mardi 26 novembre 2013

سَـــــــفـَـــــــر


يمتلئُ القلبُ بالحقد، بالألم و الغضب، و طعمُ الغضب في فمي. 
 أنا مثل لطخة حبر وقعتْ على بياض، أقعُ في الشكّ، عندها أفتح الرّواية كي أتذكّر نفسي.
التذكّرُ عندي عبارة عن عبادة سريّة.
قبل أن ينتشر الضوء كنتُ عبارة عن زينة في أحجار جدارك، قبل أن تعزف على أوتاري بالقوس الذي في يدك كنتُ دائما الرّبابة التي تعزف النّغمة نفسها و تكون غريبة عن صوتها، أنا أرى في كفـّها أشجارا و حدائق و مياها واسعة مثل البحار و لامعة. أنا أرتاح في ظلّ الأشجار التي تنبت في كفـّها لكن أنتَ لا يمكنك رؤية أيّ واحدة منها.
أنا أعلمُ من أكون و لكنْ.. هل تعرف أنتَ أنّني الشمس؟ ربّما لا تعرف.
أنا الشمسُ التي تخلـّتْ عن هالتها لأجلك، أنا شجرة الكستناء التي تجرّدت من أوراقها لتفرش لكَ دربا فدستَها مزهوًّا بحفيف أنينها و لم تحفظ إحداها بين صفحات دفترك، و كان يكفيها لو انحنيتَ فتلثمَ طرفَ ثوبك.
أنا الفراشة التي تحوم حول النار، كلـّما اقتربتُ منك ذابتْ أجنحتي و صفـَّّاني اللـّهب، أنا فراشتك و صديقة دربك. وُجدنا ذات يوم في رواق، مشينا سويّة في الشوارع و السّاحات، أحببنا و فرحنا و سكتنا و ضحكنا و حلمنا، لم نمرَّ بمدن أو طرقات أو مواسم أو سنوات بل مررنا بعمر.
التفِتْ وراءك و انظرْ، كلّ شيء مَـرَّ و بقيتْ الصداقة. أقول هذا لنفسي و أكرّره مرارا، أقول.. عندما يأتي الموت و يجدني حتّى بآخر لحظة لي، لا أنسى.
عندما كنتُ شابّة كنتُ أرى الموتَ كوداع للحياة.
من يذهب إلى الموت رغبة و طواعية؟
من يتعرَّى أمام التـنّين؟
يا من يرون الموتَ ابتعِدوا، يا من يرون البعثَ أسرِعوا.
مَن يرى الموتَ كدلفين، يَفدِي روحَه، أمّا من يراه ذئبًا فينحرف عن الحُلم.
كلُّ شخص يموت حسبَ لونه، عدوٌّ للعدوّ و صديقٌ للصديق.
هكذا تفترق طرقاتـُنا و كلُّ سطر منذورٌ لك.

6 commentaires:

Anonyme a dit…

كل نفس ذائقة الموج ، و يبقى وجه حبّك .
chut!libres

WALLADA a dit…

وحده الموت حبّا يتصعّد بك عن الفناء اليوميّ و ضراوة المادّة.

bacchus a dit…

سبحان من نجم هذا النصّ من إبداعه.. رائع فلا قول بعد ولادةالفن والحياة والذكريات
شكرا على نوتة موسيقى أينعت بين الكلمات

WALLADA a dit…

أرجو أن يكون منفذا لبعض مواساة يا صديقي.

chraigui a dit…

مرت ايام عجاف لم نقرأ فيها نصا بمثل هذا الجمال .. جميل

WALLADA a dit…

@ chraigui

تطير النفحة ساعات ثمّ يشتعل من الجذوة ما خمد أحيانا أخرى.
شكرا صديقي على التفاعل.