تبدأ حكاية البطل مع الجسد حين عبر إلى الشمال مدفوعا بشوق ينبثق من سعير الأجواء الاستوائيّة إلى مناطق الثلوج. مناخ يسعى إلى مناخ فتنتفي الأضداد و يعتدل الكون . جنس يسعى إلى جنس حتّى تتزاوج الإنسانيّات و يزول الانقسام القديم . فلا أبيض و لا أسود و لا أصفر و إنّما بشرة واحدة بلون" و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا" " يا شعوب العالم اتّحدوا"
"ما الجنس؟" " بَشَري" هكذا أجاب أنشتاين في مطبوعة الشرطة الخاصّة بالمهاجرين و هو ينزل بأمريكا.
يسعى البطل في الرّواية إلى معانقة أوروبا و لكنّ التاريخ المُثقل بصَليل سيوف الرّومان في قرطاجنّة و سنابك خيول فرسان الصّليب في القدس يضغط فيُحوّل العِناق إلى خِناق و يُعطّل المشروع العظيم . فكان الفراش ساحة المعركة . و سقطت ضحاياه الواحدة تلو الأخرى ، أوروبا العمّاليّة المتحرّرة و أوروبا المَهُوسة بالشّرق الحالم و أوروبا المسيحيّة الحنونة كلّهنّ سقطن صريعات ذلك الثور الهمجيّ الذي لا يكلّ من الجِمَاع ، كلّ عشيقاته انتحرن حين وصلن إلى نهاية الكذبة شيلا غرينود و آنْ همند و إيزابيلاّ سيمور . و في الختام تحمله الأقدار إلى عالم جين موريس أوروبا المتغطرسة بكلّ عنجهيّتها و كانت تجربة الحبّ و الموت أو الحبّ في الموت .
في ليلة الحقيقة يقف البطل يتأمّل الجسد الأبيض العاري يستفزّه يتحدّاه ، يسدّد السكّين في نحرها و يضغط عليه بصدره في عناق جارف و تتلقفه بذراعيها و تلفّ رجليها على ظهره و تتلقّى المُدْيَة في لذة رهيبة من النّشوة المشتركة . " قالت أحبّكَ و صدّقتُها و قلتُ أحبُّكِ و كنتُ صادقا" لحظة خارجة عن حدود الزّمان يتطهّر فيها الحبّ من الأحقاد الموروثة .
لقد تمكّن الجسدُ أن يفعل ما عجز عنه الدّين و العلم و حركات التحرير على مدى التاريخ . لقد عظم مصطفى سعيد في عين جين موريس لأنّه ، و هو يقتلها ، قد استطاع أن يرتفع عن ذلّته التاريخيّة كمُستَعمَر إلى مستوى الكرامة الحضاريّة و كبرتْ هي في عينه لأنّها ،إذ قبلتْ منه الموت بذلك السّخَاء، قد ارتفعتْ عن كبريائها العرقيّة إلى درجة المرأة العاشقة . و مُنتَهَى الحبّ هذا ما كان لِيَكون إلاّ بالموت إلاّ في الموت .
3 commentaires:
Hors sujet, je viens de te tagguer, à toi de jouer:
http://artartticuler.blogspot.com/
je reviens sur ton post :-)
@ ART.ticuler
merci
لقد إختار مصطفى سعيد،"العربي الوجه،الأفريقي الرأس"،بنفسه ساحة الوغى حيث خيل إليه إنه سينتصر في معركة لا يملك فيها إلى خنجرا ليرد الأعتبار لشرفه بعد ما وقع "أغتصاب إفريقيا"
لم يكن لمصطفى سعيد ما يكفي من الدم لانتصاب الخنجر و الفكرة في نفس الوقت فاختار أن يغزو بسلاحه الوحيد جسدا أبيضا،باردا لا دفء فيه فانتصر انتصارا وهميا..فما هذا الجسد سوى دمية مطاطية قابلة للنفخ بالكلام وبالهوى..لا حول لها و لا قوة،تفعل ما يفعل بها،"يصفعها فتصفعه" و تتأوه أحيانا تحت وطأ الضغط،"يا لها من مهزلة"..
لقد عجز الجسد كما عجز الدين والسياسة والعلم..إن عمق الهوة أكبر من أن يملأها جسد..
Enregistrer un commentaire