في معارضة لقصيدة الشابّي " صلوات في هيكل الحبّ " كتبتُ هذه الكلمات
جريدة " المغرب " عدد الأحد 23 أكتوبر 2011
ثورة أنتِ كالبرق كالرّعد كالسّحابِ المديدِ
كالسّماء الغضوب كاللّيلة الظلماء كالجُرح كصراخ الوليدِ
يالها من رياحٍ توقظ الرّهبة
في قلب الشقيّ العنيدِ
أيّ شيء تراكِ؟ هل أنتِ هامَة " الفاضِلِ" تهادَتْ
بيننا من جديدِ
لتعيدَ الغضبَ الثوريَّ للشباب المحطَّم المكدودِ
أم "الكاهنة" جاءتْ لتُحيِي روحَ الكفاح العتيدِ
أنتِ .. ما أنتِ .. أنتِ صرخة رفضٍ
من شعب مُكبَّلٍ بالحديدِ
فيكِ ما فيه من إرادة و إلهام و سِحر فريدِ
أنتِ .. ما أنتِ .. أنتِ فجرٌ من الياسمين
أزهرَ على قبر أمَلي الفقيدِ
فارتوَتْ روحيَ العطشَى و تجلّى النّورُ لقلبيَ المعمودِ
أنتِ روحُ الشتاء تختال في البلاد
فتهتزّ للظّلم واهِياتُ المَشيدِ
و يُدوِّي حُرُّ الوجود بالتّغريدِ
كلّما هتف الشّعبُ خفق القلبُ للحياة
و أزهرَتْ الدّماءُ في حقل عمريَ المجرودِ
أنتِ تُحيين في الشعب ما قد مات في الأمس البعيد الفقيدِ
و تشيدين في خرائب النّفس ما تلاشَى في عهد قهر مديدِ
من طموح إلى العدل و الجمال و انعتاق الطّائر الغرّيدِ
أنتِ أنشودة الأناشيد غنّاكِ " أبو القاسم" إلهُ القصيدِ
منكِ هبّ الشبابُ يدفعُه حبُّ الحياة و سحرُ الصّمودِ
و تهادَى بكِ في الشوارع فتمايَلتِ
كلحن عبقريِّ الخيال شجيٍّ شديدِ
و خطوتِ سَكرَى بالدّماء و بالأناشيدِ
أنتِ .. أنتِ الحياة في وجهها الحُرِّ و في سحرها المنشودِ
أنتِ .. أنتِ الحياة في غضب الخريف
و في ديمة السّماء الوَلودِ
أنتِ .. أنتِ الحياة في هتاف الشباب
أنتِ قوسٌ من الألوان و الأحلام و الأنوار و الأزهار و الفضاء السّعيدِ
أنتِ فوق المقدام و الرّعديدِ
أنتِ فوق العمالة و الخيانة و المهانة و السّياسة و الوعودِ
و فوق كلّ الحدودِ
يا ابنة الشّعبِ إنّني ها هنا قد سئمتُ وجودي
فذريني أعيشُ في ظلّكِ و في قرْبِ نصركِ المشهودِ
عيشة البلبل الوحيد يناجي الحريّة
في نشوة الذّهول الشّديدِ
و ارحميني فقد تحطّمتُ في بلدٍ
من القهر و الصّمت و الظلام المشيدِ
أنقذيني من اليأس فلقد ملّتْ روحي جمودي
و انفثي فيَّ مرحَ الحياة و شُدِّي من أزريَ المكدودِ
و ابعثي في دمي دفأكِ عَلِّي أتغنَّى بالمُنَى من جديدِ
آهِ يا ثورتي العظيمة لو تدرين ما جَدَّ في فؤادي العَميدِ
في فؤادي الغريب تولَدُ أكوانٌ من الحُبّ رائِع التغريدِ
و شموسُ برّاقة و نجومٌ و شموعٌ و حدائقُ كالنّعيم المَديدِ
و بحارٌ كاللؤلؤ و سماءٌ كنُثارُ الورودِ
و ترانيمُ و أصوات رائعات النّشيدِ
و حياة فكريَّة هي عندي قبَسٌ من حياة أهل الخلودِ
كلّ هذا تشيدُهُ هالَة من إلهام نوركِ المعبودِ
فحرامٌ عليكِ أن تهدِمي ما شادَهُ الأملُ في فؤادي الشّريدِ
و حرامٌ عليكِ أن تبعثري أحلاما تصبو لعيشٍ جديدِ
منكِ ترجو أفقـًا طلقا لم تجدهُ في حياة الوجودِ
فالإلهُ الرّحيمُ لا يَرجُمُ العبدَ إذا كانَ في مَقامِ الشّـهيدِ
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire