إذا أهدَى البَخِيلُ شَيْئًا مهما قلّ شأنُه - و ما أقلَّ ما يهدِي- صارَ عَجَبًا عُجَابًا و مَضْرِبَ الأمثال في كلِّ مجلِسٍ و كأنّه مَنَّ على غيرِهِ بِماءِ الحَيَاة - وحدِيثنا قيَاسْ - و كأنّ تكنولوجيا الأنترنات و البلوغ مْزِيَّة كبيرة و حجبها عقوبة أكبر؟؟؟
كان أبو الهُذَيْل أهْدَى إلى مُوسَى دجاجةً . و كانت دجاجتُه التي أهداها دُونَ ما كانَ مُوسَى يَتَّخِذُ لنفسِهِ في العادة، و لكنَّه بِكَرَمِهِ و بِحُسْنِ خلقِهِ أظهَرَ التعجُّبَ مِن سمنها و طِيبِ لحْمِها، و كان يعرِفهُ بالإمْسَاكِ الشَّديد . فقال له " و كيف رأيتَ يا أبا عمرانَ تلكَ الدّجاجة؟" قال مُوسى " كانتْ عَجَبًا من العَجَبِ ." فيقول " أوَتَدرِي ما جِنْسُها؟ و ما سِنُّها ؟ أوَتَدرِي بِأيِّ شيءٍ كنَّا نُسَمِّنُها و في أيِّ مكانٍ كنّا نَعْلِفها ؟ " فلا يَزَال في هذا و مُوسَى يَضحَك ضَحِكًا نَعْرِفهُ نحنُ و لا يَعرِفهُ أبُو الهُذَيْل
و كانَ أبُو الهُذَيْلِ أكثَرَ النّاسِ كلامًا و أسْرَعَهُمْ إلى العِنَادِ فإذا ذَكَرُوا دجاجةً قالَ : أيْنَ كانتْ يا أبا عِمرَانَ مِنْ تلكَ الدّجاجَة؟ و إذا ذَكَرُوا بَطَّة أو خَرُوفًا قال أيْنَ كانَ هذا الخَرُوفِ في الخِرْفَانِ مِنْ تلكَ الدَّجاجَةِ في الدَّجَاجِ و إنْ ذَكرُوا حُدُوثَ شيءٍ أو قدُومَ إنسانٍ قالَ : كانَ ذلكَ بعدَ أنْ أهدَيْتُها لكَ بِسَنَة ، و ما كانَ بينَ قدُومِ فلاَنٍ و بين هَدِيَّةِ الدّجَاجَة إلاَّ يَوْمٌ ... حَتَّى صَارَتْ مَثَلاً في كلِّ شَيْءٍ و تارِيخًا في كلِّ شيءٍ .
الجــــاحــــــــظ - كتــــاب البُــخَـلاء -
2 commentaires:
ممتعة نصوصك
سعيد بماتكتبين وبماتنتقين
على امل ان تظلي اكتشافا جميلا
لِـــهلالي :
شكرا على كلماتك الرّقيقة و تشجيعك
Enregistrer un commentaire