lundi 7 mai 2012

لعنة الهويّة

أفاق صباحا بإحساس غريب لا يشبه الصباحات التي ينهض فيها متوعّكا، تمطّى، طرطق عظام رقبته باحثا عن ألم فلم يجد، لا شيء يؤلمه لكنّه يشعر أنّ بجسده أمرا. أسرع إلى غرفة الاستحمام، استسلم إلى دفق الماء الدّافئ و أغمض عينيه، بالغ في رغوة الصابون حتّى انتابه عطاس، تألّب عليه البخار فتحوّط بمنشفة و خرج نشيطا ، غير أنّ الإحساس الذي نهض به لم يتغيّر. نفس الإحساس الغريب المربِك. حاول أن يسترجع سهرة الأمس فقصرت الذاكرة عن كلّ حدث و كأنّ الزمن بدأ هذا الصباح، حاول و استمات في المحاولة لكنّه لم يعد يذكر شيئا من تفاصيل حياته الماضية، لم يعد يعرف إلاّ هذا الشخص الحائر أمام مرآة غرفة النّوم. وقعت المنشفة أرضا فرأى جسده في المرآة، أطلق صرخة فزع و سقط يتلمّس بطنه. أين ذهبت صرّته؟ أيعقل أنّه وُلد بدون صرّة؟ فكيف وُلد إذن؟ أيقصد طبيا؟ سيخضعه لفحوصه المملّة، سيوثقونه إلى طاولة تجاربهم البائسة، لن يسمحوا له بالرّحيل، و سيرسلون في طلب الأجانب، غدا تتناقل المحطّات صوره و سيُجبَر على الوقوف عاريا أمام عدساتهم الوقحة... هل يلجأ إلى رجل دين و يطلب منه الأمان و المساعدة ؟ سيستعيذ منه رجال الدين، سيقولون إنّه مَسخٌ من عمل إبليس، قد يقتلونه أو يحرقونه ... قد يتلقفه بعض الشواذ أو عبدة الشيطان، قد يقدّسونه و يعبدونه، سيقولون إنّه هو الأوّل، هو الأب الصّانع، سيُثقلون حياته بالنّذور و الطقوس و التعاويذ، لن يُسمَح له بالخطإ البريء، سيُجبَر على البطش و لذة الأذى...
ما الحلّ؟   كيف سيعرف ؟ متى يستريح ؟
من هو ؟  ما جنسه ؟

...

الشعب.

4 commentaires:

CHAMS AL ASSIL a dit…

السؤال الحائر فكرة جميلة وباقية بقاء الإنسان !

الحلاج الكافي a dit…

الحمد لله ، تحسست صرّتي فوجدتها... كدت أخرج من الحمام و أنا أصيح "وجدتها وجدتها " إذا المرآة أخطأت حصر الصورة .. قد تخطئ المرآة أحيانا..

WALLADA a dit…

شمس الأصيل

شكرا على التفاعل و مرحبا

WALLADA a dit…

حلاّج يا صديقي المشاكس

و إذا المرآة أخطأت بأيّ أيد صُنعت

دمت