mercredi 19 mai 2010

مــيـــزيـريـــا 2

وقف له خوه الكبير عند راسه " أيا تقَعِّدْ ، يزّيك ما رقدت ، ماك تحبّ تخدم ؟ هانا جبنالك خدمة ، غير شمّر على ذراعاتك بركة . " قام يتكسّل و يفرك في عينيه " شنيّة الخدمة ؟ "

و بدا خوه يعيّط " شوف ما صَحّ رُقعته ، مازلت تسأل شنيّة الخدمة ؟ ما شبعتش بالنّوم و البطالة ؟ قوم انفض ريشك خلّي بقعتك يضربها الهوا . "

تكلّمت أمّه من قاع البيت " قوم وليدي و قول يالّي ما تخيّب قاصدك ، الرّاجل راهو ما يعوره شيء ، قدّاش منهم الأربعة صوردي أنتريت بوك ؟ ماعادش مخلّطينّي ." حسّ طاسة مخّه بدات تزنزن ، خرج لوسط الدّار ، حطّ راسه تحت السبّالة و عمل فَركة بالماء البارد و عاود دخل للبيت ، لكّز لقمة جالْ في شعره و وقف يمشط فيه قدّام المراية . مَـدْ له خوه ورقة صغيرة و قال له " شدّ ، هايْ أدريسة رستوران الحاجْ ، إمشي له قبل نصف النّهار ، في باله بيك ." زاد بَحْلقْ لوجهه في المراية و قال " شنوّة ؟ أنا نخدم قرصون ؟ " جاوبه خوه " لا ما حقّوش ، تتدلّل على شهايدك ولاّ عالهناشر الّي ورثتها ، فيق على روحك يزّي مالبلادة و اخرج صوّر خبزتك كالرّجال والا حلات لك اللقمة الباردة؟ " حسّ كلام خوه كالمساسك في صدره يتغرسو و يتنحّاو و يعاودو يتغرسو من جديد . دوبْ ما سمعه طبق باب الدّار و خرج و خطوته بعدت تلفّت لأمّه : " إسمع نبّه على ولدك ما عادش يدور بساحتي ، يمشي يحكم في مرته ما كانش و الله نهجّ و نخلّيها لكم ، هاني نقلّك .. " " يهديك يعيّش وليدي ، هذاك كلامه ، خوك الكبير و خايف عليك ، ما يحبّناش نتخصّو .. " " إممم خايف عليّ ، خايف على روحه لا يولّي ملزوم بيكم و يعطي المصروف ، قول حاشم بينا قدّام انسابُه موش خايف علينا .. "

سمع بوه المستنقط توّا أربعة سنين ، في تركينة الفرش يكندر بكلام موش مفهوم " ما .. اهه .. اهه .. " تلفّت له ، يلقى فمّه يرعش و خدّه اليسار يرِفّ و دمعة سايلة على وجهه المغوّف ، استغفر ، برّد دمّه و قال لأمّه " شوفه شي يحبّ ." و خطف فيسِتّه مالمعلاق و خرج.

في رستوران الحاج المِصوار قليل لكنّه بدّل الجوّ و عرف عباد جدد ، الحاج راجل كبير بطابع الصلاه على جبينه ، شادد الكاسة و عمره لا كَشّ عليه ، و كيف يجي مروّح في الليل يقلّه : " هزّ عشا بوك ، يعطيها بـعْزا الدّنيا ، هذاك كان كالصّيد لو كان يتكلّم ربط باب الخضراء .. " يقلّه باهي أما عمره ما هزّ حاجة مالكوجينة . هو بيده فطر قدماتْ عالطّاير في الأيّامات الأوّلة أما فيسع ما عاف الماكلة ، ساعات يجي للخدمة بكري و الرّستوران مازال مسكّر و كميونة البطاطا الفْريتْ تدور و تفرّق و الّي يلقاوه مازال ما حلّش يخلّيو له شكاير البطاطا في العتبة عالمادَّة . قدّاش من مرّة يشدّه غرض الرَدّان كي يدخل للكوجينة ، صحابه يعلّقو عليه و هوما يضحكو " كالمْرا الّي تتوحّم " و الطبّاخ يقلّه : " كي ماكلتي معيّفة حضرة جنابك سي القنَنُّو متاع وذني ماو اعفينا مالفيقورة متاعك .. " لكن أكثر حاجة كانت تعيّفه في حياته هي الوقوف قدّام الرّستوران و التلحليحْ بالعباد المتعدّين باش يدخلو يفطرو . كان عَرْفُه ديما يقلّه " جيبْ التوريستْ ، أما ولاد البلاد ما عندك ما تصوّر منهم ياخذو صحن واحد بين زوز و السّومْ ديما موش عاجبهم ." النّهار و ما جاب النّهار و هو يتبّع في التوريست ، كلّ ما يتعدّاو يجيب جرّتهم كالكلب " مَدَامْ ، آنْ بون كوسْكوسْ .. مسْيُو ، دُو مَرْقازْ آفاكْ أونْ بْيَارْ ؟ .. " و يبدا يمشي و يعاود في نفس الجملة بنفس اللّغة سواء كانو التوريست فرانسيس والا ألمان ولاّ أنقليز ولاّ سبنيور ، هو ما حفظ كان هاك الكلمتين ، ساعات البعض يدخل و يطلب فطور و ساعات يحقروه و يكمّلو حديثهم و ثنيّتهم كاينّه ما فمّة حَدّ وراهم .

ليلة الرّيفيون ، مالصّباح و هوما يطيّبو و يزيّنو و يحضّرو ، الحاج قال لهم " أيّا لولاد إكبسو رواحكم الليلة معايا و أنا نوعدكم بحويجة زايدة عالشَهريّة . " قال في قلبه نقعد آش عندي ما نعمل ؟ عالأقلّ هايْ لافونُو حافلة خير مالكُبّي متاع الدّار و اليوم راس شهر و باش نقبض . غطُسْ في الخدمة و ما حسّش بالوقت. عقاب الليل كي خفّت السّاق عيّطله الحاج و عطاه شهريته و مدّ له معاها دبّوزة ملفوفة في كاغذ ، تصبح على خير ليلتك زينة . في الشارع يلقى صاحبه الّي يخدم معاه يستنّى فيه ، دوبْ ما شافه قال له " يعطي للطبّاخ ميات دينار زايدة و احنا يغمّنا بدبّوزة وِسْكِي مضروب ، هاك النّهار غشّه فيهم واحد ، ما نجّمش يبيعهم ، أهوك عمل بيهم زعمة مزيّة علينا أحنا ." جاوبه " و الله ما زلت ما شفتها ، و شمعناها وسكي مضروب ؟ " ضحك صاحبه " هههه معناها حاجة تشبّه للتَّايْ أما مع بوجادي كيفك يمكن الأمور تجيب نتيجة . " صاحبه شدّ ثنيّته و هو وقف يزيد و ينقص مع روحه / دبّوزة وسكي .. يا حبيبي راهي دبّوزة وسكي .. لتوّا ما نعرف مطعمه .. هذه يلزمني نعمل بيها جوّ إلّي هو .. أما كان نروّح بيها توّا العزوزة تشنّعني .. السْخَط بيت وحدة تباتْ فيها العرب الكلّ ../ قعد في كرسي من كراسي لافونو و حلّ الدبّوزة و خلاّها ملفوفة في كاغذها و بدا يمزّ منها بالجغمة ، كلّ ما يتعدّى حدّ يخبّيها تحت الكبّوط ، الشّهريّة في مكتوبه مدِفْيِتّه و الوسكي بدا يطلع له لراسه ، بعد هكّاكة قرابة السّاعة ولاّ أكثر بدا يشرقع بالغنا ، و يضحك ، و يضحك و قام باش يروّح يلقى الشارع بكلّه يشطح ، زاد في الغنا . ما وصل لباب الخضراء إلاّما ولّى شوالق و هو يعيّط على قوّة جهده " يسقط عبد المجيد خويا .. تسقط الشهايد .. برّاوْ قولو له خوك ولّى راجل و يسكر هاهاهاها .. كيفي كيفو .. أهوّا عندي الفلوس أنا .. مانيش في حاجة ليه .. بفلوسي ، بخدمتي ، بشرابي .. خخخير منّه أنا .." عثر في حَرف المادّة تكَبّ على وجهه و ما نجّمش يقوم و ولّى يردّ و يجي على راسه دارو بيه جماعة تفتفولو مكاتبه يلقاوه ملغّم ، رزاوه في الشهيريّة و خلاّوه طايح ثمّة ماهو فاطن بشيء يبكي و يعيّط " قولو لأمّي تسامحني .. "

قامت تتوضّا باش تصلّي الفجر ، تلقى فرشه مْخَمِّل كيما خلاّه ، تسمع في باب الدّار يفَلّقْ ، خرجت مفجوعة و اذا بيه ولد جارتها يلهث " إجري لولدك يا خالتي حبيبة ، لقاوه طايح في الجنينة .." جرات خطوتين هكاكة و ولاد الحومة جايين بيه شاميّة ، دخّلوه لوسط الدّار و صبّوله الماء على راسه باش حلّ عينيه . قالو لها " ما تخافش خالتي حبيبة ، شيء ما بيه ، أعملّه قهوة مُرّة توّ يفيق . " كي فاق ، حكالها علّي صار و عالشهريّة الّي ضاعت له .

العشيّة حطّت سفساريها على راسها و نادات برستوران الحاج ، ملّي شافها خرج من ورا الكاسة " عالسّلامة أختي حبيبة ، شنيّة حوا .. " و تْصَرْفتْ عليه " لا سلام و لا كلام ، إنت خلّيت فيها أخوَة ؟ لاهْ ؟ آش حَللّك من ربّي ، الولد عمره ما جات نكتة شراب في فمّة تقوم أنت توِدّه بدبّوزة ؟ أنت حاج ؟ لا حجّتْ بيك ناقة و لا طاف بيك جمل ، الطّفل شعرة لا مات و فليساته الّي يندب عليهم شهر كامل ضاعو ، شعملنا لك ؟ باش ضرّيناك ؟ الغاني ربّي عالخدمة في هالخِرْبَة ، خلّيه بطّالْ خير ، ما يموتش بالشَرّ .. " و مشاتْ تدعِي و تْسِحّ .



ميزيريا كلبة

14 commentaires:

Arabasta a dit…

Superbe texte, très bonne suite dans les idées, j'ai adoré et j'ai lu avec énorme plaisir, une plume comme on aimerait bien en voir souvent :)


Merci Wallada pour tout ce que tu fais! Keep it up

WALLADA a dit…

@ Arabasta

Merci

Anonyme a dit…

Merci Wallada. El Hadj est un faux Haj et hypocrite. comme il y en a beaucoup. Ala Kol, le proverbe populaire dit : ib3ed al haj, we djaj wel Bhar itha haj wa maj!

WALLADA a dit…

@ Anonyme

Merci à vous pour le passage et le commentaire.

لاعب النرد a dit…

زايد معاك ولادة...نص روعة...ـ

WALLADA a dit…

لاعب النرد

كلّ الشكر لك على التواصل

المعز a dit…

جميل ما كتبت

WALLADA a dit…

المعز

شكرا و مرحبا بك

Anonyme a dit…

Bravo !
Magnifique

Big Trap Boy a dit…

نصّ ممتع كالعادة

قدّاش كثر النفاق والحجاج المضرّحين على فكرة

طابع الصلاة في جبينو وما ينجّمش حتى يعطي للراجل دبّوزة ويسكي ماهيش مضروبة؟ عيب والله عيب ههههه

WALLADA a dit…

@ deuxième Anonyme

Merciiiiii


اهلا بالبيغ

شفت ماهو ؟ ههههه
نزيدك حادثة أخرى أما هذه واقعيّة : مرّة مشيت للبِركة باش نشري قطعة صياغة، حانوت العادة منين كان يشري الوالد الله يرحمه لقيتها مسكّرة ، دخلت لحانوت أخرى ، الصّانع قالّي هاو عرفي يصلّي في صلاة الجمعة توّا ما يبطاش ، كيف جا الحاج مولى الحانوت من صلاته يحلف و يتكتّف و يقلّي " و الله ماني رابح فيك فرنك " ههههه يعجبكشي ؟ توّا كانو موش رابح في قطعة ذهب لواش يبيع فيها ؟ يتدروش عليّ أنا ؟

Anonyme a dit…

روعة
J'aurais aimé que tu sorte un bouquin avec ce genre d'histoires,ca nous changera un peu des torchons et on aura quelque chose a lire au coin du feu.
Un pur délice.

WALLADA a dit…

Au dernier Anonyme

Merci, oui je pense sérieusement mais pas avec le dialect tunisien.

kiranis a dit…

très interessant
j'ai beaucoup aimé

èma wèna na9ra, j'espèrai que la bouteille ne soit pas du vin :/ , mais , bon , dans ce cas quel avenir aurait pu prendre les evènement, ton histoire, elle est bien telle qu'elle est, très réaliste surtout