étiez mon élève- étiez quelqu'un d'intelligent, cela se voyait à votre regard.
Oubliez ! même parmi les profs il y a des minables.
Heureux d'apprendre que vous avez réussi.
@Dernier Anonyme,
Bonjour Monsieur, Ravi de vous trouvez Monsieur, meme si j'étais un de vos éléve je vous dis MERCI pour tous ce que vous avez fait pour nos réussites!
Passez le Bonjour à Monsieur MAALAOUI Mansour :)
@WALLADA: Excusez nous ma sœur votre blog est devenu une espace de rencontre et de regagner mes souvenirs!
@ From Ferry-Ville
Au contrere ca m'a fait plaisir
vous êtes tous les bienvenues.
Enregistrer un commentaire