lundi 3 août 2009

حبّ الأخطبوط ... و ليته دام

أذكر فيما يشبه الحلم أوّل صدمة بين الواقع و النظريّة ، ارتطام الطفلة الساذجة بجدار صلب و ليتني اكتفيت بمرّة واحدة ، في كلّ مرّة وجه مشرق للنظريّة يغريني بالمرور مباشرة إلى التنفيذ و أنفّذ فينقلب العالم على رأسي فأزداد حيرة أين الخطأ ؟ في النظريّة أم في الواقع ؟ و على أيّامنا كانت قرارات المنع دون تفسير . لا و كفى ، ليس ضروريّا أن تفهم بل لعلّ طلب الفهم يعتبر آنذاك " فصاصة و صُحّة عين " فتصمت و لكن دون اقتناع و بداخلك حنق و ثورة و ضيق لو تسرّب خارج ذاتك لأحرق الأخضر و اليابس و لكن حبّك للأهل يثنيك ، نقطة ضعفك و مكابحك التي تحول دون انفجارك . و منذ ذلك الزمن أدركت أنّ الحبّ جبّار أكثر من الخوف . كم كانت طويلة تلك الليالي التي قضيتها ألوم نفسي و أعنّفها ليس على أخطائي فقط / و إن كنت على حقّ ... أو هذا ما كان يبدو لي / بل على أخطاء أشقائي أيضا ، كان هناك شيء يتبعثر في داخلي حين أرى أبي يغضب أو يتعكّر مزاجه ، و قد أترك سريري في الظلام و أتسلل إلى غرفته لأسترق منه قبلة و هو نائم . آه لو يعلم أنّها كانت قبلة المعتذر عن خطإ لم يرتكبه أو على خطايا غيره ... أستيقظ في الغد فإذا بكوب عصير البرتقال الطازج و حبّة الموز قرب سريري فأعلم أّنّ قبلة الأمس لم تذهب سدى فأستكين لهذا الصلح الرقيق و ترتاح نفسي أيّاما ثمّ لا تلبث أن تحنّ لتجربة جديدة . كان يربكني الصراع . حوار طفلة في الحادية عشر مع المحيط و التقاليد و الجائز و الممنوع مع الأصدقاء و المطامح و كلّ جديد .
حدّثنا المعلم مرّة عن قيمة الصّداقة و أثرها في تكوين الشخصيّة ، حديثه كان كافيا لأمرّ مباشرة إلى التنفيذ . مع جرس المغادرة كانت الفكرة قد استوت في ذهني ، كلّ الأطفال انطلقوا إلى بيوتهم إلاّ أنا فقد قرّرت زيارة صديقتي جازية الغائبة عن القسم منذ يومين ، ما كان يفصل بين بيتينا سوى زقاق واحد و أبوانا صديقان و ليس لها إخوة ذكور و لكنّ كلّ هذا لم يقلّل من حجم الكارثة : التصرّف دون إذن و التأخّر عن موعد العودة بساعة و نصف . كان شقيقي بانتظاري عند الباب " بابا متحلّف فيك " هكذا كنّا ، نضطلع بدور المرصد إذا لاح خطر في الأفق لنهتدي إلى الحلّ ، بالنسبة لي كان الحلّ سهلا : نصف إيماءة لشقيقي الأكبر كي يتقمّص دور الأب و يتظاهر بلومي و تقريعي فيتدخّل صاحب القلب الكبير " شمدخّلك فيها ؟ كي نموت أنا أعمل الذي تحبّ " فأرتمي و أحتمي و أختفي في الحضن الدافئ و أعتذر فيُقبل اعتذاري على الفور . يا لهذا الجبل من الحنان ما ألطف شعابه و ما أغزر معينه .و كذلك كان الأمر بالنسبة لأشقائي مع أوّل سيجارة دخنوها ، مع أوّل سهرة تأخّروا فيها ... كان ذلك العفو المتدفّق في وعي بمشروعيّة التجربة ما يأسرنا جميعا و يمنعنا من الهفوة ، حبّ ذلك القلب الكبير ، ذلك العملاق المتجهّم قليل الكلام كان يأسرنا بحسناته و يفاجئنا ، تخفي عنه أنّك تدخّن فيُهديك علبة سجائر ، تطلب منه مبلغا فيعطيك الضّعف ... فترتبك و تعود باللوم على نفسك حتّى و إن لم تفعل شيئا . حبّ أخطبوطيّ كثير المواهب تصل أصابعه للجميع دون تمييز فتحضن و تروي حتّى إن سرّحتك فأنت لا تبتعد كثيرا ، لك شاطئ هنا يمكنك العودة إليه ساعة تشاء لتنعم بظلّه . أين أنا منه اليوم ، ردمته الصّخور القاسية و صار ماؤه أجاجا و هجر الأخطبوط إلى العمق السّرمد . فليسبح بسلام
.

9 commentaires:

ETC...ثم a dit…

يا ولاّدة حممتلي قلبي و تخيلت بناتي الزوز و آنا نربّي و نورّي و نخاصم ، الله يهديك

WALLADA a dit…

عنصر

ربّي يفضّلهم لك و لكن نصيحة منّي أعطيهم وجه المحبّة أكثر ملّي تورّيهم وجه الصّعب ، بالمحبّة تملكهم و بالخصام تنفّرهم

الحلاج الكافي a dit…

رحم الله عّا القلب الكبير...لقد أورثك ما جلب له كل الإحترام فطوبى له من والد

WALLADA a dit…

الحلاج

شكرا لك يا صديقي على الكلمات المؤثرة

khanouff a dit…

J'ai beaucoup aimé!

WALLADA a dit…

@ Khan

Merci

brastos a dit…

جميل جدا

WALLADA a dit…

براستوس

شكرا يا فنّان

Je ne sais pas qui je suis a dit…

avec un peu de retard mais sans pouvoir me retenir ou retenir des larmes qui se rappelaient une absence que j'ai jamais cru supporté, comme le monde est petit et comme les petites histoires se répètent dans d'autres temps et d'autres lieux....Mais elles se ressemblent...