dimanche 16 octobre 2011

النــغم الـرَّمـــز



مقالي الصادر بجريدة "المغرب " اليوم الأحد 16 أكتوبر2011

أحيَتْ بلادُنا يوم أمس 15 أكتوبر ذكرى الجلاء. يوم مشهودٌ من أيّام تونس الخالدة، امتزجت فيه العزّة بالألم و ما نيلُ العزّة إلاّ بالتضحيات الأليمة. معركة ارتوت فيها الأرض بدماء الشهداء و مادت السّماءُ بأرواحهم الزكيّة، و رجالٌ عاهدوا الوطنَ على الموت حبًّا، فعرّضوا صدورهم للرّصاص في سبيل خروج الأجنبيّ من الدّيار، فتحقّق الجلاء. الجميلُ في "تونس الجميلة" على حدّ تعبير الشابّي أنّنا كلّما ذكرنا الجلاء قفز إلى الأذن و القلب و الذاكرة نشيدُ "بني وطني " للرّائعة عليّة ، قصيدٌ جبّار للعملاق الفذ عبد المجيد بن جدّو و تلحين الشادلي أنور. فجاء العملُ قامة إبداعيّة سامقة كلمة و لحنا و أداءً ، فكان و لا يزال رمزا لذكرى الجلاء. و البديعُ أنّ الرّاحلة عليّة أدّت هذا النّشيد سنة 1961 أي سنة معركة الجلاء التي دارت في جويلية 1961 و رغم ذلك فقد ترفّع العمل عن كلّ أشكال الارتجال. لا أكتمكم أنّي و بحكم اختصاصي في اللغة العربيّة التي نذرتُ لها حياتي المهنيّة، قد همتُ هياما بهذه القصيدة. و لا زالت تعتريني قشعريرة لحظة سماعها بل إنّ فيها بيتا بعينه أذرف من لظاه الدّمعَ حارّا إلى اليوم رغم تقادم السّنين. قصيدة تأسرك بذاك الاقتدار العجيب في توظيف اللغة للصورة الشعريّة ذات الدّلالة العميقة، نَفَسٌ وطنيٌّ تسربل بوجدانيّة عالية، لا شكوى و لا انتحابَ على مَن قضوا نحبَهم بل اعتبار موتهم معراجا للحقّ في حياة كريمة. هذا نصّها:

بني وطني يا ليوثَ الصّدام و جندَ الفدا

نريد من الحرب فرضَ السّلام و ردَّ العدا

لأنتم حماةُ العرين أباة

نشدتم لدى الموت حقَّ الحياة

مدًا و مدَى و كنتم تريدون سُبْلَ النّجاة

و رُسْلَ الهدى

أردنا الحياة و رُمنا العُلا

و في حقّنا لا نخاف البلا

و من دمنا قد صبغنا رِدَا

رفعناه فوق البلاد لواء

فماس به الأفقُ حين بدا

فإمّا حياة و إمّا فلا

فلو كان للخصم رأيٌ سَدَاد

و عقلٌ يميل به للرّشاد

و يردعه عن ركوب الرّدى

لما اختار نهجَ الوَغَى و الجِلاد

و سالت هباءً دما الأبرياء

فإمّا حياة و إمّا فلا

و عن ثغر بنزرت نبغي الجَلا

فلسنا نعيش و نحيا سُدَى

فمغربُنا يا فرنسا غدَا

ينادي الجلاء، الجلاء الجلاء



اليوم مرّ أكثر من عشرة أشهر على ثورة الحريّة و الكرامة. ثورة أطاحت بعقدين و نيف من الجبروت و الاستبداد، ثورة تسير بتؤدة في طريق زلقة لتؤصِّل كيانَ التونسيّ الجديد، فماذا كُتِبَ فيها؟ و ماذا أنْشِدَ عنها؟ إنّي أهيبُ بأهل الأدب و الفنّ و الثقافة و الإبداع أنْ خَلِّدوا تاريخَ تونس و تضحياتها ففي عمر الأمم و الشعوب لحظاتٌ من ذهب وحده الإبداعُ يجعلها شعلة لا تخبو لتتّقدَ بها نارُ الإنسانيّة التوّاقة أبدًا إلى الحريّة.





3 commentaires:

Anonyme a dit…

si raw3a, kol ma nasma3ha n7ess fi rou7i ntir. kelimét 5arja mel 9alb ...

WALLADA a dit…

غير المعرّف

فعلا ، شكرا على التفاعل و مرحبا بك دائما

اخبار سياسية a dit…

تحية للشعب التونسى
ونسأل الرحمن لكم ولنا الصلاح و الرشاد