lundi 19 janvier 2009

" الحبّ في زمن الحرب " قصّة قصيرة


عاد من الجبهة مع ثلّة من الرّجال ، بعد ان أصيب أحدهم إصابة بليغة و نفذ منهم الزّاد و السّلاح و كلّ المنافذ مقطوعة فكان لابدّ أن يتسلّلوا إلى البلدة تحت جنح الظلام للتزوّد و إسعاف المصاب . وصل بيته في حدود التّاسعة ، كان النّور ينبعث ضئيلا من النّافذة ، أزال بندقيّته عن كتفه و اخترق الفناء و دفع الباب فاستقبلته رائحة حساء لذيذ . حانت منه التفاتة إلى مصدر الرّائحة ، القِدْر الكبيرة تتوسّط نار المدفأة تحلّقت حولها بعض حبّات البطاطا المشويّة . أحسّ بدفء البيت فهتف " خالد ، فراس.. قبل ان ينطق " زينب أين أنتم ؟ " إذا بكائنات صغيرة تقفز من أسِرَّتها و تركض نحوه حافية الأقدام في اندفاع و نزاع من يفوز بحضن الغائب قبل غيره . ضمّ إليه أبناءه الثلاثة في حضن واحد يقبّل وجناتهم و يشتمّ شعورهم إذ لاحت زوجته عند مدخل الغرفة ، شابّة في الثلاثين بعينين سوداوين و شعر ناعم و قامة معتدلة . نزل الأطفال من حضنه تباعا و كأنّهم يقرّون للأمّ نصيبها من الشوق . لاحظ شرودها و اصفرار وجهها، لم ينكر الامر و من ذا الذي لم يشحب هذه الايام؟
اغتسل و ارتدى ملابس نظيفة و جلس معهم إلى مائدة العشاء ، و انطلقت ضحكات الصّغار و شغبهم المعتاد و زوجته تحاول كبح جماحهم و الحدّ من ضجيجهم و هو يمنعها في ابتسام . تقدّم اللّيل سريعا فحمل الأطفال إلى أسرّتهم و دثّرهم جيّدا و دخل غرفة نومه . سرير دافئ وثير حلمه في ليالي الجبل الباردة ، خلع قميصه و تمدّد بجانبها فرأت كدمات و رضوضا تغطّي صدره و كتفيه ، اطفأ نور المصباح و جذبها إليه فأعرضت في ضيق ، همس في عتاب " أهذا نصيب الغائب؟ " همهمت بكلمات غير مفهومة ثمّ انفجرت في انتحاب " أظنّ أنّني حامل .. لا أدري كيف وقع الـ .. أعرف أنّنا غير آمنون هنا ، قد يتمّ ترحيلنا في أيّ وقت .. عجوز البلدة تقول فات الأوان للتخلّص من ... و ... " ضمّها إلى صدره في حنان و سوَّى خصلات شعرها ، طبع قبلة على خدّها و هو يهمس في أذنها " أتركيه يا حبّي ، فهذه الأرض أرضنا إن لم نوجد عليها بالاسم فنحن موجودون فيها بالقوّة ... تعـاليْ ... " عند هذه الكلمة سمع طرقا على الباب ، إنّه واحد من الفدائيين جاء ليرافقه في عودته السريعة إلى الجبهة، اذ تغيرت امور كثيرة في سويعات . ترك الفراش الدّافئ و ارتدى ملابسه و حمل رَشّاشه ، توقّف عند الباب ليودّعها ، أوصاها بالصّغار ثمّ قال في نبرة خافتة " لو صار شي ، سمّي الولد نضال " و غاب

6 commentaires:

Anonyme a dit…

لنبتكر حقيقة سريعة في لون الهواء
فلا وقت لنا لانتظار حقيقة السماء
لنبتكر حقيقة على عجل
لنسد بها رمق الشهداء
ونصون بها حقهم في الامل
أيها الشهيد لك منا السلام والغمام والحمام
وكل ماشاءت قافية الكلام
لكن إذهب وحيدا في التراب
وانشد نشيدك
أما نحن فسنعزف لك لحن الحياة على أوتار الضباب
أيها الشهيد /الحقيقة
أيتها الحقيقة الشهيدة
منكما الدم ومنا ألف جريدة..

Anonyme a dit…

شكرا ولادة نص جميل ومعبر .الارض والحب والارادة كل مالنا في هذا الزمن .وسيبقى نضال واخوته يسيرون في هذا الدرب ما دام هنالك ظلم وضيم .. بالمناسبة مليون تحية للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق

WALLADA a dit…

إلى المجهول الأوّل و الثاني

شكرا لكما

Anonyme a dit…

القصة جميلة ومعبرة مع التنويه أن البطل دخل بيته حاملا بندقية وخرج منه حملا رشاشا

WALLADA a dit…

اهلا بك باخوس

لست ضليعة جدّا في أنواع السّلاح و إن شئت تفسيرا سرياليّا فلنقل إنّ خبر المولود الجديد كامتداد لوجوده و صموده جعل من البندقيّة رشّاشا

تسعدني ملاحظاتك دائما

ferrrrr a dit…

باخوس، كل سلاح فردي طويل السبطانة يسمى بندقية و يسمى قديما بارودة، الرشاش هو ايضا بندقية من النوع الحديث الفرق انها بندقية تطلق الرصاص صليا يعني متتابعا مرشوشا دون اعادة شحن الخزان، كلمة "بندقية رشاش" اكثر المفردات تداولا