dimanche 22 novembre 2009

الأشواق التَّـائِـهَـة

بقيتْ " الأشواق التائهة " لأبي القاسم الشابّي قصيدة شبه مجهولة لم تحْضَ بشهرة " نشيد الجبّار" أو" الصّباح الجديد " أو " الجمال المنشود " و غيرها من القصائد التي حفضناها و ردّدناها . غير أنّ النقّاد أجمعوا على أنّ هذه القصيدة و بصفة عجيبة تتداخل فيها كلّ الأنغام المُؤلّفة للدّيوان و تنعكس فيها كرجع الصّدى . أنت حين تقرأها تندَسُّ في شعاب العالم الشعري و يتأكّد لك أنّها مفتاح من مفاتيح الدّيوان و مدخل من مداخله الرّئيسيّة فيها تجتمع ملامح تجربة الشابّي الإبداعيّة . في الحقيقة اكتشفت القصيدة مؤخّرا رغم مطالعتي للدّيوان أكثر من مرّة ، و كأنّي بالسَيَّابْ يشكو ظلم الأهل و القدر أو لكأنّي بعمر الخيّام يتبرّمُ بضيق الحياة و جهل النّاس رغم الفرق الشاسع بين المدارس الشعريّة للثلاثة .

في القصيدة غُربَة تتجلّى حالة وجدانيّة و موقفا مذهبيّا تشكّلت من خلاله معالم التقابل بين الموجود و المنشود و مراوحة بين معجمَيْ النور و الظلمة . اخترت نشر مقاطع من هذه القصيدة لكلّ أحبّاء شاعر تونس أبي القاسم الشابّي

يــا صَميمَ الحياة إنّـي وَحيــدٌ ~ مُـدْلِـجٌ تـائهٌ فـأيْنَ شُـرُوقُـكْ
يَـا صَميـمَ الحياة إنّـي فـؤَادٌ ~ ضائِـعٌ ضامِئٌ فـأيْنَ رَحِـيقُـكْ
يَـا صَميـمَ الحياة قـدْ وَجَــمَ ~ النَّـايُ وغَامَ الفَضَا فأينَ بُرُوقكْ
يَـا صَميمَ الحياة أيْـنَ أغانيكَ ~ فـتحتَ النّجُومِ يُصْغِي مَشُوقُـكْ

~~~~~~~~~~~

كنتُ في فجركَ المُوَشَّحِ بالأحْــ ~ ــلامِ عِطرًا يَرِفُّ فوق وُرُودِكْ
حَالِمًـا يَنْـهَلُ الضّيَاءَ و يُصْـغي ~ لـكَ في نَشْـوَة بِوَحْـيِ نَشيـــدِكْ

~~~~~~~~~~~~

ثمّ جَـاءَ الدُّجَـى ... فأمْسَيْـتُ أوْرَا ~ قًـا بِـدَادًا من ذابِـلاتِ الوُرُودِ
و ضَبَـابًا من الشَّـذَى يَتَـلاشَـى ~ بين هَوْل الدُّجَى و صمت الوُجُودِ
كنتُ في فجركَ المُغَلّفِ بالسِّحْرِ ~ فضَـاءً من النّـشيـدِ الهَـادِي
و سَحَـابًا من الرُّؤَى يَتَـهَـادَى ~ في ضميـر الآزَالِ و الآبَــادِ
و ضِيَـاءً يُعَـانقُ العالَـمَ الـرَّحْــ ~ ــبَ و يَسْرِي في كلِّ خَافٍ و بَادِ
و انقضَى الفجْرُ ...فآنحَدَرْتُ من الأفْـ ~ ــقِ تُرابًا إلى صَميمِ الـوَادِي
~~~~~~~~~~~~~

يَـا صَميمَ الحياة كَـمْ أنا غَـريبٌ في الدُّنْـ ~ ـيَا غَـرِيبٌ أشْقَى بغُرْبَـة نفسِي
بيْنَ قَــوْمٍ لا يَفهَمُـونَ أنَـاشِــيــــ ~ ــــدَ فُـؤَادِي و لا مَعَـانيَ بُــؤْسِــي
في وُجُــودٍ مُكَبَّــلٍ بـقُـيُــــودٍ ~ تَـائِـهٍ في ظَـلامِ شَـكٍّ و نَــحْـسِ
فـاحْتَـضِنِّـي و ضُـمَّـنِي لكَ كالمَـا ~ ضِي فهذا الوجودُ عِـلّة يَـأسِـي

9 commentaires:

محمّد الخامس بن لطيّف a dit…

مشكورة لتذكيرنا بهذا النصّ الجميل...والذي زاده التقديم جمالا واقترابا منّا

bent 3ayla a dit…

شكرا ولادة. لا اذكر اني قرأت هذا القصيد من قبل رغم اطلاعي على ديوان الشابي في عدة مناسبات
خسارة مات قبل وقتو، و لازال الاموات الاحياء بيننا

WALLADA a dit…

محمّد الخامس

بنت عايلة



كلّ الشكر لكما على التفاعل و التعليق

Téméraire a dit…

Merci, tu me fais redécouvrir ce poème que j'ai déjà lu sans trop l'apprécier comme cette fois-ci.

WALLADA a dit…

@ Téméraire

je vous en prie ;

Unknown a dit…

Joli blog!
Venez lire mes articles (à propos du monde arabe, du cinéma et de plein d'autres choses encore) sur mon blog:
http://utopia-666.over-blog.com
Merci beaucoup!

WALLADA a dit…

@ Lamin

bien venue

j'ai visité votre blog, joli travail .

Anonyme a dit…

شكرا على اختيارك لهذا القصيد .. تبقي ديمة ولادة في فضاء التدوين

WALLADA a dit…

غير المعرّف

كلّ الشكر لك على التعليق اللّطيف