jeudi 31 juillet 2008

الظـُّلمُ عاقِبَتـُهُ الانتقام...في باب الأسد و الشـِّبْلِ و ابنِ آوَى

مَنْ عمل بغير العَدْلِ انـْتـُقِمَ منه و أدِيلَ عليه ، و الناسُ أحَقُّ بحُسْنِ النَّظرِ فما لا تـَرْضَى لِنفسِكَ لا تَصْنَعْهُ بِغيْرِكَ
قالَ المَلِكُ للفيلسوف : أخبِرْنِي عَمَّنْ له في ما ينزِل به من بَلاءٍ وَاعِظً و زاجِرٌ عن ارتكابِ الظـُّلمِ و العُدْوانِ في غيرهِ
قال بَيْدَبَا الفيلسوف : إنَّه لا يَقدِرُ على ضـُرِّ النَّاسِ إلاَّ أهلُ الجهالة و السَّفـَهِ و سُوءُ النَّظَرِ في عَوَاقِبِ الأمُورِ و قِلـَّة العِلمِ بِما يُدْخِلُ عليهم من حُلولِ النِّـقمَةِ و الوَبَالِ ، و مَثـَلُ ذلكَ ما حَدَثَ للأسَدِ
قالَ المَلِكُ : و كيفَ كانَ ذلكَ؟
قال الفيلسوف: زعَمُوا أنَّ أسَدًا رُزِقَ شِبْلاً على كِبَرِهِ فـوَلِعَ به أشدَّ الوَلعِ ، و أنَّه خَرَجَ يومًا يَطلبُ الصَّيْدَ و خَلـَّفَهُ ، فمَرَّ به فـَهْدٌ فحَمَلَ عليه فقـَتـَله و سَلخَ جِلدَهُ و انْصَرَفَ . فلمَّا رجع الأسدُ و رَأى ما حلَّ بِشِبْلِه من الأمْرِ الفظِيعِ اشتـَدَّ غيْظـُه و طالَ هَمُّه و زَمْجَرَ و صَاحَ ، و كانَ بِجِوارِه ابنُ آوَى ، فلمَّا سمع صَيْحَته و جَزَعَه قالَ : ما الذي نزل بكَ؟ قالَ: شِبْلِي،مَرَّ عليهِ فهْدٌ ،قتله و سلخَ جِلدَهُ
قال ابنُ آوَى: لا تـَجْزَعْ و لا تَصْرُخْ و اعْلمْ أنَّ الفَهْدَ لمْ يَأتِ إليْكَ شيْئًا إلاَّ و قدْ فعَلتَ بِغيْرِكَ مثله فقد قِيلَ : كما تـَدِينُ تـُدَانْ . كـَمْ أتـَى لكَ من العُمْرِ؟
قال الأسَدُ : مائة سنة
قال ابن آوَى: ما كانَ يَقـُوتـُكَ ؟
قال الأسدُ: لـُحُوم الوُحُوش
قال ابن آوى: أما كان لتلك الوحوش آباءٌ و أمَّهَاتٌ؟ ما لنا لمْ نسْمَعْ لهم ضجَّة و وَجَعًا و صُرَاخًا ؟ ألا إنَّ الذي أصَابَكَ مْنْ سُوءِ نظرَتِكَ في العواقبِ و قلـَّةِ تفـَكـُّرِكَ و جهالتِكَ بما يَرْجِعُ عليكَ من الضـَرِّ
عبد اللّه بن المقفّع
كليلة و دمنة

2 commentaires:

الحلاج الكافي a dit…

لكن الأسد لم ينته من أكل لحوم وحوش الغابة...و لم تنفعه الفجيعة

WALLADA a dit…

الحلاَّج

لكلِّ ليل نهاية ، سيأتي اليوم الذي يهرم فيه الأسد و يصبح غير قادر على الصَّيد و تسقط أسنانه فلن يفترس بعدها لحوم الوحوش
و كل فجر يستحقُّ التضحيات