mercredi 25 mai 2011

إذا كان لي أن أعيدَ البداية

كثيرا ما راودني السؤال : ماذا لو كان لنا أن نعيد الثورة ؟

في ضوء كلّ الأحداث التي تتالت بإيقاع سريع و مذهل و مفاجِئ، منذ اندلاع الشرارة الأولى، غضبٌ شعبيّ في ذروة العفويّة و حَراكٌ هادِر لم يدَّعِ أحدٌ تنظيمه و توجيهه، وحدَه الإحساسُ بالقهر جمعنا و التمرّدُ على حاجز الصمت المغلوب وجّهنا ، و الرّيادةُ نَعتٌ. هل يمكن أن يفكّر في تلافي الأخطاء من يُقدِمُ على الفعل لأوّل مرّة ؟

لأوّل مرّة يُسَمِّي الشعبُ ناهِبَ ثروته و سارقَ يومه و غده و كاتِمَ حريّته
لأوّل مرّة يَطردُ المسؤولين الفاسدين فيُغادرون تِباعًا مكاتبَهم أذِلاّء
لأوّل مرّة تجرُؤُ الأمّهات على التظاهر في وجه من اعتقل منهنّ الأزواجَ و نكّل بالأبناء
لأوّل مرّة يعتصم الشبابُ في اختلاط و لا أروع فيفترشون إسفلت القصبة و بسمائها يلتحفون
لأوّل مرّة تـُـرفـَعُ الفتياتُ على الأعناق في المظاهرات
لأوّل مرّة تعتلي شابّة شبّاكَ مقرّ اتّحاد الشغل و تلهب حماسَ الجماهير
لأوّل مرّة يخرجُ الشعبُ متظاهِرا و الطاغية لم يُـنْـهِ خطابَه التّعيسَ بعدُ
لأوّل مرّة نقول : لا، مدوّيَة صارمة لكلّ الوعود المُسَكِّنة أو التهديدات السّافرة
لأوّل مرّة يُشتَمُ و يُعَنَّف المحامي و الفنّانُ و الأستاذ و الشيخُ و الفتاة و الطفلُ و العجوزُ و الصحفيُّ و الحقوقيُّ و حتّى الأجنبيّ ، و يهونُ ذلك من أجل الحريّة

ماذا عسايَ أتذكّر و ماذا أسجّل ؟ أحداثٌ كثيرة وقعتْ لأوّل مرّة و العالم يُصوِّرُ مبهوتا يكاد لا يُصدّق. فهل في روعة الفعل الأوّل ما يمكن أن يجعله يُعادُ ؟ و هل إذا أعيدَ سيكون أروعَ ممّا كان ؟
حين تزدحم هذه التساؤلات في ذهني ، تحضرني قصيدة لمحمود درويش

إذا كان لي أن أعيدَ البداية

إذا كان لي أن أعيدَ البداية، أختارُ ما اخترتُ:وردَ السّياج
أسافرُ ثانية في الدّروب التي قد تُؤدِّي إلى قرطبهْ
أعَلِّقُ ظِلِّي على صخرتيْن
لتبني الطيورُ عُشًّا على غصن ظِلّي
و أكْسِرُ ظِلّي لأتْـبَعَ رائحة اللّوز
 و هي تطيرُ على غيمة مُتْربهْ
و أتعَبُ عند السُّفوح : تعالوا إليَّ اسمعوني
كُلوا من رغيفي، اشربوا من نبيذي
و لا تترُكوني على شارع العُمْر وحدي كصفصافة مُتعَبَهْ
أحبُّ البلادَ التي لم يَطأها نشيدُ الرّحيل
و لم تمتثل لـدَمٍ و امرأه
أحبُّ النّساءَ اللواتي يُخبِّئنَ في الشهوات
انتحارَ الخيول على عَتَبَهْ
أعودُ، إذا كان لي أن أعودَ
إلى وردتي نفسها و إلى خطوتي نفسها
و لكنّني لا أعودُ إلى قرطبه

Aucun commentaire: