المُـنَاولات الحِجَاجيَّـة : نعتمد في النصّ الحجاجي من النّاحية الشكليّة مفهوما أساسيًّا هو ما ندعوه بالمُنَاوَلة الحِجاجيّة أيْ كيفيّة نظم الحُـجَج في نصٍّ مَا و هو ما يُعادِل ما سمَّاه أرِسْطو القِياس الحِجَاجي : مقدّمة كُبْرَى+ مقدّمة صُغرَى+ نتيجة . و يمكن أن نبني على القياس الأرسطي مجموعة من المُخَطَّطات في ما يلي أهمُّها :
القِياس الأرسطِي : مقدّمة كبرى + مقدّمة صُغرَى + نتيجــة
منوال تولمان: قانون العُبُور + الحُـجَّة + النتيجة
منوال برلمان: تفكيك القضيّة + إعادة التّركيب + القاعدة
منوال لاينهارت: المُسَـلّمَات + المُمْـكِنَات + المُـدْرَكَـات
إنّ هذه التشكيلات النّظريّة جعلت من الحجاج علمًا قائمًا بذاته ، و لكن ذلك لا يعني كون كلّ النّصوص تستجيب إلى هذه الضّروب من التّنميط ، و إنّما فضلها كامن في كونها تساعد القارئَ على تبيّن المَواضِع الفاصلة الوَاصِلة في النّصوص ، أيْ الكيفيّات التي تُبْنَـى بها الحجَجُ في نصٍّ ما و لاسيَّما نصّ النَّـادِرَة . و يبقى القَوْلُ في كل نصّ حجاجيّ سَليلَ المُدَوَّنَة البَلاغِـيَّة القديمة و التّقسيم الخُمَاسي الذي ارتضاه أرِسْطُو لأجناس الأقاويل و هي عنده :
الأقاويل البُرْهانِيّة و تنْبَني على مقدِّمات ضروريّة صادقة تُؤدِّي إلى حصول اليَقِين .
الأقاويل الجَـدَلِيَّة المبْنِيّة على مُقدِّمات مَشُورَة تُـحْدِث الظنَّ غالِبًا .
الأقاويل السفسطائيّة التي تتأسّسُ على أقوال مَغلوطَة تهدِف إلى عَرْضِ غيرِ الصّادقِ باعتباره صادِقًا .
الأقاويل الخِـطَابِيَّة المُـؤَسَّسة على أقوالٍ مقبولة تُؤدِّي إلى الإقناع .
الأقاويل الشّعريّـة التي تتأسّسُ على أقوالٍ مُخَيَّـلَةٍ تُثِـيرُ اللذَّةَ و المُتْـعَة .
و تُسْـتَخدَمُ لهذه الأغراضِ تقنِيَاتُ المقارنة والسّبَبِيَّة و الـتعْدِيَة و بيانُ تناقضِ الطّرَفِ المُقابِل و المُمَاثَلة و المِثَال و التّشبيه و الاستعارَة وُصولاً إلى ما يُسَمَّى بحُجَّة السُّلطَة و هي قولٌ مأثُورٌ مُقدَّسٌ أو أدبِيّ أو فكرِيٍّ غير قابل للإبْطَالِ و التّشكِـيكِ و تلك قمّة الإفْـحَامِ أو الإلزَام .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire