samedi 29 mai 2010

راكْ ما تعرفنيش شكون

آلاف العباد يكلّمو بعضهم كلّ يوم

و فيهم الّي يعرفو بعضهم من سنين

يكفي باش يتعاركو زوز باش واحد منهم يقول للاخر : ماكش عارف مع شكون تتكلّم راك

المصيبة أنّه يعرفه مليح أما هو شادد صحيح إلّي صاحبه ما يعرفش مع شكون قاعد يتكلّم

يزيد يقدّم معاه خطوة في العركة و يسبّه

وقتها يقلّه : آه ردّ بالك هاك بديت تغلط ، راك ما تعرفنيش شكون

يوخّر و يقدّم لاخر و يضربه

يولّي صاحبنا يتذوبل و يشهّد في العباد

و هو يقول : تضرب فيّ ماو ؟ إشهدو عليه ، و الله ما تمشيلك مانعة . / و يقف غادي / و يبدا يلوّج في شكون يسامحهم على بعضهم

كان ما يلقاش ، يمشي ، و كيف يبعد ، إذا كانو معاندي أهوك يقول سَبَّة والا زوز

............................................

كاينّي سمعت شيْ قديم يشبّه لهذا ، الحكاية عندها قرون و الّي يقولو فيها مازالو ما أيّسوش

ملّي بدات تظهر الأطماع الاستعماريّة ، جماعة يَضربو و جماعة يقولولهم : و الله لا تمشيلكم مانعة ، ما تعرفوناش أحنا شكون ، كان ندعيو عليكم توّا تمشيو غَـبْرَة .

خَــــرِّفْ

mercredi 26 mai 2010

رحلوا في صمت 1 : خليل حاوي .. شاعر المنفى الحزين

    بيروت 1919 - 1982
درس في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشرة حين مرض والده فاضطر إلى
احتراف مهنة البناء ورصف الطرق، وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف كان كثير القراءة والكتابة ونَظَم الشعر الموزون والحرّ بالفصحى والعامية.

علَّم حاوي نفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية حتى تمكن من دخول المدرسة ثم الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج منها بتفوق مكنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية فنال منها شهادة الدكتوراه. وعاد بعدها إلى لبنان ليعمل أستاذا في الجامعة التي تخرج فيها واستمر في هذا العمل حتى وفاته.

منذ بداياته بدا شعر خليل حاوي وكأنه قد (أدخل رعشة جديدة على الشعر)العربي، كما قال فكتور هيغو عن شعر بودلير.

فقد ابتعد حاوي عن ارتياد الموضوعات الوصفية والمعاني والصور المستهلكة في شعره واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره.



كانت الرموز قوام شعره ، وهي رموز حسية ونفسية وأسطورية وثقافية. كما عرف شعره الرموز المشهدية التي ضمت في قلبها رموزًا متعددة ومتوالدة. ومع دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت لم يتحمل الشاعر خليل حاوي ما رآه فأطلق النار على راسه في منزله في شارع الحمرا في بيروت فتوفي منتحراً.

نشرت سيرته الذاتية بعنوان رسائل الحب والحياة وذلك بعام 1987.

 من دواوينه

نهر الرماد عام1987

الناي والريح عام 1961

بيادر الجوع عام 1965

ديوان خليل حاوي عام 1972

الرعد الجريح عام 1979

من جحيم الكوميديا عام 1979

ما زال انتحار الشاعر خليل حاوي غداة الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982 سراً يتوّج حياته وشعره في آن واحد. قيل الكثير عن هذا الانتحار وأعاده بعضهم الى الهزيمة العربية الجديدة بُعيد الاجتياح، لكنّه لا يزال عصياً على التفسير وغامضاً أو ملغزاً. وما يزيد من غموضه أن الشاعر حاول الانتحار مرتين أو ثلاثاً في سنواته الأخيرة وفشل. وكان في تلك السنوات وحيداً جداً، خائباً خيبات عدة، شخصية وقومية، متوتراً ومتألماً لأسباب شبه مجهولة. وكان بدأ يلمح طيف الشيخوخة يلوح في الأفق المغلق، مهدداً إياه، هو الشاعر النبيل والمترفّع.

قد يُظلم خليل حاوي إن فُسّر انتحاره تفسيراً سياسياً وقومياً فقط. الخيبة السياسية سبب ضئيل من أسباب أخرى تراكمت حتى أغلقت كلّ المنافذ في وجهه. وجاء الاجتياح ذريعة أخيرة لينهي شاعر «نهر الرماد» حياته. خرج الى الشرفة وأطلق النار على نفسه. طبعاً لم يكن خليل حاوي قادراً على أن يبصر جيش العدو «يختال» في شوارع بيروت. كانت تلك اللحظة بمثابة الشرارة التي ألهبت النار في تلك الروح المهيضة.

كتبت القاصة العراقية ديزي الأمير التي كانت حبيبة خليل حاوي خلال سنوات، إنه كان يعاني مرض «الصرع». بعض الأهل والأقارب كانوا يقولون إن ورماً في الرأس كان يوقعه في حالات من التوتر والألم، وكان من الصعب إزالته بجراحة. مثل هذه الأقاويل لم تكن إشاعات مع أن الشاعر العزيز النفس لم يكن يبوح بها لأحد مؤثراً مواجهة المرض وحيداً ومكابراً. لكنّ قصائده القصيرة التي كتبها قبيل سنة أو سنتين من رحيله المأسويّ تشهد على ما كان يلمّ به من أزمات نفسية وقلق وأرق وكآبة وخيبة… وأولى تلك الأزمات تمثلت في عجزه عن الكتابة وكأنه كان يشعر في طويته ان الشعر خانه واللغة خانته: «فاتني الإفصاح/ أدركت محاله…» يقول. أزمة الورقة «البيضاء» التي آلمت كثيراً شاعراً فرنسياً هو ستيفان مالارمي عاشها خليل حاوي في أيامه الأخيرة، هو الذي كان شديد الإعجاب بهذا الشاعر ودرّس في الجامعة نظريته «الخلق من عدم». وحلّت هذه الأزمة في مرحلة مأزومة من حياته. فالشاعر الذي أضحى سريره «من إبر» كما يقول، بات «يبلو طوال الأمسيات السود/ صمتاً يتلوّى، صرعة تطول». يا لهذه الليالي التي عاشها خليل حاوي وحيداً، مهيضاً، خائباً، صامتاً… حتى صراخه أصبح كتوماً، أخرس، لا يسمعه أحد، لا من قريب ولا من بعيد: «طال صمتي/ مَن تُرى يسمع صوتاً صارخاً/ في صمته/ يسمع صوتي؟»، يقول أيضاً في إحدى القصائد الأخيرة. وكان من الطبيعي أن يهجس الشاعر بالانتحار، في غمرة هذه المأساة المتعددة الوجوه، مأساة الجسد والروح، مأساة الشعر والوجود، مأساة الحياة والقدر… لم يبق لدى الشاعر ما يحلم به، لم يبق من أمل ولو ضئيل. خانته المبادئ العليا، خانته العروبة وخانه الشعر وخانه الوطن والجسد والروح. ولم يبق أمامه إلا ليقول: «فلأمت غير شهيد/ مفصحاً عن غصّة الإفصاح/ في قطع الوريد…». كم تعبّر هذه الأسطر الشعرية عن مأسوية الحال التي بلغها الشاعر، ذلك «السندباد» الذي خذله العبث والعدم بعد جولته الطويلة في ليل النفس والوجود. الشاعر التموزي خذلته أيضاً «شمس الحصيد» وحطمت الريح نايه الحزين. وها هو «العازر» يرفض الحياة والقيامة ويسقط في قبره يائساً وموحشاً: «عمّق الحفرة يا حفار…».

في الذكرى الثامنة والعشرين لرحيل خليل حاوي لا بد من طرح سؤال ملحّ: ماذا بقي من شاعر «نهر الرماد»؟ هذا السؤال طُرح كثيراً من قبل وكانت بعض الأجوبة عليه قاسية. الشعراء العرب الشباب نادراً ما يقرأون خليل حاوي، بل إن بعضاً من هؤلاء يعتبرون أنّه دخل «متحف» الحداثة والعروبة منذ أن انطوت «صفحة» القومية العربية وغدت نتفاً من الذكريات. شعراء آخرون ينتقدون مشروعه الشعري «الحضاري» الذي طالما ناءت به قصائده، حتى أمست قصائد أفكار ومواقف لا علاقة لها بالحياة والذات الانسانية. ويأخذ شعراء «تفعيليون» على شعر خليل حاوي رتابته الايقاعية وثقله الموسيقي وخلوه من الرقة والغنائية… هذه آراء يصعب تجاهلها اليوم خصوصاً بعدما أصبح حاوي بلا مريدين ولا تلامذة وبعد أن يكاد أثره يختفي من المعترك الشعري الراهن. أضحى حاوي حاضراً في أذهان فئة من النقاد الأكاديميين، وبعضهم درسوا عليه جامعياً، أكثر من حضوره في وجدان الشعراء الشباب.

لكن انحسار ظلّ خليل حاوي شاعراً قد لا يكون مأخذاً عليه، فهو واحد من الشعراء الذين رسخوا ثورة الشعر الحديث، وقد ابتدع لغته ورموزه ومشروعه الشعري – الحضاري الخاصّ متأثراً بشعراء عالميين كبار. ويجب عدم تناسي وجهه الآخر المضيء وجه الناقد الحصيف والعميق والمثقف. وأعماله النقدية التي أفاد منها طلابه الكثر تندّ عن وجهه هذا. ودراسته الأكاديمية عن جبران هي من أهم المراجع النقدية في الحقل الجبراني.

إلا أن أجمل قصيدة كتبها خليل حاوي قد تكون انتحاره. هذه القصيدة الرهيبة التي كتبها بالدم والنار جعلت منه رمزاً بل جعلت منه ذلك «البطل» الذي كثيراً ما تغنى به في شعره وكثيراً ما حنّ اليه، «البطل» الذي لا ينتصر فقط على عاهات الحلم القومي العربي بل على عاهات الزمن نفسه. ولعل خليل حاوي انتصر في انتحاره حقاً على كل العاهات التي اعترته واعترت الوطن الذي حلم به. وقصيدة الانتحار هذه لا تقلّل من قوة قصائده الأخرى، بل تزيدها متانة ونزقاً.

يقول الشاعر الألماني نوفاليس: «الفعل الفلسفي الحقيقي هو الانتحار». وانتحار خليل حاوي لا يمكن أن يُقرأ إلا فعلاً فلسفياً حقيقياً، فعلاً شعرياً حقيقياً.


دَاري التي أَبحرتِ غرَّبتِ معي,



وكنتِ خيرَ دارْ



في دوخةِ البحارْ



وغربةِ الديارْ,



والليلُ في المدينهْ



تمتصُّني صحراؤُه الحزينهْ



وغرفتي ينمو على عَتْبَتِها الغبارْ



فأَبتغي الفرارْ,



أَمضى على ضوءٍ خفيٍّ



لا أَعي يقينَهْ



فتزهر السكينهْ



وأَرتمي والليلَ في القطارْ



***



رِحلاتيَ السبعُ وما كنَّزْتُهُ



مِنْ نعْمةِ الرحمانِ والتجارَهْ



يومَ صرعت الغُولَ والشيطَانَ



يومَ انشقَّتِ الأكفانُ عنْ جسمي



ولاحَ الشقُّ في المغارهْ,



رَوَيْتُ ما يَرْوُونَ عنِّي عادةً



كَتَمْتُ ما تعْيَا لهُ العِبارَهْ



ولم أَزَلْ أَمضى وأَمضى خلْفَهُ



أُحسُّهُ عندي ولا أَعيهِ



وكيفَ أَنساقُ وأَدري أَنني



أَنساقُ خلف العري والخسارَهْ



أودُّ لو أَفرغتُ داري عَلّهُ



إن مرَّ تُغْويه وتدَّعيهِ



أُحسُّه عندي ولا أَعيهِ.



( 2 )



وكان في الدارِ رواقٌ



رَصَّعَتْ جدرانَهُ الرسومْ



موسى يَرى



إزميل نارٍ صاعقَ الشرَرْ



يحفرُ في الصخْرِ



وصايا ربِّهِ العَشَرْ:



اَلزفتُ والكبريتُ والملحُ على سَدُومْ.



هذَا على جدارْ



على جدارٍ آخرٍ إطارْ:



وكاهنٌ في هيكلِ البعْلِ



يُرَبِّي أُفعُوَانًا فاجرًا وَبُومْ



يَفْتَضُّ سرَّ الخصبِ في العَذَارى



يهلِّلُ السكارى



وتُخصبُ الأرحامُ والكرومْ



تُفَوِّرُ الخمرةُ في الجِرَارْ.



على جدارٍ آخرٍ إطارْ:



هذا المعَرِّي,



خلف عينَيْهِ



وفي دهليزِهِ السحيقْ



دنياهُ كيدُ امرأَةٍ لم تغْتسِلْ



من دمِها, يشتمُّ ساقَيْها وما يُطِيقْ



شطَّي خليجِ الدنسِ المطليِّ بالرحيقْ



تكويرةُ النهدينِ من رغوتِهِ



وسوسنُ الجباهْ,



اَلمجرمُ العتيقْ



والثمرُ المرُّ الذي اشتهاهْ.



***



من هذه الرسومْ



يرشحُ سيلٌ



مثقلٌ بالغَازِ والسمومْ



تمتصُّهُ الحيَّةُ في الأنثى



وما في دمها من عنصر الغَجَرْ



والنِمرُ الأعمى وحمَّى يدهِ



في غَيرةِ الذكَرْ:



"لوركا" و"عُرسُ الدمِ" في إسبانيا



وسيْفُ ديكِ الجِنِّ يوم ارتدَّ من حماهْ



اَلعُنُقُ العاجِيُّ نهْرٌ أَحْمَرٌ



يا هولَ ما جمَّدَهُ الموتُ على الشفاه.



هذا الدمُ المحتقنُ الملغُومُ في العُروقْ



تعضُّهُ, تكويهِ ألفُ حُرْقَهْ



وفي حنايا دَرَجٍ



في عَتْمَةِ الأَزقَّهْ



حشرجةٌ مخنوقةٌ وشهقَهْ.



***



عاينتُ في مدينةٍ



تحترفُ التمويهَ والطهاره



كيف استحالتْ سمرةُ الشمسِ



وزهوُ العمرِ والنضارهْ



لغصَّةٍ, تشنُّجٍ, وضيقْ



عبرَ وجوهٍ سُلختْ من



سورها العتيقْ,



عاينتُ في الوجوهْ



وجهَ صبيٍّ ناءَ بالعمرِ



الذي أتلفَهُ أبوهْ



وأَطعمَ الجوعَ من الأفيونِ



رؤْيا خلَّفتهُ يعلكُ اللِّجامْ



وبعدَ حينٍ يحمدُ الصيامْ.



مدينةُ التمويهِ والطهارهْ



مدينةُ (...) تستفيقْ



فتبصرُ الأدغالَ تغْزو سورَها العتيقْ



وتبصرُ الحجارَهْ



تفرُّ في الطريقْ



ومن كهوفٍ شبعتْ مرارَهْ



تفورُ قطعانٌ جياعٌ



ليسَ يرويها سوى التدمير والحريقْ



***



هذا الدمُ المحتقنُ الملغومُ في العروقْ



( 3 )



بَلَوتُ ذلك الرِّوَاقْ



طِفلاً جَرَتْ في دمهِ الغازاتُ والسمومْ



وانْطَبَعتْ في صدرِهِ الرسومْ



وكنتُ فيه والصحابَ العتاقْ



نرفِّهُ اللؤْمَ, نحلِّي طعْمَهُ بالنفاقْ



بجُرْعةٍ من "عَسَلِ الخليفَهْ"



"وقهوة البشيرْ"



أُغَلِّفُ الشفاهَ بالحريرْ



بطانةِ الخناجرِ الرهيفَهْ



لحلوتي لحيَّةِ الحريرْ



***



سلَختُ ذاكَ الرِّواقْ



خلَّيتْهُ مأْوى عتيقًا للصحابِ العِتاقْ



طهّرْتُ داري من صدى أشباحِهِمْ



في الليل والنهارْ



من إلِّ نفسي, خنجري,



لِيني, ولينِ الحيَّةِ الرشيقَه,



عشتُ على انتظارْ



لعَلّهُ إن مَرَّ أُغويهِ,



فما مرَّ



وما أرسلَ صوبي رعدَهُ, بروقَهْ.



طلبتُ صحوَ الصبح والأمطَارَ, ربِّي,



فلماذا اعتكرتْ داري



لماذا اختنقَتْ بالصمتِ والغُبارْ



صحراءَ كلسٍ مالحٍ بَوَارْ.



وبعدَ طعْمِ الكلسِ والبَوَارْ



اَلعَتْمَةُ العَتْمَةُ فارَتْ مِنْ



دهاليزي, وكانت رَطْبةً



مُنْتِنَةً سخينَهْ



كأَنَّ في داري التقَتْ



وانسكبَت أَقنيةُ الأوساخِ في المدينَهْ,



تَفُورُ في الليلِ وفي النهارْ



يعُود طعْمُ الكلس والبَوَارْ



وذاتَ ليلٍ أرْغَتِ العَتمةُ



واجترَّتْ ضلوعَ السقفِ والجدَارْ,



كيف انطوى السقفُ انطوى الجدارْ



كالخرقةِ المبتلَّةِ العتيقَهْ



وكالشراعِ المرتمي



على بحارِ العَتْمَةِ السحِيقَهْ,



حفُّ الرياحِ السودِ يُحْفيهِ



وموجٌ أَسودٌ يعلِكُهُ,



يرميهِ للرياحْ,



أغلقتِ الغَيْبوبةُ البَيْضاءُ عَيْنَيَّ



تركتُ الجَسدَ المطحونَ



والمعْجونَ بالجراحْ



للموجِ والرياحْ



( 4 )



في شاطىءٍ من جُزُرِ الصَّقيعْ



كنتُ أَرى فيما يَرَى المُبَنَّجُ الصريعْ



صحْراءَ كلْسٍ مالحٍ, بَوارْ,



تمرجُ بالثلجِ وبالزهرِ وبالثِّمارْ



داري التي تحطَّمَتْ



تنهضُ من أَنقاضِها,



تختلِجُ الأخشابُ



تلْتمُّ وتحيا قُبَّةً خضراءَ في الرَّبيعْ



لن أَدَّعي أَنَّ ملاكَ الربِّ



ألقى خمرةً بكرًا وجمرًا أخضرًا



في جسدي المغْلُولِ بالصقيعْ



صفَّى عروقي من دمٍ



محتقنٍ بالغَازِ والسمومْ



عن لوحِ صدري مسحَ



الدمغَاتِ والرسومْ,



صحوٌ عميقٌ موجُهُ أُرجوحةُ النجومْ.



لن أَدَّعي, ولستُ أَدري كيفَ,



لا, لعَلَّها الجراحْ,



لعلَّهُ البحرُ وحفُّ الموجِ والرياحْ



لعلَّها الغَيْبوبةُ البيضاءُ والصقيعْ



شدَّا عروقي لِعُروقِ الأرضِ



كانَ الكفنُ الأبيضُ درعًا



تحتَهُ يختمرُ الربيعْ,



أَعشبَ قلْبي,



نبضَ الزنبقُ فيهِ,



والشراعُ الغَضُّ والجناحْ,



طفل يغَنّي في عروقي الجهلُ,



عريانٌ وما يُخلجني الصباحْ,



اَلنبضةُ الأولى,



ورؤْيا ما اهتدت للَّفظِ



غصَّتْ, أَبرقتْ وارتعَشَتْ دموعْ



هلْ دعوةٌ للحُبِّ هذا الصوتُ



والطيفُ الذي يلْمعُ في الشمس



تجسَّدْ واغْترفْ من جَسَدي



خبزًا وملْحًا,



خمرةً ونارْ,



وحدي على انتظارْ



أفرغتُ داري مرة ثانيةً



أَحيا على جمرٍ طريٍّ طَيبٍ وجوعْ



كأَنَّ أَعضائي طيُورٌ



عَبَرَتْ بحارْ



وحدي على انتظَارْ



( 5 )



في ساحة المَدينهْ



كانَتْ خُطَاها



زورقًا يجيءُ بالهزيجْ



من مَرَحِ الأمواجِ في الخلِيجِ



كانَتْ خُطَاها تكسرُ الشمسَ



على البلَّورِ, تسقيهِ الظلالَ



الخضرَ والسكينهْ,



لمْ يَرَها غيري تُرَى



في ساحةِ الْمدينَهْ?



لم تَرَها عينٌ من العُيونْ.



اَلعُمرُ لن يقولْ



يا ليتَ من سنينْ



ملءُ دمي وساعدي



أَطيَبُ ما تزهو به الفصولْ



في الكرم والينْبوعِ والحقولْ,



اَلعُمرُ لن يقولْ



يا ليتَ من سنينْ.



( 6 )



داري تعاني آخرَ انتظارْ



وقعُ الخطى الجَريئهْ



تُفتِّقُ المرجانَ والمرجَ



بأَرض الدارِ والجدارْ,



مرآةَ داري اغتسلي



من همِّكِ المعْقودِ والغُبارْ



واحتفلي بالحلوةِ البريئهْ



كأَنها في الصبحِ



شُقَّتْ من ضلُوعي



نبتتْ من زنبقِ البحارْ



ما عكَّرَ الشَّلالَ في ضحكتها



والخمرَ في حلْمَتِها



رعبٌ من الخطيئهْ



وما دَرَتْ كيْفَ تروغُ الحيَّةُ



الملْساءُ في الأقبيَةِ الوَطيئهْ,



اِحتفلي بالحلوَةِ البريئهْ



بالصحوِ في العيْنَيْنِ,



ما صحوُ الشعاعِ الغَضِّ



عَبْرَ النبعِ والثلوجْ,



بالصدرِ والخصرِ,



ترى ما تربةُ المسكِ



طريًّا دافئًا



ما بيْدرُ الحنطةِ والمروجْ



ما سُمْرةُ الصَّيْفِ على الثمارْ



ما نكهةُ البهارْ



ما كلُّ ما رَوَيْتْ



خلَّيْتُ للغَيرِ كنوزَ الأرضِ



يكفيني شبِعْتُ اليومَ وارتَوَيْتْ,



اَلحلوة البريئهْ



تُعْطي وتدري كلَّما أَعطَتْ



تَفُورُ الخمْرُ في الجِرَارْ



بريئةٌ جريئهْ



جريئةٌ بريئهْ



في شفَتيْها تُزبدُ الخمْرُ



وتصفُو الخمرُ في القَرارْ



لن يتخَلَّى الصُّبحُ عنا



آخِرَ النَهارْ.



( 7 )



وليلُ أَمسِ كانَ ليلَ الجنِّ



والزوبعَةِ السوداءِ



في الغَاباتِ والدروبْ



مال إليْنا الزنبقُ العريانُ



أَدفأناهُ باللمسِ وزودْناهُ بالطيُوبْ



أَوَتْ إليْنا الطيرُ



من أعشاشِها المخرَّبَهْ



رُحْنا مع القافلَةِ المغَرِّبَهْ



في أرخبيلِ "الجُزُرِ الحِيتانِ"



حوَّلْنا استرحنَا والتحَفْنَا الليْلَ والغُيُوبْ,



غريبةٌ ومثلُها غريبْ



حيْثُ نَزلْنا ارتفعَتْ



دارٌ لنا ودَارْ



خَفَّ إليْنا ألفُ جارٍ مُتعَبٍ وجارْ



في دَوْخةِ البحارْ



وغُرْبةِ الديَارْ



( 8 )



ولم أزَلْ أَمضى وأَمضى خلْفَهُ



أُحسُّهُ عنْدي ولا أَعيهِ



أَودُّ لو أفرغتُ داري علَّهُ



إنْ مرَّ تُغْويهِ وتدَّعيهِ



أُحسُّهُ عنْدي ولا أَعيهِ.



***



تمضي إلى غُرفتها



تعْثرُ في وَحْشتي,



وحدي,



مَدى عَتْمَتي



مَدى ليالى السهَادْ



دقَّاتُ قلْبي مثلُ دَلْفٍ أَسودٍ



تحفِّرُ الصمتَ



تزيدُ السوادْ,



وكانَ ما عاينتُ ممَّا ليْسَ



يُروى عادةً أَو يُعَادْ:



بئرٌ جفافٌ فوَّرَتْ,



وفورَتْ من عَتْمتى منارَهْ



أُعاينُ الرؤيا التي تصرعني حينًا,



فأَبكي,



كيْفَ لا أَقوي على البشارَهْ?



شهرانِ, طالَ الصمتُ,



جفَّتْ شَفَتي,



مَتَى مَتَى تُسعِفُني العبارَهْ?



وطالما ثُرْتُ, جلدتُ الغُولَ



والأَذنابَ في أَرضي



بصقتُ السم والسبابْ,



فكانتِ الأَلفاظُ تجري من فمي



شلاَّلَ قطْعَانٍ مِن الذئابْ,



واليَومَ, والرؤيا تغَنِّي في دمي



برعشَةِ البرق وصحو الصباحْ



وفطرةِ الطيرِ التي تَشْتَمُّ



ما في نيَّةِ الغاباتِ والرياحْ



تُحِسُّ ما في رَحِمِ الفَصْلِ



تَرَاهُ قبلَ أن يولدَ في الفُصُولْ,



تُفَوِّرُ الرؤْيا, وماذَا,



سوف تأتي ساعةٌ,



أَقول ما أَقولْ:



( 9 )



تحتلُّ عَيْنيَّ مروجٌ, مُدْخَناتٌ



وإلَهٌ بَعْضُهُ بَعْلٌ خصِيبٌ



بعْضُهُ جبَّارُ فحْمٍ ونارْ,



ملْيُونُ دارٍ مثلُ داري ودارْ,



تزهو بأَطفالٍ غصُونِ الكرمِ



والزيتونِ, جمرِ الربيعْ



غبَّ ليَالى الصَّقيعْ



يحتلُّ عيْنيّ رِواقٌ شمختْ



أَضلاعُهُ وانعَقَدَتْ عَقْدَ



زنودٍ تبتنيهِ, تبتني المَلْحَمَهْ



ومن غِنى تربتنا تستنبتُ



البلَّورَ والرخامْ



تكدَّسَ البلَّورُ من رؤيا عيُونٍ



ضوَّأَتْ واحترقتْ في حلَكِ الظَلامْ



وفرَّخَتْ أَعمدةُ الرخامْ



من طينَةِ الأَقبيَة المعْتِمَهْ



تلْك التي مصَّتْ سيُولَ الدمعِ,



مصَّتْ رَبَواتٍ



من طحينِ اللحْمِ والعِظَامْ



واختمرتْ لألفِ عامٍ أَسودٍ وعامْ



فكيْفَ لا يفرخُ منْها ناصعُ الرخامْ



أَعمدةً تنمو ويعْلوها رِواقٌ أَخضَرٌ



صَلْبٌ بوجهِ الريحِ والثلوجْ



اَلمِحورُ الهادىءُ والبرجُ الذي



يصْمدُ في دوَّامَةٍ تبتلِعُ البروجْ



***



رؤيا يقين العَينِ واللمسِ



وليْست خَبَرًا يحدو به الرواةْ



***



ما كانَ لي أن أحتفي



بالشمْسِ لو لم أرَكُمْ تغْتَسِلُونَ



الصُّبحَ في النِّيلِ وفي الأردنِّ والفُراتْ



من دمغَة الخطيئهْ



وكلُّ جسمٍ ربوةٌ تجوهرتْ في الشمْسِ,



ظلٌّ طيِّبٌ, بحيرةٌ بريئهْ.



أَمَّا التماسيحُ مَضَوا عن أرضِنَا



وفارَ فيهم بحرُنا وغَارْ



وخلَّفُوا بعْضَ بقايا



سُلِخَتْ جلُودُهُمْ,



ما نبتَتْ مطرحَها جلُودْ,



حاضرُهُم في عَفَنِ الأمس الذي



ولَّى ولنْ يَعُودْ



أَسماؤهمْ تحرقُها الرؤيا بعَينيَّ



دخانًا ما لها وجودْ.



***



ربِّي, لماذَا شاع في الرؤيا



دخانٌ أحمرٌ ونارْ?



أَحببتُ لو كانت يدي سيْلاً,



ثلُوجًا تمسحُ الذنوب



من عَفَنِ الأمس تنمِّي الكرْمَ والطيُوبْ,



تضيعُ في بحري التماسيحُ



وحقدُ الأنهرِ الموحلَهْ



وينبعُ البَلْسَمُ من جرحٍ



على الجُلْجُلَهْ.



أَحببتُ, لا, ما زالَ حبّي مطرًا



يسخُو على الأخضَرِ في أرضي,



عداهُ حطَبٌ وَقودْ



تحرقها الرؤيا بعَينيَّ دخانًا



ما لها وجودْ,



وسوف يأْتي زمنٌ أَحتضنُ



الأرضَ وأَجلو صدرَها



وأَمسَحُ الحدودْ



( 10 )



رِحلاتيَ السبْعُ رواياتٌ عن



الغُولِ, عن الشيطَانِ والْمَغارَهْ



عن حِيَلٍ تعْيا لها المَهارَهْ,



أُعيدُ ما تحكي وماذَا, عَبَثًا,



هيهاتِ أَستعِيدْ,



ضيَّعتُ رأس المالِ والتجَارَهْ,



ماذا حكى الشلاَّلُ



للبِئرِ وللسدودْ



لريشةٍ تجوِّدُ التمويه تُخفِي



الشحَّ في أقنِية العِبَارَهْ



ضيَّعْتُ رأس المالِ والتجارَه,



عدتُ إليكم شاعرًا في فمه بشارَه



يقولُ ما يقولْ



بِفِطرةٍ تحسُّ ما في رَحِمِ الفَصْلِ



تراهُ قَبْلَ أن يولدَ في الفُصُولْ




mercredi 19 mai 2010

مــيـــزيـريـــا 2

وقف له خوه الكبير عند راسه " أيا تقَعِّدْ ، يزّيك ما رقدت ، ماك تحبّ تخدم ؟ هانا جبنالك خدمة ، غير شمّر على ذراعاتك بركة . " قام يتكسّل و يفرك في عينيه " شنيّة الخدمة ؟ "

و بدا خوه يعيّط " شوف ما صَحّ رُقعته ، مازلت تسأل شنيّة الخدمة ؟ ما شبعتش بالنّوم و البطالة ؟ قوم انفض ريشك خلّي بقعتك يضربها الهوا . "

تكلّمت أمّه من قاع البيت " قوم وليدي و قول يالّي ما تخيّب قاصدك ، الرّاجل راهو ما يعوره شيء ، قدّاش منهم الأربعة صوردي أنتريت بوك ؟ ماعادش مخلّطينّي ." حسّ طاسة مخّه بدات تزنزن ، خرج لوسط الدّار ، حطّ راسه تحت السبّالة و عمل فَركة بالماء البارد و عاود دخل للبيت ، لكّز لقمة جالْ في شعره و وقف يمشط فيه قدّام المراية . مَـدْ له خوه ورقة صغيرة و قال له " شدّ ، هايْ أدريسة رستوران الحاجْ ، إمشي له قبل نصف النّهار ، في باله بيك ." زاد بَحْلقْ لوجهه في المراية و قال " شنوّة ؟ أنا نخدم قرصون ؟ " جاوبه خوه " لا ما حقّوش ، تتدلّل على شهايدك ولاّ عالهناشر الّي ورثتها ، فيق على روحك يزّي مالبلادة و اخرج صوّر خبزتك كالرّجال والا حلات لك اللقمة الباردة؟ " حسّ كلام خوه كالمساسك في صدره يتغرسو و يتنحّاو و يعاودو يتغرسو من جديد . دوبْ ما سمعه طبق باب الدّار و خرج و خطوته بعدت تلفّت لأمّه : " إسمع نبّه على ولدك ما عادش يدور بساحتي ، يمشي يحكم في مرته ما كانش و الله نهجّ و نخلّيها لكم ، هاني نقلّك .. " " يهديك يعيّش وليدي ، هذاك كلامه ، خوك الكبير و خايف عليك ، ما يحبّناش نتخصّو .. " " إممم خايف عليّ ، خايف على روحه لا يولّي ملزوم بيكم و يعطي المصروف ، قول حاشم بينا قدّام انسابُه موش خايف علينا .. "

سمع بوه المستنقط توّا أربعة سنين ، في تركينة الفرش يكندر بكلام موش مفهوم " ما .. اهه .. اهه .. " تلفّت له ، يلقى فمّه يرعش و خدّه اليسار يرِفّ و دمعة سايلة على وجهه المغوّف ، استغفر ، برّد دمّه و قال لأمّه " شوفه شي يحبّ ." و خطف فيسِتّه مالمعلاق و خرج.

في رستوران الحاج المِصوار قليل لكنّه بدّل الجوّ و عرف عباد جدد ، الحاج راجل كبير بطابع الصلاه على جبينه ، شادد الكاسة و عمره لا كَشّ عليه ، و كيف يجي مروّح في الليل يقلّه : " هزّ عشا بوك ، يعطيها بـعْزا الدّنيا ، هذاك كان كالصّيد لو كان يتكلّم ربط باب الخضراء .. " يقلّه باهي أما عمره ما هزّ حاجة مالكوجينة . هو بيده فطر قدماتْ عالطّاير في الأيّامات الأوّلة أما فيسع ما عاف الماكلة ، ساعات يجي للخدمة بكري و الرّستوران مازال مسكّر و كميونة البطاطا الفْريتْ تدور و تفرّق و الّي يلقاوه مازال ما حلّش يخلّيو له شكاير البطاطا في العتبة عالمادَّة . قدّاش من مرّة يشدّه غرض الرَدّان كي يدخل للكوجينة ، صحابه يعلّقو عليه و هوما يضحكو " كالمْرا الّي تتوحّم " و الطبّاخ يقلّه : " كي ماكلتي معيّفة حضرة جنابك سي القنَنُّو متاع وذني ماو اعفينا مالفيقورة متاعك .. " لكن أكثر حاجة كانت تعيّفه في حياته هي الوقوف قدّام الرّستوران و التلحليحْ بالعباد المتعدّين باش يدخلو يفطرو . كان عَرْفُه ديما يقلّه " جيبْ التوريستْ ، أما ولاد البلاد ما عندك ما تصوّر منهم ياخذو صحن واحد بين زوز و السّومْ ديما موش عاجبهم ." النّهار و ما جاب النّهار و هو يتبّع في التوريست ، كلّ ما يتعدّاو يجيب جرّتهم كالكلب " مَدَامْ ، آنْ بون كوسْكوسْ .. مسْيُو ، دُو مَرْقازْ آفاكْ أونْ بْيَارْ ؟ .. " و يبدا يمشي و يعاود في نفس الجملة بنفس اللّغة سواء كانو التوريست فرانسيس والا ألمان ولاّ أنقليز ولاّ سبنيور ، هو ما حفظ كان هاك الكلمتين ، ساعات البعض يدخل و يطلب فطور و ساعات يحقروه و يكمّلو حديثهم و ثنيّتهم كاينّه ما فمّة حَدّ وراهم .

ليلة الرّيفيون ، مالصّباح و هوما يطيّبو و يزيّنو و يحضّرو ، الحاج قال لهم " أيّا لولاد إكبسو رواحكم الليلة معايا و أنا نوعدكم بحويجة زايدة عالشَهريّة . " قال في قلبه نقعد آش عندي ما نعمل ؟ عالأقلّ هايْ لافونُو حافلة خير مالكُبّي متاع الدّار و اليوم راس شهر و باش نقبض . غطُسْ في الخدمة و ما حسّش بالوقت. عقاب الليل كي خفّت السّاق عيّطله الحاج و عطاه شهريته و مدّ له معاها دبّوزة ملفوفة في كاغذ ، تصبح على خير ليلتك زينة . في الشارع يلقى صاحبه الّي يخدم معاه يستنّى فيه ، دوبْ ما شافه قال له " يعطي للطبّاخ ميات دينار زايدة و احنا يغمّنا بدبّوزة وِسْكِي مضروب ، هاك النّهار غشّه فيهم واحد ، ما نجّمش يبيعهم ، أهوك عمل بيهم زعمة مزيّة علينا أحنا ." جاوبه " و الله ما زلت ما شفتها ، و شمعناها وسكي مضروب ؟ " ضحك صاحبه " هههه معناها حاجة تشبّه للتَّايْ أما مع بوجادي كيفك يمكن الأمور تجيب نتيجة . " صاحبه شدّ ثنيّته و هو وقف يزيد و ينقص مع روحه / دبّوزة وسكي .. يا حبيبي راهي دبّوزة وسكي .. لتوّا ما نعرف مطعمه .. هذه يلزمني نعمل بيها جوّ إلّي هو .. أما كان نروّح بيها توّا العزوزة تشنّعني .. السْخَط بيت وحدة تباتْ فيها العرب الكلّ ../ قعد في كرسي من كراسي لافونو و حلّ الدبّوزة و خلاّها ملفوفة في كاغذها و بدا يمزّ منها بالجغمة ، كلّ ما يتعدّى حدّ يخبّيها تحت الكبّوط ، الشّهريّة في مكتوبه مدِفْيِتّه و الوسكي بدا يطلع له لراسه ، بعد هكّاكة قرابة السّاعة ولاّ أكثر بدا يشرقع بالغنا ، و يضحك ، و يضحك و قام باش يروّح يلقى الشارع بكلّه يشطح ، زاد في الغنا . ما وصل لباب الخضراء إلاّما ولّى شوالق و هو يعيّط على قوّة جهده " يسقط عبد المجيد خويا .. تسقط الشهايد .. برّاوْ قولو له خوك ولّى راجل و يسكر هاهاهاها .. كيفي كيفو .. أهوّا عندي الفلوس أنا .. مانيش في حاجة ليه .. بفلوسي ، بخدمتي ، بشرابي .. خخخير منّه أنا .." عثر في حَرف المادّة تكَبّ على وجهه و ما نجّمش يقوم و ولّى يردّ و يجي على راسه دارو بيه جماعة تفتفولو مكاتبه يلقاوه ملغّم ، رزاوه في الشهيريّة و خلاّوه طايح ثمّة ماهو فاطن بشيء يبكي و يعيّط " قولو لأمّي تسامحني .. "

قامت تتوضّا باش تصلّي الفجر ، تلقى فرشه مْخَمِّل كيما خلاّه ، تسمع في باب الدّار يفَلّقْ ، خرجت مفجوعة و اذا بيه ولد جارتها يلهث " إجري لولدك يا خالتي حبيبة ، لقاوه طايح في الجنينة .." جرات خطوتين هكاكة و ولاد الحومة جايين بيه شاميّة ، دخّلوه لوسط الدّار و صبّوله الماء على راسه باش حلّ عينيه . قالو لها " ما تخافش خالتي حبيبة ، شيء ما بيه ، أعملّه قهوة مُرّة توّ يفيق . " كي فاق ، حكالها علّي صار و عالشهريّة الّي ضاعت له .

العشيّة حطّت سفساريها على راسها و نادات برستوران الحاج ، ملّي شافها خرج من ورا الكاسة " عالسّلامة أختي حبيبة ، شنيّة حوا .. " و تْصَرْفتْ عليه " لا سلام و لا كلام ، إنت خلّيت فيها أخوَة ؟ لاهْ ؟ آش حَللّك من ربّي ، الولد عمره ما جات نكتة شراب في فمّة تقوم أنت توِدّه بدبّوزة ؟ أنت حاج ؟ لا حجّتْ بيك ناقة و لا طاف بيك جمل ، الطّفل شعرة لا مات و فليساته الّي يندب عليهم شهر كامل ضاعو ، شعملنا لك ؟ باش ضرّيناك ؟ الغاني ربّي عالخدمة في هالخِرْبَة ، خلّيه بطّالْ خير ، ما يموتش بالشَرّ .. " و مشاتْ تدعِي و تْسِحّ .



ميزيريا كلبة

mardi 18 mai 2010

ميـــزيريــا 1

فاق مالنّوم السبعة متاع الصّباح ، تكسّل ، تثاوب ، على يمينه يرى في خنفوسة تجري عالحيط ، رمى عليها فردة سبادريه ، ضربت عالحيط و رجعت له على وجهه ، تلفّت على يساره ، خوه البطّال مازال يشخر و فمّه محلول ، وقف ، فَحِّجْ عليه و هبط مالفرش ، يسمع في حاجة قالت " خرررر " ، عرفها ، هذي ما تكون كان فلسة السروال ، مالبارح و هي تدّلدل ، بدا يفدّ عالصباح ، هذاك السّروال الّي عنده يرقد بيه يقوم بيه ديما لابسه في المكتب في التّكوير في عركات الحومة حتّى كي باش يقابل ريم صاحبته يمشي بيه . بربش سطوش أخته جبد منه مِسّاك شدّ بيه بقعة الفلسة المقلّعة و هبِّط مريول الجمعيّة باش ما يظهر شيء . خذا زوز كتب مريّشين و كرّاسة بلاش غلاف و حشاهم في جَرْد الكرطابة ، عندهم عامين ما شْراوْ له شيء ، قالو له على نجاحك ؟ تعيا و أنت تقبض ، خرنن ، عارك ، هدّدهم بالتبطيل مالقراية قالو له الله لا قريت محسوب باش تطلّع صاروخ ، هزّ الكرطابة القديمة و سلّم و يمكن هكّة خير ، لو كان شراو له وحدة جديدة راهم مرجوه عليها . خرج مالبيت ، عرضتّه أمّه تحكّ في شعرها المشبشب ، و عينيها منفوخة ، قالت له بكَشَّة " قمت أنت ؟ أفطر فيسع و ما تخلّيش الدنيا حايسة " جاوبها " وين ترى فيه الفطور ؟ ديما حليب ديما حليب ؟ كرهته الحليب ، عفته ، يا ربّي نحبّ نفطر كالنّاس الكلّ " و تحَلّ عليه المستوجّ متاع كلّ مرّة " سَيِّبْ السّفا لهوني لا يجعلك باش شربت ، منين نجيبلكم ؟ صحّتي تفَيّات عليكم دار و شارع و انتوما باقي العياط في الغابة .. يا ناري على عمري الكلب كي مشى بالْدَة .. و قالّك يزغرطو علّي جابت الذّكر .. كارْهُم يندبو عليها بالشّقاف .. برّا لبوك يعطيك تشري فطورك مالعَطّار ، أنا إنساوني .. كان تقلبوني على راسي ما تقربعش منّي ميات فرنك " خرج بوه من بيت الرّاحة الّي كان يقضي في حاجته البشريّة فيها من غير ما يسكّر الباب كي العادة ، مدّ له دينار أما بعد ما حاكه بعُنقيّة و سَبّ له القبيلة و التصيلة و الّي فقّص و الّي رقّص و دار لمرته يكمّل في الموشّح " شبيه بوه ؟ موش عاجِبْ جِـدّ ..." عرفها باش تنتصب عركة الصباح ، خلاّها شابكة وراه و خرج مالدّار .

استقبلتّه الروقارة الفايضة عندها أكثر من جمعتين و الّي هذا يسدّ خشمه و يتعدّى . فمّة الّي زعمة زعمة متثقّف ، يغزرلها بسخرية و يقول " مَلاّ نهر السَّانْ عندنا صْحَيْبي .. " و فمّة الّي عامل فيها حكيم ، كلّ ما يتعدّى يعلّق " هذاك فلوسكم وين مشات " كيف الّي هو لا ياكل لا يشرب ، و فمّة الّي ما يتفكّر التنقريز كان وقت الّي يراها " زعامْ كان في الفاتورات هات هات أما النّظافة يجيبها ربّي " . الزّنقة شايحة ، حتّى دار ما تخرّج نكتة ماء ، قالّك شبينا نخدمو على شارع الحاكم أحنا؟ ما فمّة كان الماء الاكحل مالروقارة يغرغز ليل و نهار ، حيوط الدّيار خاربة و البيبان مقشّرة عندها سنين ما جاتش فيها فوشة دهن .

كمّل الثنيّة للمكتب ،قبل ما يوصل تعدَّى لحانوت مكرم ضرب لها كعبة ملاوي دوبل بالصلامي و العضم ، أهوك حتّى كان قعَد فجَيّجْ صغير متاع فهم في مخّه كمّل تسَتِّفْ . دخل للمكتب ، عرضوه صحابه فرحانين " مَدامْ ما جاتش " ، قوجُّـو بالادارة عاملين رواحهم يسألو يقراو و إلاّ لا ، القيّم فدّ من حِسّهم قاللهم إرجعو التسعة ما عندناش وين نحطّوكم .. ههه و هذاك فاش يلوّجو . إلّي عندهم فلوس دخلو للبوبلينات باش يلعبو ، و هو و جماعة صحابه قعدو تحت حيط الحمّاص ، جبدْ واحد منهم من مكتوبه سيقارو و قاللهم " سَلّيته لخويا الكبير قبل ما يقوم مالنّوم " شعّلوه و قسموه نفيّسْ نفيّسْ . السّيقارو وفى و ما كفّاهمش . دخّل صاحبه يدّه في كرطابته و قاللهم " هاي عندي شكارة كول ، أيا تشمّو ؟ " بداوْ يجرّبو بالواحد ، كيف حلاتْ القعدة و الحكايات و فطنو بالبنات ماشين جايين ضرب ناقوز المكتب ، قامو فوق من قلوبهم و دخلو لساعة الجغرافيا ، حَلّ الأستاذ الخريطة على السبّورة و بدا يورّي فيهم في مَواطن الثروات في المدن الصناعيّة .

حَسّ خواطره دارتْ ، كسكروت الملاوي و السيقارو و شمّة الكولْ ما توالموش مع بعضهم ، شدّه غرض الردّانْ و وجهه لخلخْ ، فطنْ بيه صاحبه ، حَبّ يدبّر معاه خَرجة مالقسم ، طلب مالأستاذ باش يعاون صاحبه الّي قريب يدوخ ، كيف هبطو للسّاحة و ضربهم الهوا اطّرشقو بالضحك .



ماناش في بدايات القرن البايد ... أحنا في 2010 ... ميزيريا كلبة.