vendredi 4 juillet 2008

ما يفـُوحْشِ بْلاَ حَرْق عُـودْ قـمَارِي

بالأمس اصطحَبَتنِي والدتي إلى الضّاحية الشّماليّة ، دَعَوتـُها للعشاء و السّهرةعلى ضفاف البحر و رغِبتُ أن أروِّحَ عنها في هذا الحَرّ خصوصا و أنَّ طبيعة عملي تشغلني طيلة العام الدّراسي ممّا يجعلني أشعرُ بالذّنب و التّقصير نحوها . و لكن ما صَدَمَني أنّي لم أجِدْ أمّي التي أعْرِفها ، ضعفٌ في السَّيْرِ و النّظَر و قلّة إقبَال على الطّعام و عدم الرّغبَة في الحديث و الضّحك ، فأيْقَنْتُ أنّها النِّهاية قرِيبَة لا مَحَالةَ
أنَانِـيَّة هِيَ الطّبيعَة ، ما كانَ سَيُكلِّفها لوْ أبْقَتْ للجَسَد ثمَالَة مِنْ قدْرَةٍ و تفاعُلٍ مع الحياة؟ أ كانَ لا بُدَّ من هذا الضّعف و العجز و الهُزَال قبل الفَنَاء ؟ ألا يَقولونَ لِكلِّ سِنٍّ رَوْعَتها ؟ أيْنَ الرَّوْعَة عند المُسْتَطِيعِ بِغَيْرِهِ ، القَابِعِ في غَيَاهِبِ ذكرياته ، العاجِز على التّفاعُلِ مع الحاضِر
كلّنا نَحِنُّ للزّمَنِ الجَميل ، فهَل هناك زَمَنٌ جميل حَقًّا ؟ ألا تَرْمُزُ العِبَارَة إلى مَشْـهَدٍ نشعُرُ أنّه يتَسَرَّبُ من بين أصابِعِنا رُغمًا عنَّا ؟ هل كان سيَبْقَى بَيْرَمْ أو زَكرِيَّا أحْمَدْ أو الشَّابِّي عُظمَاء لو عاشوا إلى اليوم ؟ ألنْ تَطْحَنَهم آلة المَادَّة و السُّرعة و السّطحِيَّة و الرَّدَاءَة ؟ منذ يوْميْن خَفقتْ قلوبُنَا و اختَلجَتْ لِصُدُور قصِيدَةٍ جديدة لمحمود درويش لا مِنْ أجْلِ القصيدة في حَدِّ ذاتِها بَلْ لأنَّ دَرْويش مازال هنا بين ظَهْرَانِينَا و لمْ يَرْحَل كما فعل نزار قبّاني و مصطفى العقّاد و سمير العيّادي و غيرُهمْ
جَـبَّارَةٌ آلـَــــة الزَّمَـــن ، تأتِي على الأخضَر و اليابِس و الصِحَّة هي نِظـَام الادِّخَار الوحيد المُفـْـلِس في الدُّنيا ، هَـبْ أنَّكَ بَذَّرْتـَها في شبَابِك أو ادَّخـَرْتها و أنْفـَقتَها بحَذَرٍ و بِحِسَاب فلسْتَ ظافِرًا منها في كِبَرِكَ بِشيء . من أجل ذلك تجِدُنِي خَيَّامِيَّة المَذهَب
فما أطال النَّومُ عُمْرًا و لا--- قصَّرَ في الأعْمَارِ طولُ السَّهَرْ

ذكـَّرَنِي كلُّ هذا شَخْصًا عَزِيزًا عَرَفتـُه منذ مدَّةٍ قصِيرَةٍ ، وَهَبَ كلَّ شيء للأهل و الأبناء و للثَّقافَة و الفنِّ و للبَلدِ و المَبَادِئ ، هذا الذي أنْجَبَ و رَبَّى و عَلـَّمَ و عالجَ وكَسَى و أنْفقَ و أصْلحَ و قَوَّمَ و تجَاوَزَ و تَسَامَحَ و لايَزَال ، ثمَّ ماذا بَعْد ، ألاَ يَحِقُّ له أنْ يَنْعَمَ بالحُبِّ و السَّعادَة في هذه المرحلة من العُمْر ؟

كـَمْ هِيَ غرِيبَة قوَانين الفِيزيَاء ، ألا بُدَّ أنْ تذوبَ الشَّمْعَة كـَيْ تنِيرَ ما حَوْلها ؟ ألا يَعْبَقُ عَبِيرُ القمَارِي في الأرْجَاء إلاَّ إذا احْتـَرَقَ عُـودُه ؟

3 commentaires:

HNANI a dit…

إيييه يا ولادة شفت الدنيا؟ والناس ماهياش فاهمةإلّى راهو كل شيء فاني ولّي يمشي عملاو ما يرجع... الواحد يقول انكبّر الصغار و من بعد يرتاع و يتمتع بالدنيا يلقى الدنيا خذات منو أهم حاجة هي الصحّة
عاد مانوصّيكش على أميمتكربي يخلّيهالك و يخليك ليها

WALLADA a dit…

هنـاني
يعيّشك و سعيدة دائما بزيارتك لمدوّنتي

3amrouch a dit…
Ce commentaire a été supprimé par l'auteur.