mercredi 31 décembre 2008

القصّة الحقيقيّة وراء الحرب على غزّة ليست التي ترويها إسرائيل

لندن – "القدس" –
كتب المحلل السياسي يوهان هاري في صحيفة "ذي انديبندنت" البريطانية يقول ان العالم لا يشاهد الحكومة الاسرائيلية ترتكب جريمة في غزة بل انه يشاهد تدمير الذات. وفي صباح هذا اليوم وصباح الايام اللاحقة وحتى تنتهي حملة العقوبات فان قلوب شبان قطاع غزة ستمتلئ بالمزيد من الحقد والمزيد من التصميم على الدفاع مستخدمين الحجارة او احزمة الاستشهاد او الصواريخ. اما القادة الاسرائيليون فقد أفنعوا انفسهم بان كلما ضربوا الفلسطينيين كلما لانت عريكتهم. وعندما تنتهي هذه الاوضاع، سيشتد الغضب ضد الاسرائيليين فيما تظل التنازلات القديمة ذاتها على جانب طريق التاريخ لا يعتنى بها ولا يجري استخدامها. قطاع غزة اصغر حجما من جزيرة "آيل أوف وايت" البريطانية، لكنه مزدحم بـ 1.5 مليون نسمة لا يمكنهم مغادرة المكان.ويعيشون على اكتاف بعضهم في بطالة وجوع داخل مباني مرتفعة يرون منها حدود عالمهم: البحر الابيض المتوسط، والاسلاك الشائكة الاسرائيلية. وعندما تبدأ القنابل بالانهمار فليس امامهم مكان آمن يلجأون اليه. تقول الحكومة الاسرائيلية "لقد انسحبنا من غزة عام 2005 وبالمقابل حصلنا على "حماس" و"صواريخ القسام" تنهمر على مدننا. قتل ستة عشر مدنيا، وكم من الناس يفترض فينا ان نضحي بهم؟" انه قول يلقى القبول، ويحتوى على بعض الحقيقة، لكنه مليء ايضا بالعيوب. واذا كنا نرغب في ادراك الحقيقة، وان نوقف حقا الصواريخ، فما علينا الا ان نعيد التاريخ لبضع سنين ونطالع ما سبق هذه الحرب من دون تحيز.الحقيقة هي ان اسرائيل لم تنسحب من غزة في العام 2005 الا لكي تتمكن من تكثيف السيطرة على الضفة الغربية. فقد صرح دون فيغلاس الذي كان كبير مستشاري (رئيس الوزراء الاسرائيلي آنئذ) ارييل شارون دون اي مواربة ان "فك الارتباط (مع غزة) هو في الحقيقة عملية تجفيف رسمية. فهي تؤدي الى ذلك بالقدر الضروري حتى لا تقوم مسيرة سياسية مع الفلسطينيين..والصفقة التي يطلق عليها اسم الدولة الفلسطينية قد ازيلت من جداول اعمالنا الى الابد".اصاب الفلسطينيين الذعر نتيجة هذا القول، وبسبب الفساد العفن الذي يستشري بين قادتهم في "فتح"، فانهم ادلوا باصواتهم لصالح "حماس". ومع ذلك فلا بد لنا ان نكون صادقين. لقد كانت اننخابات حرة وديمقراطية، ولم تكن رفضا لحل الدولتين. وقد تبين لجامعة "مريلاند" الاميركية ان 72 في المائة يريدون حل الدولتين بحدود 1967، بينما كان هناك اقل من 20 في المائة يطالبون بفلسطين التاريخية. وهكذا، فانه تجاوبا مع هذا الضغط بصورة جزئية، ان عرضت "حماس" على اسرائيل وقفا طويلا حقا لاطلاق النار، وقبولا بحكم الواقع للدولتين، بشرط ان تعود اسرائيل الى حدودها الشرعية.ولكن الحكومة الاسرائيلية، بدلا من انتهاز هذه الفرصة والتحقق من مصداقية "حماس"، ردت بمعاقبة السكان المدنيين جميعا. فقد اعلنت انها ستفرض حصارا على قطاع غزة من اجل "الضغط" على شعبها لقلب نتائج المسيرة الديمقراطية. واحاط الاسرائيليون بالقطاع ورفضوا خروج اي شخص او شيء منه. وسمحوا بكميات ضئيلة للغاية من الاغذية والوقود والمواد الطبية – لكنها لا تكفي للبقاء على قيد الحياة. وفي لهجة ساخرة قال فيغلاس ان الفلسطينيين يعالجون الان "بالحمية". وحسب ما اوردته الهيئة الخيرية البريطانية "اوكسفام" فان عدد شاحنات الاغذية التي سمح بدخولها الى غزة لم يتجاوز 137 شاحنة الشهر الماضي لتلبية احتياجات 1.5 مليون نسمة. وتقول الامم المتحدة ان مستوى الفقر وصل "حدا غير مسبوق". وعندما كنت انا في غزة المحاصرة مؤخرا، شاهدت مستشفيات ترفض ادخال مرضى لان ادواتها وادويتها لم تعد كافية، كما انني قابلت اطفالا جياعا يدورون في الشوارع بحثا عن طعام.ضمن هذا المفهوم، وتحت معاقبة جماعية تهدف الى الاطاحة بالديمقراطية، ان لجأت بعض القوات داخل غزة الى شيء غير مألوف : فاطلقوا صواريخ القسام دون تمييز على المدن الاسرائيلية. وهذه الصوايخ قتلت 16 اسرائيليا. وهذا امر مكروه : استهداف المدنيين يعتبر جريمة في كل الاحوال. الا ان من قبيل الهرطقة ان تدعي الحكومة الاسرائيلية الان انها تتحدث عن سلامة المدنيين في الوقت الذي تقوم فيه بارهاب المدنيين ضمن سياسة رسمية.اما الحكومات الاميركية والاوروبية فانها ترد بخجل يتجاهل هذه الحقائق. فهي تقول ان اسرائيل لا يمكنها ان تتفاوض بينما تنطلق الصواريخ عليها، وتطالب الفلسطينيون ان يفعلوا الشيء ذاته وهم تحت حصار في غزة واحتلال عسكري عنيف في الضفة الغربية.وعلينا ان نتذكر، قبل ان تهوي الحقيقة في قاع الذاكرة، ان حماس عرضت الاسبوع الماضي وقفا لاطلاق النار "التهدئة" مقابل تفاهمات اساسية يمكن تحقيقها. وليس هناك ما يدعو الى الاعتماد على اقوالي هذه، ولكننا ننقل عن المسؤول الصحفي الاسرائيلي يوفا ديسكين الذي يرأس حاليا ادارة الامن الاسرائيلي في وكالة الـ"شين بيت" (الامن الداخلي الاسرائيلي) انه "ابلغ الحكومة الاسرائيلية (في 23 كانون الاول/ديسمبر) ان "حماس" مهتمة بمواصلة التهدئة، ولكنها ترغب في تحسين شروطها". واوضح ديسكين ان "حماس" تطلب امرين: انهاء الحصار ووقف اطلاق النار الاسرائيلية في الضفة الغربية. ولكن الحكومة الاسرائيلية- التي كانت تتحكم في تصرفاتها حمى الانتخابات والرغبة في ان تظهر بانها متشددة- رفضت هذين الشرطين.وشرح رئيس الـ "موساد" السابق افراييم هاليفي صلب الوضع بوضوح كامل اذ قال انه في الوقت الذي يحلم فيه مقاتلو "حماس"، مثلما يحلم اليمينيون الاسرائيليون، بدفع معارضيهم بعيدا فانهم "يدركون بأن هذا الهدف الايديولوجي غير قابل للتحقيق وانه سيظل كذلك في المستقبل المنظور". وبدلا من ذلك فانهم "مستعدون ويرغبون في اقامة دولة فلسطينية على الحدود الموقتة للعام 1967". وهم يدركون ان هذا يعني بان "عليهم قبول مسار قد ياخذهم بعيدا عن اهدافهم الاصلية" ونحو تفاهم على سلام طويل الامد.وفي هذه الحالة فان الرفض من الطرفين – بدءا من (الرئيس الايراني) محمود احمدي نجاد الى (زعيم حزب كاديما الاسرائيلي) بيبي نتنيياهو، سيصبح طي الاغفال. انه الطريق الوحيدة التي يمكنها ان تجد السلام في اخرها، الا ان الحكومة الاسرائيلية ترفض هذا الاختيار. ويشرح هاليفي ذلك بقوله "لا تريد اسرائيل لاسباب خاصة بها العودة الى وقف اطلاق النار والبدء بمسيرة دبلوماسية مع حماس".ولكن ما الذي يدعو اسرائيل للتصرف بهذه الطريقة؟ الحكومة الاسرائيلية تريد السلام، بشرط ان يكون حسب ما يناسبها، على اساس قبول الفلسطينيين بالهزيمة. وهذا يعني ان بامكان الاسرائيليين المحافظة على الالواح الكونكريتية بالضفة الغربية ، وهذا يعني احتفاظهم باكبر المستوطنات والسيطرة على مصادر المياه. وتعني ايضا تقسيم فلسطين، بنقل مسؤولية غزة الى مصر، وبابقاء الضفة الغربية المنقسمة الى احياء دون سند. فالمفاوضات تهدد هذه الرؤيا الاسرائيلية : فهي تفرض على اسرائيل ان تتخلى عن اكثر مما تريد ان تفعل. الا ان فرض سلام لن يكون سلاما على الاطلاق: فهو لن يوقف الصواريخ او الغضب. وعلى اسرائيل للحصول على امن حقيقي ان تجري محادثات مع اولئك الذين تحاصرهم وتقصفهم اليوم وان تصل الى تفاهم معهم.يجب ان تنتهي اعمال احراق غزة بما يقوله الكاتب الاسرائيلي لاري ديرفنر من ان "حرب اسرائيل على غزة هي الاحادية الاشد على الكرة الارضية..فاذا كان الهدف هو انهاؤها او على الاقل البدء بانهائها، فان الكرة لن تكون في ملعب "حماس"- بل في ملعبنا
صحيفة [ الأيّام ] الفلسطينيّة
في عدد اليوم
شكر خاصّ للصّديق الصحفي جمال العرفاوي ".

2 commentaires:

Anonyme a dit…

ولادة أنشات مدونة لأقول لا للحمق ولكنّي أرى في الحمق سبيلا إلى الفهم أحيانا فعذرا اقرئي حمقي
1- هل ما يحدث في غزة أليس أجندة انتخابية في اسرائيل
2- هل ما يحدث في غزة أليست محاولة من محمود عباس للسيطرة على غزة (لا ننسى دور بامتياز الوبش محمد دحلان الخائن الكبر)
3-هل ما يحدث في غزة أليست أجندة مصرية الرافضة لدور حماس ومن وراءها على الحدود المصرية
4- هل ما يحدث في غزة أليس تصفية حسابات بين المتطرفين ؟ والمعتدلين؟ ههههه
5- أليس ما يحدث في غزة هو صورة للشعب العربي الذي لا يندّد ولا يتظاهر إلاّ إذا كانت المسألة خارج حدود بلده والبلاء الحقيقي في كلّ البلدان العربية
هذا ليس جلدا للذات ولكنّها بعض الحقيقية كما اتصوّر

Anonyme a dit…

شكرا ولاّدة على المقال رائع