dimanche 28 mars 2010

أزمة الكتاب ليست ظاهرة مغاربيّة

مقالي الشهري في " زوايا " المغاربيّة
الموضوع : قلق المؤلّفين و الناشرين و المثقفين في بلدان المغرب العربي من انخفاض حجم مبيعات الكتاب
يرجع أكبر مبرّر لتخوّف المؤلّفين و النّاشرين و المثقفين عموما من انحسار حضور الكتاب في المشهد الثقافي بالبلدان المغاربيّة إلى غياب
مشروع ثقافي واضح المعالم و لم يكن هذا وليد اللّحظة بل تظافرت عوامل عدّة منذ سنوات نبّه خلالها المثقّف المغاربي إلى أنّ الكتاب يحتضر و النتيجة اليوم هي انخفاض بارز في حجم مبيعات الكتب تسبّبت في إفرازه عوامل ثلاثة : صناعة الكتاب - محتوى الكتاب - القارئ المغاربي
صناعة الكتاب: إنّ مشاكل الكتاب المغاربي ترتبط أساسا بالطبع و النشر و التوزيع غير أنّ عمليّة النّشر تواجه حواجز متعدّدة لعلّ أهمّها غلاء الورق و قلّة نسبة التوزيع و هي المرحلة الصّعبة فقد يتحوّل الكاتب في أحيان كثيرة إلى موزّع لكتبه خاصّة إذا عجز عن متطلّبات دُور النّشر و الطّباعة و التوزيع . فالكتاب صناعة إلى جانب كونه عملا ثقافيّا و الصناعة تقتضي سوقا طالما أنّها تدخل في منظومة الاستثمار و في هذا الصّدد يعتبر البعض أنّ النّشر في المغرب الكبير مجال حديث يتلمّس خطواته منذ خمس و عشرين سنة عكس بعض البلدان العربيّة الأخرى ذات التراكم التاريخي في مجال الطّباعة و النّشر كسوريا و مصر و لبنان و العراق . بالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائيّة للمواطن المغاربي ممّا جعل الإقبال على الكتاب ضعيفا و ممّا أدّى ببعض المبدعين إلى خوض تجربة النشر لأنفسهم و هو ما يُعرَف بظاهرة المُؤلّف النّاشر . إلاّ أنّ هذا لا يفضّ الإشكال فلا تزال أمام المُؤلّف عقبة التوزيع و من ثَـمَّ تسكن الكتب الرّفوف و الغرف و المخازن إذ لا وجود لشركات توزيع تروّج للكتاب بل إنّ بعض دور النّشر تدعم الكتب ذات الصّبغة التجاريّة ككتب التنجيم و الطبخ و السّحر و التطبيب و الفتاوي أمّا الكتاب العلمي و الثقافي فلا يجد من يدعمه و يراهن عليه و لعلّ نسب الإقبال في المعارض الدوليّة خير دليل. كلّ هذه العراقيل دفعت بالمؤلّف إلى خوض تجربة النّشر الإلكتروني فهو يُعتَبَر أداة لفكّ عزلة الكاتب بتمكينه من تخطّي جميع حلقات الوساطة للوصول رأسًا إلى القارئ
محتوى الكتاب: و للكُتَّاب دورٌ رئيسٌ في احتضار الكتاب و عزوف القارئ و قلّة إقباله ففي هذا الزّمن المتغيّر تطلع علينا من حين لآخر كتب ذات إبداع هزيل غارقة في أوحال الأخطاء اللّغويّة غير مواكبة للمشهد الثقافي غير مُقنعة للمتلقّي و لا مُحترمة لذكائه
القارئ المغاربي: صدرتْ مؤخّرا بتونس في 28 جانفي من السّنة الجارية نتائج " الاستشارة الوطنيّة حول الكتاب و المطالعة "بإشراف من وزارة الثقافة و بمشاركة لجان مختصّة من كامل تراب الجمهوريّة و عدد كبير من المكتبيين و المثقفين و أصحاب دُور النّشر و مختلف المهن ذات الصّلة بالكتاب ، و من أهمّ ما جاء فيها أنّ 22،74 بالمائة من التونسيّين لم يقرؤوا كتابا في حياتهم و أنّ النّساء في تونس يطالعن أكثر من الرّجال بفارق نسبته 7،51 و أنّ أكبر نسبة من القرّاء تتراوح أعمارهم بين 25 و 35 سنة و أنّ نسبة المرتادين للمكتبات العموميّة بغرض المطالعة لا يتجاوز 13،15 بالمائة و أنّ أهمّ الأسباب المفسّرة لقلّة إقبال التونسي على المطالعة هي عدم توفّر الوقت و غلاء ثمن الكتاب و تفضيله أنشطة أخرى كالرّياضة و الأنترنيت
و أعتقد أنّ هذه النّسب لا تختلف كثيرا من بلد إلى آخر فقد تراجعت تقاليد المطالعة في العائلة المغاربيّة و العربيّة عموما في مقابل تزايد الإقبال على التكنولوجيا الرّقميّة و تنامي الثقافة السّمعيّة البصريّة ، بل أكاد أجزم أنّ انخفاض معدّل القراءة ليس ظاهرة مغاربيّة فقط
.
و رغم ذلك فقد بات من الأكيد اتّخاذ تدابير عاجلة لتشجيع المغاربيين على القراءة بتدخّل أنجع من وزارات الثقافة لدعم الكتاب و الضغط على كلفته و تكثيف البرامج المُحفّزة على المطالعة في المؤسّسات التعليميّة و وسائل الإعلام و تنظيم مسابقات و مهرجانات للكتاب إبداعًا و قراءة على غرار ما يُنظَّم للغناء و الموسيقى و اعتبار المطالعة شأنًـا وطنيّا و رافدًا أساسيّا من روافد الإقلاع الحضاري

4 commentaires:

ART.ticuler a dit…

تدوينتة في بلاصتها ..لست أدري لماذا استعملت تعبير "الكتاب المغاربي" ؟ على كل حال ،أعتقد أن القراءة من أجل القراءة أو التي اعبر عنها بالقراءة الأستهلاكية ليست هدفا في حد ذاتها ..أرى أن القراءة تماما كالكتابة فن ! هنالك من يقرأ من باب سد الفراغ حيث الكتاب لا يمثل بالنسبة له أكثر من مسلسل مصري مكتوب .. نحن في حاجة إلى القراءة الواعية والتفاعلية.. أما القراءة على طريقة قراءة الجرائد فلا أعتقد أنها تضيف شيئا أكثر من إستهلاك للورق ..

أنيس a dit…

حسب ما أعتقد السبب الرأيسي لأزمة الكتاب مُتواجدة في غياب ثقافة الكتاب و ذلك أساسا في المدرسة با لبداية حيث لا تتوفر المكاتب، فالمناهج التعليمية لا ترتكز على التثقيف بالمُطالعة أو التعبير عبر الكتابة
المُقارنة بين الأنظمة التعليمية و التربوية في البلدان المُتقدمة و الموارد التي توضع لتلبية الأهداف التربوية في تونس تُعطينا أكثر دقة عن الخلل المُتواجد

WALLADA a dit…

أهلا آرت

استعملت عبارة " الكتاب المغاربي " لأنّ الموضوع الّي كنت مطالبة بإبداء الرّأي فيه يتعلّق بالكتاب في بلدان المغرب الكبير يعني تنجّم تقول القضيّة محليّة شويّة كما رسمها موقع " زوايا " و لا دخل لي في تحديد المواضيع

أمّا باقي تعليقك فأتّفق معك تماما فيه



يا أنيس

المطالعة ركن أساسي في البرامج التعليميّة و أزمة الكتاب قبل المدرسة و أكبر من المدرسة
هل العائلة عندنا عائلة مطالِعة ؟
هل نقتني الكتاب كما نقتني ثياب العيد و خروف العيد و كما ننفق الأموال في شهر رمضان و في الشواطئ ؟
هل لدينا تقاليد مطالعة أم لا ؟
تلك هي القضيّة

laabed a dit…

الكتاب المغاربي و القارئ المغاربي هما مشروعان للمستقبل وليسا واقعا معاشا و هذان المشرو عان مرتبطان بتقدم بناء الإتحاد المغاربي السياسي. في الوقت الراهن نشر كتاب لا يتعدى بعض الآلاف ومرتبط أساسا بالتوزيع داخل القطر كما أنه الكتاب الذين يروجون للمشروع المغاربي قليلون جدا