jeudi 3 décembre 2009

ذكريات كالرّمال المُتحرّكَة


منذ سنين حين ارتميتُ في التجربة التعليميّة كان يدفعني حماس الشّباب أن أغيّر ما بالقوم و لو قسطا ضئيلا. لم يكن التوجّه إلى التدريس حادثا عَرَضيّا أو صدفة أو اضطرارا بل كان اختيارا بملء الإرادة و التصميم. و منذ ذلك الحين انطلقت ، كانت تجربة طويلة و ثريّة ، ليست أطول من تجارب الآخرين أدرك ذلك لكنّها كانت ثريّة.

غريبة هذه المهنة، بقدر ما تُمتِعُكَ بلذّة اكتساب المعرفة و إنارة عقول الآخرين بها بقدر ما تتكَشَّفُ لك حقيقة أنّك لستَ المصدر الوحيد و أنّ لا أحد يمتلك الحِكمة. و يكمنُ السّحرُ كلّ السّحر في مُتغيَّرِها. كلّ ما فيها مُتغيِّر أنتَ و البرامج و أساليبُ تعَلّميَّة المَادَّة و التوجّهات و قوانين الامتحانات و ميولات التلاميذ و مواقف الأولياء و أولويّاتهم و النّظام العالميّ يُحرّك الجميع. فلا قرارَ لكَ. كلّما مَنَّيْتَ نفسكَ بالاستراحة تَركُنُ فيها إلى هدوء فكرك حَدَثَ ما يَرُجُّ الأرض تحت قدميك و إذا بك تعود إلى لِهاثِكَ تركض خلف الاطّلاع و المواكبة و إلاّ فمكانُكَ المُتحف و قهقهة الأجيال الجديدة.

في العشريّة الأولى تمَلّكَني شعور لذيذ بأنّي أشبه المُبشّرين الذين يحملون قيما و حضارة جديدة. ثمّ صار لِزامًا أن أستعينَ في أدائي بالمسرح و الهزلي منه بالذات عَلَّ المعلومة تجد لها نَفَـقًا إلى ذهن المُتلقّي. أمّا في السّنوات الأخيرة فالأمرُ استحال إلى ما يشبه المُهمَّة في مَلجإ للإغاثة، في هذه اليد كتاب و في الأخرى " مَشْرَطٌ " أو " مادّة مُسكّنَة " و أنتَ لا تدري أتسَكِّنُ آلامَ مريضكَ " لعلّ الله يجعل لكما من أمركما رَشَدَا " أمْ تستخدم مشرطكَ و تستأصِلُ الدّاء و قد" يموتُ" مريضكَ بين يديك إذ لا احتمالَ له على الجِراحَة
.

7 commentaires:

WALLADA a dit…

إلى غير المعرّف

ساعد على صحّتك موش باهيلك التنرفيز

...

آه ، شيء آخر قبل ما ننسى... أنا لا ألتفت إلى طواحين الهواء

illusions a dit…

عالم التدريس بقدر ما هو متعة هو ايضا معانات مستمرة.بين حلم البداية و واقع الوضع و البرامج و تلك الاوراق الخارجة عن البرنامج.حلم ان تصنع جيلا مفكرا,ناقدا,فخورا بنفسه و هويته لكن تصدمك كثير الاشياء من هذا الطفل المراهق الذي لا يستجيب,او من اطار هو نفسه بحاجة لمن يزلزل جبال الركود التي تعشش فيه, لكن رغم ذلك,كم تكبر الفرحة عندما تجد جزءا مما رسمت قد ترسخ,و انك لم تكتف طيلة سنوات بالنقش على صخر و ان الامواج او الرياح لم تستطع ان تمحو آثاره

brastos a dit…

اللا توافق و اللا إنسجام اللي يصير بين حرارة و حماس المعلّم/الاستاذ ، المربّي عموما ، و بين برود و لامبالاة المتعلّم/المتلقّي خطير برشه عليهم الزّوز

Anonyme a dit…

من الواضح ربط القناعات الشخصية مع العمل
لا يمكن ذلك وفق المعايير الضيقة
العمل برنامج مسطر يطبق ...هنا إستنباط الطريقة حسب الحالة و إلا وقع المرء ف الفخ

WALLADA a dit…

@ illusions

متفقة معك تماما و أحمد الله أنّي تذوّقت تلك المتعة حين شاهدت بعض تلاميذي قد حقّق حلمه و حلمي فيه

WALLADA a dit…

براستوس

فعلا و كلّ لامبالاة خطيرة على العلاقات الإنسانيّة و لكن تجدر الإشارة أيضا أنّ لفت انتباه المراهق و إقناعه بأهميّة المعرفة، هذه دربة و موهبة و مقدرة لا تتأتّى لكلّ المدرّسين مع احترامي لكافّة الزملاء فمنهم من يقدّم حصّة لا روح فيها و كأنّه يخاطب نفسه و لا داعي أن أتوغّل في التفاصيل

WALLADA a dit…

غير المعرّف

رأيك سليم تماما و أتّفق معك
مرحبا بك